دفاعا عن السواد الاعظم من اعضاء وكوادر فتح /بقلم :الدكتور حسن عبدالله
عن وكالة معا الإخبارية الفلسطينية المستقلة
التاريخ : 28 / 06 / 2007 الساعة : 19:41
التطورات المؤسفة في قطاع غزة، وكأنها حصرت التناقض بين حركتي فتح وحماس، بمعنى ان الذي هو خارج دائرتي الحركتين اما ان يكون قد نأى بنفسه عن الدخول في حالة الاستقطاب والانحياز لاحد الفريقين، او اتخذ موقفا وسطيا، وفي اكثر المواقف راديكالية استنكار ما حدث في قطاع غزة وترديد تسميات ومصطلحات حركة فتح مثل "الانقلابيين" وغير ذلك.
وفي تقديري ان التطورات الاخيرة، تتطلب من الحزب او المؤسسة او حتى من الانسان الفلسطيني بمفرده اتخاذ موقف واضح وصريح، اعتمادا على فهم سياسي وايدولوجي، وربما انطلاقا من خشية حقيقية على انهيار المشروع الوطني. لكن اخطر ما في حالة الاستقطاب الجارية حاليا هو التعميم، كأن يستعمل فريق ما ضد فريق اخر توصيفات الخيانه والتكفير، وفي المقابل ان يصف الفريق الثاني خصمه بانه خارج التاريخ فكرا وتوجهات.
التوصيفات المطلقة الشاملة اقل ما يقال عنها انها غير عملية بصرف النظر عن مطلقها، وهي تساهم في تأجيج الحالة وتعميق الانقسام والكراهية، لكن هذا لا يعني اتخاذ موقف ما يجب ان ينطلق من خلف جدران هذه التصنيفات، حيث يمكن ان يتحرر الموقف منها لصالح تصنيفات اخرى ذات اتجاه ثالث في اطار فهم سياسي وفكري مغاير، والنظر الى اين يجد قواسمه المشتركة بشكل يخدم توجهاته ورؤياه.
فحين يعلن فصيل اومؤسسة او سياسي او كاتب خارج دائرتي فتح وحماس، انه يدين ما جرى في قطاع غزة، فهذا بالطبع ليس دفاعا عن حفنه او شريحة من الفاسدين، لان أي اتجاه سياسي لا يمكن لاحد ان يضعه من الفه الى يائه في سلة الفساد. وفي حالة فتح، نحن نتحدث عن فصيل تاريخي مناضل، قاد الثورة بضعة عقود من الزمن، نجح مرات واخفق مرات اخرى، لكنه ظل محافظا على بعده الشعبي وعلى امتداداته في كل الساحات التي يتواجد فيها الفلسطينيون.
وبعد تشكل السلطة، كانت مشكلة فتح الرئيسة، ان الاخطاء التي وقعت فيها السلطة انعكست على فتح، الامر الذي ظلم هذا الفصيل، بخاصة وان هناك مناضلين في فتح وهم كثر، ليس لهم علاقة بمثل هذه الاخطاء، وان انشدادهم للحركة اكثر بمئات المرات من انشدادهم للسلطة، أي اننا نتحدث عن فصيل كبير يضم اتجاهات ومستويات ودرجات من الانتماء، حيث من الظلم التاريخي الحكم على حركة ذات جذور وتاريخ وحضور، لان بعض المحسوبين عليها تورطوا في الفساد، فالتعميم خاطىء بكل المقاييس، ولا يجوز معاقبة جماعة وتجريمها لان نسبة ضئيلة منها ضلت الطريق، لاسيما وان السواد الاعظم من حركة فتح من شرائح اجتماعية فقيرة، وهذا يتضح من واقع الذين خاضوا ويخوضون تجربة الاعتقال من اعضاء الحركة والمحسوبين عليها.
لكن عندما نقول ان القسم الاكبر من حركة فتح غير مسؤول عن الفساد والفاسدين، فذلك لا يعفي الحركة من ان تقوم بالغربلة الذاتية، أي ان تلفظ خارجا من يسيء اليها وتاريخها وترفع الغطاء عنه، هذا من جهة، اما من الجهة الاخرى فغير مسموح اطلاقا لاية حماعة ان تنوب عن حركة فتح في هذه المهمة، تحت ذريعة ان فتح تأخرت في القيام بذلك، فليس من حق احد ان ينوب عن احد في معالجة ملفاته الداخلية وبخاصة حينما يصل الامر الى العنف والملاحقة وتدمير المؤسسات.
ارتبطت فتح كاسم وفعل بمرحلة التحرر الوطني التي ما زلنا نعيش، وبالتالي فان دورها ما زال ضروريا يل ولنقل محوريا، لكن لكي يتسنى لها الاضطلاع بهذا الدور على احسن وجه، من المفروض ان تجري سلسلة من النقاشات الداخلية الجدية المسؤولة، وتضع النقاط على الحروف، وتستخلص العبر بجرأة ازاء ما حدث في قطاع غزة، في اطار معالجة الخلل وتجديد الدماء والانطلاق الى مرحلة اخرى، فيخطىء من يظن ان اضعاف حركة فتح يشكل مصلحة وطنية عليا، بل على العكس تماما، فان اضعافها يوقع اشد الاضرار بالقضية، أي المصلحة الوطنية العليا.