الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديـات الثقافيـة > المنتدى الإسلامي

المنتدى الإسلامي هنا نناقش قضايا العصر في منظور الشرع ونحاول تكوين مرجع ديني للمهتمين..

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-10-2010, 10:38 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
طالب عوض الله
أقلامي
 
الصورة الرمزية طالب عوض الله
 

 

 
إحصائية العضو







طالب عوض الله غير متصل


جديد من آداب الجدل في الاسلام

بسم الله الرحمن الرحيم
من آداب الجدل في الاسلام

الأخت : أم سدين - بيت المقدس
الجدل هو التحاور كما في قوله تعالى ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾فسمى الله الجدل تحاورا وحده : إدلاء كل من المختلفين بحجته أو بما يظن أنه حجة. والغرض منه نصرة رأيه أو مذهبه وإبطال حجة خصمه ونقله الى ما يراه صوابا او حقا.
والجدل منه المطلوب شرعا لتحقيق الحق وإبطال الباطل وديله قوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾وقوله:﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾
.ثم ان الرسول جادل مشركي مكه ونصارى نجران ويهود المدينه . وحامل الدعوه يدعو الى الخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويصارع الافكار المضلله وحيثما تعين الجدل اسلوبا لواجب من هذه الاعمال صار الجدل واجبا من باب ملا يتم الواجب الا به فهو واجب .
ومن الجدل ما هو مذموم شرعا يُجَادِلُوفيكون كفرا كالجدل في الله واياته: ﴿وَهُمْ يجادلونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾(الرعد).﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾(غافر).﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾(غافر)
والذي يكفر هو المنكر لا المثبت لأن النكر يجادل ليدحض الحق والمثبت يجادل لإحقاق الحق وإزهاق الباطل .﴿وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ﴾(غافر). ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾(الزخرف) والجدال في القران لإثبات انه غير معجز ام انه ليس من عند الله كفر ايضا . اخرج احمد عن ابي هريره مرفوعا((جدال في القران كفر)) قال ابن مفلح إسناده جيد وصححه احمد شاكر. وقد يكون الجدل مكروها كالجدل بالحق بعد ظهوره ﴿يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ ﴾(غافر).
والجدل اما ان يكون بحجه اي دليل أو شبهة دليل،اما الجدل بدونهما فهو جدل وتخليط وقد عرفت الشبهة بأنها( ما تخّيل به المذهب في صورة الحقيقة وليس كذلك)
وهذا تعريف ابن عقيل ، وعرف ابن حزم الشغب بإنه(تمويه بحجة باطله بقضية او قضايا فاسده تقود الى الباطل وهي السفسطة). قال ابن عقيلومن احب سلوك طريقة أهل العلم فإنما يتكلم على حجة أو شبهة فأما الشغب فإنما هو تخليط اهل الجدل ) ويمكن القول إن الشغب هو الجدل بدون دليل او شبهة دليل.
ومما وصى به علماء المسلمين في قوانين الجدل وآدابه بتصرف مع بعض الزيادات:
* ان يقدم تقوى الله ويقصد التقرب إليه ويبتغي مرضاته بامتثال امره.
* ان ينوي إحقاق الحق وإبطال الباطل دون المغالبه او القهر والظفر بالخصم. قال الشافعي ما كلمت احدا قط إلا ولم أبال بيّن الله الحق على لساني أو لسانه) وقال ابن عقيلكل جدل لم يكن الغرض فيه نصرة الحق فإنه وبال على صاحبه)
* أن لا يقصد المباهاة وطلب الجاه والتكسب والمماراه والرياء)
* ان ينوي النصيحه لله ولدينه ولخصمه لأن الدين النصيحة.
* أن يبتدئ بحمد الله والثناء عليه والسلام على رسوله .
أن يرغب الى الله في التوفيق لما يرضيه.
* ان تكون طريقته في الجدل صالحه وهيئته ومنظره صالحا فعن ابن عباس ان رسول الله قال: (( ان الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة)) رواه احمد وابو داود وقال ابن حجر في الفتح أسناده حسن . وعن ابن مسعود موقوفا قال: (( اعلموا ان حسن الهدي في آخر الزمان خير من بعض العمل)) قال ابن حجر في الفتح سنده صحيح. والهدي هو الطريقه والسمنت هو المنظر والهيئه والاقتصاد هو الاعتدال.
* الإجمال في الخطاب بحيث يكون كلامه يسيرا جامعا بليغا فالاكثار من الكلام يورث الملل فوق انه مظنة السقط والخلل والخطأ.
* ان يتفق مع خصمه على اصل يرجعان اليه وهو مع الكافر لا يكون الا عقليا اما مع المسلم فالاصل اما العقل واما النقل فالعقل هو المرجع في العقليات واما في الشرعيات فالنقل هو الاصل لقوله تعالى :﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾(النساء)اي الكتاب والسنه.
* الكافر لا يجادل في فروع الشريعة لأنه لا يؤمن باصلها فلا يجادل ولا يناظر في الزواج من اربع ولا في شهادة الامرأه ولا في الجزية ولا في المواريث ولا في تحريم الخمر ولا غيرها. ويقتصر معه في التحاور على اصول الدين التي ادلتها عقلية لأن الغرض من الجدل هو نقله من الباطل الى الحق ومن الضلال الى الهدى ولا يكون ذلك الا بنقله من الكفر الى الايمان . كما لا يناظر نصراني ببطلان البوذيه او اليهوديه بل ان الكلام معه في هذا او اشباهه لا يعتبر جدلا فالنصراني ليس بوذيا ولا يهوديا حتى تنقله منهما الى الحق وانما يكون الكلام معه في عقيدته الباطله لنقله منها الى الاسلام ولذلك لا يقال نتحاور فيما اتفقنا عليه ونترك ما اختلفنا فيه لأننا مأمورون بجدالهم والجدل لا يكون الا فيما اختلفنا فيه اما لو اتفق النصراني والرأسمالي مع المسلم على البوذيه او الاشتراكيه او الشيوعية مستقبحه عقلا وتكلما حولها فان هذا الكلام لا يسمى تحاورا ولا جدلا وهو لا يبرئ ذمة المسلم من وجوب محاورته وجداله حتى ينقله الى الاسلام وكذلك لا يقال نتحاور مع الكفار فيما اتفقنا عليه ونذر ما اختلفنا فيه الى يوم القيامة فيحكم الله ما يشاء عندئذ ويفصل بيننا لا يقال هذا بمعنى انه يغني عن جدالهم لأننا مأمورون بجدالهم فيما اختلفنا فيه وان لم نفعل نكن مقصرين . نعم ان الحكم لله في الدنيا والاخرة لكن لا يجوز ان نخلط بين ما هو من فعل الله سبحانه وبين ما كلفنا به فهذه حجة المقصر بل شغب المقصر الذي لادليل عنده ولا شبهة.
* ان لا يرفع صوته الا بالقدر الذي يلزم لإسماع من عنده وان لا يصيح في وجه خصمه . حكي ان رجلا من بني هاشم اسمه عبد الصمد تكلم عند المأمون فرفع صوته فقال المأمون:لا ترفع صوتك يا عبد الصمد إن الصواب في الاسدّلا الأشدّ والخطيب في الفقه والمتفقه.
* ان لا يستحقر خصمه ويستصغر من شأنه.
* ان يصبر على شغب الخصم ويحلم عنه ويغفر زلله الا ان يكون سفيها فيترفع عن جداله ومشاغبته .
* ان يتجنب الحده والضجر . قال ابن سيرين : الحدة كنية الجهل . يعني في الجدل. واما ما رواه الطبراني عن ابن عباس ان رسول الله قال: (( تعتري الحده خيار امتي)) ففيه سلام بن مسلم الطويل وهو متروك. وما رواه الطبراني عن علي بن ابي طالب قال: قال رسول الله ( خيار امتي احداؤهم الذين اذا غضبوا رجعوا)) ففيه نعيم بن سالم بن قنبر وهو كذاب.
* إذا جادل من هو اعلم منه فلا يقول : أخطأت أو كلامك غلط وإنما يقول : أرأيت لو قال قائل أو اعترض معترض فقال او ان يعترض بصيغة المسترشد كأن يقول اليس الصواب ان يقال كذا.
* ان يتأمل ما يأتي به الخصم ويفهمه ليتمكن من الرد وان لا يعجل بالكلام قبل ان ينهي خصمه كلامه . عن ابي وهب قال : سمعت ملكا يقول: لا خير في جواب قبل فهم. وليس من الادب ان يقطع كلام خصمه. اما اذا كان خصمه مماريا لجوجا ثرثارا متشدقا فالاصل ان لا يناظره اذا كان يعلم ذلك منه واذا اكتشفه اثناء المناظره نصحه فإن لم يرعو قطع مكالمته.
* ان يقبل بوجهه على خصمه وان لايلتفت الى الحاضرين استخفافا بحق مناظره سواء خالفوه ام وافقوه فإن فعل الخصم ذلك نصحه فإن لم يقلع قطع المناظره .
* ان لا يناظر متعنتا معجبا برأيه فإن المعجب لا يقبل من احد قولا.
* ان لا يناظر في مجالس الخوف كالمناظرة على القنوات الفضائيه والمجالس العامه الا ان يكون مطمئنا لدينه لا يخشى بالله لومة لائم مستعدا لتحمل تبعة ما يقول من سجن او حتى قتل او في مجلس امير او صاحب سلطان يخشى منه على نفسه فإن لم يكن وطن نفسه على ان يكون مع حمزة والا فالسكوت اولى لأنه حينئذ يزري بالدين والعلم. وهنا يذكر موقف احمد ومالك من القدماء وموقف الذين ناظروا القذافي عندما انكر السنه من المعاصرين.
* ان لا يناظر من يبغضه سواء أكان البغض منه ام من خصمه.
* ان لا يتقصد الارتفاع على خصمه في المجلس.
* ان لا يتوسع في الكلام خاصه في امور معروفه عند الخصم بل يقصد بعبارة مختصره غير مخله بالمقصود الى نكتة الحكم اي موضوع المناظرة.
* ان لا يناظر من يستخف بالعلم واهله او بحضرة سفهاء يستخفون بالمناظرة والمتناظرين. قال مالك: ذل وإهانة للعلم إذا تكلم الرجل بالعلم عند من لا يطيعه.
* ان لا يأنف من قبول الحق اذا ظهر على لسان خصمه فإن الرجوع الى الحق خير من التمادي في الباطل وحتى يكون من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه.
* ان لا يغالط الجواب وذلك بأن يجيب بجواب غير مطابق للسؤال مثل:
السائل : هل السعودية دوله اسلامية؟
المجيب: القضاء فيها اسلامي.
فهذه مغالطه وكان الواجب ان يقول نعم اولا او لاادري فاي جواب من هذه الثلاثه مطابق.
* ان لا يجحد الضرورة فيكون مكابرا وذلك كمن يجحد عداوة الكفار للمسلمين او يجحد ان الانظمه القائمه في بلاد المسلمين هي انظمة كفر اي انها لا تحكم بالاسلام.
* ان لا يقول قولا مجملا ثم ينقضه بعد ذلك بالتفصيل كأن يقول في اول كلامه امريكا عدوه للاسلام والمسلمين ثم بعد ذلك يقول ان امريكا تساعد الفلسطينيين في اقامة دولتهم وتقرير مصيرهم لأنها تحب العداله والحريه ، او يقول امريكا جائت الى العراق لتحريره من ظلم الديكتاتورية.
* ان لا يمتنع عن طرد حجته في كل المسائل التي تنطبق عليها كأن يبيح شراء المساكن في الغرب بربا بناء على ان الحاجة الخاصة تنزل منزلة الضروره الخاصة ثم لا يبيح الحاجات الاخرى كاللمأكل والملبس والزواج بربا فإن اباحها للحاجه فقد اباح حراما كثيرا وإن لم يترد حجته وقاعدته في كل الحاجات فقد ناقض نفسه.






