الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديـات الثقافيـة > المنتدى الإسلامي

المنتدى الإسلامي هنا نناقش قضايا العصر في منظور الشرع ونحاول تكوين مرجع ديني للمهتمين..

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-02-2024, 02:28 PM   رقم المشاركة : 193
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

(وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ
فَقَالَ أَنۢبِ‍ُٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ 31
قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ 32)




حول مضمون الآيتين:

ولما أراد الله - تبارك اسمه - دمغ الملائكة بالحجة، وضعهم في اختبار ليبين لهم محدودية علمهم، فعلم آدم (ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا). والمراد بالأسماء المسميّات، بدليل عرضهم على الملائكة، وقوله - تعالى - للملائكة: (أَنۢبِ‍ُٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ). وما نرتاح إليه أنه - سبحانه - ألهم آدم مسميات كل أجناس الخلق بلغة منطوقة، لتكون هي أول لسان ينطق به بنو آدم. ولا يفيدنا هنا كثيراً تحديد كنه هذا اللسان، أهو اللسان العربي أم غيره، بل إن ما نقرره هو افتراض أن يكون أصل كل لسان على وجه الأرض حتى اليوم. وأبحاث أصل اللغة تجري في الغرب على قدم وساق. على أننا يجب أن نفرق في هذا المجال بين فترتين: عصر الإنسان الأول، وعصر الخليفة الذي بدأ ببني آدم. ويبدو أن الغربيين لا يرون فرقاً بين العصرين، وتُصْرِفُ أنظارهم وجهة الإنسان القديم الذي وجد على الأرض منذ عدة ملايين من الأعوام، وتفترض بدء اللغة عنده، ثم تطورها من بَعْدُ حتى عصرنا الحالي. لكن للإنصاف نجد بعضهم - ومنهم نعوم تشومسكي - وضعوا "نظرية الانقطاع" التي ترى أن ثمة تحول عرضي واحد في مكون من مكونات الدماغ حدث لفرد منذ مائة ألف سنة تقريباً، أثار الظهور الفوري للقدرة على اكتساب اللغة بصورة "مثالية" أو "قريبة من المثالية"، ثم انتقل هذا المكون بالوراثة لنسله. ويرى تشومسكي أن هذا التغيير الجيني الذي منح عقل الإنسان ميزة "اللانهائية المتمايزة"*. وقد نُشِرت في مجلة Nature عام 2009 دراسة تدعم هذه النظرية، كشفت عن الجين الأساسي لتطور اللغة والكلام، وأسمته FOXP2، والذي يظهر اختلافًا كبيرًا بين الإنسان والشمبانزي. قال الدكتور دانيال جيشويند من كلية ديفيد جيفن للطب في جامعة كاليفورنيا: "تُشير الأبحاث إلى أن تركيبة الأحماض الأمينية لـ FOXP2 البشري تغيرت بسرعة في نفس الوقت الذي ظهرت فيه اللغة في البشر المعاصرين". وهذا الاختلاف يعني أن دماغ الإنسان كان مصمماً لتطوير اللغة، بينما لم يكن دماغ الشمبانزي كذلك. هل يمكن أن تكون الطفرة المبكرة لهذا الجين الفردي هي ما يفصلنا في النهاية عن كل أشكال الحياة الأخرى على الأرض؟. ويترتب على هذه التأكيدات أن تطور القدرة البشرية على اكتساب اللغة هي قدرة فجائية حيث أنه من رؤية منطقية لا توجد وسيلة للانتقال التدريجي من عقل قادر على العد حتى رقم ثابت إلى عقل قادر على العد إلى ما لانهاية. * "اللانهائية المتمايزة" هي القدرة المعرفية لبناء وتجهيز المعطيات المتكررة في العقل، وهي ما ينفرد بها العقل الإنساني عن غيره من الكائنات كالقرود العليا. هو قادر من وجهة نظر حسابية على الانتقال السريع من رقم ثابت إلى ما لا نهاية من الأرقام بناءً على دالة الخلف، وهو يرى لكل رقم معنى، بينما كانت القرود التي خضعت للتجربة ترى الأرقام مجرد رموز عشوائية.
إذا أخذنا بهذه الدراسات، لنا أن نفترض أن الإنسان الأول طور لغة شبيهة بلغة الحيوان، ألزمته به احتياجاته الغريزية، وضرورات بيئته. ولا نشك في مقولة: "منذ خُلق اللسان خُلقت الأصوات"؛ فاللسان هو آلة الصوت، كما أن اللغة بنت الاجتماع.
إنَّ البحث في أصل اللغة شغل علماء اللغويات لعدة قرون. وما جعل الغوص فيه عسيراً أنه يستحيل العثور على دليل لأي فرضية من خلال الحفريات، مثلما يعمل علماء الآثار أو الأنثروبولوجيا. وبناءً على ذلك يجب على كل من ينوي دراسة أصل اللغة أن يستخلص الاستنتاجات من أنواع أخرى من الأدلة كسجل الأحافير والأدلة الأثرية وأيضاً من التنوع اللغوي المعاصر ومن دراسات اكتساب اللغة أو المقارنات بين لغات البشر ونظم التواصل بين الحيوانات، خصوصاً الثدييات العليا.








التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 01-03-2024, 12:22 PM   رقم المشاركة : 194
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

(وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ
فَقَالَ أَنۢبِ‍ُٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ 31
قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ 32)




حول مضمون الآيتين:

وقد أدت محدودية الأدلة التجريبية للبحث عام 1866 لأن حَظَرَتْ جمعية باريس اللغوية (Linguistic Society of Paris) المناقشة في هذا الموضوع، بدعوى أنه غير صالح للدراسة الجادة. واستمر هذا النهج حتى نشـر تشارلز داروين نظريته حول التطور بواسطة الانتقاء الطبيعي، فبرز موضوع أصل اللغة على السطح. ومنذ بداية التسعينيات من القرن العشرين تكثف الاهتمام حول المسـألة، فأثيرت موجة من التكهنات حول موضوع اللغة، خاصة بعد محاولة العديد من اللغويين وعلماء الآثار وعلماء الأنثروبولوجيا استخدام أساليب جديدة لما قد يكون "أصعب مشكلة في العلم". والعلماء بتتبع طفولة اللغة، إنما يتتبعون - بالتالي - طفولة البشرية. وإذا علمنا أن أقدم الهياكل العظمية التي اكتشفتها الحفريات للإنسان أثبتت أنه وجد على الأرض منذ أكثر من مليون عام، ثار هنا تساؤل عن نشأة اللغة وتطورها. كيف كان الصوت الأول؟.
ثمة من بحث في تطور اللغة عند الطفل ليطبق مرئياته على الإنسان الأول. إن الطفل يبدأ النطق بمحض أصوات غير مفهومة، لكنها مصبوغة بصبغة من الشعور تكون هي حقيقة الدلالة المعنوية فيها، فيكون كأنما يُلهْمُ النطق بهذه الأصوات التي هي لغة روحه، ثم يدرك معاني تلك الدلالة ويميز بين وجوهها المختلفة، ثم ينتهي إلى الفهم فيقلد من حوله في طريقة البيان عنها بالألفاظ، متوسعًا في ذلك على حسب ما يتسع له من معاني الحياة، إلى أن تنقاد له اللغة التي يحكيها؛ ولولا التقليد الذي فطر عليه ما بلغ من ذلك شيئًا .وعلى هذا القياس رجع العلماء إلى طفولة التاريخ، فمنهم من رأى أن الإنسان كان محاطًا بالسكوت المطلق، فذهب إلى أن اللغة وحي وتوفيق من الله في الوضع أو الموضوع، وهو مذهب أفلاطون من القدماء، به أخذ ابن فارس والأشعري وأتباعه من علماء العرب، وفريق آخر ذهب إلى أن الإنسان طفل تاريخي، فاللغة درس تقليدي طويل مداره على التواطؤ والاصطلاح؛ وهذا هو المذهب الوضعي، وبه قال ديودورس وشيشرون، وإليه ذهب أبو علي الفارسي وتلميذه ابن جني وطائفة من المعتزلة. وبالجملة فإنه لم يبق من أصول الاستدلال على تحقق هذا الرأي إلا تتبع منطق الحيوان الذي يسرح في حضيض الإنسانية، وتبيُّن وجوه الدلالة في أموره، واستقراء مثل ذلك في الأمم المتوحشة التي لا تزال من نوع الإنسان الأدنى؛ وقد رأوا أن الحيوان يفهم بضروب الحركات والإشـارات والشمائل وتباين الأصوات باختلاف معاني الدلالة، وهذا أمر تحققه رُوَّاض الدواب وسوَّاسها وأصحاب القنص بالكلاب والفهود ونحوها، فإنهم يدركون ما في أنفسـها الحيوانية باختلاف الأصوات والهيئات والتشـوف واستحالة البصر والاضطراب وأشباه ذلك. ومن ثم قيل إن أول النطق المعقول في الإنسان كان بدلالة الإشـارة كما يصنع الخرس؛ فكأن معاني الحياة لما لم تجد منصرفًا من اللسان فاضت على أعضاء البدن؛ وترى أثر ذلك لا يزال باقيًا في الدلالة على المعاني الطبيعية الموروثة من أول الدهر: كالتقطيب وتزوية بعض عضلات الوجه واسـتحالة البصر في الغضب؛ ثم انبساط الأسارير واستقرار النظر في الرضا والسرور، ونحو ذلك مما تراه لغة طبيعية في الخليقة الإنسانية.









التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 01-03-2024, 10:08 PM   رقم المشاركة : 195
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

(وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ
فَقَالَ أَنۢبِ‍ُٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ 31
قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ 32)




حول مضمون الآيتين:

ورأوا أيضًا أن لبعض القبائل المتوحشة من سكان أسـتراليا وأواسط أمريكا الجنوبية ألفاظًا، ولكنها محض أصوات لا تدل على المعاني المقصودة منها إلا إذا صحبتها الإشارة والحركة والاضطراب، بحيث إن العين هي التي تفهمها لا الأذن؛ وهم إذا انسـدل الليل وأغمدت الألحاظ في أجفانها حبسوا ألسنتهم وباتوا بحياة نائمة؛ ومن ثم قيل إن الإنسان استعمل الصوت للدلالة بعد أن استكمل علم الإشارة؛ ولذلك بقي الصوت محتاجًا إليها احتياجًا وراثيًّا، ثم ارتقى الإنسان في استعمال الأصوات بارتقاء حاجاته وسـاعده على ذلك مرونة أوتار الصوت فيه؛ وبتجدد هذه الحاجات كثرت مخارج الأصوات، واتسع الإنسان في تصريف ألفاظه، فتهيأ له من المخارج ما لم يتهيأ لسائر الحيوان؛ ومن ذلك كان منشأ اللغة. والحلقة المفقودة هنا هي في مقارنة تطور اللغة عند البشر، بثباتها عند الحيوان دون تطور، فالقرد يزقح، والذئب يعوي، والحصان يصهل، والفيل يقبع، والحمامة تهدل، والبومة تنعق، والأفعى تَفُحّ، والبعوضة تطنّ، والذبابة تَطُنّ، وهكذا. ويبدو أن هذا هو الحال في كل الدواب، منذ خلقت إلى اليوم. لماذا لم تتطور لغاتها إلى اليوم، ولا سيما أن العلم أثبت أن بعضها يتحلى بقدر من الذكاء، وأن أكثرها يقيم في مجتمعات، كقرى النمل، ومستعمرات النحل، والبطاريق، والنوارس، والقنادس، والفيلة، والذئاب. ولعل إجابة هذا السؤال تتعلق بما وهبه الله - تعالى - للإنسان في طوره الثاني. أما وجوده الأول قبل "بني آدم"، فلعله كان يتخاطب بالإشارة والصوت العشوائي. ثم علمه الله الأسماء كلها بالإلهام في الطور الثاني؛ فلقنه مسـميات الموجودات. فكانت - بذلك - نواة اللغة توقيفاً، ثم صار بعدها تطور اللغة وتشعبها توفيقياً بالمواضعة. ولا شك أن اللغة المحكية والمكتوبة بدأت حسية، ثم بالمواضعة تطورت من خلال استعارة اللفظ والحرف الدال على معنى مادي إلى دلالة معنوية، ثم دلالات متعددة كلما تطور المجتمع وزاد احتياجه لما يعبر عن الأشياء والمعاني المستحدثة. ومتى بلغ الإنسان إلى هذه الدرجة فقد صار في أعلى سلم الاجتماع الطبيعي، وحينئذ تدخل اللغة في الطور الصناعي وتجري عليها أحكام الاشتقاق والنحت والقلب والإبدال، ويفعل الزمن فعله فيها كما يفعل في تكوين الجماعات، وبذلك تتنوع وتنشأ منها اللغات الكثيرة.









التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 02-03-2024, 02:44 PM   رقم المشاركة : 196
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

(وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ
فَقَالَ أَنۢبِ‍ُٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ 31
قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ 32)




حول مضمون الآيتين:

﴿ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ﴾ بإطلعهم إطلاعاً إجماليّاً بالإلهام الذي يليق بحالهم على مجموع تلك الأشـياء ﴿فَقَالَ أَنۢبِ‍ُٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ﴾، والغرض من الإنباء بأسـمائها: الإبانة عن معرفتها. وهو سـؤال تعجيز؛ إذ إنه - تعالى - يعلم أنهم غير قادرين على الإنباء بما لم يُعَلّموا. وقوله: ﴿إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ﴾ يعني: إن كان ما طرأ على أذهانكم، مما ظننتموه في حق هذا الخليفة الذي سـويته ونفخت فيه من روحي، مصيباً، فأنبئوني بأسـماء ما عرضته عليكم. ﴿قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ﴾ نقدّسك وننزّهك أن يكون علمك قاصراً، أو تسـألنا شـيئاً نفيده وأنت تعلم أنّنا لا نحيط بعلمه، ولا نقدر على الإنباء به، فما نعلم إلا ما علمتنا. وختموا الجواب بالتبرؤ من كلّ شيء، والثناء على الله - تعالى - بالعلم الثابت الواجب لذاته العليّة، والحكمة البالغة اللازمة له. وكان جواب الملائكة بهذا مؤذناً بأنّهم رجعوا إلى ما كان يجب ألا يغفل مثلهم عنه، وهو التسـليم لسـعة علم الله وحكمته حتّى يبلغ الكتاب أجله. وما كان يجوز أن تخطر على عقولهم أية خاطرة تجرح التسـليم بإرادة الله ومشـيئته في شـؤون خلقه.







التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 02-03-2024, 08:23 PM   رقم المشاركة : 197
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡۖ فَلَمَّآ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ
إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ ٣٣





﴿قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡۖ:

"يا" هي أم حروف النداء في العربية.
والندا والنداء للصوت مثل: الدعاء والرغاء. والنداء: الدعاء بأرفع الصوت. وقد ناداه ونادى به مناداة ونداء، أي: صاح به.
والنِدى: بُعْدُ الصوت، ورجل ندي الصوت: بعيده. وأندى الرجل إذا حسن صوته، وفلان أندى صوتاً من فلان، أي: أبعد مذهباً وأرفع صوتاً.
وفي تفسير قوله تعالى: ﴿وَيَقَوْمِ إِنّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التّنَادِ﴾ غافر32، قالوا: هو ما ورد في سورة الأعراف: ﴿وَنَادَىٰٓ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَنۡ أَفِيضُواْ عَلَيۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ أَوۡ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُۚ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ 50﴾.
و"آدَمُ" مبنيٌّ على الضم، في مَحلِّ نصبٍ لوقوعه موقعَ المفعولِ به، فإنَّ تقديره: أدعو آدمَ.
و ﴿أَنۢبِئۡهُم﴾ فعلُ أمر وفاعلٌ ومفعولٌ. والقاعدة في نبأ وأنبأ أنهما إذا لم يدخلا على المبتدأ والخبر جاز أن يكتفى فيهما بمفعول واحد وبمفعولين، فإذا دخلا على المبتدأ والخبر تعدى كل واحد منهما إلى ثلاثة مفاعيل. والأفعال المتعدية لثلاثة مفاعيل سبعة:
أَرَى، أَعْلَمَ، حَدَّثَ، خَبَّرَ، أَخْبَرَ، نَبَّأَ، أَنْبَأَ. ورد منها في كتاب الله فعل "أرى" في نحو قوله تعالى: ﴿كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعۡمَٰلَهُمۡ حَسَرَٰتٍ عَلَيۡهِمۡۖ﴾ البقرة 167. أما فعل الإنباء فمن شواهده قول الأعشى يمدح قيس بن معديكرب:
وَأُنْبِئْتُ قَيسًا ولَم أَبْلُهُ ..... كَمَا زَعَمُوا خَيرَ أهْلِ اليَمَنِ.
فالتاء في: "أُنْبِئْتُ" في محل رفع نائب فاعل، وهي المفعول الأول في الأصل، وقَيساً مفعول به ثان ، وخَيرَ مفعول به ثالث.
وقول النابغة يهجو زرعة بن عمرو بن خويلد، وكان قد لقيه في سوق عكاظ، فأشار زرعةُ على النابغة الذبياني بأن يحمل قومه على معاداة بني أسد وترك محالفتهم، فأبى النابغة ذلك، لما فيه من الغدر، فتركه زرعة ومضى، ثم بلغ النابغة أن زرعة يتوعده، فقال أبياتاً يهجوه فيها، وهذا البيت الشاهد أولها:
نُبِّئتَ زُرعَةَ وَالسَفاهَةُ كَاِسمِها ..... يُهْدي إِلَيَّ غَرائِبَ الأَشْعارِ
وتاء المتكلم - كذلك - في: "نُبِّئتَ" في محل رفع نائب فاعل، وهي المفعول الأول في الأصل، وزُرعَةَ مفعول به ثان ، والجملة الفعلية من يُهْدي والفاعل المضمر العائد على زُرعَةَ مفعول به ثالث.
وقد يتعدَّى بـ "عن" نحو: أنبأْتُه عن حالِه، وبـ "مِنْ" كما في قوله تعالى: ﴿قَدۡ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنۡ أَخۡبَارِكُمۡۚ﴾ التوبة 94.
وقُرِيء بحَذْفِ الهمزةِ، أو أن تبدل ياءً، كما يقولون في أَخْطَأْت: أَخْطَيْتُ، وفي توضَّأْت: توضَّيْتُ.
و ﴿بِأَسۡمَآئِهِمۡۖ﴾ متعلِّق بـ ﴿أَنۢبِئۡهُم﴾، وهو المفعولُ الثاني.









 
رد مع اقتباس
قديم 03-03-2024, 01:08 PM   رقم المشاركة : 198
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡۖ فَلَمَّآ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ
إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ ٣٣





أسلوب النداء في القرآن:

للنداء سبعة أحرف، منها ما هو مختص بنداء البعيد حسـاً أو حكماً، وهو المنزل منزلة البعيد، لنوم أو سهو أو ارتفاع محل أو انخفاضه. ولهذا استعملت في نداء العبد ربَّه، ونداء الرب عبدَه، ومنها ما هو مختص بنداء القريب، وهي كما أوردها ابن مالك:
وللمنادى الناء أو كالناء يا ..... وأي وآ كذا آيـا ثم هيا
والهمز للداني ووا لمن ندب ..... أو يا وغير وا لدي اللبس اجتنب
أي إن: "آ"، و "أيا"، و "هيا" للمنادى البعيد، و "أي" و "الهمزة" للمنادى القريب، ووا للمنادى المندوب، و "يا"، وتستعمل في كل حالات النداء.
ومن خصائص النداء بـ "يا":
- لا يُقدّر عند الحذف سـواه، ولا ينادى اسم الله - عز وجل - إلا به ، وكذلك اسم المستغاث وأيها وأيتها.
- لم يستعمل القرآن الكريم من أدوات النداء سـواه، وقد كثر ورودها مع "أي" يضاف إليها "ها".

وفُسِّرَ كثرة النداء به في القرآن بأن مواجهة المخاطب بالأوامر والنواهي مباشرة فيها جفوة وقسوة ، لذا كان أسلوب النداء لما في أداة النداء من توكيد ومبالغة، إذ فيها يستثار المنادى ويحرك ويتنبه لما يلقى إليه من أوامر ونواه، فإذا ألقي إليه الكلام كان مستعداً لتقبله.
وقد يحذف حرف النداء للإيجاز وعدم تمطيط الكلام واسترخائه، ولتحقيق أغراض بلاغية عديدة، نحو: ﴿يُوسُفُ أَعۡرِضۡ عَنۡ هَٰذَاۚ﴾ يوسف 29، ونحو: ﴿أنْ أدُّوا إليَّ عبادَ الله﴾ الدخان 18، أي: أدّوا إليَّ الطاعة يا عبادَ الله.
وإذا كان حذف حرف النداء يفوت الغرض من وجوده لا يحذف، فهو مثلاً لا يحذف مع المستغاث، والمندوب، ونداء البعيد وكذا منع البصريون حذفه مع اسم الإشارة. كذلك يمتنع حذفه مع لفظ الجلالة، إلا إذا عوضت عنه الميم المشددة في آخره نحو: "سبحانك اللّهُمَّ".






 
رد مع اقتباس
قديم 04-03-2024, 01:53 PM   رقم المشاركة : 199
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡۖ فَلَمَّآ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ
إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ ٣٣





أسلوب النداء في القرآن:

وقد يخرج النداء عن معناه الأصلي إلى معانٍ أخرى تفهم من السـياق وقرائن الأحوال، من ذلك:
1) المدح، مثل نداء الله رسله وأنبياءه والمؤمنين: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ﴾، ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ﴾، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾.
2) الذم، مثل نداءات العصاة والكفار، نحو: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وفيها تنبيه على بعدهم وعدم طاعتهم لأوامر الله سبحانه وتعالى.
3) التنبيه، مثل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ مما فيه من تنبيه وحث إلى ما يجب عمله.
4) التهديد، كقوله تعالى على لسان قوم لوط عليه صلوات الله: ﴿لَئِن لَّمۡ تَنتَهِ يَٰلُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُخۡرَجِينَ 167الشعراء.
5) تنزيل القريب منزلة البعيد، لغرض التعظيم وعلو الشأن، نحو قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِۦ يُؤۡتِكُمۡ كِفۡلَيۡنِ مِن رَّحۡمَتِهِۦ﴾ الحديد 28، أو للحرص على إقبال المنادى حتى كأنه بعيد، كما في قوله تعالى: ﴿قِيلَ يَٰنُوحُ ٱهۡبِطۡ بِسَلَٰمٖ مِّنَّا وَبَرَكَٰتٍ عَلَيۡكَ وَعَلَىٰٓ أُمَمٖ مِّمَّن مَّعَكَۚ﴾ هود 48،
6) الدعاء، نحو: ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا﴾ البقرة 128.
7) الالتماس، نحو: ﴿يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ﴾ يوسف 87.
8) الاستعطاف، نحو: ﴿قَالَ يَبۡنَؤُمَّ لَا تَأۡخُذۡ بِلِحۡيَتِي وَلَا بِرَأۡسِيٓۖ﴾ ص 12.
9) التعظيم والتبجيل، نحو: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ﴾ المائدة 67.
10) التحدي والتعجيز، نحو: ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا﴾ الرحمن 33.
11) التشنيع، نحو: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ۚ﴾ المائدة 15.
12) التمني، نحو: ﴿يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا﴾ مريم 23.
13) التأسف، وهو الحزن الشديد ، نحو: ﴿يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ﴾ يوسف 84.
14) التحسر، نحو: ﴿يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا﴾ الأنعام 31.
15) التفجع، نحو: ﴿قَالُواْ يَٰوَيۡلَنَآ إِنَّا كُنَّا طَٰغِينَ 31القلم.
16) والتعجب في غير القرآن، كقولك لأحدهم: يا لك من رجل كريم، وأنت لا تناديه، وإنما تريد إظهار التعجب من كرمه.
ومن الملاحظ أنه ورد في القرآن الكريم دخول حرف النداء على ما ليس بمنادى كقوله تعالى: ﴿قَالَ يَٰلَيۡتَ قَوۡمِي يَعۡلَمُونَ 26يس، وقوله: ﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ﴾ يس 30، فقيل إن "يا" للنداء والمنادى محذوف، وقيل هي لمجرد التنبيه. وقيل: إن وليها دعاء أو أمر فهي للنداء، لكثرة وقوع النداء قبل الدعاء والأمر، وإلا فهي للتنبيه.







 
رد مع اقتباس
قديم 04-03-2024, 09:37 PM   رقم المشاركة : 200
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡۖ فَلَمَّآ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ
إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ ٣٣





لِمَ قال: ﴿أَنۢبِئۡهُمولم يقل: "نَبِّئْهم"؟:

ورد في القرآن الاستخدامان. جاءا معاً في سورة التحريم: ﴿وَإِذۡ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعۡضِ أَزۡوَٰجِهِۦ حَدِيثٗا فَلَمَّا نَبَّأَتۡ بِهِۦ وَأَظۡهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ عَرَّفَ بَعۡضَهُۥ وَأَعۡرَضَ عَنۢ بَعۡضٖۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِۦ قَالَتۡ مَنۡ أَنۢبَأَكَ هَٰذَاۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡخَبِيرُ 3﴾.
الإنباء هو الإبلاغ أو الإخبار ويكون - غالباً - لمرة واحدة، أما التنبيء فهو التبليغ، ويفيد نقل المعلومة مع تفاصيلها، أو أن يكون إخباراً على دفعات، أو على عدة مرات.
وقد ورد الإنباء في أربعة مواضع في القرآن كله، بينما جاء التنبيء في أكثر من أربعين موضعاً.
وما ورد في آية التحريم يقرب إلينا المعنى؛ فقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا نَبَّأَتۡ بِهِۦ﴾ أفاد أن زوج النبي التي أفشت ما أسر لها به روته بتفاصيله، وقوله تعالى: ﴿عَرَّفَ بَعۡضَهُۥ وَأَعۡرَضَ عَنۢ بَعۡضٖۖ﴾ يؤكد لنا هذا الفهم. والنبي - عليه صلوات الله - حين راجعها لم يحتج لإعادة نص ما أفشته، بل أشار إليه.
وما يؤكد لنا هذا شيئان:
أولهما لفظة: ﴿نَبَّأَهَا﴾
وثانيهما قوله تعالى: ﴿عَرَّفَ بَعۡضَهُۥ﴾ فاستخدم لفظة تفيد الإعلام.
وجاء بالإنباء في قوله: ﴿نَبَّأَنِيَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡخَبِيرُ﴾ ليشير إلى أن الله - تبارك وتعالى - أخبره بتفاصيل ما روته للأخرى. على عكس الحال هنا؛ إذ جاء بالإنباء لا التنبيء، فقال تعالى: ﴿وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ فَقَالَ أَنۢبِ‍ُٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ)، فطلب من الملائكة الإخبار بعد أن استغرق آدم وقتاً في تعلم الأسماء، وهذا ما نفهمه من استخدام فعل التعليم المُضَعَّف: ﴿وَعَلَّمَ﴾ ولم يستعمل "أعلم" المخفف.
ثم طلب من آدم استرجاع ما حفظه مما تعلمه، فكان كلما عُرِضَ عليه مسمى ذكر اسمه، اسمه فحسب دون داعٍ لشرح أو توضيح، لذلك قال تعالى: ﴿يَٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡۖ فَلَمَّآ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ﴾.









 
رد مع اقتباس
قديم 05-03-2024, 11:39 AM   رقم المشاركة : 201
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡۖ فَلَمَّآ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ
إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ ٣٣





ما الفرق بين النبأ والخبر؟:


- النبأ: خبر له شأن عظيم، ومنه اشـتقاق النبوة، لأن النبي مخبر عن الله - تعالى - ويدل عليه قوله تعالى: (نَتْلُو عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ) القصص 3، وقوله: (عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ 1 عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلۡعَظِيمِ 2) النبأ، فوصفه بالعظمة لخطره وعِظَمِ شأنه.
ولذلك استعمل القرآن في أخبار الماضين والرسل "نبأ" كما في قوله تعالى: (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ) إبراهيم 9، وقوله: (أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَبَؤُاْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبۡلُ فَذَاقُواْ وَبَالَ أَمۡرِهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ 5) التغابن.
- النبأ: خبر ذو فائدة عظيمة يحصل به علم أو غلبة ظن. ولا يقال للخبر نبأ حتى يتضمن هذه الأشياء.
- حق الخبر الذي يقال فيه "نبأ" أن يتعرى عن الكذب كالحديث المتواتر.
- النبأ لا يكون إلا للإخبار بما لا يعلمه المخبر، كما في القرآن: (فَقَدۡ كَذَّبُواْ فَسَيَأۡتِيهِمۡ أَنۢبَٰٓؤُاْ مَا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ 6) الشعراء، وإنما استهزأ‌وا به - أي العذاب - لأنهم لم يعلموا حقيقته ولو علموا لتوقوه. أما الخبر فيجوز أن الخبر بما يعلمه وبما لا يعلمه.
- الإنباء عن الشيء - أيضاً - قد يكون بغير حمل النبأ عنه، تقول هذا الأمر ينبئ بكذا، ولا تقول يخبر بكذا، لأن الإخبار لا يكون إلا بحمل الخبر.








التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 06-03-2024, 01:38 PM   رقم المشاركة : 202
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡۖ فَلَمَّآ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ
إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ ٣٣





﴿فَلَمَّآ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ:

الضمير في: ﴿أَنۢبَأ لآدم وفي: ﴿قَالَضمير اسم الجلالة، وإنما لم يؤت بفاعله اسماً ظاهراً مع أنه جرى عقب ضمائر "آدم" في قوله: ﴿أَنۢبِئۡهُم﴾ و ﴿أَنۢبَأَهُم﴾ لأن السياق قرينة على أن هذا القول لا يصدر من مثل آدم. والضمير المجرور بالإضافة في: ﴿بِأَسۡمَآئِهِمۡضمير المسميات مثل ضمير ﴿عَرَضَهُمۡ﴾ 31.
وقوله: ﴿قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ جوابُ ﴿فَلَمَّآ﴾، والهمزةُ في: ﴿أَلَمۡ﴾ للتقرير والإثبات، نحو: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ﴾ الانشراح 1، أي: قد شرحنا. و ﴿لَمۡحرفُ جزمٍ، جَزَمَ فعل القول، وحذفت الواو لالتقاءِ الساكنين، و ﴿لَّكُمۡمتعلقٌ به.
ومعنى قوله تعالى: ﴿إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ: إنني أعرف الظاهر والباطن والواقع والمتوقع. وعلم الملائكة قاصر على ما رأوه من سلوك أسلافِ آدم الذين ظلموا وأفسدوا، وقصر عن معرفة عاقبة ما أودعه الله في الجنس البشري من روحه بعد تسـويته.












التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 07-03-2024, 04:17 PM   رقم المشاركة : 203
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡۖ فَلَمَّآ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ
إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ ٣٣





﴿وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ:

الظاهرُ: أن جملةَ قولِه: ﴿وَأَعۡلَمُ ... ﴾ معطوفةٌ على قولِه: ﴿إِنِيۤ أَعْلَمُ غَيْبَ﴾، فتكونُ في محلِّ نصبٍ بالقولِ. ﴿وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ كقولِه: ﴿أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ البقرة 30، من كونِ "أَعْلَمُ" فعلاً مضارعاً أو أفْعَل بمعنى فاعِل أو أَفْعَل تفضيل.
و ﴿مَا تُبۡدُونَ: الإبداء: الإظهار، يقال: بَدَا يَبْدُو بَدَاء؛ قال:
بَدَا لَكَ فِي تِلْكَ القَلُوصِ بَدَاءُ
و ﴿تَكۡتُمُونَ: الكَتْم: الإخفاء، أي هو عكس الإبداء.
﴿وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ: عطف على ﴿مَا﴾ الأولى.
والمراد بالإبْدَاء والكَتْمُ: العموم في معرفة أسـرارهم وظواهرهم أجمع. وقوله: ﴿وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ﴾ تخصيص بعد التعميم في: ﴿إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ﴾ وقد شمل الحاضر والمستقبل في: ﴿مَا تُبۡدُونَ﴾ والماضي في: ﴿مَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ﴾.
وهذا القول: ﴿وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ﴾ من باب الترقي في الإخبار، لأن علم الله - تعالى - واحد لا تفاوت فيه بالنسبة إلى شيء من معلوماته، جهراً كان أو سراً. ووصل ﴿مَا﴾ بـ ﴿كُنتُمۡ﴾ يدل على أن الكتم وقع فيما مضى، وليس المعنى أنهم كتموا عن الله لأن الملائكة أعرف بالله وأعلم، فلا يكتمون الله شيئاً، وإنما المعنى أنه هجس في أنفسهم شيء لم يظهره بعضهم لبعض، ولا أطلعه عليه.
وقد تضمن آخر هذه الآية من علم البديع: الطباق بين ﴿تُبۡدُونَ﴾ و ﴿تَكۡتُمُونَ).









 
رد مع اقتباس
قديم 08-03-2024, 02:37 PM   رقم المشاركة : 204
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡۖ فَلَمَّآ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ
إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ ٣٣





ما قيل في مدلول: ﴿وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ:

قالوا: في مدلوله وجوه:
1) أن قوله: ﴿وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ﴾ أراد به قولهم: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا﴾، وقوله: ﴿وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ﴾ أراد به ما أسَـرَّ إبليس في نفسه من الكبر وألا يسجد.
2) ﴿إِنّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ من الأمور الغائبة والأسـرار الخفية التي يظن في الظاهر أنه لا مصلحة فيها ولكني لعلمي بالأسرار المغيبة أعلم أن المصلحة في خلقها.
3) أنه - تعالى - لما خلق آدم رأت الملائكة خلقاً عجيباً فقالوا: ليكن ما شاء فلن يخلق ربنا خلقاً إلا كنا أكرم عليه منه فهذا الذي كتموا ويجوز أن يكون هذا القول سراً أسروه بينهم فأبداه بعضهم لبعض وأسروه عن غيرهم فكان في هذا الفعل الواحد إبداء وكتمان.
4) الأقسام خمسـة، لأن الشيء إما أن يكون خيراً محضاً أو شـراً محضاً أو ممتزجاً وعلى تقدير الامتزاج فإما أن يعتدل الأمر أن أو يكون الخير غالباً أو يكون الشر غالباً. أما الخير المحض فالحكمة تقتضي إيجاده، وأما الذي يكون فيه الخير غالباً فالحكمة تقتضي إيجاده، لأن ترك الخير الكثير لأجل الشر القليل شر كثير، فالملائكة ذكروا الفساد والقتل وهو شر قليل بالنسبة إلى ما يحصل منهم من الخيرات فقوله: ﴿إِنِي أَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ﴾ أي: فأعرف أن خيرهم غالب على هذه الشرور فاقتضت الحكمة إيجادهم وتكوينهم. وهذا قول الحكماء.









 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:53 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط