الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديـات الثقافيـة > المنتدى الإسلامي

المنتدى الإسلامي هنا نناقش قضايا العصر في منظور الشرع ونحاول تكوين مرجع ديني للمهتمين..

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-03-2024, 04:38 PM   رقم المشاركة : 217
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٤






هل إبليس من الملائكة؟:

الخلاف بين العلماء حول إبليس معروف:
1) قول مشـهور عن جمع من العلماء يرى أنه من الملائكة، وأنه طرد لما استكبر، وأن الجن طائفة من الملائكة، يقال لهم: الجن، لأنهم استجنوا، أي: اختفوا.
2) وقال آخرون: لا، الجن هم الثقل الثاني المعروفون الذين قال الله فيهم: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ 56الذاريات، وأنهم ليسوا من الملائكة، وأن الملائكة خلقوا من النور، والجن خلقوا من النار، كما قال تعالى: ﴿وَٱلۡجَآنَّ خَلَقۡنَٰهُ مِن قَبۡلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ 27الحجر، وقال: ﴿قَالَ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡهُ خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِينٖ 12الأعراف، فهو ليس من الملائكة في العنصر، عنصر الملائكة من النور، وعنصره من النار، فليس منهم في العنصر، ولا في الحقيقة، ولكنه كان معهم، فلما أمر بالسجود؛ لم يسجد، وتكبر، وعصى، فطرده الله، وأبعده، ولعنه.

هذان قولان مشهوران، ولكن جماعة من المحققين يرجحون أن الجن غير الملائكة، وأنه كان مع الملائكة يصلي معهم، ويتعبد معهم، فعمه الأمر، فلما أبى، وفسق، وتكبر؛ لعن وطرد، وصار من ذريته الشياطين. والجن منهم المؤمن، ومنهم الفاسق، ومنهم الكافر، كما قال تعالى: ﴿وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّٰلِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَۖ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَدٗا 11الجن.







 
رد مع اقتباس
قديم 17-03-2024, 02:24 PM   رقم المشاركة : 218
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٤






﴿أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ:

الظاهرُ أنَّ هاتين الجملتين: ﴿أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَاستئنافيتان جواباً لمَنْ قال: فما فعلَ؟ والوقفُ على قولِه: ﴿إِلاَّ إِبْلِيسَ﴾ تامٌّ. وقيل: بل الوقف عند: ﴿وَٱسۡتَكۡبَرَ﴾ على أن ﴿أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ﴾ في موضع نصبٍ على الحالِ من إبليسِ، بتقدير: تَرَك السجودَ كارهاً ومستكبراً عنه. ويكون: ﴿وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾ جملة حال مستأنفة.
﴿أَبَىٰ: التقدير: أبى السجود،والإِباء: الامتناعُ، قالَ الشاعر:
وإما أَنْ يقولوا قَدْ أَبَيْنا ..... وشَرُّ مواطِنِ الحَسَبِ الإِباءُ
وهو من الأفعال المفيدةِ للنفي، ولذلك وَقَعَ بعده الاستثناءُ المفرَّغُ، قال الله تعالى: ﴿وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ﴾ التوبة 32، ويقول الشاعر:
أبــى اللهُ إلاّ عَــدْلَــهُ ووَفَـــاءَهُ .....فلا النُّكْرُ معروفٌ ولا العُرْفُ ضَائِعُ
﴿وَٱسۡتَكۡبَرَ: بمعنى تكبَّر؛ فالاستكبار شدة الكبر. والسين والتاء فيه للعد، أي: عد نفسه كبيراً، مثل: استعظم واستعذب الشراب. أو يكون السين والتاء للمبالغة، مثل: استجاب واستقر.
ومن لطائف العربية أن مادة الاتصاف بالكبر لم تجيء منها إلا بصيغة الاستفعال أو التفعل إشارة إلى أن صاحب صفة الكبر لا يكون إلا متطلباً الكبر أو متكلفاً له وما هو بكبير حقاً. والمعنى أنه استكبر على الله بإنكار أن يكون آدم مستحقاً لأن يسجد هو له إنكاراً عن تصميم لا عن مراجعة أو استشارة كما دلت عليه آيات أخرى مثل قوله: ﴿أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡهُ خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِينٖ 12الأعراف.
وإنما قدَّم الإِباءُ عليه وإنْ كان متأخِّـراً عنه في الترتيبِ لأنه من الأفعالِ الظاهرةِ بخلافِ الاستكبارِ فإنه من أفعال القلوب.
وقوله: ﴿وَكَانَ: هي على بابها: فعل ماض ناقص، وقالوا:
- يكون قد سبق إبليس كفار، وهم الجن الذين كانوا في الأرض،
- أو يكون إبليس أول من كفر مطلقاً، إن لم يصح أنه كان كفار قبله، وإن صح، فيفيد أول من كفر بعد إيمانه،
- أو أنه كان من الكافرين في علم الله - تعالى - أي: كان عالماً في الأزل بأنه سيكفر فصيغة كان متعلقة بالعلم لا بالمعلوم،
وقيل: هي هنا بمعنى صار، كقوله:
بتَيْهـاءَ قَـفْـرٍ والمَطِـيُّ كأنَّهـا ..... قطا الحَزْن قد كانَتْ فراخاً بيوضُها
أي: قد صارَتْ.
وأما طبيعة كفر إبليس، فيراد بكفره:
- التغطية للحق،
- أو كفره: جهل سلبه الله ما كان وهبه من العلم، فخالف الأمر ونزع يده من الطاعة،
- أو هو كفر عناد ولم يسلب العلم بل كان الكبر مانعه من السجود.








 
رد مع اقتباس
قديم 18-03-2024, 04:15 PM   رقم المشاركة : 219
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٤






حول مضمون الآية:

لم يؤثر عن الآية: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَٰفِرِينَ﴾ سبب نزول سمعي. ومناسبة هذه الآية لما قبلها أن الله - تعالى - لما شـرف آدم بفضيلة العلم وجعله متفوقاً على الملائكة بعلم لم يتعلموه، أراد الله أن يكرمه وقد استخلفه بأن يسجد له ملائكته، ليظهر بذلك مزية العلم على مزية العبادة. هذا ما قاله كثير من أهل العلم.
واختلفوا حول طبيعة إبليس، والرأي الأغلب عندهم أنه من الملائكة. أما قول أنه من الملائكة، فنقل عن ابن مسعود، وابن عبّاس من الصحابة، ومن التابعين سعيد بن المسيّب، وكذلك الشيخ أبو الحسن الأشعريّ، والشيخ موفق الدين، وأئمة المالكية، وابن جرير الطبّري. وأما نفي كونه من الملائكة فمنقول عن: ابن عباس في رواية له (وكثيراً ما نجد عن ابن عباس تعدد الآراء في كل مسألة، حتى كأن أصحاب كل رأي يكذبون على لسانه لقيمته وقدره)، وقتادة والحسن، واختاره أبو البقاء العكبري، والزّمخشري، والكواشي في تفسيره.







 
رد مع اقتباس
قديم 19-03-2024, 05:13 PM   رقم المشاركة : 220
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٤






حول مضمون الآية:

ولنر حجج القائلين بأن الجن ليسوا من الملائكة، ونورد الردود عليها. أولاً: إبليس ليس من الملائكة:

1) "إبليس من الجن لقوله تعالى: ﴿كَانَ مِنَ الْجِنِّالكهف 50، وهو مخلوق من النار، لقول الله - تعالى - في خِلقة الجن: ﴿وَٱلۡجَآنَّ خَلَقۡنَٰهُ مِن قَبۡلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ 27الحجر،وقال: ﴿وَخَلَقَ ٱلۡجَآنَّ مِن مَّارِجٖ مِّن نَّارٖ 15 الرحمن، ولِما حكي عن قول إبليس لربه: ﴿خَلَقْتَنِيمِنْ نَارٍ ص 76، والملائكة ليسوا كذلك، وإنما خلقوا من نور*.
* خُلِقَتِ المَلائِكَةُ مِن نُورٍ، وخُلِقَ الجانُّ مِن مارِجٍ مِن نارٍ، وخُلِقَ آدَمُ ممَّا وُصِفَ لَكُمْ.
الراوي: عائشة أم المؤمنين.
صحيح مسلم (2996)."

لا بد أن نفرق بين: الجان والجن. وقد درجنا في قراءتنا للقرآن على أن نعتبر كل لفظة ذات معنى مستقل، يزيد وينقص عن لفظة أخرى مرادفة لها. والترادف لا يعني التماثل أو التطابق.
إنَّ التنزيل العزيز ذكر خلق الجان في آيتي الحجر والرحمن، بمعنى أن الجان خلق من مارج من نار السموم. وذكر الجان في:
- ﴿وَأَلْقِ عَصَاكَ ۚ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ۚالنمل 10،
- ﴿وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ۚالقصص 31،
- ﴿فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يُسۡ‍َٔلُ عَن ذَنۢبِهِۦٓ إِنسٞ وَلَا جَآنّٞ 39الرحمن،
- ﴿فِيهِنَّ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ لَمۡ يَطۡمِثۡهُنَّ إِنسٞ قَبۡلَهُمۡ وَلَا جَآنّٞ 56الرحمن،
- ﴿لَمۡ يَطۡمِثۡهُنَّ إِنسٞ قَبۡلَهُمۡ وَلَا جَآنّٞ 74الرحمن.

قالوا في (جان) آيتي النمل والقصص، أن العصا تحولت لحية دقيقة الجسم. ولو كان ذلك كذلك ما نفر موسى وولى مدبراً ولم يعقب، وهو يألف أجناس الزواحف في البرية. بل الأظهر أنه رآها تحولت إلى كائن ضخم أرعبه رغم كان المأمول أن يؤنسه لقاء الله به. ومن تجارب الأبرار الممعنين في العبادة أن يشعروا أثناء قراءة القرآن بوجود الملائكة حولهم، فتنشرح لها صدورهم، وتغادرهم وحشة الوحدة والانفراد عن الناس. فما بالك بأنس الله؟! لا بد أن يكون الرعب الذي تملكه - إذاً - يزيد كثيراً عن رؤية "حية دقيقة الجسم". وأما آيات سورة الرحمن، فعلى نوعين:
الأول: ﴿فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يُسۡ‍َٔلُ عَن ذَنۢبِهِۦٓ إِنسٞ وَلَا جَآنّٞ 39الرحمن، وهو سُؤالَ اسْتِخْبارٍ واسْتِعْلامٍ، والسؤال سيعم كل الخلق من إنس وجن وملائكة، وسؤال الملائكة ثابت في أواخر سورة الزمر: ﴿وَتَرَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ حَآفِّينَ مِنۡ حَوۡلِ ٱلۡعَرۡشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡۚ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّۚ75.
والثاني: في آيتي: ﴿لَمۡ يَطۡمِثۡهُنَّ إِنسٞ قَبۡلَهُمۡ وَلَا جَآنّٞ﴾ إذ إنَّ فيهما توضيح ظاهر بأنهن لم يطمثهن أحد على الإطلاق. لفظة (الجان) إذاً نرى أنها أعم من (الجن)، وطالما هما غير متطابقتين، لأنه لا تطابق في القرآن بين لفظة وأخرى في المعنى، فلا يمنع أن يدخل الملائكة في مدلول (الجان).
ولا التفات لما قيل من أن الفارق بين: الجن والجان، أن الجن هم الجنس الذي يرأسه الشيطان إبليس، وأن الجان تعني: إبليس. وواضح أن لفظة (الجان) جمعٌ لا مفرد.
وإذا كان الجنس الجامع للملائكة والجن هو (الجان)، فهذا يعني أن أصل الخلق فيهما واحد، وهو النار. وأما الحديث فظني الدلالة، وكل حديث - عندنا - ظني الدلالة ما لم يؤكده قول قرآني.









 
رد مع اقتباس
قديم 20-03-2024, 02:43 PM   رقم المشاركة : 221
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٤






حول مضمون الآية:

2) "إنَّ القرآن يفرق بوضوح بين المَلَكِ والجني؛ فيقول في سورة سبأ: ﴿وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ أَهَٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ 40 قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ 41. وهذه الآية صريحة في الفرق بين الجن والمَلَك".

صحيح أنَّ الآية تفرق بين الجني (واحد الجن) والمَلَك، لكنها لا تذكر (الجان)، وهو الجنس الأعلى الذي نرى أنه يشمل الملائكة والجن. إنَّ ما جعل المشركين يفترون على الله بنسب الولد له هو فهمهم القاصر لعالم الغيب. إن الناس في تلك العصور كانوا مغرقين في المادة، ولا يسهل عليهم استيعاب "الروحانية" التي هي بوابة فهم وحدانية الله؛ إذ كانوا إن آمنوا به، أشركوا معه آلهة يعاينونها، أو يشعرون بوجودها حولهم. والآية تبين خلط المشركين في الفهم بين الملائكة والجن (لا الجان). إنهم يؤلفون على صلاتهم بالناس القصص، ويعظمونهم لحد العبادة لأنهم لا يرونهم، ولكنهم - بشكل أو آخر - يألفونهم، فيلصقون بهم أشكال القوة والمنعة. ولعل من مبالغاتهم ما بينه قوله تعالى: ﴿وَجَعَلُواْ بَيۡنَهُۥ وَبَيۡنَ ٱلۡجِنَّةِ نَسَبٗاۚالصافات 158. ثم إن العرب كانت تسمي الملائكة: جناً، قالَ الأعْشى في ذِكْرِ سُلَيْمانَ:
وسَخَّرَ مِن جِنِّ المَلائِكِ تِسْعَةً .....قِيامًا لَدَيْهِ يَعْمَلُونَ بِلا أجْرِ








 
رد مع اقتباس
قديم 21-03-2024, 02:57 PM   رقم المشاركة : 222
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٤






حول مضمون الآية:

3)"كون الجن من الاجتنان وهو السـتر ولهذا سمي الجنين جنيناً لاجتنانه، ومنه الجنة لكونها مستترة بالأغصان ومنه الجنون لاستتار العقل فيه".

وهل الجان أو الملائكة من المرئيات؟ الجن مأخوذ من الاجتنان وهو الستر. والمعنى المحوري لمادة (جنن): سَتْرُ الشيء بكثيف يعلوه أو يكون الشيء في أثنائه. ومنه: الجَنين وهو الولد ما دام في بَطْن أمه، وهو كذلك: المقبور. والجَنَن (محركة): القبر. ومن ذلك: الجُنُون، لأنه استتار العقل أو غيابه. وهو الجِنّة (بالكسر) أيضًا، كما في: ﴿مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾ سبأ 46، وفيها تنزيه للنبي - عليه صلوات الله - من الجنون.
والجَنَّة (بالفتح): الحديقةُ ذاتُ الشجر والنخل والعنب، وهي: الجَنَّة لكونها مستترة بالأغصان. وتَجُنّ أي: تُظِلّ وتستر من يسير أثناءها.
والجُنَّة (بالضم): الدِرْعُ وكلُّ ما يقي ويداري من السلاح. ومنه: المِجَنُّ وهو التُرْس يُواري حامله.
والجِنَّة (بالكسر): نوع من العالم استَجَنُّوا عن الأبصار. وقالوا في تفسير: ﴿وَجَعَلُواْ بَيۡنَهُۥ وَبَيۡنَ ٱلۡجِنَّةِ نَسَبٗاۚ وَلَقَدۡ عَلِمَتِ ٱلۡجِنَّةُ إِنَّهُمۡ لَمُحۡضَرُونَ 158الصافات: وأُجِيزَ تفسيرها هنا بالملائكة، والاشتقاق لا يأباه.
ولما ثبت هذا والملائكة مستورون عن العيون وجب إطلاق لفظ الجن عليهم بحسب اللسان. اللفظة - إذاً - تشمل الجن والملائكة، بل إن الملائكة أخفى من الجن؛ فإن رويت قصص كثيرة عن الاختلاط بالجن، لم نسمع قصة واحدة عن ظهور الملائكة بصورتها للبشر، باستثناء ما فُضِّل به محمد - عليه صلوات الله - من رؤية جبريل مرتين، وهي آية من آيات الله لا يقاس عليها.









 
رد مع اقتباس
قديم 22-03-2024, 03:43 PM   رقم المشاركة : 223
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٤



حول مضمون الآية:

4) "الملائكة رسـل لقوله تعالى: ﴿جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا﴾ فاطر 1، ورسل الله معصومون، لقوله تعالى: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ الأنعام 124، فلما لم يكن إبليس كذلك وجب ألا يكون من الملائكة. وكون إبليس ليس من الملائكة فإنه ليس مجبراً على الطاعة، وله الاختيار، كما لنا نحن البشر".

بداية لا بد من تعريف "العصمة":
عَصَمه: مَنَعَه ووَقَاه (كأنما أحاطه بطبقة تحفظه أو أمسكه شديدًا أي حفظه). ومن معنى الامتساك ما في قوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ﴾ آل عمران 103، أي استَمْسِكوا به بقوة تُمنَعُوا. وقوله: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾ يوسف 32، بمعنى امْتَنَع أي تماسك واستعصى. وعِصْمَة النكاح: عُقْدته ولُحْمَته التي تربط بين الزوجين، ومنه: ﴿وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ الممتحنة 10.
وأَعْصَم الرجل بصاحبه: لزمه، وبالفرس: امْتَسَك بعُرْفه خوفًا من السقوط (إمساك بالتحام). والعُصْمة (بالكسر والضم): القِلادة لامتساكها في العنق. والمِعْصَم: موضع السِوَار من اليد، قيل: لإمساكه السوار، والسوار يبقى لاصقًا به، ثم فيه تركز القوة بين الساعد والكف.
واعتصم فلان بالجبل إذا امتنع به. ومنه سمّيت وعول الجبال بالعصم، لامتناعها بها.
والعاصم: المانع الحامي.
واختلفوا في تعريف المصطلح الشرعي للعصمة على عدة مدلولات:
- العصمة: لطف يفعله الله - سبحانه - بالمكلف؛ بحيث يمتنع منه وقوع المعصية، وترك الطاعة، مع قدرته عليها، فالمعصوم على هذا التعريف: هو الممتنع بالله عن جميع محارم الله.
- أو هي: كون المكلف بحيث لا يمكن أن يصدر عنه المعاصي، من غير إجبار له على ذلك.
- أو هي: لطف خفي يفعل الله - تعالى - بالمكلف بحيث لا يكون له داع إلى ترك الطاعة، وارتكاب المعصية، مع قدرته على ذلك.
- أو هي: ملكة ربانية تمنع من فعل المعصية والميل إليها مع القدرة عليها.
- أو هي: المنع من ارتكاب المعصية والوقاية من كل رجس.
.....






 
رد مع اقتباس
قديم 23-03-2024, 01:39 PM   رقم المشاركة : 224
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٤



حول مضمون الآية:

4) "الملائكة رسـل لقوله تعالى: ﴿جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا﴾ فاطر 1، ورسل الله معصومون، لقوله تعالى: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ الأنعام 124، فلما لم يكن إبليس كذلك وجب ألا يكون من الملائكة. وكون إبليس ليس من الملائكة فإنه ليس مجبراً على الطاعة، وله الاختيار، كما لنا نحن البشر".

ولعل الاختلاف في التعريف راجع إلى محاولة العلماء تأويل ما ورد عن أخطاء بعض الأنبياء في الكتاب. الشيعة الإمامية تعتقد بعصمة الأنبياء من جميع المعاصي، صغيرها وكبيرها، طيلة حياتهم، وهم لا يرتكبون الذنوب حتى سهواً ونسياناً، وربما لا يجدون حرجاً من ذكر القرآن الكريم لأخطاء بعض الأنبياء؛ لأنهم يؤولونها بمعانٍ باطنية أو مجازية. في حين يذهب جمهور أهل السنة إلى عصمة الأنبياء من الكبائر فحسب، وبعضهم من حين البلوغ، وبعضهم من حين النبوة.
واختلفوا في جواز الصغائر عليهم فأطبقت بعض الفرق على أنه لا يجوز وقوعها منهم، وأنهم معصومون من ذلك لأنه لا يجوز أن يقع منهم ما ينفر الناس عنهم. وذهب بعض الآخر إلى جواز صدور الذنب الصغير عنهم، وزعموا أن الرسل غير معصومين من تقع منهم بعضهم فيبادرون بالتوبة منها.

على أن المدلول الدارج للعصمة عند أكثر الناس هو المعنى الأخير: المنع من ارتكاب المعصية والوقاية من كل رجس. وعلى هذا المعنى لا عصمة للرسل؛ فالعصمة لله وحده. الأنبياء مصطفون من خيار أقوامهم، ولهم ما للناس من ميول وأهواء. هم منزهون عن السيئات لأن الله رباهم تربية خاصة، تجعلهم مميزين عن غيرهم، بالقدرة والخلق والسلوك. لذلك كان الأنبياء في أعلى سلم الكمال الإنساني. لكن الخطأ وارد، لذلك كان من وظيفة الوحي التوجيه والتصويب إذا أخطأ أحدهم. والنبي ممنوع من تعمد ارتكاب الخطأ في الدعوة إلى الله، لذلك قال تعالى في حق خاتم الرسل: ﴿وَلَوۡ تَقَوَّلَ عَلَيۡنَا بَعۡضَ ٱلۡأَقَاوِيلِ 44 لَأَخَذۡنَا مِنۡهُ بِٱلۡيَمِينِ 45 ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ 46 فَمَا مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ عَنۡهُ حَٰجِزِينَ 47الحاقة، وقال المفسرون: هذه الآية دليلٌ على أنَّ اللَّهَ - تَعالى - لا يُبْقِي أحَدًا يَدَّعِي أنَّ اللَّهَ أوْحى إلَيْهِ كَلامًا يُبَلِّغُهُ إلى النّاسِ، وأنَّهُ يُعَجِّلُ بِهَلاكِهِ، مهما كان. على أن السياق يدل دلالة واضحة على أن محمداً - عليه صلوات الله - هو المقصود في الآيات، فهو - مثل من سبقه من الأنبياء - لا يملك أن ينقل عن الله ما لا يبلغه به.

.....








 
رد مع اقتباس
قديم 24-03-2024, 06:47 PM   رقم المشاركة : 225
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٤



حول مضمون الآية:

4) "الملائكة رسـل لقوله تعالى: ﴿جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا﴾ فاطر 1، ورسل الله معصومون، لقوله تعالى: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ الأنعام 124، فلما لم يكن إبليس كذلك وجب ألا يكون من الملائكة. وكون إبليس ليس من الملائكة فإنه ليس مجبراً على الطاعة، وله الاختيار، كما لنا نحن البشر".

وفي القرآن الكريم إشـارات على تصويب الوحي للأنبياء، والآيات في داود وسليمان ويونس - عليهم صلوات الله - واضحة الدلالة بخصوص ذكر التوجيه الرباني لهم. ومنهم محمد - عليه صلوات الله - في أكثر من واقعة:
- حين اجتهد، ولم يلق اجتهاده مراد الله، فجاء قول الله: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُۥٓ أَسۡرَىٰ حَتَّىٰ يُثۡخِنَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ تُرِيدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنۡيَا وَٱللَّهُ يُرِيدُ ٱلۡأٓخِرَةَۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٞ 67 لَّوۡلَا كِتَٰبٞ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمۡ فِيمَآ أَخَذۡتُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ 68الأنفال، ومن المفسرين من قال: فى الآية دليل على أن الأنبياء - عليهم صلوات الله - يجتهدون، وأنه قد يكون خطأ ولكن لا يقرون عليه.
- أو حين حرم على نفسه حلالاً، فعاجله الوحي بالتذكرة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَالتحريم1،
- أو باللوم بقوله: ﴿عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَٰذِبِينَ 43التوبة، ألقي الله - تعالى - إليه العتاب لسماحه للمنافقين بالتخلف عن المشاركة في القتال، بصيغة الاستفهام عن العلّة إيماء إلى أنّه ما أذن لهم إلاّ لسبب تَأوَّلَه ورجَا منه الصلاح على الجملة فأخطأ فيه.
وقوله: ﴿وَإِذۡ تَقُولُ لِلَّذِيٓ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَأَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِ أَمۡسِكۡ عَلَيۡكَ زَوۡجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخۡفِي فِي نَفۡسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبۡدِيهِ وَتَخۡشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخۡشَىٰهُۖالأحزاب 37، والمعنى: كيف تخاف أو تستحي من اعتراض الناس على ما علمت أنك ستفعله، والله تعالى وحده أحق أن تخشاه في كل أمر فتفعل ما أباحه سبحانه لك وأذن لك فيه؟!.
لا عصمة - إذاً - بمعنى الوقاية من الوقوع في الخطأ سواء أكان بداعي الاجتهاد أو الحرج أو غيرهما من مسببات الخطأ. وهذا لا يعيب نبياً بشيء، لأنه - في النهاية - إنسان من الناس، له ما للإنسان من صفات،. لكنه يزيد عن الإنسان الصالح بأمرين:
الأول: أنه مصطفى رباه الله تربية خاصة ليتحمل إيصال كلامه للناس.
والثاني: أنه مؤيد بالوحي الذي من مهامه متابعة أداء النبي في قومه، وإذا أخطأ سارع لتصحيح خطأه، ليبقى الدين نقياً لا تشوبه شائبة من عيب أو نقص.







 
رد مع اقتباس
قديم 25-03-2024, 05:03 PM   رقم المشاركة : 226
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٤



حول مضمون الآية:

5) "إن الملائكة معصومون، وإبليس لم يكن كذلك فوجب ألا يكون من الملائكة. وقد وَصَفَ الله الملائكة في كتابه الكريم، فقال سبحانه:

- ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارٗا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ عَلَيۡهَا مَلَٰٓئِكَةٌ غِلَاظٞ شِدَادٞ لَّا يَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمۡ وَيَفۡعَلُونَ مَا يُؤۡمَرُونَ 6التحريم،
- ﴿وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۚ بَلۡ عِبَادٞ مُّكۡرَمُونَ 26 لَا يَسۡبِقُونَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ وَهُم بِأَمۡرِهِۦ يَعۡمَلُونَ 27الأنبياء،
- ﴿وَلِلَّهِۤ يَسۡجُدُۤ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ مِن دَآبَّةٖ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَهُمۡ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ ٤٩يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوۡقِهِمۡ وَيَفۡعَلُونَ مَا يُؤۡمَرُونَ۩ 50النحل.
فلا يمكن أن يعصي الملائكة ربهم لأنهم معصومون من الخطأ ومجبولون على الطاعة، وإبليس أُمِر فعصى، وجادل ربه، واستكبر، وهذه كلها نقائص يبرؤ الملائكة منها بنص الآيات".

لا نتفق مع القول بأن الملائكة معصومون بمعنى أنهم غير قادرين على المعصية أو الخطأ؛ هم لهم "إرادة"؛ وإلا لكانوا كالآلات المبرمجة. علاوة على أنَّ هذه الآيات لا تدل - بحال - على عصمة الملائكة بهذا المعنى:
آية التحريم في خزنة النار، وهم مقهورون على أن يكونوا قساة لطبيعة وظيفتهم. ولنمثل بالسجان في الدنيا، هل يستطيع مخالفة أمر قائده، وهو يعلم عقوبة المخالفة؟ هو - مهما كان طيب القلب رقيق المشاعر - مجبر على تنفيذ الأوامر بالقسوة على المسجونين، لاسيما وهو مذنبون، فيقنع نفسه بأنهم يستحقون العقوبة الواقعة عليهم حتى لا يرق قلبه لهم.
وكذا آية الأنبياء، فهل يقبل ملك الدنيا أن يتكلم أحد أثناء كلامه هو؟ وهل يترك عقوبة من لا ينفذ أمره؟
وآية النحل تصف علم الملائكة بالله، وهم أقرب الخلق له، يقدرونه حق التقدير، فيذلون له، انكساراً وخوفاً، ويلبون أوامره امتثالاً وطاعة. أين العصمة في هذه الآيات؟
إنهم يفعلون فعل العبد المخلص المتفاني في خدمة سيده.
ثم إن نفي العصيان في: ﴿لَّا يَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمۡ﴾ يُظهر خلقاً فيهم، ومن لا يعصي قادر على أن يعصي. وكذا في: ﴿لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ﴾ ليس فيها أن مجبولون على التواضع لله. وكذا الذي يخاف قادر على ألا يخاف، والذي يعمل قد لا يعمل ما يُطلب منه أو يقصر في أدائه.
حتى القائلون بالعصمة، يقرون أنه: ليس معنى تنزيه الملائكة عن المعصية أنهم لا اختيار لهم، أو أنهم يحركون نحو الطاعة بلا قدرة منهم ولا اختيار، وإنما هم في ذلك كالدمى، أو الإنسان الآلي؛ فحاشا ملائكة الله المكرمين عن ذلك المقام. بل إنما ذكر الله - تعالى - عصمتهم عن المعصية في مقام مدحهم والثناء عليهم. ومعلوم أن من لا قدرة له على الطاعة، ولا اختيار له، لا يمدح بذلك، وإنما يمدح من يقدر على الأمرين؛ فأنبياء الله ورسله من البشر معصومون من الكفر والكذب والفواحش ـ مثلاً ـ ولا يعني ذلك أنهم لا قدرة لهم على الإيمان والكفر، أو أنهم لم يفعلوا ما فعلوه من الإيمان والطاعات اختياراً، ولا أنهم تركوا ما تركوه من الكفر والفواحش اختياراً؛ بل هم مختارون لذلك، ومعصومون من ضده، لكمال توفيق الله لهم في عامة الأحوال. فهكذا الملائكة المكرمون: وفقهم الله - تعالى - للطاعة في جميع أحوالهم وأوقاتهم، وعصمهم من المعصية، لكن ذلك لا يعني أنهم غير مختارين لذلك ولا ممدوحين به، كما أن الشياطين مخذولون في عامة أحوالهم، فلا يختارون الإيمان ولا الطاعات، مع أن لهم القدرة عليها، وهم مذمومون بما هم فيه من الكفر والعصيان، معاقبون على اختياره وفعله.








 
رد مع اقتباس
قديم 26-03-2024, 02:37 PM   رقم المشاركة : 227
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٤



حول مضمون الآية:

6) "إن الله - تعالى - استثنى إبليس من الملائكة، والاسـتثناء يفيد إخراج ما لولاه لدخل أو لصح دخوله، وذلك يوجب كونه من الملائكة. غير أن الاستثناء المنقطع مشهور في كلام العرب، قال تعالى: ﴿لَا يَسۡمَعُونَ فِيهَا لَغۡوٗا وَلَا تَأۡثِيمًا 25 إِلَّا قِيلٗا سَلَٰمٗا سَلَٰمٗا 26 الواقعة، وقال: ﴿لَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٖ مِّنكُمۡۚالنساء 29. وأيضاً فلأنه كان جنياً واحداً بين الألوف من الملائكة، فغلبوا عليه في قوله: ﴿فَسَجَدُواْثم استثنى هو منهم استثناء واحد منهم، وهذا من باب إجراء حكم الكثير على القليل".

إنَّ تحقيق الفرق بين الاسـتثناء المتصل والمنقطع يحصل بأمرين يتحقق بوجودهما أن الاستثناءَ متصلٌ، وإن اختل واحد منهما فهو منقطع:
الأول: أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه.
والثاني: أن يكون الحكم على المستثنى بنقيض الحكم على المستثنى منه. ومعلوم أن نقيض الإثبات النفي كالعكس.
ومن هنا كان الاستثناء من النفي إثباتاً، ومن الإثبات نفياً. فإن كان الحكم على المستثنى ليس نقيض الحكم على المستثنى منه فهو منقطع ولو كان المستثنى من جنس المستثنى منه؛ فقوله تعالى: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا ٱلۡمَوۡتَ إِلَّا ٱلۡمَوۡتَةَ ٱلۡأُولَىٰۖ الدخان 56، استثناء منقطع على التحقيق، مع أن المستثنى من جنس المستثنى منه، لكن لم يحكم على المستثنى بنقيض الحكم على المستثنى منه، فنقيض المستثنى منه هو ذوق الموت في الآخرة، بينما المستثنى هو موتة الدنيا.
لا خلاف - إذاً - في وجود الاستثناء المنقطع في اللسان القرآني، لكن يبقى الحكم عليه من السياق أو طبيعة المستثنى والمستثنى منه؛ إذ يجب التأكد مما إذا كان الاثنان من جنس واحد، فإن لم توجد في السياق قرينة تؤكد اختلاف الجنسين يبقى باب التأويل مفتوحاً، ويعتمد وقتها على دلائل أخرى تؤكد الاختلاف أو تنفيه. وما يجعلنا نرى أن الاستثناء هنا ليس منقطعاً لأن:
- إجراء حكم الكثيرعلى القليل إذا كان ذلك القليل ساقط العبرة غير ملتفت إليه، وأما إذا كان معظم الحديث لا يكون إلا عن ذلك الواحد لم يجز إجراء حكم غيره عليه.
- تخصيص العمومات أكثر في كتاب الله - تعالى - من حمل الاستثناء على الاستثناء المنقطع.
- الاستثناء مشتق من الثني والصرف. ومعنى الصرف إنما يتحقق حيث لولا الصرف لدخل، والشيء لا يدخل في غير جنسه فيمتنع تحقق معنى الاستثناء فيه. فالأولى - إذاً - إجراء حكم الاستثناء بمدلوله الحقيقي إلا إذا وجدت قرينة على العكس.






 
رد مع اقتباس
قديم 27-03-2024, 02:55 PM   رقم المشاركة : 228
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٤



حول مضمون الآية:

7) "لو لم يكن إبليس من الملائكة لما كان قوله: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ﴾ متناولاً له، ولو لم يكن متناولاً له لاسـتحال أن يكون تركه للسـجود معصية. ولما اســتحق الـذم والعقـاب، وحيث حصلت هذه الأمور علمنا أن ذلك الخطاب يتناوله، ولا يتناوله ذلك الخطاب إلا إذا كان من الملائكة. ما يرد هذا الزعم أن الله - تعالى - تناوله بالأمر في آية أخرى، فقال تعالى: ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسۡجُدَ إِذۡ أَمَرۡتُكَۖ﴾ الأعراف 12".

لا يرده، فالتخصيص في قوله تعالى: ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسۡجُدَ إِذۡ أَمَرۡتُكَۖ﴾الأعراف 12، لا يفيد أنه أمره وحده، بل إنه يقرعه لأنه عصى السجود، مثلما يأمر المدرس تلاميذه بالانصراف من قاعة الدرس، فإذا تخلف أحدهم، عنفه المدرس: لِمَاذا لم تفعل ما أمرتك به؟.
والقرآن الكريم دقيق في خطابه، ولو لم يكن إبليس من الملائكة لكان أمر السجود للملائكة وله، لكن الله قال: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ﴾ ولم يرد في أي موضع فيه أمر بالسجود لآدم أنه أمر مع الملائكة غيرهم.
ينبغي - كذلك - أن نلفت لأمر هام، هو أن صياغة: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَٰئِكَةِ﴾ جاءت كلها بضمير الجمع لكلا المخاطِب والمخاطَب، مما يفيد - فيما نعتقد - أن استعمال ضمير "نا" ليس هنا لمجرد التعظيم والإجلال، بل إنه على الحقيقة، إذ أن الله - تعالى - كلف من الملأ الأعلى - أي العليين - من يأمرون الملائكة المكلفين بالعمل في الأرض بالخضوع لآدم.









 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:53 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط