الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > منتديات اللغة العربية والآداب الإنسانية > منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي

منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي هنا توضع الإبداعات الأدبية تحت المجهر لاستكناه جمالياته وتسليط الضوء على جودة الأدوات الفنية المستخدمة.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 3 تصويتات, المعدل 2.33. انواع عرض الموضوع
قديم 28-04-2006, 06:26 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
إبراهيم أمين
أقلامي
 
إحصائية العضو






إبراهيم أمين غير متصل


افتراضي مفهوم الصورة الفنية (الثاني)

غواية الصورة الفنية
المفاهيم والمعالم قديماً وحديثاً
(الجزء الثاني)

عبد القاهر الجرجاني (ت 471هـ)
وعندما نتوقف عند الإمام عبد القاهر الجرجاني، نجد أن منهجه في دراسة الصورة منهج متميز عما سبقه من العلماء العرب، وعلى الرغم من إفادته الكبيرة من جهودهم، فقد أفاض في حديثة عن الصورة في كتابيه: (أسرار البلاغة - ودلائل الإعجاز) فمن إشارته إليها قوله: "ومن الفضيلة الجامعة فيها أنها تبرز هذا البيان في صورة مستجدة تزيد قدره نبلاً, وتوجب له بعد الفضل فضلاً" (32)
فنحن هنا أمام حس نقدي مرهف بلغ بالنقد – وهو من علماء القرن الخامس الهجري – ما بلغه النقاد في القرن الخامس عشر الهجري، وذلك لسعة أفقه، ودقة عباراته، وتناوله الشامل للنص الأدبي الذي أمامه0
وقد ذكر عبد القاهر النص السابق وهو يتحدث عن الاستعارة المقيدة مبيناً أن فضيلتها أنها توضح المعنى في صورة مستجدة0
ثم نراه في نص آخر يربط الصورة بدوافع نفسية إضافة إلى الخصائص الذوقية والحسية حيث تجتمع هذه الخصائص جميعاً عبر وشائج وصلات حية لتعطي الصورة شكلاً ورونقاً وعمقاً مؤثراً، "فالتمثيل إذا جاء في أعقاب المعاني أو أُبرزتْ هي باختصار في معرضه, ونقلت عن صورها الأصلية إلى صورته كساها أبهة وكسبها منقبة, ورفع من أقدارها وشب من نارها وضاعف قواها في تحريك النفوس ودعا القلوب إليها واستثار لها أقاصي الأفئدة صبابة وكلفاً, وقسر الطباع على أن تعطيها محبة وشغفاً" (33)
فعبد القاهر الجرجاني لم يهمل الأثر النفسي وأهميته في تكوين وتشكيل الصورة فاتسم تحليله العميق للخلق والإبداع الشعريين على الذوق الفني المرهف وما تثيره مفردات البيان العربي أو ضروبه الفنية من استجابة في نفس متلقيها, فبدا البيان العربي عند قائماً على الذوق والتذوق0
ويبلغ الجرجاني ذروة إبداعه الفني والنقدي في دراسته للصورة حينما ينظر إليها نظرة متكاملة لا تقوم على اللفظ وحده أو المعنى وحده بل إنهما عنصران مكملان لبعضهما، "واعلم أن قولنا (الصورة) إنما هو تمثيل وقياس لما نعلمه بعقولنا على الذي نراه بأبصارنا، فلما رأينا البينونة بين آحاد الأجناس تكون من جهة الصورة فكان بين إنسان من إنسان، وفرس من فرس بخصوصية تكون في صورة ذاك، وليست العبارة عن ذلك بالصورة شيئاً نحن ابتدأناه فينكره منكر، بل هو مستعمل في كلام العلماء، ويكفيك قول الجاحظ: وإنما الشعر صناعة، وضرب من التصوير" (34)
ويرى أحد الباحثين أن مفهوم مصطلح الصورة عند الجرجاني قد استقر على ثلاثة أركان:
*"الأول: تناول الصورة والتصوير في خضم البحث البلاغي0
*الثاني: هضم معاني الصورة لغةً واصطلاحاً من شتى مصادرها الأصلية وربطها بالنظرية الأدبية العربية التي ترى أن القول صناعة في عملية خلقها وفي غايتها0
*الثالث: يتلمس مصادر الصورة الأدبية ووسيلة خلقها ومعيار تقويمها في الواقع بأبعاده الموروثة ومقوماته الحيوية"(35)
فدراسة الصورة عند عبد القاهر هي دراسة متميزة ونظرته نظرة تغاير المفاهيم التي سبقت دراساته مما يحفزنا إلى اعتداده الناقد الأول الذي بسط القول في الصورة مفهوماً واصطلاحاً0
كما تناول عبد القاهر الجرجاني الصورة في باب (السرقات) حيث يتصدى "للقوم ويصف رأيهم بالخطأ المحض؛ لأنهم اعتبروا الصورتين المختلفتين لمعنى واحد يعدان شيئاً واحداً، ولا تفاوت بينهما؛ لأن المعنى في الصورة الأولى هو نفسه في الصورة الثانية إنما الاختلاف في هيئة النظم، وتركيب الصورة، وهذا لا يفيد شيئاً 000 وقد غلطوا فأفحشوا؛ لأنه لا يتصور أن تكون صورة المعنى في أحد الكلامين أو البيتين مثل صورة الآخر البتة، اللهم إلا أن يعمد عامد إلى بيت فيضع مكان كل لفظة منه لفظة في معناها، ولا يعرض لنظمه ولا تأليفه" (36)
فعبد القاهر "يؤكد على قيمة التعبير بالصورة من خلال تحويل المعنى المجرد إلى صور وأشكال تُرى بالعين، وفي قوله هذا إظهار للجانب البصري للصورة،وتركيز على فكرة تجسيم المعنوي" (37)
وليس أدل على إحاطة عبد القاهر بالصورة، وحسن معالجته قضاياها من أن يخصص الباحث (كمال أبو ديب) أطروحته للدكتوراة في جامعة أكسفورد، فيجعلها لدراسة الصورة الشعرية عند عبد القاهر الجرجاني"(38)
ويبين أحد النقاد مدى الحس النقدي المرهف الذي وصل إليه عبد القاهر على المستويين التنظيري والعملي معاً، فيقول: "قد يرتفع هذا الحس إلى مراقي الوعي النظري الذي يسعى إلى الكشف عن هذه الأدوات التعبيرية عن قانون عام ينظمها، لقد تحققت هذه الصحوة عند عبد القاهر الجرجاني في كتابيه أسرار البلاغة، ودلائل الإعجاز0 لقد أدرك هذا البلاغي الفذ أن الشعرية، أو البلاغة تتحقق بفضل التصوير الذي يعترض المعنى، هذا التصوير أو "وجوه الدلالة على الغرض" هو مجموع الأدوات التصويرية البيانية من تشبيه وتمثيل واستعارة وكناية، وهذا ما يختصره الجرجاني في عبارته التي يتحدث فيها عن القدماء وفهمهم للصورة "إنهم لا يعنون بحسن العبارة مجرد اللفظ، ولكن صورة وصفة وخصوصية تحدث في المعنى" إن هذا الموضوع عينه الذي يحدده المعاصرون تحت تسمية (صورة)"(39)
ويقول الناقد نفسه: "لقد أنجز عبد القاهر الجرجاني قفزة نوعية في مجال التنظير للصورة الشعرية"(40)
ونستطيع من خلال نصوص عبد القاهر التي عرضنا لها، ومن خلال تعليقات النقاد عليها أن نوجز أثره في النقاط التالية:
q "أنه أعطى للفظ حقه، كما أعطى للمعنى حقه0
q الصورة الأدبية عنده تتشكل في الذهن أولاً، ثم تبرز إلى الخارج بعد انتظامها0
q الصورة يكون لها معنى مقصود، وغرض يهدف إليه الشاعر0
q أساس الجمال عنده يرجع إلى النظم والصياغة والتصوير0
q كل كلمة في النظم أو الصورة لا بد أن تأخذ مكانها بين أخواتها، ويرتبط معناها بمعاني الكلم فيها على أساس التوخي لمعاني النحو0
q تحققت الوحدة الفنية والترابط الوثيق بين أجزاء النظم والصورة والتلاؤم بين عناصرها0
q الخيال رافد من روافد الصورة المتعددة، وإن وقع في الصورة زادها جمالاً"(41)
فعبد القاهر بلغ قمة الخروج على المألوف والسطحي في معالجة قضايا الصورة،؛ فلقد اعتبرها عنصراً حيوياً من عناصر التكوين النفسي للتجربة الشعرية، "فلقد استطاع عبد القاهر أن يجمع في نظريته النقدية بين الاتجاهات الرئيسية في تعريف الصورة الشعرية، وأن يمزج بينها بشكل رائع ملغياً – بفكره التحليلي الثاقب – ما يبدو من تناقض ظاهري0 كما تجلت في مذهبه الشعري الصورة الشعرية مجازاً وانطباعاً حسياً ورمزاً بما في أشكال التعبير المختلفة موازية لما تمر به النفس من حالات، وما يتدرج الفكر فيه من مستويات"(42)

حازم القرطاجني (ت 684هـ)
يعرف حازم الشعر بقوله: "الشعر كلام موزون مقفى من شأنه أن يحبب إلى النفس ما قصد تحبيبه إليها، ويكره إليها ما قصد تكريهه إليها"(43)
ويذكر حازم القرطاجني الصورة في مجال الحديث عن التخييل الشعري، فيقول: "والتخييل أن تتمثل للسامع من لفظ الشاعر المخيل أو معانيه أو أسلوبه ونظامه، وتقوم في خياله صورة أو صور ينفعل لتخيلها وتصورها، أو تصور شيء آخر بها انفعالاً من غير رؤية إلى جهة من الانبساط أو الانقباض"(44)
فالشعر عند حازم إثارة المخيلة لانفعالات المتلقي، يقصد المبدع منها دفع المتلقي إلى اتخاذ موقف خاص، بمعنى أن صور الشعر ومخيلاته تثير كوامن النفس وصورها المختزنة عند المتلقي، ومن هنا فالصورة – عند حازم – "لم تعد تشير إلى مجرد الشكل أو الصياغة فحسب، ولم تعد تحوم حول التقديم الحسي، وإنما أصبحت محددة في دلالة سيكولوجية خاصة تتصل اتصالاً وثيقاً بكل ما له صلة بالتعبير الحسي في الشعر"(45)
والمأخوذ من كلام الناقد الكبير أن الصورة قد تطور مفهومها عند حازم القرطاجني فلم تعد مقصورة على الشكل فحسب، بل شملت كل ما يؤثر في المتلقي بتغيير مواقفه القديمة، أو باتخاذ مواقف جديدة بعد أن تفاعلة صور النص مع مخيلة المتلقي، كما ربط الناقد نفسه بين الجانب الفني لمصطلح الصورة، وبين الجانب النفسي0
كما يحرص حازم – عند تكوين الصور – أن يربط بين دلالة اللفظ ودلالة المعنى، وعنده أنها من المسلمات حتى أنه ليقارن بين دلالة المعاني والألفاظ ويعبر عنهما بصورة ذهنية، وهو إنما يحقق في ذلك من أجل أن يتفرغ لإتمام اللفظ بالمعنى وإتمام المعنى باللفظ، فيقول: "إن المعاني هي الصور الحاصلة في الأذهان عن الأشياء الموجودة في الأعيان، فكل شيء له وجود خارج الذهن وأنه إذا أدرك حصلت له صورة في الذهن تطابق لما أدرك منه، فإذا عبر عن تلك الصورة الذهنية الحاصلة عن الإدراك، أقام اللفظ المعبر به هيئة تلك الصورة في أفهام السامعين وأذهانهم" (46)
فهو يرى تشخيص اللفظ للصورة الذهنية عند إدراكها بما يحقق الدلالة المركزية التي يتعارف عليها الاجتماع اللغوي، أو العرف العام بما يسمى الآن الدلالة الاجتماعية اللغوية0
ويبين حازم أن التصوير قرين المحاكاة، والمحاكاة عنده قسمان:
أ – محاكاة الشيء نفسه0
ب – محاكاة الشيء في غيره0
فالقسم الأول يشير إلى مجرد النقل المباشر عن العالم المرئي، بينما القسم الثاني يشير إلى الأنواع البلاغية للصورة كالتشبيه والاستعارة0 يقول حازم: "والذي يدركه الإنسان بالحس فهو الذي تتخيله نفسه؛ لأن التخييل تابع للحس، وكل ما أدركته بغير الحس فإنما يُرام تخييله بما يكون دليلاً على حاله من هيئات الأحوال المطيقة به واللازمة له حيث تكون تلك الأحوال مما يحس ويُشاهد، فيكون تخييل الشيء من جهة ما يستبينه الحس من آثاره والأحوال اللازمة له حال وجوده، والهيئات المشاهدة لما التبس به ووجد عنده0 وكل ما لم يحدد من الأمور المحسوسة بشيء من هذه الأشياء، ولا خُصص بمحاكاة حال من هذه الأحوال، بل اقتصر على إفهامه بالسم الدال عليه، فليس يجب أن يُعتقد في ذلك الإفهام أنه تخييل شعري أصلاً؛ لأن الكلام كله كان يكون تخييلاً بهذا الاعتبار" (47)
ويحرص حازم على التناسق داخل الصورة، ومراعاة التناسب بين عناصرها ومكوناتها، ويفرق في ذلك بين الصور المرئية، والمسموعة وغيرها: "ويجب في محاكاة أجزاء الشيء أن ترتب في الكلام على حسب ما وجدت عليه في الشيء لأن المحاكاة بالمسموعات تجري من السمع مجرى المحاكاة من المتلونات من البصر، وقد اعتادت النفوس أن تصور لها تماثيل الأشباح المحسوسة ونحوها على ما عليه ترتيبها، فلا يوضع النحر في صورة الحيوان إلا تالياً للعنق، وكذلك سائر الأعضاء، فالنفس تنكر لذلك المحاكاة القولية إذا لم يوال بين أجزاء الصور على مثل ما وقع فيها كما تنكر المحاكاة المصنوعة باليد إذا كانت كذلك" (48)
ونستطيع أن نوجز في نقاط أبرز ما توصل إليه حازم في مجال التصوير، ومنه:
"وضع حازم الصور الحاصلة في الأذهان عن الأشياء الموجودة في الأعيان ضمن مبحث المعاني، فإذا أراد الشاعر أن يولد الصور فليس أمامه سوى الألفاظ، والألفاظ عاجزة عن التأثير ما لم تكن في مدار الأوصاف0
يميز حازم بين الصورة التي تصنعها المحاكاة التامة في الوصف والتصور الذي يعني حصول صورة الشيء بالعقل وإدراك ماهيته0
الفضل في إبداع الصورة راجع إلى تجربة الشاعر النفسية وبيئته النفسية0
التصوير يتم من خلال ثلاث قوى: الأولى: هي القوة الحافظة حيث تكون صورة الأشياء مرتبة فيها على حد ما وقعت عليه في الوجود، والثانية: قوة مائزة، وهي التي يميز بها الإنسان ما يلائم الموضع والنظم والأسلوب، أما القوة الأخيرة: فهي القوة الصانعة التي تتولى العمل في ضم بعض أجزاء الألفاظ والمعاني والتركيبات النظمية والمذاهب الأسلوبية إلى بعض"(49)

ثالثاً: الصورة في النقد الحديث:
لقد أولى النقاد المحدثون الصورة اهتماماً كبيراً، وليس أدل على ذلك من هذا الكم الهائل من الدراسات التي أصبحت تتخذ من الصورة عنواناً لها، وذلك لما للصورة من أهمية عظمى في جذب المتلقي ليتفاعل مع المبدع؛ "فلقد كانت الصورة الشعرية دائماً موضوعاً مخصوصاً بالمدح والثناء، إنها وحدها التي حظيت بمنزلة أسمى من أن تتطلع إلى مراقيها الشامخة باقي الأدوات التعبيرية الأخرى والعجيب أن يكون هذا موضع اتفاق بين نقاد ينتمون إلى عصور وثقافات ولغات مختلفة" (50)
ولسوف نعرض لموقف بعض النقاد المحدثين حول الصورة، ونخص بالكر من كان لهم دراسات تحمل عنوان الصورة، وتتحدث عنها في محتواها0

مصطفى ناصف:
لعل أول دراسة تحمل مصطلح الصورة عنوانا لها هي دراسة ناصف، والتي ظهرت في أولى طبعاتها عام 1958م عن دار مصر للطباعة0
والمتأمل موقف ناصف يجده دائماً مغرماً بإنكار جهود القدماء، ونفي المزية والفضل عنهم؛ فهو ينكر أن يكون العرب قد عرفوا الصورة الفنية "بحجة أن النقد العربي القديم لم يعرف الاحتفال بالقوى النفسية ذات الشأن في إنتاج الشعر"(51)
كما ينكر اهتمام العرب بالخيال، فيقول: "والحق أن لدينا قرائن أخرى تكشف عن إهمال الخيال في النقد العربي"(52)
وقد أنكر الناقد نفسه موقف الشاعر علي الجارم (1881 – 1949م) من الشعر لأنه دعا إلى المحافظة على الأسلوب العربي الصميم، وقال إن المشكلات التي تثيرها الصورة لم يعرفها النقد القديم"(53)
ويعرف مصطفى ناصف الصورة بقوله: "إنها منهج فوق المنطق لبيان حقيقة الأشياء"(54)
ويعلق البصير على هذا التعريف للصورة بقوله: "فهو يحاكي مرة رأي الآخرين، ثم يصطفي لنفسه رأياً من وحي السرياليين واللامعقولين الأوربيين، ويقرر أن الصورة الأدبية منهج فوق المنطق لبيان حقيقة الأشياء، ويقين أن هذا القرار في تحديد طبيعة الصورة الفنية أغرب من الغريب؛ إذ كيف يكون لما فوق المنطق منهج؟ وكيف يتمكن هذا المنهج العائم فوق المنطق من بيان حقيقة الأشياء؟ أليست حقيقة الأشياء منطقية، وأن الأشياء لا تعزز إلا ما هو منطقي"(55)
ويعلق ناقد آخر على موقف مصطفى ناصف في دراسته السابقة: "لم تبذل جهدها في تأمل المفاهيم القديمة للصورة ومناقشتها، فتركت معالجة نظرية الخيال في الموروث00"(56)
أما الولي محمد، فبعد أن يتعرض لناصف وكتابه يقول: "وبهذا أمكن الحكم على موقف مصطفى ناصف بالارتباك"(57)
ثم يقول – بعد استشهادات كثيرة – "وهذا كله كلام عام فضفاض لا يقدم أية إضاءة جادة للصور الجديدة في الشعر المعاصر"(58)

محمد غنيمي هلال:
ويرى أن ندرس الصور الأدبية "في معانيها الجمالية، وفي صلتها بالخلق الفني والأصالة، ولا يتيسر ذلك إلا إذا نظرنا لاعتبارات التصوير في العمل الأدبي بوصفه وحدة، وإلى موقف الشاعر في تجربته، وفي هذه الحالات تكون طرق التصوير الشعرية وسائل جمال فني مصدره أصالة الكاتب في تجربته وتعمقه في تصويرها، ومظهره في الصور النابعة من داخل العمل الأدبي والمتآزرة معاً على إبراز الفكرة في ثوبها الشعري"(59)
وقد تعرض الناقد الكبير لفلسفة الصورة عند المذاهب الأدبية: الكلاسيكية، والرومانتيكية، والبرناسية، وغيرها، (60)
وأوضح أن النظرة القديمة للخيال كانت عقبة في سبيل فهم الصورة؛ لأنهم – أي القدماء – لم يفرقوا بين الوهم وبين الخيال0
ثم تحدث عن الخيال عند الرومانتيكيين، واستعرض وجهات نظر نقادها الكبار مثل ورد زورث، وكوليردج، واستخلص أن الشاعر عند الرومانتيكيين يستعين على جلاء الصور بالطبيعة ومناظرها مع احتفاظ الفنان بأصالته، والصور – عند الرومانتيكيين – تمثل مشاعر وأفكاراً ذاتية، فيناظرون بين الطبيعة وحالاتهم النفسية0
وأما البرناسية التي تناظر المذهب الواقعي في الشعر، والمذهب الطبيعي في القصة والمسرحية فإنها تعنى بالصور الشعرية وصياغتها، ولكنها تحتم الموضوعية في هذه الصور0
وقد رأى الرمزيون أن البرناسيين يقفون عند حدود الصور المرئية، فتظل صورهم جامدة لا حركة فيها ولا عمق ولا مرونة، ورأوا أن الصور يجب أن تبدأ من الأشياء المادية على أن يتجاوزها الشاعر ليعبر عن أثرها العميق في النفس، وبخاصة مناطقها الغائرة البعيدة عن طريق الإيحاء بالرمز المنوط بالحدس0
وأما عند السرياليين فإنهم يُعنون بالصور الشعرية ذات الدلالة النفسية، ويرون في الصورة العنصر الجوهري في الشعر، وهي نتاج الخيال، وعن طريق الصور يصل الشاعر إلى تثبيت العلاقات التي تصل ما بين الأفكار والأشياء، وما بين المادة والحلم، والمحسوس والعاطفة0(61)
ويتلخص كل ما يريده الناقد نفسه في الصورة في:
q الوسيلة الفنية الجوهرية لنقل التجربة هي الصورة في معناها الجزئي والكلي0
q لا يصح الوقوف عند التشابه الحسي بين الأشياء دون ربط التشابه بالشعور0
q الصور لا بد أن تكون عضوية في التجربة الشعرية0
q عدم اضطراب الصور الشعرية، ويحدث ذلك إذا تنافرت أجزاؤها في داخلها، أو تنافت مع الفكرة العامة أو الشعور السائد0
q الصورة الإيحائية التعبيرية أقوى فنياً من الصور الوصفية المباشرة؛ إذ للإيحاء فضل لا ينكر على التصريح0
q الصورة لا تلتزم أن تكون العبارات مجازية، فقد تكون العبارات حقيقية الاستعمال، وتكون - مع ذلك – دقيقة التصوير، دالة على خيال خصب"(62)

علي علي صبح:
وقد قام بجهد كبير في الجانب النظري للصورة، وكذلك في الجانب التطبيقي لها، وهو يرى أن "الصورة الأدبية هي التركيب القائم على الإصابة في التنسيق الحي لوسائل التعبير التي ينتقيها وجود الشاعر – أعني خواطره ومشاعره وعواطفه – المطلق من عالم المحسات ليكشف عن حقيقة المشهد والمعنى في إطار قوي تام محس مؤثر على نحو يوقظ الخواطر والمشاعر في الآخرين"(63)
كما يرى أن لصورة الفنية "ليست كما في الواقع والطبيعة، ليست فكراً مجرداً، لأنها مشدودة إلى العالم الفكري الوجداني من جهة، وإلى عالم المحسات من جهة أخرى، وهذا هو الفرق في الجوهر بين الصورة التي خرجت من معالم الفن المصبوغ بالمشاعر والخواطر والعواطف، وبين الصورة المحسة في الطبيعة التي لم يحدد الفن العلاقات بين أجزائها، وتوضيح أشرار العلاقات بينها هو مناط الخيال من التصوير الأدبي"(64)
وقد تحدث الناقد السابق عن منابع الصورة، وعناصرها، وخصائصها، فمنابع الصورة عنده:
أ- اللفظ الفصيح الذي يتناسب مع الغرض والعاطفة
ب- الخيال بألوانه الخلابة كالاستعارة والتشبيه والكناية 00
ت- الموسيقى بأنواعها0
ث- النظم والتأليف سواء أقام على الحقيقة، أو قام على الخيال0
ج- العاطفة0
وأما عناصر الصورة عنده، فهي:
ح- الحجم0
خ- الموقع0
د- الشكل0
ذ- اللون0
ر- الطعم
ز- الحركة
س- الرائحة
وأما خصائص الصورة عنده،فهي:
ش- التطابق بين الصورة والتجربة0
ص- الوحدة والانسجام التام0
ض- الشعور0
ط- الإيحاء"(65)
----- المراجع -----------------
(32) عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، تحقيق هـ0 ريتر، مكتبة المتنبي، القاهرة، الطبعة الثانية، 1979م، ص 41
(33) عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، ص 101
(34) عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، تحقيق محمود محمد شاكر، مطبعة المدني بالقاهرة، ودار المدني بجدة، الطبعة الثالثة، 1992م، ص 508
(35) كامل حسن البصير، بناء الصورة الفنية في البيان العربي، ص42
(36) عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، ص 487
(37) عبير عليوة إبراهيم، الصورة الفنية في شعر حسان بن ثابت، رسالة ماجستير مخطوطة بكلية الآداب جامعة الزقازيق، 1990م ص 66
(38) ريتا عوض، بنية القصيدة الجاهلية، الصورة الشعرية لدى امرئ القيس، دار الآداب، بيروت، الطبعة الأولى 1992، ص 65
(39) الولي محمد، الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي، المركز الثقافي العربي، بيروت، الطبعة الأولى 1990م، ص 293
(40) الولي محمد، الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي، ص 54
(41) علي علي صبح، الصورة الأدبية تأريخ ونقد، ص 79، وما بعدها بتصرف
(42) ريتا عوض، بنية القصيدة الجاهلية، الصورة الشعرية لدى امرئ القيس، ص 88
(43) حازم القرطاجني، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، تحقيق محمد الحبيب بن الخوجة، دار الكتب الشرقية، تونس 1966م، ص 21
(44) حازم القرطاجني، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، ص 89
(45) جابر عصفور، الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي، ص 361
(46) حازم القرطاجني، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، ص 18
(47) حازم القرطاجني، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، ص 111
(48) حازم القرطاجني، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، ص 104
(49) عبد الإله الصائغ، الصورة الفنية معياراً نقدياً، دار القائدي، ليبيا، د0ت، ص 97 وما بعدها بتصرف
(50) الولي محمد، الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي، ص 7
(51) مصطفى ناصف، الصورة الأدبية، دار الأندلس، بيروت الطبعة الثالثة، ص 1984م، ص 9
(52) مصطفى ناصف، الصورة الأدبية، ص 9
(53) تراجع أقواله في المرجع السابق ص 189، 8، 198 وغيرها
(54) مصطفى ناصف، الصورة الأدبية، ص 8
(55) كامل حسن البصير، بيان الصورة الفنية في البيان العربي، ص 170
(56) جابر عصفور، الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي، ص 9
(57) الولي محمد، الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي، ص 233
(58) الولي محمد، المرجع السابق، ص 263
وراجع في الرد على مصطفى ناصف:
*علي علي صبح، الصورة الأدبية تأريخ ونقد، ص 151 وما بعدها
*ريتا عوض، بنية الشعر الجاهلي، الصورة الشعرية لدى امرئ القيس، ص 65 وما بعدها
(59) محمد غنيمي هلال، النقد الأدبي الحديث، دار نهضة مصر، القاهرة، د0ت، ص 387
(60) محمد غنيمي هلال، دراسات ونماذج في مذاهب الشعر ونقده، دار نهضة مصر، القاهرة، د0ت، ص 57، وما بعدها بتصرف
(61) محمد غنيمي هلال، النقد الأدبي الحديث، ص 388، ما بعدها بتصرف
(62) محمد غنيمي هلال، النقد الأدبي الحديث، ص 417، وما بعدها0
(63) علي علي صبح، الصورة الأدبية تأريخ ونقد، ص149
(64) علي علي صبح، المرجع السابق، ص 154
(65) علي علي صبح، البناء الفني للصورة الأدبية عند ابن الرومي، المكتبة الأزهرية للتراث، الطبعة الثانية، 1996م، ص 29، وما بعدها بتصرف0






 
رد مع اقتباس
قديم 28-04-2006, 08:36 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
فاطمة الجزائرية
أقلامي
 
الصورة الرمزية فاطمة الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو







فاطمة الجزائرية غير متصل


افتراضي

............السلام عليكم , جولة جميلة مع عمالقة اللغة , وبالضبط جعلتنا نبحر مع باب البلاغة والصورة الفنية................شكرا لأنك أفدتنا............فاطمة.







التوقيع

ملأى السنابل تنحني بتواضع*****و الفارغات رؤوسهن شوامخ

 
رد مع اقتباس
قديم 08-05-2006, 12:23 AM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عيسى عدوي
أقلامي
 
الصورة الرمزية عيسى عدوي
 

 

 
إحصائية العضو







عيسى عدوي غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى عيسى عدوي إرسال رسالة عبر Yahoo إلى عيسى عدوي

افتراضي

أسجل إعجابي ..واحترامي لجهدكم وإبداعكم أخي إبراهيم ..بارك الله فيك ..زدنا إمتاعا أيها المبدع







التوقيع

قل آمنت بالله ثم استقم
 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التقنيات الفنية و الجمالية المتطورة فى القصة القصيرة حسن غريب أحمد منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي 4 16-08-2009 03:44 PM
مفهوم الصورة الفنية (الجزء الأول) إبراهيم أمين منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي 4 08-05-2006 09:41 AM
ثالث اثنين الميكانو و فلسفة ؟! سرمد السرمدي منتدى القصة القصيرة 0 13-02-2006 11:06 PM
نحو السهل الممتنع في فلسفة الفعل ! سرمد السرمدي منتدى القصة القصيرة 0 13-02-2006 10:57 PM
قصة قصيرة / الجزء الثانى معاذ رياض منتدى القصة القصيرة 2 25-01-2006 06:57 AM

الساعة الآن 09:11 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط