الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديـات الثقافيـة > المنتدى الإسلامي

المنتدى الإسلامي هنا نناقش قضايا العصر في منظور الشرع ونحاول تكوين مرجع ديني للمهتمين..

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-03-2024, 11:45 PM   رقم المشاركة : 205
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡۖ فَلَمَّآ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ
إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ ٣٣





حول مضمون الآية:

من الخطأ البين الذي وقع فيه أكثر المفسرين المفاضلة بين الملائكة والبشـر في شأن الخلافة في الأرض. وأكثرهم حمل قول الملائكة على محمل المنافسة للبشـر، وهذا لا يجوز. من أقوالهم هذا القول القاصر: "وقد جعل الله - تعالى - علم آدم بالأسماء وعجز الملائكة عن ذلك علامة على أهلية النوع البشري لخلافته في الأرض دون الملائكة لأن الخلافة في الأرض هي خلافة الله - تعالى - في القيام بما أراده من العُمران بجميع أحواله وشعبه" ناهيك عن أقوال أكثر تطرفاً وظلماً تطبع الملائكة بالغيرة والحسد.
وقد بينَّا من قبل أن قول الملائكة إنما كان لطبيعتهم النقية، فهم لم يتصوروا أن يكون هذا الجيل من البشر مستحقاً لهذا الفضل من الله، وهم رأوا ما فعله آباؤه من فساد في الأرض وسفك للدماء.
ولم يدروا قيمة ما أودعه الله فيمن قُدِّر له أن يُكَلَّف بالخلافة، وأنه بهذه الإضافة من التسوية والنفخ فيه من روح الله صار كائناً مختلفاً عن سلفه الذي كانت تحكمه قوانين لا تختلف عن شـريعة الحيوان في حب البقاء، والنزاع والصراع على الشهوات والغرائز لإشباع البطن والفرج.
كان علم الملائكة مقتصراً على المشاهدة للواقع، ولا يرقى للاطلاع على الغيب الذي هو لله وحده إلا من أراد أن يطلعه على بعضه، كما قال: ﴿عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ فَلَا يُظۡهِرُ عَلَىٰ غَيۡبِهِۦٓ أَحَدًا 26 إِلَّا مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُولٖ فَإِنَّهُۥ يَسۡلُكُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ رَصَدٗ 27الجن.









 
رد مع اقتباس
قديم 09-03-2024, 01:46 PM   رقم المشاركة : 206
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡۖ فَلَمَّآ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ
إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ ٣٣





حول مضمون الآية:

والموقف في القصة إلى الآن درس تعليمي للملائكة حتى يكونوا على بينة من أمرهم وهم يقومون على خدمة هذا الخليفة؛ فالملائكة المخاطبون في هذا السـياق كله هم طبقة الملائكة المعنية بالعمل مع الإنسـان، ولكل وظيفته التي قَدّرها له الله. كما وأن سـنّة الله في كتابه أن يبرز لنا الأشـياء المعنويّة، في قوالب العبارة اللفظيّة، ويجلي لنا المعارف المعقولة، بالصور المحسوسة، تقريباً للإفهام، وتسـهيلاً للإعلام، ومن ذلك أنه عرّفنا بهذه القصّة قيمة أنفسـنا، وما أودعته فطرتنا، ممّا نمتاز به على غيرنا من المخلوقات.

والمقارنة هنا ليست بين البشـر والملائكة بعامة، بل بين البشـر والجن، لأن عمدتهم أبى أن يسـجد لما خلق الله بيديه، وتكبر على خدمته، فلما طرده الله من رحمته، عمد إلى العمل على إفساد ذلك الخليفة، ليرديه، ويوقعه فيما وقع فيه من تمرد على الله وكفر به. وإذا اجتهد الإنسـان في تكميل نفسه بالعلوم التي خلقه الله مسـتعدّاً لها من دون غيره من المخلوقات، ظهرت حكمة الله فيه، واسـتحق تكليف الله له.