 
رد مع اقتباس
قديم 30-10-2010, 10:44 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
طالب عوض الله
أقلامي
 
الصورة الرمزية طالب عوض الله
 

 

 
إحصائية العضو







طالب عوض الله غير متصل


Ss70012 رد: من آداب الجدل في الاسلام


وأضيف:
إن من واجبات المسلم الامتثال بخلق الاسلام في الحوار، والحوار لا ينفرد بالحوار الفكري، فمن الحوارات ما تقتضية طبيعة العيش في مجتمع مما يقتضي تبادل المصالح والتفاهم عليها وممكن أن يتم الحوار فيها بأدب المسلم وممكن أن يتم بغير ذلك، ومن الحوار الجلسات العامة بين أصدقاء أو معارف، ومن الحوار ما يعقد من جلسات بين زملاء أو الجلسات العائلية، ومن الحوارما يكون في تولي المناصب العامة مما يكون فيه نقاش حول جزئيات تلك المناصب وأعمالها ، ولا يعذر من تولى تلك المناصب من ضرورة التعامل مع الناس بمنتهى الأدب مبتعداً عن النرفزة والعصبية والتعالي ظاناً أنّه بتولي هذا المنصب فضله عليهم وفي تلك المواقف النشاز من النرفزة والعصبية والتعالي قبح مستهجن يخالف شرع الله تعالى، وفي جميع الحوارات يمنع الاتهامات التي مردها الظن السيئ ومحاولة الاتهام قد يكون مبطناً وقد يكون صريحا، وكلامهما مستهجن ومستقبح ومعذرة من صاحبة الموضوع على التعقيب.
وقد درج أقوامٌ على تسفيه الآخرين لأنّهم يخالفونهم الرأي، فيلجئوا لدبلجة الأكاذيب والمفتريات والاتهامات، وربما للتسفيه والشتائم والقبيح من التعليقات مما يخالف آداب الاسلام، ويثير الفتن والضغائن.






 
رد مع اقتباس
قديم 10-11-2010, 01:35 AM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
د. نجلاء طمان
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. نجلاء طمان غير متصل


افتراضي رد: من آداب الجدل في الاسلام

شكرًا أخي طالب على هذا المقال الممتع للكانبة , وشكرا على تعقيبكَ الهام .

أكرمكما ربي

تقديري







 
رد مع اقتباس
قديم 10-11-2010, 02:44 PM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
طالب عوض الله
أقلامي
 
الصورة الرمزية طالب عوض الله
 

 

 
إحصائية العضو







طالب عوض الله غير متصل


Ss7004 رد: من آداب الجدل في الاسلام

الأخت : د. نجلاء طمان

بارك الله بك على االتفاعل مع الموضوع

اللهم تقبل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم







 
رد مع اقتباس
قديم 10-11-2010, 05:19 PM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
طالب عوض الله
أقلامي
 
الصورة الرمزية طالب عوض الله
 

 

 
إحصائية العضو







طالب عوض الله غير متصل


Article رد: من آداب الجدل في الاسلام

الحوار :
مبادئة ،، أهدافه ،، غاياته ؟



كثيرا ما يقع بعض الاخوة في دائرة العنف الحواري، وهذا ما يحول الحوار الى ما ليس للمرء المسلم ان يكون احد اطرافه، ذلك لان سبب الحوار هو الوصول الى نتيجة، اما اذا اصبح الحوار عرض عضلات فكرية، أوانتصار للذات، دون ان تنتج هذه العضلات الى ما يفيدنا والفكرة التي من اجلها فتح الحوار، فهذا ما لا ينبغي لنا ان ننهجة.

فالحوار يتحول الى جدل عقيم لافائدة ترتجى منه، بل قد يحرم في مواقع عدة، وان من الاسباب التي تجعل الحوار غير قابل للوصول الى حقيقة هو الاعتقاد بالصحة على ما انا عليه، أو ثقافة الفرقة الناجية، فدون ان انظر الى امكانية ان يكون الطرف الآخر فيه من الصحة ما فيه، وهذا لا يعني ان هذه الجزئية تدل على صحة كل الاعتقاد، وهذه الفكرة تأتي على غرار (الاعتقاد بالفرقة الناجية) تأثيرها الواضح في الحوارات والجدالات في مجتمعاتنا ،، انظر مثلا الى الحوارات القائمة، بين اطراف المسلمين وغيرهم في صفحات الانترنت، ترى الطرفين اكثر تقاربا في البداية، وينتهي الحوار وكأنهم خرجوا من معركة، بل هم اكثر فراقا مما كانوا عليه، والكل يعلم ان اصل الحوار من اجل التقارب وفهم كل طرف الآخر، وعندما يتحول الحوار الى جدال لا فائدة ترتجى منه، وجب على المفكر الخروج منه، ذلك لان هذا النوع من الجدل مضرته اكثر من فائدته.

فأنا شخصيا افرق بين الجدل والحوار، والحوار بالنسبة لي هو ما يمكن التقارب أو ايجاد روح التعارف بين فريقين يختلفون في الفكر بينهما بطريق عرض الافكار، ومناقشتها، ويتحول هذا الحوار الى جدل عندما يفتقد هذا الحوار الى عناصره الاساسية التي ان فقدت فاصحبح الحوار في الحقية معركة فكرية تتسم بعرض العضلات والانتصار للذات.

والحوار لا يكون حوارا دون ان يكون بين طرفين، بل لا بد وان يكون الطرفين مختلفين في حالة ويمكن ان يكونوا متفيقن في الاسس أو ان يكون الحوار من اجل توضيح بعض المفاهيم التي يختص بها فرد دون الآخر، ومن العناصر الاساسية في الحوار حتى يستقيم وجود اسس وضوابط بها يستقيم الحوار وهذه الضوابط ان فقدت فقد الحوار، ومن المعروف ان الحوار لا يكون حوارا إلا بوجود :
1- الطرف المحاور، (الغاية من هذا الطرف من الحوار، قوام شخصية المحاور الفكرية.)
2- الطرف الآخر، (الغاية من المحاورة، فهم الموضوع.)
3- موضوع الحوار و (طريقة عرض الموضوع) مفهوم الحكم المسبق.
والحقيقة ان كثير من الحوارات تبدأ بأسلوب اكثر عقلانية من نهايتها، وقد يبدأ الحوار من اجل المعرفة، ويبدو ان بادي المفهوم العام من الحوار هو نشوء غاية من اجل العلم أو طلب المعرفة. ولكن سرعان ما يتبدل الحوار الى جدل قد لا يستسيغه الطرفين، وبالرجوع الى ماتقدم من عناصر، وددت ان ابدأ بصورة اجمالية مبسطة اطرح من خلالها مفهوم المنهجية في الحوار .

1- الطرف المحاور
كثير مايكون الطرف المحاور(وخاصة في المنتديات) يطرح موضوعه بصورة استفزازية أو قد يكون بمؤثرات خارجية جعلته لا يوفق حتى في اختيار العنوان، وهذا النوع من الحوار لا يمكن الدخول فيه إلا اذا استطاع الطرف الآخر من تخفيف حدة التوتر، وإلا فانه يتحول الى جدل عقيم لايمكن من الطرفين ان يستفيد منه، ولهذا الرأي شواهد سوف اطرحها عسى ان لا تكون مبرر لعدم القبول بها لانها خارجة عن اعتقادهم،
قال تعالى (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)
طرحت المثال السابق لانه يفيد في تعريفاتنا من حيث ان الرسول قد حول الجدل الى حوار، من حيث ان الطرف المحاور هي المرأة و الطرف الآخر هو الرسول ، وحول الطرف الآخر (الرسول ) الجدل الى حوار وهذا يعني انه يمكن الحصول على نتيجة بعد ذلك، وحتى نعلم كيف ان الرسل لا يمكن ان يتقبلوا صفة الجدل (الحوار الذي لا يرنو الى نتيجة) نرى في سياق الآية كيف ان المرأة بدأة بأسلوب جدلي، وكيف ان الرسول حول هذا الجدل الى حوار قابل لان ينتج بنتيجة.
وهكذا فان لشخصية الطرف المحاور وزنه في عملية الحوار، وقد يكون السبب الرئيسي في تحويل الحوار الى ما لا ينتفع منه، وخاصة في اسلوب طرح السؤال، أو حتى الحكم المسبق الذي يعتري كثير من المحاورين في الشبكات العنكبوتية.
وقد يكون احد الاسباب في ذلك، الحالة الوهمية التي تعتري هذه الشخصية في هذه الشبكة الافتراضية، وكون المحاور وهمي قد يختفي وراء لوحة مفاتيح ويريد ان يبث حنقه تجاه فئة معينة، بواسطة كلمات تعبر عن ما يجول في نفسه. وهذه الشخصية (الطرف المحاور) عادة ما تكون حاملة في طياتها حكم مسبق، يريد ان يحكم به مباشرة من طرح سؤال او أكثر ويحكم من خلاله على فئة أو طائفة بحكم قد سبق ان عده. وكأن هذا السؤال كاف لان يحكم على احد بحكم شامل. وسوف نسترسل في البحث عندما نأتي شرح مضامين الموضوع (موضوع الحوار).

ولو اننا اخذنا نظرة عابرة لبعض الحوارات التي جاءت في القرآن الكريم، ولنفترض احد الطرق في الحوار ما دار بين النبي ابراهيم عليه السلام وهو الطرف المحاور في هذه الحوارية ..

((وَاذْكُرْفِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً () إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً () يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً () يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً () يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً () قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً () قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً () وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيّاً )) فقد بينت لنا هذه الآيات الاختلاف في الثقافة بين النبي عليه السلام وعمه، اختلاف اوجب على النبي (عليه السلام) الابتعاد عن هكذا حوار يعلم انه لا يجدي لعدم التناسق و التكافؤ الثقافي. و هناك الكثير من هذه الامثلة.
ونلاحظ مما سبق كيف ان النبي ابراهيم حاول ان يحاور عمه بطريقة سلسة استخدم فيها الاسلوب العاطفي، اذ انه نادى عمه بأبي، وحاول ان يتقرب اليه بان يدعوه بقرابة الدم والتربية ونادى عمه بابي ، إلا ان عمه لم يغفل هذه الطريقة من التقرب، فنهره، ثم نرى كيف ان النبي ابراهيم حاول الخروج من الحوار بصورة لبقة شيقة لم يتعرض لعمه بصورة استهجانية، ولم ينفر عمه عليه، بل لم يقطع حبل الوصال بينه وبين عمه. ولعل في شخصية النبي ابراعيم عبرة للحوارات التي تنتهي بصورة عنيفة.

2- الطرف الآخر
قد يكون السائل (الطرف المحاور) يعتريه فضول أو قد يكون مشبعا بحنق لا يمكن ان يخفيه في حين وضعه للسؤال، وقد يكون في حالة عاطفية واستقر به الامر الى انه على حق. وعلى الطرف الآخر ان يستمع للمحاور حتى يعرف دوافع وحقيقة السائل، ومن ثم يبدأ بالحوار بأسلوب يمكن له ان يصل الى نتيجة.
ومن الضروري ان ندرج ان بعض السائلين انما يسأل ويحسب نفسه انه اعلى من الآخر، فترى طريقة وضعه للسؤال بطريقة متعالية أو قد نقول بنظرة الفوقية، كما في الحالة التي جاء بها احد الاعراب من قريش يسأل فيها النبي عن امكانية ان يرجع الانسان للحياة، فترى طريقة في السؤال استخدم الحالة المادية، كأن يحضر عظم قد ابتلى، فيقول من يحيي العظام وهي رميم ..

ومما يمكن ان يحول الحوار الى جدل، هو عدم تكافؤ الطرفين في المستوى الفكري، بحيث ان كثير من المواضيع تحتاج الى بلوغ مرتبة معينة في الفكر، أو التحصيل العلمي كما هو الحال في الرياضيات والفيزياء ، فلا يمكن لأحد منا ان يحاور طفلا في التكامل أو التفاضل أو علم الذرة في حين ان الطفل لا يستطيع ان يهضم مفاهيم العلم الأولية، وهذا قد يجعل الحوار عقيم لا فائدة ترتجى منه ،،

ويكفينا ان الحالة النفسية في بعض الحواريات من رفع الصوت، يحول الحوار الى جدل، ويكفينا المثال السابق في تفهم قيمة الطرف الآخر في جعل الجدل الى حوار كما سبق.

وكما قد اشرنا في مثال سيدنا ابراهيم لأسلوب الحوار، فلنقرأ ما جاء من الطرف الآخر وهو في هذه الحالة عم النبي ، قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لارجمنك واهجرني مليا، نرى كيف ان عم النبي ابراهيم قابل النبي ابراهيم بعطفه وتهذيبه واسلوبه الرقيق في الحوار، الى اسلوب الفظاظة والغلظة والعناد فناداه باسمه ولم يقابله بنفس اسلوب نبينا ابراهيم فحق ان يناديه بـ(يا بني)، ثم انه أخر المبتدأ وقدم الخبر على المبتدأ وايضا استخدم اسلوب الانكار في سؤاله اذ استخدم الهمزة ثم استخدم اسلوب التعجب مع نوع من التهديد، واخذ يفهمه انه لن يسكت عنه فسوف يرجمه ولعل مفهوم الرجم هنا هو باللسان، اذ انه استخدم الاسلوب اللاذع وقد يكون ايضا ضرب أو تهديد بالرجم بالحجارة ثم انه طلب منه ان يهجره هجرة ابدية.
كان ذلك مثال للطرف الآخر، وفي هذه الحالة كان الطرف الآخر المستقبل معاندا وكان اسلوبه شديد الغلظة. وسوف نبحث في باقي الامثلة على نوعيات من الشخصية وطرق الحوار.

3- موضوع الحوار
قد اكون غير منصف لو انني كتب صفحات تلو الصفحات في هذه النقطة، ذلك لان الموضوع هو اصل الحوار فلولاه لما بدأ شيء اسمه حوار، والموضوع في حد ذاته هو اصل الفراق بين الطرفين، ولذا فان هذه النقطة طويلة وتحتاج الى شرح طويل، إلا اني اختصر القول وأقول انه لابد من ان يبدأ طرفي الحوار من قاعدة مشتركة بينهم، أي ان اصل تحصيل العلم وبديهيات المعرفة بينهم لابد من ان تكون مشتركة، وهذا الامر بديهي عند أهل العلم، فلايمكن مخاطبة من لا يؤمن بالله والاحتجاج اليه بما يعاكس مبدأة، ولا يمكن ممن لا يؤمن بأصل نظرية الصانع ان تحاججه ببديهيات الآيات القرآنية.

يقى علينا ان نبحث مضامين تحصيل العلم وكيف يمكن للطرفين انشاء قاعدة بينهما حتى يتسنى للطرفين مواصلة الحوار، وهنا تقع المشكلة على عاتق المتحاورين (الطرفين) وهذا لا يمكن ان يكون إلا بالتماس ثقافة طرفي الحوار.
و مما لا شك فيه ان المحاور قليل المطالعة الثقافية لا يستطيع متابعة الحوار ولذا فقد يجر الطرف المحاور الى اعادة الطرع مرة اخرى وقد يبدو في ذلك نوع من الانزعاج، وطبيعي ان يكون ذلك احد الاسباب في تحويل الحوار الى جدال، بل قد يتعمد على ذلك مما يؤدي تحوله اما الى الجدال او الحوار السفسطائي الغير مجدي.

وهنا نعرض ثقافة طرفي الحوار في موضوع الحوار ليس لان احد الطرفين اعلم من الآخر في كل مفهوم من المفاهيم الثقافية. فقد يكون احد الطرفين مثلا يبحث موضوعا اسلاميا ذا اصول عقائدية معقدة تحتاج الى من هو على علم باصول اخرى مثل علم الكلام و المنطق. وعند التعرض لكلمات ذات مفاهيم مختلفة عما هي في اصطلاح العامة من الناس يفهم من المحاور ما لا ينبغي فهمه. و ذلك لعدم تكافؤ الطرفين في الثقافة المطلوبة لهذا الحوار.

وقد يتأثر طرفي الحوار بل يتأثر البحث في الموضوع نفسه لاسباب منها :

كيفية طرح طرح الموضوع
كيفية الطرح للموضوع قد تكون متعلقة بالموضوع نفسه، و قد تكون ايضا متعلقة بشخصية الطرف الآخر، فقد يدرج موضوعا بصورة هزلية و هو في الحقيقة من قمة الجدية عند الطرف الآخر (عندما اكتب (الطرف الآخر) اقصد به المحاور له و قد يكون شخصا او فثة من الناس). و هنا لا اعتقد ان يختلف اثنان في ان كيفية الطرح مهمة و حاسة و قد تكون السبب في انقطاع المفهوم الحواري منذ البداية.

و لا اقصد فقط الاسلوب الهزلي في الطرح بل العكس ايضا مساوي له في التأثير، و قد يكون الطرح ايضا في الاسلوب الدعائي، او التظلمي ان صح التعبير. و الملاحظ في مجتمعاتنا كثرة الحوارات الاستفهامية، على الرغم من ان القصد الاساس من ذلك هو ايصال فكرة ما.

و حتى يمكن ان نضيف بعض التركيز على كيفية الطرح و جب علينا ان نتفهم نوعية الثقافة في مجتمعنا بصورة دقيقة، فنحن ان صح التعبير (قليلي القراءة) و كثيري السمع، و بالحق نستطيع القول ان المحاور بيننا يسهل عليه السمع والمحاورة اكثر منها تحريريا، وهذه الاعراض انما جاءت لاسباب معاملة الشخصية المحاورة في المدرسة و المنزل ...

ففي المثال السابق الذي هو حوارية النبي مع عمه، نستطيع ان نلخص مما حدث على هيئة نقاط قد نستفيد منها ،

1 – ان النبي ابراهيم استخدم اسلوب التقرب في المناداة فقد نادى عمه بنداء الابوة فقال (((يا أبت))) تقربا منه ورفعة من شأنه و علاء لمكانته، بل قد كررت في الآيات التي تليها فهو يبدأ ياأبت حتى يتقبل منه ما سوف يصدر منه، ويكون معه رفيقا و يسمع كلامه. و قد اتخد النبي ابراهيم هذا الاسلوب الممتع و الذي عادة ما يهديء الوضع و يسهل الى الطرف الآخر السمع وقبول الفكرة.

2 - ان النبي ابراهيم لم يصرح بضلال عمه بالرغم من ان عمه كان ضالا الا انه استخدم اسلوب طلب العلة فقدم العلة على المعلول فسأله عن علة عبادته الى ما لا يستحق للعبادة. وهذا الاسلوب فيه نوع من تكبير الطرف الآخر فكأنما سأله ان يفكر في امره، ثم دعاه إلى أن يتبعه ليهديه الحق القويم والصراط المستقيم.

3- ولم يستخدم اسلوب التكبر أو انه سمى عمه بالجهل بل جعل نفسه كرفيق له في مسير يكون أعرف بالطريق و هذا ما يمكن لمسه من اسلوب النبي ابراهيم عليه السلام في خطابه الى عمه حيث لم يستخدم اسلوب التعالي أو النظرة الفوقية بل انه كما تقدم القول في استخدام التقريب العرقي و النفسي و حاول قدر الامكان في ان تكون المخاطبة بسيطة قريبة الى القلب و لم يستخدم اسلوب الامر في كلامة و لا القول الغليض.

4- ثم ثبطه عما كان عليه بأن عبادته الى الاصنام على انها خالية عن النفع مستلزمة للضرر لان عبادة الاصنام في الحقيقة عبادة الشيطان والامر به وبين أن الشيطان مستعص لربك المولى للنعم كلها وكل عاص حقيق بأن يسترد منه النعم وينتقم منه ولذلك عقبه بتخويفه سوء عاقبته وما يجره إليه من صيرورته قرينا للشيطان في اللعن والعذاب.

اذا نستطيع ان نلخص الاسلوب الذي استخدمه النبي ابراهيم في حواريته مع عمه بـ(التقرب والمحبة، عدم الطعن في اعتقاد عمه مباشرة، استخدام اسلب الصداقة والملازمة، ثم انه ثبطه عن العمل الذي يقوم به.

دراسة خلفيات الموضوع
كثيرا ما تكون اساسيات طرح الحوارات ان تكون لها اسباب قد نستنتج منها صحة فعل ام خطأه، وقد يكون لهذه الواضيع خلفيات أو اسباب ليس من الضروري للمحاور أو الطرف الآخر ان يكون ملما بها، وهنا تقع المشكلة، اذ ان الاسباب والدوافع من طرح الموضوع هو الحصول على العلم والمعرفة فان كان احد اطراف الحوار لا يعلم خلفيات المسألة، اصبح من المفترض ان تعرض المسألة أو الموضوع بصورة اساسية كأن يعرض الموضوع بمقدمة عن الموضوع وخلفياته التي قد اثرت في وضع السؤال أو الحوار، ثم بعد ذلك يطرح الموضوع بصورة اكثر نفعا.. كما يحاكي القرآن تلك الاساليب في حوارية النبي ابراهيم والنمرود ويحكيها لنا القرآن الكريم بصورة غنية في المعاني قوله تعالى ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ))
وهنا يعرض لنا القرآن خلفيات الموضوع مع نمرود اذ قال ان آتاه الله الملك، فعرفنا ان النمرود له ملك عظيم وقيل انه عنده الاسم الاعظم، ففهمنا ان النمرود اعتلى واصبح يعني نفسه بانه إله ايضا..
وفي الآيات كلام واضح من حيث تدليس النمرود في كلامه على انه يستطيع ان يحيي ويميت وهو يعلم غاية السؤال هو في امكانية ان يحيي خلقا جديدا لا على شاكلة ان يحيي الانسان الذي حكم عليه بالموت، وهكذا دلس المعنى الحقيقي. والآيات قد بينت لنا خلفيات الموضوع في هذا الحوار.

دراسة اسلوب طرح الموضوع
من الطبيعي ان الاسلوب في طرح السؤال أو الموضوع له اثره في نفس الطرف الآخر، وقد يكون له من المسببات للعرض عن اساس الحوار بل قد يكون اثره حادا للغاية. وقد بينا في حوارية النبي ابرهيم مع عمه اسلوبه في طرح الحوار، مع ذلك كيف كانت طريقة عمه في الرد عليه، وقد نستفيد من اسلوب بعدة نقاط منها :

1 - استخدام اسلوب الاستفهام (((أراغب أنت عن آلهتي))) .. أي ان هذا الاسلوب من المسائلة يفرض على الطرف الآخر جو المحاسبة او المحاكمة. وهذه الطريقة من المحاكمة تجعل الطرف الآخر في جو من العصبية أو الارهاب الفكري الذي يداهم أي شخصية عند المسائلة و المحاسبة.

2 - التهديد و الوعيد في الحوار (((لئن لم تنته لارجمنك واهجرني مليا))) و هذا من اكثر العوامل التي تجعل الحوار ينقطع و يبدل بالجدال العقيم. وعادة ما يصدر هكذا عمل من الشخصية التي ترى نفسها اعلى من الثانية، أو ما يسمى بالنظرة الفوقية للآخرين ..

3 – الااجابة بالحسنى، فالمحاور ان سأل ونادى الطرف الآخر بـ(أخي) فالواجب ايضا ان احاوره او ارد عليه بالمثل من باب اذا حييتم بتحية .. ثم اننا لو تفحصنا النظر في حوارية النبي ابراهيم فمن الواجب علي عمه ان يجيب النبي ابراهيم بـ(يا بني) حيث اننا عندما نخاطب بـ(يا ابني / يا ابنتي) و جب الرد بالمثل أو افضل .. الا اننا نرى العكس من ذلك ..

4 – وقد نستفيد من حوارية النبي مع عمه بعض المفاهيم التي قد تكون غائبة عن كثير من المحاورين، فنرى كيف كانت قسوة عم النبي و استخدام اسلوب الهيمنة و الشدة فتنكر على ابراهيم القول و اخذ ينهره و يستخدم الاسلوب الاستفزازي من اساليب تقديم الخبر في (أراغب أنت عن آلهتي). فهي في الاصل يا ابراهيم اترغب عن الهتي ؟؟ و لكن نرى ان الجملة تكون اغلض واكثر شدة عنما تقدم الخبر على المبتدأ.

5- ويبدو من الواضح ايضا تكرار السؤال أو تكرار التهديد ، كما في ، (أراغب أنت) (لأن لم تنته) (لأرجمنك) وهكذا ، نعلم ان عم النبي ابراهيم كان في حالة يريد منها ان ينفر النبي ابراهيم ولانه لم يكن لديه حجة في حواره معه استخدم اسلوب العنف الحواري. وحتى وصل الحوار الى درجة ان يرجمه..

الخروج من الحوار
كثير ما يمر على المحاور او الطرف الآخر نزعة الغلبة، وعدم المبالاة بالادلة التي يستخدما الطرف الآخر، وهنا لا بد من المحاور من ان يحكم عقله وفكره، فهو لم يدخل في الحوار من اجل الغلبة او العناد مع فرد لا يمكن ان تصل معه للحق، وبذلك لا بد من الوصول الى نقطة فصل، وقد لا تكون محببة لدى الطرفين، ولكن هي الحقيقة التي لابد من الوصول اليها. ولنا في حوارية النبي ابراهيم عليه السلام خير مثال. اذ ان النبي عليه السلام قد فصل الخطاب مع عمه . (قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا) يبد للوهلة الاولى ان النبي ابراهيم استخدم ايضا اسلوب اللين واللطف، اذ انه بدأ بالسلام على عمه، وقال سلام عليك ملاحظة لا بد وان ندرسها كيف ان النبي ابراهيم يحاول ان ينهي الحوار بأسلوب التوديع ومقابلة السيئة بالحسنة، ثم انه لم يطلب من عمه ان يتركه بل هو الذي قال انه سيعتزله، وفيها يفهم مغزى وكأنه قال له يا عم لا اريد ان اصيبك بمكروه، وقال له ايضا سأستغفر لك ربي، وهذا دعاء وليس فيه ما يضر الطرف الآخر، بل يفيد بركازة الايمان بانه على حق، وانه سيطلب من ربه ان يهديه لعله يوفقك للتوبة والأيمان.

ثم بعد ذلك عزم على فراق الحوار مع عمه ولم يحاول التجريح فيه بصورة شخصية، بل قال ((وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا)) ونفهم من الآية انه اراد ان يبلغه انه سوف يعزله لسبب انهم يدعون من دون الله، فهجرته لعمه لم تكن هجرة لسبب شخصي، ولكن للسبب اياه المبين، فليس لنبي ان يبقى مع المشركين بل قد اصبح من الواجب الحتمي بعد ان واجهه عمه بالانتقام منه ان يعتزلهم وما يدعون من دون الله بالمهاجرة بدينه، ولازال في هذه الوقت المتأخر من المفارقة يطلب الدعاء، وكأنه يريد ان يخبر عمه انكم تدعون ما لايسمعكم، فقا عسى ان لا اكون بدعائي كما انتم تدعون حجرا. واكون كما انتم تدعون الهة لا تفيد.

منقول للفائدة
يتبع على حلقات، منتظراً مشاركاتكم الجادة






 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 11:45 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط