ذوبان

[عبدالرحيم التدلاوي]

ذوبان
**



وصل في مساء هش، متأخرًا إلى الحكاية. فتح الباب بحذر، فوجد نفسه جالسًا هناك، ينتظره.
قال الجالس: "أنت وصلت، إذًا أنا سأمضي."
"إلى أين؟"
"إلى الصفحة التالية."
ثم نهض، وترك له نفس الكرسي، ونفس التعب.

بدأ يستعيد القصّة، لكن كل جملة يتذكرها كانت تقوم بمحو الأخرى. قال: "لا بأس، سأكتب من جديد." وحين مدّ يده للقلم، وجده يكتب وحده... عليه.

ظهر العنوان فجأة في الأعلى: "ذوبان"
تساءل: من الذي سمّى؟
لكن السؤال سقط كزرّ من معطف الزمن، ودُفِن تحت سردٍ لم يكتمل.
في الفقرة الرابعة، اصطدم بشخص يشبهه تمامًا، إلا أنّ عينيه كانتا مقلوبتين نحو الداخل. قال له الآخر: "أنت أنا، لكن متأخرًا بخطوة واحدة فقط." فركض في اتجاه البداية... لكن البداية كانت قد اختفت.
حين وصل إلى النهاية، لم تكن هناك نهاية، بل مقعد صغير وعليه ورقة مكتوب عليها:
"اقرأ نفسك جيّدًا، قبل أن تُروى."
ارتجف الورق.
ثم انطفأ الضوء في اللغة.