 
رد مع اقتباس
قديم 09-03-2024, 08:13 PM   رقم المشاركة : 207
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡۖ فَلَمَّآ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ
إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ ٣٣





حول مضمون الآية:

الأمر فى قوله: ﴿أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاءِ﴾ ليس من قبيل الأوامر التي يقصد بها التكليف، أي طلب الإِتيان بالمأمور به، وإنما هو وارد على جهة إفحام المخاطب بالحجة. والمعنى أن الله - تعالى - ألهم آدم معرفة ذوات الأشياء، ومعرفة أسمائها ومنافعها، ثم عرض هذه المسـميات على الملائكة، فقال لهم على سـبيل التعجيز: ﴿أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاءِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ في وصم آدم بأخلاق آبائه وسلوكهم. وذلك يرجعنا إلى فضل الله حين أطلع محمداً - عليه صلوات الله - على غيبيات الأمم السابقة، ليحاجج بها بني إسـرائيل، في وقت لم يكن يعلم بها أحد من قومه. وليخبر عن صدق رسـالته عَلَّمه - كذلك - أشياء علمها كهنة بني إسرائيل وأخفوها، وأشياء كذبوا فيها وبدلوا، وأشياء غابت عن علمهم ما كان لأحد أن يعلمها إلا بسند من الله. وفي هذا العلم تقرير لصدق القرآن ولنبوة الخاتم. لكن الملائكة الأطهار سرعان ما اعترفوا بالعجز عن معرفة ما لم يعلمهم الله، وأقروا بحكمته - عز وجل - وقالوا: ﴿سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ﴾ وأغلب المشركين من العرب واليهود ساروا على درب إبليس فعصوا وتكبروا ولزموا جانب الجحود رفضاً للحق.







التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 10-03-2024, 02:18 PM   رقم المشاركة : 208
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡۖ فَلَمَّآ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ
إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ ٣٣





حول مضمون الآية:

وبعد أن بين القرآن أن الملائكة قد اعترفوا بالعجز عن معرفة ما سئلوا عنه، وجه - سبحانه - الخطاب إلى آدم، يأمره فيه بأن يخبر الملائكة بالأسماء التي سئلوا عنها، ولم يكونوا على علم بها، فقال تعالى: ﴿يَٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡۖ﴾ فكان الإنباء كما أراد الله - تعالى - وذكره لأجل ترتيب الحكم عليه بقوله: ﴿فَلَمَّآ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡ قَالَ﴾ الله - تعالى - للملائكة: ﴿أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ﴾ ومن كان هذا شأنه فلا يخلق شيئاً سدى، ولا يجعل الخليفة في الأرض عبثاً ﴿وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ﴾ والذي يبدونه هو ما يظهر أثره في نفوسهم، وأمّا ما يكتمونه فهو ما يوجد في غرائزهم وتنطوي عليه طبائعهم. وقد جرى هذا الحوار - كما فهمه المتأخرون - على سبيل التمثيل، بإبراز المعنويات في قوالب مادية للتقريب للأفهام، والعلم عند الله في أصل هذا الحوار وطبيعته. والتمثيل مبثوث في كتاب الله؛ إذ منه كلام الله للسماء والأرض: ﴿ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٞ فَقَالَ لَهَا وَلِلۡأَرۡضِ ٱئۡتِيَا طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهٗا قَالَتَآ أَتَيۡنَا طَآئِعِينَ 11فصلت، ومنه وحي الله لأم موسى ولمريم وللحواريين وللنحل، ومنه إلباس الغيبيات لباس الماديات، نحو تمثيل الجنة والنار، ومنه التمثيل بالعبد المملوك والزرع والشجرة والسراب والحفرة والبعوضة والعنكبوت والذباب والكلب والحمار، وغيرها كثير.









التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 11-03-2024, 11:30 AM   رقم المشاركة : 209
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡۖ فَلَمَّآ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ
إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ ٣٣





حول مضمون الآية:

وإن مما يوقع المفسـرين في التخبط أن يُرجعوا كل آيات القول القرآني إلى الحقيقة، فإذا ضاقت عليهم السبل لجأوا إلى المجاز كاسـتثناء، بينما الواقع أن الغيبيات كلها في كتاب الله لا تؤخذ على الحقيقة، لأنها لا مثيل لها في الحياة الدنيا حتى تشبه به، ولهذا السبب مُثلت الغيبيات بما يقرب إليها الأذهان، وأعلى ما لا يحضر في الحواس الخمس هو رب العزة، وهو الحاضر في الزمان والمكان، وخارج الزمان وخارج المكان، ولما كان: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ الشورى 11، مُثِّل لنوره، وأنزل في كتابه أسماءه وصفاته، ومنها صفات يشترك معه فيها البشر، كالسمع والبصر والكرم والقوة، وصفات أخرى لا يصح أن تكون لغيره، كالقِدَم والبقاء والوحدانية. والكلام المنطوق في العرف البشري إنما هو أصوات تخرج من أعضاء النطق، وتنتقل بالهواء. ولكي يكون الكلام مفهوماً لابد أن يكون بلغة يفهمها المتلقي، واللغة هي نتاج بشري، حتى لو سلمنا أن أصلها توقيفي. لكن كل هذا يسقط حين يتكلم الله؛ فهو - سبحانه - واجب الوجود قبل كل شيء، وبعد كل شيء، وهو ليس بجسد حتى تكون له أعضاء للكلام، ولا تحكمه اللغة البشرية، لذلك قالوا: لا غنى عن المجاز في تكليم الله. وهذا يعني أن نؤول كلامه للمخلوقات؛ فكلامه للسماء والأرض يشير إلى فرض إرادته عليهما، وكلامهما تنفيذ لإرادة الله، ووحيه للنحل هو أنه أوجد في جبلتها سـلوك السـكن وأنواع الرزق، والوحي لأم موسى هو - في الغالب - إلهام قذفه الله في قلبها، وهكذا ...








التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 12-03-2024, 02:57 PM   رقم المشاركة : 210
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡۖ فَلَمَّآ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ
إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ ٣٣





حول مضمون الآية:

وفي هذه الآية الكريمة أخبرنا الله - تعالى - أنه قد أذن لآدم فى أن يخبر الملائكة بالأسماء التي فاتتهم معرفتها ليظهر لهم فضل آدم، ويزدادوا اطمئناناً إلى أن إسناد الخلافة إليه، إنما هو تدبير قائم على حكمة بالغة. وعلم الغيب يختص به واجب الوجود - سبحانه - لأنه هو الذى يعلم المغيبات بذاته، وأما العلم بشيء من المغيبات الحاصل من تعليم الله فلا يقال لصاحبه إنه يعلم الغيب. وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِيۤ أَعْلَمُ ...﴾ استحضار وتأكيد لمعنى قوله قبل ذلك: ﴿إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ وإعادة له على وجه من التفصيل أفاد أن علمه يشمل ما يظهرونه بأقوالهم أو أفعالهم، وما يضمرونه فى أنفسهم. كما أن فى قوله: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ ...﴾ تعريض بمعاتبتهم على ترك الأولى، حيث بادروا بالسؤال عن الحكمة، وكان الأولى أن يأخذوا بالأدب المناسب لمقام الألوهية، فيتركوا السؤال عنها إلى أن يستبين لهم أمرها بوجه من وجوه العلم. ومن الفوائد التي تؤخذ من هذه الآيات، أن الله - تعالى - قد أظهر فيها فضل آدم من جهة أن علمه مستمد من تعليم الله له، فإن إمداد الله له بالعلم يدل على أنه محاط منه برعاية ضافية، ثم إن العلم الذى يحصل عن طريق النظر والفكر قد يعتريه الخلل، ويحوم حوله الخطأ، فيقع صاحبه فى الإِفساد من حيث إنه يريد الإِصلاح، بخلاف العلم الذى يتلقاه الإِنسان من تعليم الله، فإنه علم مطابق للواقع قطعاً، ولا يخشى من صاحبه أن يحيد عن سبيل الإِصلاح، وصاحب هذا العلم هو الذى يصلح للخلافة فى الأرض. ومن هنا، كانت السياسة الشرعية أرشد من كل سياسة، والأحكام النازلة من السماء أعدل من القوانين الناشـئة فى الأرض.

وبعد أن بين القرآن فى الآيات السابقة بعض الكرامات التي خص الله بها جنس آدم، انتقل إلى بيان كرامة أخرى أكرم الله بها آدم وهى أمره للملائكة بالسجود له، ثم بيان ما حصل بينه وبين إبليس، فقال تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ ... أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.








 
رد مع اقتباس
قديم 13-03-2024, 03:45 PM   رقم المشاركة : 211
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ٣٤






﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ:

عطف على جملة: ﴿وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ﴾ 30، عطفَ القصة على القصة. وهذه القصة جاءت على أسلوب يؤذن بالاستقلال والاهتمام، لذا لم تُستَهل بفاء التفريع، وإن كان مضمونها في الواقع متفرعاً على مضمون التي قبلها فإن أمرهم بالسجود لآدم ما كان إلا لأجل ظهور مزيته عليهم بعلم لم يعلموه.
و "إِذْ" ظرف زمان متعلق - على الأغلب - بفعل محذوف تقديره: أِذْكُر.
وفي قوله: ﴿قُلۡنَاالتفات، وهو من أنواع البديع، إذ كان ما قبل هذه الآية قد أخبر عن الله بصورة الغائب، ثم انتقل إلى ضمير المتكلم، وأتى بـ "نا" التي تدل على التعظيم وعلوّ القدرة وتنزيله منزلة الجمع، لتعدد صفاته الحميدة ومواهبه الجزيلة.
وحكمة هذا الالتفات وكونه بنون المعظم نفسه أنه صدر منه الأمر للملائكة بالسجود، ووجب عليهم الامتثال، فناسب أن يكون الأمر في غاية من التعظيم، لأنه متى كان كذلك كان أدعى لامتثال المأمور فعل ما أمر به من غير بطء ولا تأول لشغل خاطره بورود ما صدر من المعظم.

و ﴿ٱسۡجُدُواْ) في محلِّ نصبٍ بالقولِ،
والسجودُ لغةً: التذلُّلُ والخضوعُ، وغايتُه وَضْعُ الجبهةِ على الأرضِ، وقيل: هو المَيْلُ، قال زيدٌ الخيل:
تَرَىٰ الأُكْمَ فيها سُجَّداً للحَوافِرِ
الأُكْمَ: جمع أَكَمَة، وهي: تلّ صغير، أو موضع يكون أكثر ارتفاعًا ممّا حوله. يريد أنَّ الحوافِرَ تطأُ الأرضَ فتجعلُ تأثُّرَ الأكْمِ للحوافرِ سُجوداً. وقال آخر:
سُجودَ النصارىٰ لأَحْبارِها
وفَرَّقَ بعضُهم بين سَجَد وأَسْجد، فسجد: وَضَعَ جَبْهَتَه، وأَسْجَدَ: أمال رأسَه وطأطأها، وأنشد أعرابِيٌّ من بني أسد:
وقُلْنَ له أسْجِدْ لِلَيْلَى فَأَسْجدا
يَعْنِي بَعِيرَهَا أَنَّهُ طَأْطَأَ رَأْسَهُ لِتَرْكَبَهُ.
واللامُ في: ﴿لِأٓدَمَالظاهرُ أنها متعلقةٌ بـ ﴿ٱسۡجُدُواْ﴾، ومعناها التعليلُ أي: لأجلِه وقيل: بمعنى "إلى"، أي: إلى جهته لأنه جُعِل قِبْلةً لهم، والسجودُ لله. وقيل: بمعنى "مع" لأنه كان إمامَهم كذا نُقِلَ، وقيل: اللامُ للبيانِ فتتعلَّقُ بمحذوفٍ.
وهذا القول: ﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ﴾ هو النعمة الرّابعة من النعم العامة على جميع البشر، وهو أنه خصص آدم بالخلافة أولاً، ثم خصصه بالعلم ثانياً، ثم بلوغه في العلم إِلَى أن صارت الملائكة عاجزين عن بلوغ درجته في العلم، ثم ذكر الآن كونه مسجوداً للملائكة.








 
رد مع اقتباس
قديم 13-03-2024, 11:20 PM   رقم المشاركة : 212
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٤






ما حقيقة السـجود؟:

