الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الحوار الفكري العام

منتدى الحوار الفكري العام الثقافة ديوان الأقلاميين..فلنتحاور هنا حول المعرفة..ولنفد المنتدى بكل ما هو جديد ومنوع.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-01-2012, 09:32 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
هشام النجار
أقلامي
 
الصورة الرمزية هشام النجار
 

 

 
إحصائية العضو







هشام النجار غير متصل


افتراضي خالد صلاح: كنت ولازلت أؤمن بفكرة حكم الاسلام , الجزء الاول

حاوره/ هشام النجار
يرى خالد صلاح أن كونه ليبراليا ً هذا لا يتناقض مع كونه مسلما ً معتزا ً بدينه وإيمانه .. وقد تابعنا تنظيراته في الصحف والفضائيات فوجدناه يستشهد بالنصوص وبمواقف من التاريخ الإسلامي ليثبت عدم التناقض وينفى عن نفسه وعن فكره الازدواجية .
لكن تظل هناك أسئلة وهواجس.. فكيف يتفق كونه ليبراليا ً بضرورة إيمانه بشرائع الإسلام وأحكامه .. حيث لا ينفصل الإيمان بالأمور العقدية الإيمانية عن الإيمان بأحكام الشريعة لكي يكون المسلم مؤمنا ً كامل الإيمان ؟
وما الاختلافات بين النظام السياسي الإسلامي وغيره؟
وهل هناك فكر ليبرالي إسلامي قائم ومناهض للفكرة والمشروع الإسلامي؟
وما هي السمات المشتركة بين ما يُطْلَق عليه الديمقراطية الليبرالية والنظام السياسي الإسلامي؟
وهل هناك تيار ليبرالي مصري يستقى مفاهيمه من الفكر الإسلامي وليس من الليبرالية الغربية؟.
هذه الأسئلة وغيرها طرحناها على ضيفنا الكاتب الصحفي والإعلامي الليبرالي المعروف الأستاذ خالد صلاح.. الذي آثرنا أن نبدأ معه القصة منذ البداية .
أستاذ خالد في البداية نرحب بحضرتك ضيفا ً كريما ً على موقع الجماعة الإسلامية.
أهلاً بكم .. وهذا من دواعي سعادتي .
في البداية .. كيف تصف لنا طفولتك؟
أنا من عائلة متوسطة الحال.. أبى كان موظفا ً حكوميا ً في شركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية .. وكذلك أمي كانت موظفة بنفس الشركة.. إلا أننا بالرغم من ذلك لم نشعر يوما ً أننا بسطاء الحال .
فطوال الوقت كان لدينا إحساس بأننا مملوءين بالغنا والنعمة.. وأنه يجب علينا العطف على الفقراء وتقريبهم.. وأنا لم أدرك حقيقة أننا كنا بسطاء إلا بعد الكبر.
كم عدد أفراد عائلتك؟.. وهل نجحتم في حياتكم العلمية رغم بساطة الحال وقلة الموارد ؟
كنا أب وأم وأربعة إخوة في شقة صغيرة مساحتها ستون مترا ً.. إلا أن الوالدة رحمها الله كانت حريصة كل الحرص على تعليمنا جميعا ً تعليما ً جامعيا ً.. برغم أن الأسرة ليس فيها أحد حاصل على تعليم جامعي.
وبالفعل وفقنا الله والحمد لله إلى حد كبير .. وهناك شقيقتي هدى حاصلة على بكالوريوس تجارة وهى سلفية منتقبة وتعيش مع زوجها الذي يعمل مهندسا ً مدنيا ً في السعودية.
وأيضاً شقيقي جمال محاسب في بنك.. وفؤاد خريج هندسة ويعمل مهندسا ً في الفضائيات بمدينة الإنتاج الإعلامي .
هذه المرحلة ماذا تبقى منها اليوم؟
الحقيقة ذكرياتي مرتبطة بحي إمبابة الذي ولدت ونشأت به.. فكل أفكاري والكتب التي قرأتها وعايشت أفكارها وأصدقائي.. بالرغم من انتقالي إلى حي آخر .. إلا أن أهلي وأصدقائي هناك في إمبابة.. وارتبط ارتباطا ً شديدا ً بهذا الحي من ناحية الذكريات والانتماء .
هل كنت تتوقع في هذه المرحلة المبكرة أن يكون لك تأثير ودور في مجال ما في المستقبل؟
تمنيت ذلك .. وأنا دخلت كلية الإعلام بناء على تقدير موقفي داخل جماعة الجهاد التي كنت منتميا ً لها .. فقد رأوا في شخصيتي وتكويني ما يجب دعمه بالدراسة الأكاديمية.
وقد سعدت كثيراً بهذا الوعي والإدراك المبكر بقدراتي الإعلامية لدى قادة الجماعة الذين حرصوا على دعمه وإنمائه .
وهذا يدل أنه كانت هناك أفكار كبيرة ونهضة فكرية وثقافية داخل التنظيم .. ولم يقتصر فقط على كونه تنظيم ثوري انقلابي .
لنتعرف هنا على الشخصيات الأكثر تأثيرا ً عليك في محيط العائلة؟
والدتي رحمها الله كان لها دور مؤثر ربما أكثر من دور والدي.. فقد كانت تتميز بشخصية قوية جدا ً .. وكانت هي المسئولة الأولى عن العائلة.. وكان تأثيرها لا يتوقف علينا - نحن الأبناء - فقط.. بل امتد للخالات والأخوال .. الخ.
فقد كانت تتمتع بالقرار الحكيم وكنا نحترم جدا ً قراراتها ونتحمس لها.. وهذا الأمر تسبب لي في مشكلة بعد ذلك.
ففي حين يتمرد الغالبية على دور الأب.. أما أنا فتمردت على دور الأم .
هل أثرت فيك فكريا ً ؟.. وماذا تعلمته منها ؟
لا ليس فكريا ً .. وما تعلمته منها هو فن إدارة الحياة.. لأنها كانت امرأة تجيد إدارة الحياة إدارة جيدة.. وتجيد إدارة الخلاف مع الآخرين وكانت تمتلك عقلية متطورة أكبر بكثير من مؤهلاتها العلمية.
وقد ورثت عنها الشخصية الإدارية المسيطرة التي تجيد فنون العلاقات مع الناس وتجيد الإدارة وتكوين شبكة علاقات .
وأمي كان لها دور نقابي ملموس في شركة الأهرام وفى العمل العام.. وكانت ناشطة عمالية .. وقد تأثرت أنا بهذا الجانب من حياتها.
وعندما دخل خالي الأكبر المعتقل في قرارات التحفظ في سبتمبر عام 1981م .. مارست أمي من جهة دورا ً إضافيا ً فوق أدوارها المتعددة.. وهو دور المناضلة السياسية المدافعة عن حق أخيها السجين السياسي والباحثة عنه.. حيث كنا في مرحلة لم يكن العثور على مكان المعتقل السياسي بالأمر الهين .
ومن جهة أخرى زاد الزخم في اتجاه تسييس البيت والتهبت أجواؤه السياسية .. مع ظهور خصومة ومعارضة قوية تصل إلى حد الكراهية الشديدة للرئيس السادات داخل البيت .
هل كان هناك تيار سياسي غالب داخل البيت ؟
كان لأمي انتماء ناصري بطبيعة الحال لكونها من عائلة فقيرة جدا ً.. وكانت صورة عبد الناصر معلقة داخل البيت .. وكذلك كتب وأدبيات الثورة .
وهل تأثرت أنت بهذا الاتجاه؟
في الواقع أنا لم أتأثر إطلاقا ً طوال حياتي بالاتجاه الناصري.. بالرغم من أنه كان سائدا ً في المجتمع المصري وله حضور داخل بيت عائلتي .
وذلك لأنني لم أشعر أن الفكر الاشتراكي الذي طرحه عبد الناصر كان جيدا ً .. وكان لدى إحساس وقناعة في هذه المرحلة المبكرة أن الفكر الاشتراكي عطل طاقات كثيرة في مصر.
ومن خلال قراءاتي آمنت بضرورة إطلاق الأفكار الفردية.. حيث طغت على النزوعات الفردية وليست الاشتراكية بما هو أقرب للرأسمالية الغربية .. ولكن ليس بالشكل العنيف المطبق في الغرب .
وبالرغم من حبي وميلي الفطري لفكرة النضال والتحرر.. لكنني لم أعتقد يوماً صحة الطرح السياسي والاقتصادي المرتبط بعبد الناصر.
وقد عانيت شخصيا ً من نتائجه.. حيث اضطررت مرارا ً إلى الوقوف في طوابير التموين ببطاقة التموين بالساعات للحصول على الزيت والسكر .
وماذا عن الشخصية الأخرى التي تأثرت بها في محيط العائلة؟
خالي كان هو المبهر بالنسبة لي.. لأنه كان معتقلا ً فكان إحساسي به قويا ً جدا ً .
وكنت أتساءل دائما ً وأنا أتذكر بكاء جدتي له عندما كان في الجبهة يحارب في معركة 73م:
كيف يتم اعتقال وحبس جندي حارب في معركة الكرامة؟
وبعدها جاءت أجواء اغتيال السادات والتداعيات التي صاحبت هذا الحدث.. ومعها بدأ إدراكي ووعيي بما يجرى حولي ينضج بشكل كبير.
ماذا عن بعض المواقف الدرامية المعبرة التي لا تنساها عن مرحلة حكم السادات ؟.
الموقف الذي لا أنساه وكان مليئا ً بالدراما أن بيتنا في إمبابة هو الوحيد في المنطقة المحيطة به الذي كان به جهاز تلفزيون يوم زيارة السادات للقدس عام 79م .. فاحتشد الجيران في بيتنا الصغير .. واضطررنا لرفع جهاز التلفزيون ليشاهد الجميع الحدث التاريخي في عام 77م .
وساعتها قالت امرأة من جيراننا كلمة لا تزال ترن في أذني .. قالت: " إيه دا .. همه اليهود بني أدمين زينا وبشر شكلنا ؟ "
فضحكنا لأن هناك من كان يظن أن اليهود كائنات مختلفة تشبه الكائنات الأسطورية ولا يشبهون البشر العاديين.. ووقتها اندهشت لهذا التصور وحزنت عندما اكتشفت أن الكبار يفكرون بطريقة كنا نفكر بها في مرحلة الطفولة.
ففي طفولتي تخيلت اليهود بالفعل ككائنات أسطورية وليسوا بشرا ً عاديين .
لكن كيف كان انطباع هذا الحشد وهو يشاهد الحدث .. هل كانوا موافقين على الزيارة ؟
لم يكن الوعي السياسي قد وصل لدرجة إصدار مثل هذا الحكم أو الوقوف إلى جانب الزيارة والاتفاقية أو ضدها.
وأذكر أنهم كانوا على الحياد .. فلم يوجه أحد اتهامات ولا شتائم للرئيس السادات .. لكن الغضب جاء بعد ذلك عندما أدركت النخبة السياسية خطورة الخطوة .
حي إمبابة هذا الحي الشعبي له قصة لا يمكن إغفالها ونحن نرسم ملامح شخصية خالد صلاح ؟
بالتأكيد.. إمبابة الحي الشعبي الجميل هو في حد ذاته علَم .. لأن الكثير من القيم الجميلة عايشتها وعشتها في هذا الحي.
فهناك تشعر وأنت تسير في الشارع أن كل شوارع الحي هي بيتك وكل البيوت مفتوحة للناس.. والكل يمد يد المساعدة للآخرين.
ولازلت أذكر خلال فترات حظر التجول التي تكررت في عهد السادات ومبارك – على سبيل المثال أحداث الأمن المركزي عام 86م – فكانت المنطقة كلها تتحول إلى ملاعب كرة قدم.. إلى جانب الدورات الرمضانية التي كانت تبقينا طوال الوقت قريبين من بعض.. والمآتم والأفراح التي كان يشارك فيها الجميع وتجعلهم على قلب رجل واحد.. وتجعلك تشعر بهذا الإحساس الجميل بالأمان نتيجة رسوخ معاني التلاحم والتكافل .. وهذه القيم الجميلة تركت انطباعا ً لدى لا يمحى أبدا ً .
وماذا عن المسجد ودوره؟
كان من أكثر ما أثر فيَّ وأبهرني هو المسجد وأثره الكبير.. فكانت المساجد تلعب دورا ًً تنمويا ً كبيرا ً جدا ..ً وأيضاً دور تكافلي متطور بدون أية ترتيبات مسبقة.
فمن النادر جدا ً أن تجد في إمبابة مسجدا ً أو زاوية إلا وفيها جمعيات لرعاية الأيتام وذبائح وهدايا الأعياد وياميش رمضان .. وكانت هذه المنح تقدم غير مسيسة .. فلم تكن المصالح السياسية والانتخابية قد ظهرت بعد.. لأن هذه الجهود تلونت بعد ذلك بالسياسة وأغراضها .
وهل أثرت إمبابة في التوجه الإسلامي لديك؟
بالتأكيد.. ولتعلم أنه لم يكن هناك تيار سياسي في إمبابة غير التيار الإسلامي.. فهو التيار الغالب منذ بداية السبعينيات.. ونادرا ً ما تجد أحد لا يصلى.. مع مظاهر الأعداد الحاشدة في صلاة الجمعة التي يضطر معها أهل الحي لفرش الشوارع بالسجاجيد .
اشرح لنا كيف تشكلت خريطة التيار الإسلامي في إمبابة ؟
مع أول تحول للمعارضة وتمرد على السلطة.. ومع تنامي الغضب في وجه السلطة والظلم وما تفعله إسرائيل.. ومع بداية إدراكنا الحقيقي للمعادلة السياسية في المنطقة .. بدأ اتجاهنا للجامع .. وكان هناك في إمبابة مسجد رئيسي يسيطر عليه التيار السلفي اسمه مسجد الدعوة.. وفى هذا الوقت بدأ التيار الإسلامي في الصعود في الجامعات.. وبدأت غالبية التيار السلفي تتحول إلى الفكر الجهادي .. وبدأ انتشار جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وتأثرنا كثيرا ً بهذه الأفكار.
وكان لمنبر المسجد دور كبير في الوعي السياسي.. فخطبة الجمعة لا تخلو من مضامين ورسائل سياسية تنتقد الظلم المنتشر في المجتمع وسياسات الانفتاح وتأثيرها على اقتصاد مصر.. إلى جانب تناول ما يجرى بالأراضي المحتلة بفلسطين .
كل هذا بلا شك ألهب حماسنا وشكل لدينا وعياً عنوانه أن وجودنا هو في الأساس من أجل التغيير .. وأن عملنا من خلال المسجد كان للتغيير وصناعة التحولات الكبيرة .. لتكون بلادنا أفضل وأعدل .
وبدأنا ننشط على المستوى المحلى ونشارك في جماعات الأمر بالمعروف.. ووقتها لم يكن هناك عنف شديد.. لكن العنف ظهر بعد ذلك .
وماذا عن نشاط الجماعة الإسلامية ؟
نشاط الجماعة الإسلامية بدأ في منتصف الثمانينيات بمجيء الشيخ محمد بكرى وهو من قيادات الجماعة الإسلامية في الصعيد ..وكان هو المكلف بنشر فكر الجماعة في إمبابة.. في هذا الوقت أخذ مسجد الدعوة موقفا ً محايدا ً وظل السلفيون محتفظين بالصبغة السلفية.
لكن كان هناك مسجد آخر شهير وهو مسجد "المُنى".. وكان المسئول عن هذا المسجد اسمه عصام الجندي الذي كنت أحبه جدا ً .. وكان مشهورا ً بالإنشاد وتأثرت بهذا الجانب فيه .. فكنت أنشد أيضا ً مثله.. حتى أنهم أطلقوا على اسم " خالد الجندي " نسبة إلى عصام الجندي.. ووقتها كان تيار الجهاد موجودا ً على استحياء.. فيمَ مضت الجماعة الإسلامية في مسار الانتشار .
لماذا اختار خالد صلاح الانضمام إلى الجهاد ؟
كنت أميل للجهاد لأسباب متعددة.. منها شعوري أن الجهاد سيكون أداؤه أسرع في تغيير نظام الحكم فقد كانوا هم الأقرب إلى الفكر الانقلابي أكثر من التيارات الأخرى.. وكانوا مؤمنين بنظرية كنس السلم من أعلى وليس من أسفل .
ووقتها بدأنا ندرس تاريخ الثورات واطلعنا على أفكار وأدبيات الثورات في العالم مثل الثورة البلشفية والفرنسية وغيرهما.. واستقر في ضميري أن فكر الجهاد هو الأنسب.. وأن الانقلاب العسكري هو الذي سيحقق النتائج بقوة وسرعة .
ولكن ما هي قصة تصنيفك كعضو في الجماعة الإسلامية ؟
انتمائي كان للجهاد وكنت أصلى في مسجد تابع للدعوة السلفية.. أما تصنيفي في أمن الدولة فكان "جماعة إسلامية".. وتفسير هذا أن أمن الدولة في ذلك الوقت كانت "خايبة" جدا ً .. وتصنيفاتها غير دقيقة .
ورغم ذلك فهذا كان في صالحي لأنني بهذا التصنيف لم أتورط في أي قضية .
بماذا تسمى هذه المرحلة من حياتك ؟
هذه المرحلة لم تكتمل إلا في السجن.. ويمكننا أن نسميها "مرحلة تأسيسية".. لأنها قادتني إلى فكر آخر وإلى طريقة أخرى في التفكير .
كيف نفهم هذه العبارة ؟
بمعنى أنني ظللت على الدوام مؤمنا ً بأن الإسلام داخله خامة للحكم في جميع العصور.. شريطة أن يدرك كل عصر واقعه بدقة ويأخذ من الإسلام ما يناسب هذا العصر.. وهذه الديناميكية التي يتمتع بها الإسلام هي سر خلوده.
فالإسلام سيبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. لأنه بكل بساطة يمنح العقل – وهذا من وجهة نظري – فرصة كبيرة جدا ً في استنباط الأحكام.. وهذا هو سر عظمة هذا الدين.. وهذا هو خلاصة ما اهتديت إليه في نهاية المطاف.
وأحد أهم أسباب سعادتي بالمراجعات هو أنني فكرت في كل ما ورد بها من مفاهيم ورؤى في مرحلة متقدمة من حياتي .
ما الذي عايشته داخل الحركة وأحزنك ودفعك لتأخذ موقفا ً وتفكر جديا ً في تغيير الوجهة ؟
أصابني الفزع داخل السجن من الانحياز للجماعة وتقديس القادة.. وهناك الكثير الذي أحزنني.
فقد حضرت على سبيل المثال "الخناقة" بين الكومى والشيخ طه السماوي في السجن عام 87م وفيها اعتدوا على بعض ضربا ً بالمواسير.. بل وصل الأمر إلى حد القتل في الخلاف الشهير بين مجدي كمال وأحمد يوسف وحسام البطوجى في بني سويف بعد انشقاق البطوجى.. وانتهى إلى مقتل البطوجى في المستشفى على يد رجال أحمد يوسف الذين قطعوه ومزقوا جسده بالسيوف .
وقد اعتبرت ذلك من المشكلات التاريخية الكبرى وتساءلت وقتها:
كيف سننهض بمصر وكيف سنحكمها باسم الإسلام فيما نحن مختلفون إلى هذا الحد بيننا؟ .
وفى السجن كانت هناك زنازين خاصة بكل جماعة.. ناهيك عما كان يقوم به أعضاء التكفير والهجرة .
هذه المظاهر أحبطتني وقلت:
كيف ننشد العدل وتحقيقه بين الناس ونحن لا نستطيع أن نحققه بيننا؟
وحزنت من الانحياز للجماعة وتقديمها على كل شيء في المصالح والخلافات والأفكار .. وأحزنتني الخصومات والنزاعات بدون مبررات .
أذكر أنني دخلت الزنزانة على أحد أفراد التكفير والهجرة فألقيت عليه السلام فرد على قائلاً : أهلاً مساء الخير.. فلما عاتبته احتد على وصاح في وجهي.. ولما تعرفت بعد ذلك على سلوك وفكر التكفير والهجرة كرهتهم.. وقلت:
لو كرهني الناس كما أكره أنا التكفير والهجرة فلن تقوم لهذه الدعوة قائمة .
ما هي روافد هذا التذمر وعدم الرضا بواقع الحركة غير تلك الخلافات والمظاهر المحبطة ؟
القراءات في السجن .. فقد اطلعت ضمن ما اطلعت على تاريخ الصحابة رضوان الله عليهم.. ووجدت ضالتي في روعة استخدام الصحابة الكرام لقدراتهم العقلية دون الخروج على النص وفيما لا نص فيه.
فالنصوص في الإسلام قليلة .. والكليات والقطعيات محددة ومعروفة والمتغيرات كثيرة تحتاج لأعمال العقل والاجتهاد.. وهذا ما كان يفعله الصحابة .
وهل أعلنت هذه القناعات وهذا التوجه ؟
أعلنته وسبب لي مشكلة مع أصدقائي داخل السجن.. فقد قلت لهم إن عبقريتنا تكمن في مدى إدراكنا لما كان سيفعله الصحابة وكيفية تصرفهم لو كانوا على قيد الحياة اليوم ولو عاشوا في عصرنا هذا .
هذه "الجملة" سببت لي مشاكل "بالجملة" .. وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقولون.
فقد اتهموني بالهرطقة وتعرضت للتعزير.. فكيف أقول: " هم رجال ونحن رجال "؟
فقلت أنا لم أقل ذلك.. لكن دعوت فقط لأن نتخيل ما الذي سيفعلونه لو كانوا موجودين بيننا اليوم .
ألم تكن هناك في تلك المرحلة شخصية جهادية ذات فكر متطور تتبنى طرحك هذا ؟
لا .. لكن الحقيقة أن ما عرفته وخبرته من أبناء التيار الإسلامي أنهم أصحاب قلوب وادعة وتسعى للصلاح والعدل.. لكنهم يخطئون الطريق أحياناً لعدم إدراكهم للواقع السياسي الذي يعيشون فيه.. ولعدم قدرتهم على تحديد أولويات الوقت .
وماذا عن الشخصية الجهادية الأكثر تأثيرا ً فيك ؟
عبود الزمر .. لأنه كان الوحيد الذي كان يتكلم في الواقع وكانت بالأدبيات والشرائط التي تخرج من عنده دعوة لفهم الواقع فهما ً صحيحا ً .. وأيضاً أحببته لكونه أحد عناصر المخابرات الحربية.. وكان لدى إحساس أنه الأكثر خبرة وفهما ً لأساليب الإدارة بإلمامه الواسع بالواقع وضروراته وأولوياته .
وماذا عن التيارات الأخرى .. غير الجهاد ؟
الحقيقة أن الكتاب الذي صنع أفكاري المؤمنة بالجهاد هو كتاب "ميثاق العمل الإسلامي ".. وما يميز هذا الكتاب أنه سهل وواضح ومباشر.. وهذه ميزة في الجماعة الإسلامية أن كل أدبياتهم وكتبهم واضحة ومباشرة.. وفيها قراءة جيدة للواقع.
لكن بالطبع أعجبتني أكثر كتب المراجعات .
من الشخصيات التي لا تنساها في الجماعة الإسلامية؟
محمد شوقي الإسلامبولى.. فقد ضمني الحبس مع الإسلامبولى في استقبال طره قبل سفره.. وكنا وقتها نردد أغنية شهيرة:
رويدك أم خالد علمينا لا تبالي فخالد لا يزال يعيش فينا
وقد تأثرت بالسماحة التي يتمتع بها محمد شوقي وهو من قيادات الجماعة الإسلامية التي أحببتها كثيرا ً جدا ً.
وأذكر أنه حدثت مشكلة بسبب وجود عبد الرءوف أمير الجيش وهو من تنظيم الفنية العسكرية .. وكانت قيادات الجماعة الإسلامية تحذر الأعضاء من الجلوس والاجتماع بعبد الرءوف لكونه يحمل فكرا ً مخالفا ً لفكر الجماعة – وهذه من المظاهر التي أحزنتني – فكنت أجلس مع عبد الرءوف –
تعلم أنني لست جماعة إسلامية لكنني محبوس داخل زنازين الجماعة – وكانت لدى رغبة في الاطلاع على تاريخ الفنية العسكرية ورموزها وصالح سرية وتفاصيل الأحداث.
وكنا نردد قصيدة كارم الأناضولي الشهيرة في الفداء بالنفس.. فغضب أحد إخوة الجماعة الإسلامية منى وكان اسمه أسامة.. وكان هو أمير الزنزانة.. وحدثت مشادة كبيرة بكيت إثرها بكاء ً مُرا ً.. فقد قسي على أسامة قسوة بالغة غير مبررة.
وفى الصباح ذهبت لمحمد شوقي الإسلامبولى فاحتواني بابتسامته وأسلوبه الرقيق وتأثرت جدا ً بالقدرات الاقناعية لديه.. وكنت أدعو الله دائماً أن تأتيني زيارة في يوم زيارته لأرى أم خالد .
وهل تأثرت بخالد الإسلامبولى؟
بالتأكيد .. جميعنا تأثر بإخوة المنصة.. وكنت أشعر وقتها أن هؤلاء هم الجيل الأكثر فداءً في التاريخ الإسلامي المعاصر.. وكانت عندما تطلق كلمة " شهيد " نتذكر على الفور خالد .
هل ترك خالد صلاح الحركة الإسلامية كراهية فيها ؟
لا .. ليست كراهية.. فأنا كنت ولازلت أؤمن بالفكرة.. كنت ولازلت أؤمن بفكرة حكم الإسلام.. وقراءاتي وحياتي كلها مؤسسة على ذلك.
فاعتقادي في هذا الدين اعتقاد عقلي أيضا ً بعد قراءات متعددة ومتعمقة في الفلسفة الوجودية.. فكما آمنت وأدركت الله بالنقل.. آمنت به وأدركته بالعقل أيضا ً .
وقد خضت تجربة مع الفلسفة الوجودية لو مر بها كثيرون لربما انحرفوا عقدياً.. لكن تجربتي هذه قادتني إلى تأكيد وتوطيد اعتقادي في وحدانية الله .
إلى هنا ينتهي الجزء الأول من الحوار الثرى الشامل مع الكاتب الليبرالي الأستاذ خالد صلاح رئيس تحرير اليوم السابع.
وفى الجزء الثاني من الحوار بإذن الله يتذكر معنا خالد صلاح د/ علاء محيى الدين الذي يعتبره نموذجا ً رائعا ً للإسلامي الليبرالي.. ويقول عنه:
" رشحته لمنصب وزير خارجية مصر عندما يحكمها الإسلاميون.. وكان أحسن صورة للإسلاميين في وقته .. ولم أرَ وجها ً ألمعيا ً وعقلا ً يحترم المخالفين مثل علاء محيى الدين " .
وفى الجزء الثاني من الحوار يتحدث خالد صلاح أيضاً عن هؤلاء " صفوت عبد الغنى ، عزت السلامونى ، محمد حسان ، وناجح إبراهيم " .
السبت الموافق
5-3-1433هـ
28-1-2012






 
رد مع اقتباس
قديم 30-01-2012, 07:53 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
سلمى رشيد
نائب المدير العام
 
الصورة الرمزية سلمى رشيد
 

 

 
إحصائية العضو







سلمى رشيد غير متصل


افتراضي رد: خالد صلاح: كنت ولازلت أؤمن بفكرة حكم الاسلام , الجزء الاول

لا .. لكن الحقيقة أن ما عرفته وخبرته من أبناء التيار الإسلامي أنهم أصحاب قلوب وادعة وتسعى للصلاح والعدل.. لكنهم يخطئون الطريق أحياناً لعدم إدراكهم للواقع السياسي الذي يعيشون فيه.. ولعدم قدرتهم على تحديد أولويات الوقت .

شكرا على الحوار أستاذي هشام
استوقفتني أكثر من محطة في تشكيل فكر واهتمام الأستاذ حسن
ولا بأس من كم العثرات والتغيرات .. والأجمل أن نعترف بهذا
استوقفتني هذه الجزئية التي اقتبستها وهي بالفعل رؤية واقعية ... وإن كنت اتوقع ان يعطينا تفسيرا لهذه الفجوة التي تحدث دائما .
تقبل أطيب تحياتي







التوقيع

رَبِّ اغْفِرْ لِيَّ وَلِوَالِدَيَّ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِيْ صَغِيْرَا
 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
القراءة ممتازة جدا --وهل القاريء من آيران جمال الشرباتي المنتدى الإسلامي 0 07-09-2009 09:44 PM
الموسوعة الرمضانية ( أكثر من مائة رابط ) ... ايمن الياس منتدى رمضان شهر الذكر والقرآن 1 02-09-2008 05:01 PM
موسوعة تعلم / طرق التشويش علي الطائرات بدون طيار الجزء الاول فاطمة عزالدين منتدى الحوار الفكري العام 1 11-08-2008 02:06 PM
الحرب الصليبية والإساءة المتكررة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والغزو الفكري والثقافي عمار المقدسي منتدى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم 0 01-03-2008 02:03 PM
مرض السكري منى عرب منتدى العلوم الإنسانية والصحة 2 20-04-2006 04:20 PM

الساعة الآن 09:37 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط