عوامل القصور الذاتي/ دعوة للنقاش

[د.عبدالرحمن أقرع]

عوامل القصور الذاتي

منذ خرجتُ إلى فضاء الحياة وأنا أعايش البكاء والتباكي على حال الأمة التي اختارت إرادة الله تعالى أن أكونَ أحد أبنائها ، ومُذ وعيت على الواقع من حولي وأنا أسمع الناس أبرارا وفجارا تصب جام غضبها على القوى الإستعمارية ، وعلى من هادنها من الحكام والأنظمة ، محملةً إياها كامل المسؤولية عن تأخر الأمة وتخلفها ووقوفها في ذيل الركب البشري.
بيدَ أن المؤسف هو الذي أدركناه فيما بعد، وبعد أن سرى فينا دم الشباب ، وزينا المولى ببعض من وعي وإدراك . إذ أدركنا أن الناس تتجاهل العامل الأهم في عوامل المأساة التي ترزح الأمة تحت نيرها..ألا وهو عامل( القصور الذاتي) على مستوى الفرد الذي ينعكس لاحقا على الجماعة.
ذاك العامل الحساس الذي تحدث عنه الشاعر إبراهيم طوقان قائلا:
تقولُ أمراض البلاد وأنت من أمراضها
والشؤم علتها فهل فتشت عن أعراضها
يا من حملتَ الفأس تهدمها على أنقاضها
أقعد فما أنت الذي يسعى إلى إنقاذها
قد يقول قائل : أن طوقان عنى المتشائم في أبياته ، وقد أوافق القائل..بيد أن من حقي أن أتساءل: ما الذي ولَّد التشاؤم فينا؟
أليس هو انتظار المعجزات والغيبيات- التي أؤمن بوجودها مطلقا، وأؤكد ذلك كي لا يساء فهمي- وعدم التحريك ساكنا ؟
أو التحرك بشكل عشوائي فوضوي عبثي غير متزن كي تكون الحصيلة زيادة في التقهقر ، والحبو إلى الخلف؟
كشاب في أواسط الثلاثينات يؤسفني أنني بدأت ألمس عند الكثيرين تشكيكا في مصداقية التاريخ إنطلاقا من الحقيقة المرة في أن أمة هذا واقعها محال أن يكون ذاك ماضيها. ورغم إنكاري الشديد على هؤلاء فهم ليسوا إلا شريحة من ضحايا الواقع المضني الذي جعل الإحباط يسري فينا مسرى الدم في العروق.
تساؤلات أطرحها بين يدي الموضوع:
-هل الإستعمار والحكام هما من يمنعاننا من الإستثمار وزيادة الدخل على مستوى الفرد؟
- هل هما من يقنعاننا بالرضى بالحد الأدنى من التعليم ، وهل هما من بثا فينا عدم جدوى التثقف والإغراق في طلب العلم والتزود به على كافة الأصعدة؟
- هل هما من أغرقانا بالأغاني الهابطة ، وجعلا شعار غالبية شبابنا: الموبايل قبل الرغيف؟
-هل هما من أغرقانا في غياهب الجدل والتناحر الفكري ، والخطاب الثوري الممجوج؟
هل هم من وضعوا العراقيل في طريق الشباب للتمكن من الحصول على السكن والإستقرار المتمثل في حياة زوجية هانئة ، ليفرز ذلك ما لم ينزل الله به سلطانا من ىالمصطلحات: زواج عرفي، مسيار ، فرندز ، نِت...الخ.؟
هل هم من بثوا فينا القناعة بضرورة إقصاء الأخ والصديق من الطريق للوصول إلى الغاية؟
-هل هم من نشروا بيننا ثقافة التخوين والتكفير ، وفقدان ثقة احدنا بالآخر؟
تساؤلات أطرحها بين يدي الموضوع الذي أنا بصدد طرحه وتحليله...ولكن قبل ذلك..
أود سماع آرائكم.

[سلمى رشيد]

أخي الكريم د.عبد الرحمن
تحية طيبة ،،
من المفروض ونحن ابناء أمة ديانتها الإسلام وهو الدين الكامل المتكامل أن يكون حالنا عكس ذلك ،، فما من دين بث الأمل وشحذ الهمة كما ديننا الحنيف حتى قيام الساعة ،، ولكن للأسف الشديد وجدنا تلك الثقافة تعليق الأخطاء على الغير جاهزة ،،فحينا نقول الإستعمار ،، وحينا الحكام ،، ثم العولمة ووسائل الإتصال وإلى آخر هذه القائمة السوداء.
لا ننكر أن هذه العوامل لعبت دورا مهما فيما آل إليه حالنا ولكن بتقصيرنا لعبنا الدور الأكبر ولا زلنا فلا أحد يمنعنا من تثقيف الذات وإبداء الرأي ،، ولا يوجد ما يجبرنا على هذا الإنفتاح اللامحدود في بيوتنا على وسائل الإتصال باختلاف توجهها ....
كل فرد فينا يتحمل مسؤليته ضمن خطوط يجب أن تكون واضحة المعالم في مجتمعنا وبيئتنا وإلا ضعنا وعلى الدنيا السلام.
الإصلاح أولا يبدأ بالذات ثم توسع دائرته وحين يصمت الشعب على ظلم حاكم فالشعب أيضا ظالم لأنه بالصمت ظلم نفسه.
ولي عودة للنقاش.
كل التحية والتقدير.

[محمد الشيخ]

تحياتي لك دكتور
أنا ولا شك مع الأخت المشرفة سلمى في أن على كل فرد مسؤولية تجاه نفسه ومن حوله ..
وأن المرء مسؤول عن تثقيف نفسه وتحسين ظروف معيشته على كافة الأصعدة ..وأن التغيير يبدأ من القاعدة .. أكثر مما هو من القمة .. مع أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ..

ولكن .. برغم كل ذلك لا شك أن الاستعمار ومن خلال انظمته الفاسدة التي تحكم الشعوب الحديد والنار .. لا شك أنه جرعنا من كؤوس الويلات والظلم .. ما كان له أكبر الأثر في ما آل إليه وضعنا .. صحيح أن لا أحد يمنع الفرد من تثقيف نفسه .. ولكن ظروف المعيشة الصعبة في الدول النامية قد تمنع الفرد من ذلك بسبب تضارب الأولويات .. كذلك فإن دول الاستعمار تعلم علم اليقين أن أي نهضة في الدول النامية والمتخلفة تعني بالضرورة خطراً عليهم .. لأنه مما يعنيهم أن تظل بلادنا بلاداً مستهلكة غير منتجة وإلا فمن أين لهم بالمواد الخام التي يأخذونا بأرخص الأسعار ؟ ومن أين لهم بالنفط الذي يتحكمون فيه بتبعية بلادنا لهم ؟

أرى أن رقي الدول النامية بالنسبة لهم يعني مسالة نكون أو لا نكون ! لذا هم ينسفون كل مبادئهم من أجل حل مشاكلهم - كما يتوهمون - كما فعلوا في العراق .. وإلا فالدول المتقدمة أيضاً مليئة بالفاسدين والداعرين واللصوص ومن لا هم له إلا المتعة .. ومن لا يعمل ولا يريد أن يعمل .. وينام على الأرصفة .. ويعيش على الجريمة ..

كذلك بالمقابل دولنا مليئة بالأحرار الذين يقولون كلمة الحق ولو قتلوا دونها .. ومن تفتخر بلادهم بهم .. وهم في بلادنا أكثر منهم .. فالحرية التي يتشدقون بها ليست أكثر من ترف يتنعمون بهم لأنهم لا يواجهون شراسة الأنظمة في تكميم الأفواه كما الحال عندنا .. ! ولو كان الحال عندهم مثلنا لما رأينا من أصحاب الكلمة الجريئة إلا القليل ..

هذا أيضاً أستشعره عندما اقارن بين زمننا اليوم .. زمن الذلة والمهانة والخوف .. وزمن الجيل الإسلامي والخلافة الإسلامية الأولى .. فبعدالة الخلفاء الأولين كان هناك من يقوم اعوجاج عمر بسيفه .. بعكس أنظمتنا الظالمة اليوم التي تقهر وتعذب .. فتضطر الكثيرين إلى الأخذ برخصة سكوت المكره وقلبه مطمئن بالإيمان ..

باختصار قصدت القول أن الأنظمة العميلة تحمل الكثير من وزر ما آل إليه حالنا .. وإن شاء الله لن يدوم ذلك .. وسيأتي اليوم الذي تمزقهم شعوبهم فيه شر ممزق ..
تحياتي لك .. دكتور

[د.عبدالرحمن أقرع]

الأخت الفاضلة سلمى..
الأخ الفاضل محمد
يسعدني رؤية مساهماتكما تثري النقاش حول هذا الموضوع المهم.
ما أود تأكيده -أخوي العزيزين- أننا لم أبدِ رأيي بعد...فقد طرحت تساؤلاتي لسماع الآراء..ويسعدني أنكما لبيتما الدعوة..فلكما جزيل شكري وامتناني.
في انتظار بقية الآراء..مع تجديد ندائي للأخوة كتاب ورواد ومشرفي هذا المنتدى للمشاركة
تحياتي للجميع.

[نايف ذوابه]

-هل الإستعمار والحكام هما من يمنعاننا من الإستثمار وزيادة الدخل على مستوى الفرد؟
- هل هما من يقنعاننا بالرضى بالحد الأدنى من التعليم ، وهل هما من بثا فينا عدم جدوى التثقف والإغراق في طلب العلم والتزود به على كافة الأصعدة؟
- هل هما من أغرقانا بالأغاني الهابطة ، وجعلا شعار غالبية شبابنا: الموبايل قبل الرغيف؟
-هل هما من أغرقانا في غياهب الجدل والتناحر الفكري ، والخطاب الثوري الممجوج؟
هل هم من وضعوا العراقيل في طريق الشباب للتمكن من الحصول على السكن والإستقرار المتمثل في حياة زوجية هانئة ، ليفرز ذلك ما لم ينزل الله به سلطانا من ىالمصطلحات: زواج عرفي، مسيار ، فرندز ، نِت...الخ.؟
هل هم من بثوا فينا القناعة بضرورة إقصاء الأخ والصديق من الطريق للوصول إلى الغاية؟
-هل هم من نشروا بيننا ثقافة التخوين والتكفير ، وفقدان ثقة احدنا بالآخر؟

الصحيح يا دكتور عبد الرحمن منذ نزول الموضوع قرأته وكتبت وسطرت كثيرا كثيرا ولما اعتمدت ما كتبت فوجئت بالخلل التقني في الموقع الذي أطاح بما كتبت ..
ولما كان النشيد على المسرة كما قال تأبط شرا لذلك لم يأتني المزاج والرواق حتى أكتب ثانية لأن الكتابة في المواضيع الفكرية تحتاج إلى تركيز ..
صفوة القول ملعون أبو الاستعمار هو سبب بلائنا وخراب بيوتنا وعودتنا إلى الوراء ..
طبعا الاستعمار وبجهود الأشاوس حكامنا ينفذون خططه... وهو سهران ليل نهار على مصالحه وحكامنا وأجهزتهم سهارى ليل نهار على حماية مصالحه والتنكيل بالمخلصين.
المسؤولية الفردية لا شك أنه يتحمل كل منا ذلك ولكن لا تدم جلودنا بالجلد وتخلي الاستعمار وأذنابه من المسؤولية باختصار ...

[د.عبدالرحمن أقرع]

الأخ الفاضل نايف حفظه الله
أشكرك لمداخلتك مع أني وددت أن أرى ما كتبت وسطرت كاملا ، لأن الهدف من فتح المواضيع للنقاش لدى المنتديات الراقية كمنتدانا هذا هو تعلُّمنا من الآراء المختلفة والتجارب المتعددة ، ووجهات النظر المتباينة.
ولكن تأبط شرّاً أوجز فأفاد ووصف فأجاد..
عموما أخي الحبيب أبا عبدالله: أنصحك بالكتابة على ملف (وورد) إذا كنت تعاني من الفصل المتكرر للنت لأن ذلك أضمن لبقاء المادة .
بانتظار مداخلاتك وبقية الأخوة...وكل ذي قيمة كبيرة عندي
حفظكم الله جميعا.