سَـجَدَ يَسْـجُدُ سُـجُودًا: وَضَعَ جَبْهَتَهُ بِالْأَرْضِ ، وَقَوْمٌ سُـجَّدٌ وَسُـجُودٌ. وقوله عز وجل: ﴿وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا﴾ يوسف 100، هذا سُـجُودُ إِعْظَامٍ لا سُـجُودُ عِبَادَةٍ؛ لأنَّ بني يَعْقُوبَ لم يكونوا يَسْـجُدُونَ لغيرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وفيه وَجْهٌ آخرُ لأَهلِ الْعَرَبِيَّةِ وهو أنْ يُجْعَلَ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا﴾؛ وَفِي قَوْلِهِ: ﴿رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾؛ لَامَ مِنْ أَجْلِ، والْمعنى: وَخَرُّوا مِنْ أَجْلِهِ سُـجَّدًا لِلَّهِ شُـكْرًا لِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ حَيْثُ جَمَعَ شَـمْلَهُمْ وَتَابَ عَلَيْهِمْ وَغَفَرَ ذَنْبَهُمْ وَأَعَزَّ جَانِبَهُمْ وَوَسَّعَ بِيُوسُفَ عَلَيْهِ صَلَواتُ اللهِ. قَالَ الْعَجَّاجُ يصف إبلاً وردت الماء:
تَسْمَعُ لِلْجَرْعِ إِذَا اسْتُحِيرَا ..... لِلْمَاءِ فِي أَجْوَافِهَا خَرِيرَا
أراد: تسمعُ للماء في أجوافها خريراً من أجل الْجَرْعِ، والْجَرْعِ: بلع الماء، واستحير إحارته: أدخلته في أجوافها وخرير الماء: صوته.
وَالْمَسْجَدُ - بفتح الجيم وكسرها - الذي يُسْجَدُ فيه. وَالْمَسَاجِدُ أَيْضًا: الأعضاء السبعة التي يُسْجَدُ عليها. ويقال للساجد: مَا أَحْسَنَ سِجْدَتَهُ، أي: هيئة سجوده.
وَالْمَسْجِدَانِ: مَسْجِدُ مَكَّةَ وَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ، شَرَّفَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
وَالْمِسْجَدَةُ وَالسَّجَّادَةُ: الْخُمْرَةُ الْمَسْجُودُ عَلَيْهَا. وَالسَّجَّادَةُ: أَثَرُ السُّجُودِ في الْوَجْهِ أَيْضًا: وَالْمَسْجَدُ، بِالْفَتْحِ: جَبْهَةُ الرَّجُلِ حَيْثُ يُصِيبُهُ نَدَبُ السُّجُودِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ﴾ الجن 18؛ قِيلَ: هِيَ مَوَاضِعُ السُّجُودِ مِنَ الْإِنْسَانِ: الْجَبْهَةُ وَالْأَنْفُ وَالْيَدَانِ وَالرُّكْبَتَانِ وَالرِّجْلَانِ. وقيل: أَرَادَ أَنَّ السُّجُودَ لِلَّهِ.
ويقال لمن انْحَنَى وَتَطَامَنَ إِلَى الْأَرْضِ: سَجَدَ. وَأَسْجَدَ الرَّجُلُ: طَأْطَأَ رَأْسَهُ وَانْحَنَى، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ. وَسَجَدَ: خَضَعَ ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَرَى الْأُكْمَ فِيهَا سُجَّدًا لِلْحَوَافِرِ
يريد أن الحوافر تطأ الأكم، فجعل تأثر الأكم للحوافر سجوداً مجازاً.
وَكُلُّ مَنْ ذَلَّ وَخَضَعَ لِمَا أُمِرَ بِهِ، فَقَدْ سَجَدَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٖ يَتَفَيَّؤُاْ ظِلَٰلُهُۥ عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَٱلشَّمَآئِلِ سُجَّدٗا لِّلَّهِ وَهُمۡ دَٰخِرُونَ 48النحل؛ أَيْ خُضَّعًا مُتَسَخِّرَةً لِمَا سُخِّرَتْ لَهُ. وَمِنْهُ سُجُودُ الصَّلَاةِ وَهُوَ وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ وَلَا خُضُوعَ أَعْظَمَ مِنْهُ. وقَوْله تَعَالَى: ﴿وَٱلنَّجۡمُ وَٱلشَّجَرُ يَسۡجُدَانِ 6الرحمن؛ مَعْنَاهُ يَسْتَقْبِلَانِ الشَّمْسَ وَيَمِيلَانِ مَعَهَا حَتَّى يَنْكَسِرَ الْفَيْءُ.
وَيَكُونُ السُّجُودُ إما عَلَى جِهَةِ الْخُضُوعِ وَالتَّوَاضُعِ، أو التحية والتوقير، كقول الشاعر:
مَلِكٌ تَدِينُ لَهُ الْمُلُوكُ وَتَسْجُدُ
وَقَوْلُهُ: ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ البقرة 58؛ لا يعني - بالتأكيد - وضع الجبهة على الأرض؛ إذ كيف يدخلون الباب وجباههم ملتصقة بالأرض؟!
وَالْإِسْجَادُ: فُتُورُ الطَّرَفِ. وَعَيْنٌ سَاجِدَةٌ إِذَا كَانَتْ فَاتِرَةً. وَالْإِسْجَادُ: إِدَامَةُ النَّظَرِ مَعَ سُكُونٍ؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:
أَغَرَّكِ مِنِّي أَنَّ دَلَّكِ عِنْدَنَا ..... وَإِسْجَادَ عَيْنَيْكِ الصَّيُودَيْنِ رَابِحُ
وَنَخْلَةٌ سَاجِدَةٌ إِذَا أَمَالَهَا حِمْلُهَا، وجمعها: سَوَاجِدُ.

وقد عرف السجود منذ أقدم عصور التاريخ. وهيئات السجود تختلف باختلاف العوائد. وهيئة سـجود الصلاة مختلفة باختلاف الأديان. والسـجود في صلاة الإسـلام: الخُرور على الأرض بالجبهة واليدين والرجلين على سبعة أعضاء.









التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 14-03-2024, 04:00 PM   رقم المشاركة : 213
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٤






السجود في الاصطلاح:

السـجود في الاصطلاح هو الانحناء ووضع أعضاء السجود علىٰ الأرض ، بحيث يساوي موضع جبهته موقفه، أو يزيد بقدر لبنة لا غير. وحقيقته: وضع الجبهة وباطن الكفّين والركبتين وطرفي الإبهامين من القدمين علىٰ الأرض مع خشوع القلب وإخلاص النية بقصد التعظيم.
وثمة من سمى هذا بالسجود الجسماني للتفريق بينه وبين سجود أعلى منه رتبة هو السجود المسمّىٰ بالنفساني، وما قالوا فيه: هو فراغ القلب من الفانيات، والاقبال بكنه الهمّة علىٰ الباقيات، وخلع الكبر والحمية، وقطع العلائق الدنيويّة، والتحلّي بالأخلاق النبويّة.








التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 14-03-2024, 10:59 PM   رقم المشاركة : 214
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٤






السجود في القرآن الكريم:

ورد في القرآن الكريم ما يشير إلىٰ ضربين من السجود وهما:
1) سجود اختيار: وهو خاصّ بالإنسان وبه يستحقّ الثواب، نحو قوله تعالى: ﴿فَٱسۡجُدُواْۤ لِلَّهِ وَٱعۡبُدُواْ۩ 62النجم، أيّ: تذللوا له، وهو المراد بالتعريف الاصطلاحي المتقدم.

2) سجود تسخير: وهو للإنسان والحيوان والنبات والجماد، وعلىٰ ذلك قوله تعالىٰ: ﴿وَلِلَّهِ يَسۡجُدُۤ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ مِن دَآبَّةٖ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَهُمۡ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ 49 النحل، ولم يُرد الباري - عزَّ وجل - أنّ المذكور في هذه الآية الشريفة يسجد سجود البشر في صلاته، وإنّما أراد - تعالىٰ - أنّ تلك الأشياء غير ممتنعة من فعله - تعالىٰ - فهي كالمطيع له سبحانه.









 
رد مع اقتباس
قديم 15-03-2024, 01:15 PM   رقم المشاركة : 215
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٤






ما قيل في معنى السجود لآدم:

إتفق المسـلمون على أن ذلك السُّـجود ليس سُـجُودَ عِبَادَةٍ، ثم اختلفوا على ثلاثة أقوال:

1) الأول: أن ذلك السـجود كان لله - تعالى - وآدم كان كالقِبْلَةِ، وطعنوا في هذا القول من وجهين:
الأول: أنه لا يقال: صلّيت للقبلة، بل يقال: صليت إِلَى القبلة، فلو كان آدم قبلة لقيل: اسْـجُدوا إلى آدم.
لكن يُرد عليه بالقول أنه يجوز أن يقال: صلّيت للقبلة، فقد قال تعالى: ﴿أَقِمِ ٱلصَّلَٰوةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ﴾ الإسراء 78، والصّلاة لله لا للِدُّلُوك؛ وقال حسـان:
مَا كُنْتُ أَعْرِفُ أَنَّ الأَمْرَ مُنْصَرِفٌ ..... عَنْ هَاشِمٍ ثُمَّ مِنْهَا عَن أَبِي حَسَنِ
أَلَيْـسَ أَوَّلَ مَــنْ صَـلَّــى لِقِـبْـلَتِـكُـمْ ..... وَأَعْرَفَ النَّاسِ بالْقٌـرْآنِ وَالسُّـنَنِ
الثاني: أن إبليس قال: ﴿أَرَأَيْتَكَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ﴾ الإسراء 62، أي: أن كونه مسـجوداً يدلّ على أنه أعظم حالاً من السّـاجد، ولو كان قِبْلَةً لما حصلت هذه الدرجة بدليل أن محمداً-عليه صلوات الله-كان يصلّي إلى الكعبة، ولم تَكُنِ الكعبة أفضل من محمد.
وقالوا في الجواب عن هذا: لا نسلم أن التكرُّم حصل بمجرد ذلك السُّـجود، بل لعله حصل بذلك مع أمور أخر.

2) والقول الثاني: أن السجدة كان لآدم تعظيماً له وتحيَّةً له كالسَّلام منهم عليه، وقد كانت الأمم السَّالفة تفعل ذلك. وقيل عن سجود يعقوب - عليه صلوات الله - وزوجه وأبنائه ليوسف في قوله تعالى: ﴿وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّداًيوسف 100: كانت تحيّة الناس يومئذ.
وإلى هذا القول ذهب كثيرون، وإن لم يكن - عندنا - قوياً.

3) والقول الثَّالث: أنَّ السجود في أَصْلِ اللُّغة، هو الانقياد والخضوع، ومنه قوله تعالى: ﴿وَٱلنَّجۡمُ وَٱلشَّجَرُ يَسۡجُدَانِ 6الرحمن.
وقالوا: هذا القول ضعيف؛ لأن السجود في عرف الشـرع عبارة عن وضع الجَبْهَةِ على الأرض فوجب أن يكون في أصل اللغة كذلك؛ لأن الأصل عدم التغيير.






 
رد مع اقتباس
قديم 15-03-2024, 10:16 PM   رقم المشاركة : 216
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٤






﴿فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ:

الفاءُ في: ﴿فَسَجَدُوٓاْللتعقيبِ، والتقديرُ: فسَجدوا له، فَحُذِفَ الجارُّ للعلمِ به. ﴿إِلاَّ﴾: حرفُ استثناءٍ، و ﴿إِبْلِيسَ﴾: نصبٌ على الاستثناء. وقالوا في طبيعة الاستثناء قولين:

1) هو استثناء منقطع، ويعززه قوله تعالى: ﴿إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّالكهف 50، وقوله: ﴿قَالَ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡهُ خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِينٖ 12الأعراف، فيتبين أنه من الجن، ومن طبيعة مختلفة عن طبيعة خلق الملائكة. والاستثناء المنقطع على ضربين:
الأول: أن يكون الحكم على المستثنى يناقض الحكم على المستثنى منه، كقوله تعالى: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا ٱلۡمَوۡتَ إِلَّا ٱلۡمَوۡتَةَ ٱلۡأُولَىٰۖ﴾، وإن كان الموت في المستثنى والمستثنى منه من جنس واحد، إلا أن المعنى في الآية يدل على أنهم لا يموتون في الجنة بعد موتة الحياة الدنيا.
والثاني: أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه، والآية هنا من هذا النوع، ومثلها قوله تعالى: ﴿لَّا يَسۡمَعُونَ فِيهَا لَغۡوًا إِلَّا سَلَٰمٗاۖ﴾الصافات 158، والسلام - بالتأكيد - ليس من جنس اللغو.

2) هو استثناء متصل، وأما قوله تعالى: ﴿إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّالكهف 50، فلا يَرُدُّ هذا لأنَّ الملائكة قد يُسَمَّوْنَ جِنَّاً لاجْتِنانِهم، قال:
وسَخَّر مِنْ جِنِّ الملائِكِ تسعةً ..... قياماً لَديْهِ يَعْمَلون بلا أَجْرِ
وقال تعالى: ﴿وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَباً﴾ الصافات 158، يعني الملائكةَ.
وفي أصل لفظة ﴿إِبۡلِيسَ﴾أقوال:
قيل: هو اسم أعجميّ منع الصرف للعجمة والعلمية، وقيل: إنه مشتق من الإبلاس، وهو الإبعاد من الخير. وقد قيل: شبه بالأسماء الأعجمية، فامتنع الصرف للعلمية، وشبه العجمة، وشبه العجمة هو أنه وإن كان مشتقاً من الإبلاس فإنه لم يسم به أحد من العرب، فصار خاصاً بمن أطلقه الله عليه، فكأنه دليل في لسانهم.







 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:08 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط