شيفرات عشقية

[إبراهيم محمد شلبي]

غيرتها لا تقلّ شراسة عن لبؤة تحرس عرين أنوثتها، الفرق أنّها تحوّل وجع قلبها لمخالب دمع تحفر وجنتها. وانفعاله لا يحيله أسدا بقدر ما يُحيله إلى نيرون يحرق روما.

[إبراهيم محمد شلبي]

اسمها صليب روحه، هشّ كجناح فراشة، صلب مثل رمح في لَبانه.

[إبراهيم محمد شلبي]

زهرة لوز بينهما: يُطعم شِفاه جنونه لشفاه عقلانيتها على هيئة زهرة لوز، يترك لنحل الحبّ أن يلقّحها، لينضج قلبها حبة لوز، ويسقط قلبه زهرة لوز!

[إبراهيم محمد شلبي]

ما أجمل خيباته، إذ يعرف جيّدا كيف يُطعم عشب قلبه لماعز حبّها، يعرف جيّدا كيف يشقّ تفاح قلبه بسكّين حبّها، يعرف جيّدا كيف يحرق قمح قلبه بنار حبّها، يعرف جيّدا كيف يهوي شجر قلبه بفأس حبّها، يعرفُ جيّدا كيف يدفن قلبه في لحد حبّها.

[إبراهيم محمد شلبي]

كلّ هذا الألم انقسام بين عينيّها، كلّ هذا الدمع مطر لا يُنبت خوخ وجنتها، ورائحة الموت القادم تشبه طعم الثلج البارد ولون الماء... غدا.. حين تنقشع الغمامة، سينكشف المشهد على جثة عاشق ميّت، وعاشقة تلطم خوخ خديها ألما على فراقه.

[إبراهيم محمد شلبي]

ياما بحبّك قُلْت نفسي وْمِشْتِهي = وْياما بإسمك كنْت سارح ملتهي
وْياما نَهوني عَن هواكِ وْمَ انتَهيت = وْما بنتهي إلاّ وْجسمي منتهي

[إبراهيم محمد شلبي]

إحساسي بأمومتك وبأنّك زوجتي بات يفوق كلّ إحساس آخر، أنتِ أمّي التّي توبّخني وتنهاني عن بذيء ما أقول وما أفعل، أنتِ زوجتي التي ترتّب لي تفاصيل يومي، وأنتِ ما أنتِ من الكرز اللذيذ.. فما الغريب أن تكون (حبيبتي) أدنى من كلّ ذلك؟!

[إبراهيم محمد شلبي]

ربابةٌ قلبي، ومن قال أنّ وترا واحدا لا يكفي لينزّ القلبُ؟ ومن قال أنّ الصحراء لا تملك خواص الأحياء؟ هي أيضا تتقن فنّ الأسموزا في جسدي وروحي، تماما كما يتغذّى عشبٌ من تراب الأرض.

[إبراهيم محمد شلبي]

سأشاركك اليوم حزنا لا تفسير له، هي رغبة بالبكاء لأغسل قلبي، لأحسّ بإنسانيّتي لا غير، لأجعل من وجودي مركبا لفنائي، أو لأرصف لضياعي دربا من دموعي، حيث لا أرصفة أتكئُ عليها سوى حنيني. لكنّ جفني يخذلني، تخونني مقلتي، ويصبح دمعي أعزّ وأعصى، وحينها لا أحتاج أكثر من أبي، نبع دموعي الذي لا يملك أي تفسير ليجري.

هل أحدّثك عن أبي كما لم أفعل؟
ليس فيه من كثير يُقال، كلانا نار تأكلُ بعضها، لكنّه يتقنُ مهنة الإضاءة أكثرَ منّي، ويحترف الصبرَ أكثر منّي، ويكتُمُ حزنه أكثر منّي.. يخبئُ حبّه بقسوته، ويخفي دموعه مثل ماء في جوز الهند. أمّا أنا، فلا أملك سوى البكاء.

الآن، الآن فقط أبكي.

[إبراهيم محمد شلبي]

حين يُراجعُ سجلاّ بينهما يَرفَعُ تساؤلٌ صغير رأسَهُ كقطّ فضوليّ من خلف سياج: ماذا بقيَ منهما لهما؟!
تفاصيل يومه بصغيرها وكبيرها من غزْل يديها.
تضارب أحاسيسه وتقافز مشاعره مثل سمكة في خيط صنارة من صنع أفعالها.
تداخل كلامه وتلعثمه وحتّى شتائمه العبثية وسوء الأدب فيه من نسج أحاديثها.
تقاسيم الكلام على أوتار عود الكتابة من لحن أنفاسها في أذنيه.
ملامحُه كلّها من وحي عينيها.
حتّى أحلامه الجنونية والطفلة الراكضة بينهما من صنع خيالها المضطرم في قلبه، فماذا يبقى منه له؟
أمّا هي، فتحمل كلّ ما فيها إليه قربانا لِـنِيل حبّه، فماذا يبقى منها لها؟

يقفز جواب شرس مثل فهد في براري الروح: لا شيء منهما لهما، لا شيء.

[إبراهيم محمد شلبي]

مستحيلاتُها تشبه وطنًا في حضرة الإستعمار: ترضخ لحكم عسكرها وتنتظرُ من يحرّرها.

[إبراهيم محمد شلبي]

الغيرة القاتلة تقوده لكلام جارح، والرغبة في التملّك تقوده لجنون فاضح، والعجز الموجع يقوده للرضوخ لأقدار الراوي. وبين كلّ ذلك الشتات، يحلم بعينيها حين تغلق جفنيها عليه وهي في حضن غيره.