|
|
منتدى الحوار الفكري العام الثقافة ديوان الأقلاميين..فلنتحاور هنا حول المعرفة..ولنفد المنتدى بكل ما هو جديد ومنوع. |
مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان) |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
11-09-2009, 04:59 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
السلطان العثماني عبد الحميد ودوره في مقاومة الاستيطان الصهيوني في فلسطين.
السلطان العثماني عبد الحميد ودوره في مقاومة الاستيطان الصهيوني في فلسطين. (1) 1 ـ مقدمة: ـ " ... انصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جديدة في هذا الموضوع , إني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من الأرض , فهي ليست ملك يميني بل ملك للأمة الإسلامية : التي جاهدت في سبيلها وروتها بدمائها فليحتفظ اليهود بأموالهم وملايينهم , وإذا مزقت يوماً دولة الخلافة فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن ؟ أما وأنا حي فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من الدولة الإسلامية , وهذا أمر لا يكون ، إنني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة " ـ . *1 ـ السلطان عبد الحميد الثاني ـ عام 1901م إن العبارات السابقة وجهها السلطان عبد الحميد الثاني إلى رئيس كتّابه في الباب العالي تحسين باشا وذلك في معرض شرحه السبب في عدم استقباله الوفد اليهودي الذي جاء لمقابلته وعرض مساعدات مادية ومعنوية كبيرة على السلطنة العثمانية في حال قبولها بيع أراضٍ في فلسطين لليهود . *2 فمن هو السلطان عبد الحميد الذي رفض العرض الأخير لليهود وقد سبقته عروض وعروض أخرى تعود على الأقل إلى العام 1840 ؟ إن شخصية السلطان عبد الحميد الثاني هي شخصية يحلو للباحث أن يتوقف عندها طويلاً ، لكونها تتمتع بكل المواصفات التاريخية ، فلقد أمضى طفولة عجيبة ، ثم تسلم مقادير السلطنة في دولة مترامية الأطراف ، لكأنها أشبه بمركب كبير تتقاذفه الأمواج وسط بحر السياسة الدولية ، المضطربة آنذاك ، وحينما تربع على عرشه في قصر" يلدز" لم ينزل عنه حتى أمضى ثلاثة وثلاثين عاما ، ملأى بالإحداث والمؤامرات وزاخرة بقصص الحروب والثورات والحركات . ثم سقط عبد الحميد عن عرشه بعد طول صمود، ليمضي البقية الباقية من حياته وهو يكتب مذكراته ويرد على خصومه ونقاده. وقبل أن يوارى السلطان عبد الحميد في الثرى , كانت الأقلام مشرعة لتكتب عنه فإما متعاطفةً معه حتى الاستشهاد أو متصدية له حتى الموت ـ *3 . ولا حل وسط بينها. ولست بمعرض الحديث عن عهد عبد الحميد في الناحية الداخلية منه ، لذلك فإن مناقشتي "للعهد الحميدي" سوف تقتصر فقط على موقف السلطان عبد الحميد من محاولات الاستيطان اليهودي في فلسطين ؟ وما سبق هذا الموقف من تغلغل ـ لليهود ـ في جسم الدولة العثمانية وأسباب هذا التغلغل وظروفه ، وقصة نجاح اليهود مع بعض السلاطين [من أسلاف عبد الحميد] , وحكاية فشلهم مع القسم الأكبر من السلاطين العثمانيين، وخصوصاً قصة فشلهم مع السلطان عبد الحميد نفسه ؟ وأيضاً ماتلا موقف السلطان عبد الحميد / ضد الاستيطان الصهيوني / من ردود فعل للصهيونية ومعها أذرعها ـ على منع عبد الحميد على اليهود البقاء بفلسطين ورفضه بيعهم الأراضي فيها , وممانعته المطلقة لاستيطانهم بفلسطين . وبالطبع فإن هذا يستلزم منا التساؤل ثم الإجابة وباختصار شديد ـ حول كل طرف من أطراف هذه القضية ـ وهم : ـ العثمانيون: أسلاف عبد الحميد وأسباب نجاحهم في إقامة دولة استمرت حوالي سبعة قرون ؟ وماهية عداء أوروبا لهم ؟ مما أدى في نهاية المطاف إلى تفكيك سلطنتهم ودوال دولتهم ؟ وقصة العثمانيين مع اليهود : بأنواعهم ومذاهبهم وبالأخص وبتوسع , كيف ولماذا قام هؤلاء اليهود بتدمير حكم عبد الحميد وخلعه من السلطنة في العام 1909م ؟ ومن ثم ـ قيام اليهود بإبراز جمعية سرية تعتبر من أخطر الجمعيات في نهاية عهد الدولة العثمانية وهي ـ " جمعية الإتحاد والترقي ": ودور هذه المنظمة و أعضاؤها في خلع السلطان ، ومن ثم موافقة هذه المنظمة بصفتها الهيئة الحاكمة الفعلية في السلطنة العثمانية على بيع الأراضي في فلسطين لليهود. 2 ـ من هم العثمانيون ؟ ومن هو السلطان العثماني عبد الحميد الثاني ؟ العثمانيون : هم قبيلة تركمانية محاربة تسمى [ القبيلة الذهبية ] تنتمي إلى التجمع الحربي القبلي التركماني [النشابات الثلاثة] وقد انتقلت هذه القبيلة الذهبية مع الغزوات المغولية المتتالية ـ منذ أيام هولاكو, وصولاً إلى الغزو الكبير الذي قام به تيمورلنك في عام 1401م ـ هاربة من أمام وجه المغول من بلادها الأصلية الموجودة في تركستان الصين حالياً، وحتى توصلت في القرن الرابع عشر 1326 إلى إنشاء سلطنة صغيرة لها في أراضي آسيا الصغرى / تركيا حالياً. *4 ومن ثم استغل [ العثمانيون ] ـ وهذا ما صار عليه اسمهم منذ بداية القرن الرابع عشر تقريبا ـ ضعف [ الدولة البيزنطية ] التي كانت ماتزال تحكم مدينة القسطنطينية وقسماً من الأناضول في ذلك الزمان ، حتى تمكنوا أخيراً في العام 1453 وبقيادة سلطانهم محمد "الفاتح" من انتزاع القسطنطينية من أيدي "البيزنطيين" , وأنهوا بذلك عهد الإمبراطورية البيزنطية الطويل الذي استمر إحدى عشر قرناً .*5 وإن سيطرة العثمانيين على القسطنطينية وبعض المناطق الواقعة غربي تلك المدينة في قارة أوروبا [التي تعرف اليوم بادرنه ] منذ العام 1453 م قد تسببت في جعل أوروبا المسيحية تخشى وتخطط وتحسب عشرات الحسابات الإستراتيجية ضد العثمانيين , وقد بلغت خشية أوروبا وخوفها من الأتراك العثمانيين ذروتها خصوصاً حين ظهر السلطان سليمان "القانوني" على أبواب فيينا " النمسا" في عامي 1529 و1539 م , وكان ذلك بعد احتلاله لأوروبا الشرقية بأكملها تقريباً ومعها هنغاريا " المجر" وقسماً كبيراً من مملكة النمسا. *6 وتلا عهد السلطان سليمان العديد من السلاطين الذين انتصروا على الأوربيين في الحروب , وحتى ـ مثلاً ـ في زمن انحدار العثمانيين أي خلال القرن التاسع عشر تمكن العثمانيون من الانتصار في حرب القرم 1854 ـ 1856م وذلك على دولة روسيا القيصرية بالذات . *7 ـ حسب الدراسات التاريخية وخصوصاً الجامعية الأكاديمية الأحدث والتي تتمحور حول إعادة قراءة التاريخ العثماني بالاستناد إلى وثائق الأرشيف العثماني , وخصوصا تلك الموجودة منها في عاصمة السلطنة استانبول, لم يشكل عهد السلطنة العثمانية {خلال فترة وجودها الطويلة وقد قاربت على القرون الستة 1326ـ 1918 م , والتي لم يزد عليها في الزمان من الإمبراطوريات التي حكمت المشرق سوى الإمبراطورية البيزنطية ـ التي زادت عليها بخمسة قرون ـ } العبء الأعظم فهذه الدراسات التاريخية الحديثة، وهي على العكس من الدراسات القديمة التي كتبت في السابق حول العثمانيين والتي كان أغلبها ذا طابع أيديولوجي غير علمي حيناً أو طابع غربي إستشراقي محض أحياناً أخرى ، ولاسيما حينما حاول بعض من المستشرقين وأيضاً جماعة من الباحثين التقليديين أن يصوروا العثمانيين بمظهر الهمجيين المتوحشين ، مسقطين عليهم صورة المغول الذين سبق لهم أن أنقضوا على عاصمة الخلافة بغداد وصبغوا مياه الدجلة بالدم , ويقال أيضاً أنهم صبغوها بالحبر. والحبر: هو دم المخطوطات والكتب العربية والشرقية تلك الكتب والمخطوطات التي كانت تملأ مكتبات بغداد . *8 إن الصورة الحقيقية للمرحلة العثمانية هي بخلاف ذلك ، وما يصح قوله عن العثمانيين في بعضٍ من سنواتٍ من مرحلةٍ تاريخيةٍ معينةٍ , وهذه المرحلة هي [الفترة الأخيرة للعثمانيين [ 1800ـ 1918م ] ، لا ينطبق ولا يمكن له أن ينطبق على الفترة العثمانية بأكملها [ 1326 _ 1918م ]. ويوجد الكثير من الأدلة العلمية والتاريخية على صحة ما أوردته أعلاه ـ وقد كنت من الباحثين السباقين في التاريخ العثماني ـ في إيضاح وجهة النظر هذه أي من مدرسة : إعادة النظر في البحث وكتابة تاريخ العثمانيين ، وذلك من خلال الوثائق والشواهد وكان ذلك في أطروحتي الجامعية [مقاطعة صافيتا ـ التاريخ الاجتماعي والاقتصادي 1790ـ 1832] التي ناقشتها في الجامعة اللبنانية عام 1997 , ونلت عنها درجة الماجستير في التاريخ , ثم في كتابي المنشور بنفس العنوان عام 2002 م , وفيه توسعت ـ وبالوثائق ـ بصورة أكثر بكثير من الأطروحة الجامعية . *9 وفي هذه البحث سوف أركز على عهد السلطان عبد الحميد الثاني , وعلى موقفه من المشروع الصهيوني وردود الفعل الصهيونية على هذا الموقف. من هو السلطان عبد الحميد الثاني ؟ ولد عبد الحميد الثاني يوم الأربعاء 21/أيلول عام 1842م وهو ابن السلطان عبد المجيد من زوجته الثانية [وهي أرمنية الأصل] *10 . وحينما توفي والده عبد المجيد في عام 1861 خلفه عمه السلطان عبد العزيز , الذي اغتالته " جمعية تركيا الفتاة " عام 1876 م ، ومن ثم خلفه السلطان "مراد الخامس" أخو عبد الحميد الذي حكم 93 يوما ً فقط وتم خلعه بسبب ظهور أعراض الاضطراب النفسي عليه ، مما أدى إلى تولي أخوه السلطان عبد " الحميد الثاني " مقاليد الحكم مكانه في 31/ آب / 1876 وكان في الرابعة والثلاثين من العمر . *11 كانت فترة حكم السلطان عبد الحميد من أصعب الفترات في القرون السبعة التي حكم بها العثمانيون على الإطلاق. وباختصار شديد للظروف الدولية : إن القوى الأوربية منذ العام 1800م وعلى رأسها أوروبا "المسيحية" وخصوصاً بريطانيا ـ ولم تكن خليفتها الولايات المتحدة قد برزت على الساحة الدولية بعد ـ كان يهمها من السلطنة العثمانية أكثر مايهمها , أمر وحيد جغرافيا وهو أمر إستراتيجي فريد وغير موجود إلا عند العثمانيين في تلك الفترة ألا وهو أن السلطنة العثمانية كانت تشكل جغرافياً مايسمى [ دولة حاجزة ] بين روسيا بحكامها القياصرة الأرثوذكس الذين كان سيفهم مسلطاً على " طريق الهند " , والهند هي المستعمرة والدجاجة التي تبيض ذهباً بالنسبة إلى بريطانيا في تلك الأيام , "مثلها مثل النفط في هذه الأيام" ـ من جهة ـ , وبين طريق الهند من جهة ثانية . *12 ولذلك كانت بريطانيا ورغم كرهها الشديد " لرجل أوروبا المريض " وهو التعبير الشائع والمستعمل عندهم للكناية عن "العثمانيين" , كانت مضطرة ومرغمة على حقن ذلك الرجل المريض بالأدوية ومداواته بالمراهم بل وأحياناً دهنه بالطيب حتى ـ وكل ذلك وفقط ـ من أجل إبقائه حيا وواقفا على رجليه في وجه روسيا القيصرية ؟ أما فرنسا والدول اللاتينية الأخرى التي تدور في فلكها " خصوصاً إيطاليا " , والتي كان موقفها من الدولة العثمانية قد بدأ يسوء منذ أيام حملة إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا على بلاد الشام في العام 1832م وبلغت العلاقات الفرنسية العثمانية ذروة توترها مع فشل تلك الحملة 1841م. *13 يبقى لدينا ألمانيا التي كانت في عهد قيصرها "غليوم/وليام الثاني" معاصر السلطان عبد الحميد , والذي كان يدعم العثمانيين نكاية بفرنسا ومنافسةً لبريطانيا ولذلك كافأه عبد الحميد بإعطائه ألمانيا امتيازات أكبر من باقي الدول الأوروبية وكذلك بمنحها إمتياز تعهد سكة حديد بغداد . *14 ـ أهم وأبرز مراحل العهد الحميدي : أ ـ المشروطية الأولى : كان الصدر الأعظم , رئيس الوزراء العثماني هو مدحت باشا الشهير , قد أعلن ـ المشروطية الأولى ـ في أيلول عام 1876 م بعد تسلم السلطان عبد الحميد الحكم مباشرة , وتعني المشروطية الأولى , القانون الأساسي للدولة العثمانية أي ـ الدستور العثماني ـ وقد تضمن إنشاء الدستور الحصانة النيابية والتشريع والميزانية والمحكمة العليا ونظام اللامركزية الإدارية . لم يتم تنفيذ المشروطية الأولى فعلياً بل كانت وليداً "مات قبل ولادته" كما يقال ، فقد أقيل أبو المشروطية مدحت باشا من منصبه في 5 شباط 1877م أي بعد خمسة أشهر من إعلان المشروطية وقد لعبت الأصابع "اليهودية والماسونية" دورها الخطير في التفريق بين الرجلين الكبيرين , أي بين السلطان عبد الحميد وبين مدحت باشا . ب ـ المشروطية الثانية : قامت ثورة "جمعية الاتحاد والترقي" على عبد الحميد عام 1908 م واتهمته بقتل مدحت باشا ، وسيطرت هذه الجمعية على مقاليد الحكم بالتدريج فأعلنت قيام المشروطية الثانية _الدستور الثاني _ في 24/ حزيران 1908 وكانت المشروطية الأولى مجمدة منذ العام 1877م . ولم يكن الدستور الثاني إلا تحقيقاً لمآرب الدول الغربية في السلطنة العثمانية وتمهيداً لإنهاء عهد السلطنة حيث تم خلع السلطان عبد الحميد في 24 نيسان عام 1909 وكان خلع عبد الحميد فعلياً هو بداية النهاية للسلطنة العثمانية. وتم تنصيب محمد رشاد الخامس سلطاناً مكان عبد الحميد ، وقد غدا السلطان محمد رشاد هذا ألعوبة في يد جمعية الاتحاد والترقي ومن ورائها القوى الغربية ولاسيما المحفل الماسوني الايطالي . وبقي رشاد سلطاناً "صورياً "حتى العام 1918 م ، وتلاه السلطان محمد وحيد الدين السادس [ 1918 ـ 1922م ] ، ثم جيء بآخر سلطان عثماني وهو عبد المجيد الثاني الذي قام بخلعه مصطفى كمال وإعلان الجمهورية التركية في عام 1924 . ملاحظة : تلقب السلاطين العثمانيين منذ بداية عهد عبد الحميد 1876 حتى خلع السلطان محمد وحيد الدين السادس وإعلان الجمهورية التركية عام 1924م بلقب "الخليفة" , وكانوا قد تلقبوا سابقا بلقب "حامي الحرمين الشريفين" . _ المحاولات الغربية / الصهيونية للاستيطان في فلسطين منذ 1840م , وخصوصاً في عهد عبد الحميد , وردة فعل عبد الحميد عليها: لم تكن محاولة اليهود " الكبرى" للاستيطان في فلسطين في العام 1901 هي الأولى من نوعها فقد سبقتها محاولات كثيرة أهمها : 1ـ عام 1840 : وجه اللورد بالمر ستون وكان وزير خارجية بريطانيا رسالة إلى سفيره في إستانبول يطالبه فيها ببحث مسألة توطين اليهود في فلسطين مع السلطان العثماني وهو يحرضه على إغراء العثمانيين بالأموال الكثيرة التي سيجلبها هؤلاء اليهود . وبعد مرور عام أي في العام 1841 أرسل بالمر ستون رسالة أخرى إلى سفيره في الأستانة طالبه فيها بإقناع السلطان بإباحة هجرة اليهود وقال: " سيكون مفيداً جداً للسلطان إذا ما أغرى اليهود المبعثرين في أوروبا وأفريقيا بالذهاب والتوطن في فلسطين..." . 2 ـ في عام 1882 م [وكان عبد الحميد قد صار سلطاناً ] أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قراراً بتحديد هجرة يهود أوروبا إلى أمريكا الشمالية وحاولت بالمقابل "دفش" هؤلاء اليهود باتجاه الهجرة إلى السلطنة العثمانية وخاصة إلى فلسطين . ولكن السفير الأمريكي في إستانبول أخفق في إقناع وزير خارجية عبد الحميد في عرض الفكرة عليه . 3 ـ محاولة أخرى قامت بها بريطانيا في عام 1887م لدى السلطان عبد الحميد بالذات , بذلت فيها بريطانيا كل جهودها وإغراءاتها المالية ووعودها العلنية والسرية بالوقوف إلى جانب الدولة العثمانية , و لكن عبد الحميد ثبت على رفضه القاطع . 4 ـ عام 1896م حاول ثيودور هرتزل عن طريق صلاته مع دوق بادن الأكبر الحصول على إذن لمقابلة القيصر الألماني غليوم وهو صديق عبد الحميد وشرح فوائد المشروع الصهيوني للقيصر علّه يساعد اليهود في إقناع السلطان ولكن القيصر الألماني تهرب لعلمه بموقف عبد الحميد الرافض. كما حاول "هرتزل" محاولة أخرى مع القيصر وكانت عند زيارة القيصر غليوم الثاني للسلطنة عام 1901 وذلك لغرض تمرير المشروع مع عبد الحميد , عن طريق الإغراء بالمال والإغراءات السياسية الأخرى , ولكن طلب هرتزل قوبل بالرفض القاطع. وكان هرتزل قد رسم سابقاً سياسات الاستيطان اليهودي المبرمج فقال في "يومياته" عام 1895عن بعض هذه السياسات ـ ما يلي : [ يتوجب علينا أن ننتزع الملكية الخاصة لأراضي فلسطين من أيدي ملاكها ، وينبغي أن يكون ذلك في لطف وفي منتهى السرية والتكتم والحذر الشديد ، وعلينا أن نقوم بتهجير السكان المعدمين ـ الفلسطينيين ـ عبر الحدود ، بعد أن نسد أمامهم كل مجال للعمل في بلادنا ـ فلسطين ـ بينما نحاول تأمين استخدامهم وتشغيلهم في بلدان العبور ] . عندما سئل هرتزل عن الحدود الشمالية المقترحة للدولة اليهودية في مؤتمر بال عام 1897م وما إذا كانت " ستقف في حدودها عند مدينة بيروت أم ستتعداها شمالاً " ؟ قال: " عندما نصل إلى بيروت سوف يكون من المهم أن نسأل أنفسنا هذا السؤال، إن حدود دولتنا سوف تتوقف على عدد المهاجرين إليها, كلما كان هناك مهاجرون أكثر كلما احتجنا إلى مساحات أكبر ومن الأرض أوسع ". بعد رفض عبد الحميد للاتصالات "غير المباشرة" , أتبعت الحركة الصهيونية المبدأ المباشر القائل " ماحك جلدك مثل ظفرك " ولذلك قرر زعمائها طلب المقابلة وجهاً لوجه مع السلطان عبد الحميد شخصياً لعرض المشروع عليه وكانت هذه هي : 5 ـ المحاولة الكبرى التي بذلها الصهاينة لدى عبد الحميد وقد جرت في عام 1901م , {نقلا عن [شهادة شاهد عيان] , هو الشيخ علي شيخ العرب منقولة بحرفيتها عن كتاب الدكتور موفق بني المرجة , "صحوة الرجل المريض" } , وكانت هذه الشهادة على الشكل التالي : قام عدد من كبار زعماء اليهود وخصوصا الدونمه من الصهاينة وهم : 1ـ المحامي "عمانوئيل مزراحي قره صو/ الماء الأسود / black water" : وهو يهودي من سالونيك ورئيس "محفل مقدونيا ريزورتا الماسوني" ومقر ذلك المحفل . وكان يجتمع فيه أيضاً أعضاء جمعية " تركيا الفتاة / الإتحاد والترقي" , في مدينة سالونيك . 2ـ جاك قمحي : وهو رجل بنوك تركي وهام جداً ويعرف بلقب " روتشيلد إستانبول " . 3 ـ ثيودور هرتزل : أمين عام المؤتمر الصهيوني الأول . 4 ـ ليون كوهين : وهو شقيق موسيه كوهين من كبار رجالات الدونمه [ وقد غير "مُسيه" اسمه على عادة الدونمه من "مُسيه كوهين " إلى "مونيس تكين آلب" : وهو اسم تركي ] . راجع هادي علي حسن , (13) ص 169. وذهب هؤلاء إلى قصر يلدز , وهو مقر حكومة عبد الحميد في إستانبول طالبين مقابلة السلطان العثماني فأستقبلهم تحسين باشا رئيس الكتاب , وأصر تحسين باشا على معرفة مايريدونه لينقله للسلطان حرفياً فأبدوا استعدادهم لـ : ـ الوفاء بجميع الديون المستحقة على الدولة العثمانية . ـ بناء أسطول لحماية الدولة . ـ تقديم قروض بخمسة وثلاثين مليون ليرة ذهبية, دون فائدة, لإنعاش مالية الدولة وإنماء مواردها. وكل ذلك مبدئياً هو مقابل : ـ إباحة دخول اليهود إلى فلسطين في أي يوم من السنة للزيارة . ـ السماح لليهود بإنشاء مستوطنات وخصوصا قرب القدس ينزل فيها أبنائهم بحجة الزيارة ! وحينما نقل تحسين باشا ما سمعه إلى السلطان عبد الحميد , أجابه قائلا : قل لهؤلاء اليهود الوقحين [ أنصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جديدة في هذا الموضوع ، إنني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من هذه الأرض فهي ليست ملكي بل ملك للأمة الإسلامية التي جاهدت في سبيلها وروتها بدمائها فليحتفظ اليهود بأموالهم وملايينهم , وإذا ما مزقت يوماً دولة الخلافة فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن ؟ أما وأنا حي فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من الدولة الإسلامية ، وهذا أمر لا يكون ، أنني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة ] . وقد أرسل عبد الحميد بعد ذلك إلى ممدوح باشا ناظر الداخلية مكلفا إياه بالاتصال برءوف باشا وهو متصرف القدس لكي يقوم فوراً بالتحري عن اليهود في فلسطين ولاسيما في القدس وحولها بحيث لا يبقى منهم إلا الزائرين للحج ولفترة محدودة. يتبع .... آخر تعديل زياد هواش يوم 12-09-2009 في 05:53 PM.
|
|||
11-09-2009, 05:01 PM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
رد: السلطان العثماني عبد الحميد ودوره في مقاومة الاستيطان الصهيوني في فلسطين.
ـ الهوامش المرجعية والمصادر: |
|||
12-09-2009, 05:18 PM | رقم المشاركة : 3 | |||
|
رد: السلطان العثماني عبد الحميد ودوره في مقاومة الاستيطان الصهيوني في فلسطين.
السلطان العثماني عبد الحميد |
|||
13-09-2009, 11:05 AM | رقم المشاركة : 4 | |||
|
رد: السلطان العثماني عبد الحميد ودوره في مقاومة الاستيطان الصهيوني في فلسطين.
السلطان العثماني عبد الحميد |
|||
22-09-2009, 06:07 AM | رقم المشاركة : 5 | |||
|
رد: السلطان العثماني عبد الحميد ودوره في مقاومة الاستيطان الصهيوني في فلسطين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : |
|||
22-09-2009, 07:16 AM | رقم المشاركة : 6 | ||||
|
رد: السلطان العثماني عبد الحميد ودوره في مقاومة الاستيطان الصهيوني في فلسطين.
اقتباس:
|
||||
22-09-2009, 12:16 PM | رقم المشاركة : 7 | |||
|
رد: السلطان العثماني عبد الحميد ودوره في مقاومة الاستيطان الصهيوني في فلسطين.
الاخوة الكرام .. |
|||
22-09-2009, 06:41 PM | رقم المشاركة : 8 | |||
|
رد: السلطان العثماني عبد الحميد ودوره في مقاومة الاستيطان الصهيوني في فلسطين.
http://www.mnaabr.com/vb/showthread....9&goto=newpost |
|||
22-09-2009, 07:59 PM | رقم المشاركة : 9 | ||||
|
رد: السلطان العثماني عبد الحميد ودوره في مقاومة الاستيطان الصهيوني في فلسطين.
اقتباس:
|
||||
24-09-2009, 05:28 PM | رقم المشاركة : 10 | |||
|
رد: السلطان العثماني عبد الحميد ودوره في مقاومة الاستيطان الصهيوني في فلسطين.
الأخ الكريم جمال الشرباتي : الملنتدى معطل حالياً ولا أعتقد إن الرابط محذوف فلا أحد يستطيع الدخول إليه منذ أسبوع و لا ندري السبب |
|||
03-06-2012, 05:13 AM | رقم المشاركة : 11 | |||||
|
رد: السلطان العثماني عبد الحميد ودوره في مقاومة الاستيطان الصهيوني في فلسطين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
|
|||||
03-06-2012, 05:26 AM | رقم المشاركة : 12 | |||||
|
رد: السلطان العثماني عبد الحميد ودوره في مقاومة الاستيطان الصهيوني في فلسطين.
المصدر الرئيسي لمعلومات هذا الموضوع كتابات المفكرين العرب وهم للأسف الشديد ندرة فى هذا المجال .. مجال الكتابة السياسية الموثقة .. نظرا لبعد المصادر الوثائقية عنهم ولا يخرج منهم على سبيل الإستثناء إلا محلل سياسي واحد يعد واحدا من أكبر المحللين السياسيين فى العالم ويحتل القمة مع أربعين كاتبا وباحثا سياسيا تعتبر كتبهم فى العالم أجمع مصادر لها حجيتها وأهميتها لتى تستطيع تغيير سياسات دول بأكملها وأعنى به المفكر السياسي الكبير محمد حسنين هيكل الذى يعد الإستثناء الوحيد فى الشرق الأوسط بين المفكرين .. لأن كتبه التى تلاقي فى الغرب أضعاف أضعاف الاهتمام فى العالم العربي تعد هى الباب الرئيسي لإقرار الحقيقة فى عالم من الزيف يحكم السياسية العربية كما أنه يعد استثناء فى مصادره .. فهى مصادر رهيبة فى ثرائها وكتبه تحفل بمئات الوثائق , معظمها يكون خارجا لأول مرة على يد هيكل بحيث أنه يسبق بعض كبار المحللين الغربيين فى الوصول إليها نتيجة لصلاته الوثيقة بعدد غير محدود من السياسيين الحاليين والسابقين فى شرق العالم وغربه إضافة لاحتفاظه بمعظم وثائق العهد الناصري فى مصر عندما كان المستشار الأقرب للرئيس عبد الناصر طيلة ثمانية عشر عاما أحسن استغلالها فى تجميع التاريخ الوثائقي لتلك الفترة ولا يمكن الإختلاف بأى حال مع هيكل فى صحة وثائقه " الخاصة أو العامة " أو الحقائق التى تتضمنها كتبه لأن وثائقه كلها مسندة لهيئات ومؤسسات رسمية غير أنه يمكن الإختلاف معه فى فقط فى التحليل أو الاستنتاجات التى يمكن استنباطها من تلك الوثائق مع ضرورة ملاحظة أن تحليلاته التى تقرأ ما خلف الوثيقة تكون فى تسعين بالمائة منها هى الأحق بالنظر نظرا لخبرته اللا محدودة ونظرا لمكانته وتحليلاته كان طبيعيا أن تتعارض كتاباته مع النظم السياسية المختلفة بالدول العربية وساد المنع والحظر على كتبه بمصر لمدة عشر سنوات حتى عام 1985 م نتيجة لاختلافه مع النظام المصري السابق ثم حدث ما يشبه الهدنة إلى أن تجددت المصادمات منذ عام 1996 م وتوترت العلاقة بين هيكل والنظام المصري الحالى عقب محاضرة سياسية ألقاها بالجامعة الأميركية وتناولت الأوضاع المعاصرة للبلاد وحملت معها تحليلا نقديا فعالا ومنذ بداية خروجه لمعالجة الشأن الجارى بصفة منتظمة مع بداية عام 2000 م كتابة وإلقاء على القنوات الفضائية زادت حدة الخلاف ولو أن الأمر لم يصل إلى حظر الكتابات ولو أنه وصل مؤخرا إلى درجة اقتحام الأمن لاستديو التسجيل الخاص ببرنامجه الشهير " مع هيكل " وتحطيمه وهو الإستديو الذى كان معدا لاستئناف حلقاته من مدينة الإنتاج الإعلامى بالقاهرة أما علاقاته مع العالم العربي فهى على الخلاف فى أغلبها لنفس الأسباب الخاصة بكتاباته العميقة الموثقة لشتى الأحداث وتسببت فى أزمات مزلزلة مثل كتابه الأهم عن حرب الخليج الثانية عام 1992 " أوهام القوة والنصر " ولم يكن قد مضي عليها أكثر من عام ورغم ذلك جاء الكتاب مليئا بما خفي وبما جرى وراء الستار واحتجت بعض البلاد العربية والإفريقية عليه عدة مرات .. وأيضا كتابه الصادر لمجموع مقالاته فى مجلة وجهات نظر القاهرية وهو الكتاب الذى عنونه هيكل باسم " قضايا ورجال " وتناول فيه بعض السياسيين فى العالم العربي كاشفا عن أخص أسرارهما مع الولايات المتحدة منذ الستينات من القرن الماضي وحتى اليوم بالإضافة إلى قنبلته حول منظمة الفرانكوفونية التى شاركت فيها عدة دول عربية ومنها مصر وكشف هيكل الجانب المظلم من تلك المنظمة ذات الستار الثقافي والتى تورطت فى عدة خنادق وعواصف هى أبعد ما يكون عن نطاق الأمن القومى العربي وأتى حديثه على قناة الجزيرة الخاص بالحالة السياسية الراهنة للعرب والذى كشف فيه النقاب عن دولة مجهولة وغامضة تماما هى دولة " فرسان مالطة " تلك الدولة التى تكونت على أساس عقائدى وعلاقات سياسية مشبوهة تورطت فيها بعض النظم العربية إلى درجة تبادل التمثيل الديبلوماسي برغم أنها دولة ذات نظام بالغ الغموض ومجهولة تماما فى العالم حتى بالنسبة للمهتمين بالشأن السياسي وكتابات الأستاذ حول الصراع العربي الإسرائيلي عامة والقضية الفلسطينية بصفة خاصة تعد المصدر الأهم لنا فى تلك الدراسة وهى ثلاثية ( المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل ) المنشورة عن مركز الأهرام للترجمة والنشر وبها توثيق مراحل الصراع منذ عصر نابليون صاحب فكرة الوطن القومى لليهود وحتى مفاوضات أوسلوا بالإضافة للمراجع التاريخية التى تعالج التمهيد اللازم لقضية فلسطين فى القرن الثامن والتاسع عشر ,, دور العثمانيين فى إنشاء المشروع الصهيونى من السلطان عبد المجيد صاحب عقد اتفاقية 1840 م , حتى السلطان عبد الحميد كان للخلافة العثمانية دورا رئيسيا فى تنفيذ المشروع الصهيونى .. والسلطان عبد الحميد كان له الدور الأوثق فى كارثة فلسطين .. كما تبين من خلال الوثائق المنشورة وكانت تضم محاضر جلسات ويوميات لأبطال تلك الفترة من قادة المشروع الصهيونى بفلسطين وما بين السلطان عبد المجيد والسلطان عبد الحميد كان هناك السلطان العزيز والسلطان مراد وما بين الأربعة دارت الرحى .. لكن اللاعبان الأساسيان فيها كانا عبد المجيد وعبد الحميد فالسلطان عبد المجيد هو الذى استنجد بأوربا على محمد علىّ وأتم اتفاقية 1840 م بعد أن وصلت جيوش إبراهيم باشا إلى الأراضي التركية وهددت العاصمة .. وفى عهده تم بث البذرة فى اتفاقيات إنشاء الوطن القومى لليهود باعتباره سيخدم مصالح السلطان وحلفائه فى فصل مصر عن الشام نهائيا بشكل لا يمكن معه توقع احتمال اتحادهما فى دولة واحدة تهدد تلك المصالح ( أى أن البريطانيين أقنعوا السلطان بأن السبيل الوحيد أمامه للدفاع عن السلطنة من نشء دولة فتية بين مصر والشام هى زرع جسم غريب يمنع الإتصال الطبيعى بين الطرفين .. وقبل عبد المجيد هذا المنطق خوفا من تكرار تجربة محمد على ) وقد كان أطراف الإتفاق .. السلطان والحاشية ـ رئيس الوزراء البريطانى بالمرستون الذى أقنع السلطان عبد المجيد بأهمية تدفق الهجرات اليهودية وكان هذا الأمر يسبب قلقا للسلطان ـ ليس من قبيل الوطنية بل من خشيته فضح الأمر ـ ولكن بالمرستون والقيادات اليهودية الممولة للمشروع برياسة الإمبراطور المالى البريطانى روتشيلد تمكنوا من قهر العناصر المعارضة فى حاشية السلطان واستغلوا أن عودة القيادة العثمانية للشام كانت عودة مرهقة وضعيفة عقب الاشتباكات مع محمد علىّ ومضت الخطوات سريعا وقام بالمرستون بإصدار منشور سري لقناصلة بريطانيا فى كل من دمشق وحلب والقدس وبيروت وحيفا موجود بنصه فى الجزء الأول من سلسلة " المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل " لمحمد حسنين هيكل فى الصفحة ( 56 ـ 57 ) وملخص توجيهات بالمرستون كانت كالتالى • إعلان قبول يهود العالم للحماية الإنجليزية ( ولا أحد يعرف متى تم أو كيف حدث هذا ) • نداء لليهود بالتوجه للحكومة البريطانية فى مسألة تسهيل عودتهم لوطنهم القومى الجديد واستمرت المخططات سائرة أيضا فى عهد رؤساء الوزارة البريطانية بعد بالمرستون حيث تولاها كل من جلادستون ودزرائيلي وكليهما صهيونى .. فالأول صهيونى مسيحى والثانى صهيونى يهودى .. كما تتابعت الخطط واستقرت واتخذت شكل التنفيذ الفعلى بعد مؤتمر بازل بسويسرا والذى قاده تيودور هيرتزل دور السلطان عبد الحميد هناك الكثير من المثقفين والكتاب لا سيما بالمجال الدعوى , من يعتنقون فكرة بطولة السلطان عبد الحميد الثانى ووقوفه فى مواجهة الخطط الإستعمارية لبريطانيا والحركة الصهيونية وليس هناك مصدر لهذه المعلومات إلا مذكرات السلطان عبد الحميد وهى بالطبع مذكرات لا يعتد بها .. ويأتى هذا التصديق لتلك المذكرات من منطلق التعاطف مع آخر تجارب الخلافة إلا أن الوقائع على الأرض والوثائق الرسمية التى ظهرت خلال ثمانينات وتسعينات القرن الماضي تكذب هذا بالطبع لأن ما تم تحقيقه من المشروع الصهيونى على الأرض فى عهد السلطان عبد الحميد يكشف الدور فى وضوح ساطع فبداية .. ينبغي أن ندرك كيف تختلف المذكرات الشخصية للقادة والسياسيين فى عالمنا عن مثيلاتها فى الغرب ففي عالمنا العربي والإسلامي , تعد المذكرات الشخصية عبارة عن بوابة عريضة لصنع البطولات الزائفة لصاحبها بعيدا عن أى معيار تاريخى أو حتى منطقي يحكم الروايات التى ترد بهذه المذكرات وتنافي الوقائع الكائنة فعلا على نحو يدفعنا للتساؤل عن سبب التراجع الإسلامى والعربي ما دامت الحقائق كانت كما رواها هؤلاء القادة وتبين لنا أن تاريخنا الحديث والمعاصر حفل بعدد من الأبطال لم يتوافر للعصور السالفة فى حضارتها الإسلامية الكبري ؟! أما المذكرات واليوميات التى يكتبها قادة الغرب فتختلف فى مصداقيتها عن مذكرات عالمنا .. وهذا يرجع إلى عدة أسباب .. الأول .. وجود مبدأ التوثيق فى الأعمال السياسية الغربية مهما كانت بساطتها فكل تصرف حكومى وكل مقابلة أو تفاوض تم بين أحد قادة الغرب أو مسئوليه مع أى مسئول آخر أجنبي أو وطنى يتم توثيقه فورا , ولا يسمح بتعديله بحيث يعتبر المرجعية اللازمة لتاريخ الغرب المعاصر .. ولذلك فهناك مدة معينة تحكم مسألة الإفراج عن تلك الوثائق والسماح بتداولها نظرا لأنها تسجل بدقة تفاصيل تمس الأمن القومى ويتعين إخفاؤها حتى تنجلى خطورة إعلانها وهناك من الوثائق ما لا يسمح بإعلانه مطلقا كاستثناء نادر عن القاعدة وهو الأمر الذى لا نراه فى عالمنا العربي إلا بشكل جزئي وفيما يخص الأعمال السياسية المعلنة أو التى لا تخص اتفاقيات سرية فتلك النوعية لا يتم بأى حال من الأحوال توثيق شيئ منها وإن تم فهى قيد السرية المطلقة ما لم تعلن فى ظروف غير عادية كأن يتغير النظام السياسي فى الدولة أو ما شابه فتنكشف تلك الوثائق ثانيا .. لا يكتب السياسيون الغربيون مذكراتهم بالطريقة التى يكتب بها الشرقيون .. ففي الغرب عادة أصيلة تحكم الأغلب الأعم من الشخصيات العامة حيث يقوم كل مسئول بكتابة يومياته بشكل منتظم كل يوم وبالتالى تكون تلك المذكرات على أعلى درجة من الدقة .. بينما فى عالمنا يختلف الأمر حيث يلجأ السياسيون عندنا لكتابة مذكراتهم بعد أن ينهى كل منهم حياته وتجربته السياسية بالفعل , ولذا تأتى المذكرات غير دقيقة نتيجة للمدة الطويلة التى تتم معالجتها فيها بالإضافة ـ وهو الأهم ـ أن الوقائع المذكورة فى المذكرات لا تعتمد على الحقائق بل تعتمد على المواقف الأخيرة التى اتخذها السياسي لنفسه فتكون الأحكام والروايات مصاغة تحت هذا القيد بغض النظر عن الحقائق ولهذا نجد التضارب رهيبا بين مذكرات قادة العهد الواحد كما حدث مثلا فى مذكرات قادة يوليو فى مصر فثورة يوليو لها ـ طبقا لتلك المذكرات ـ عدد من روايات الأحداث والتفاصيل بعدد أصحاب المذكرات , كل منهم أظهر نفسه على أنه البطل المحورى للأحداث وأنه تعرض للخيانة والإبعاد من زملائه على نحو ما رأينا فى المذكرات الشخصية لكل من أنور السادات وخالد محيي الدين وحسين الشافعى وجمال حماد ومحمد نجيب وصلاح نصر وعلى صبري وبعض مذكرات السياسيين والصحفيين من حولهم مثل مذكرات أحمد بهاء الدين وجلال الحمامصي وأحمد حمروش ومصطفي أمين وغيرهم عشرات مما سبق يتضح لنا أن مذكرات قادة الغرب محكومة بيوميات مسجلة بشكل منتظم بالإضافة لعدم قدرة هؤلاء القادة على تغيير الأحداث والحقائق نظرا لوجود الوثائق التى تمثل المرجعية الكاشفة .. ولذا لا يستطيع أى سياسي غربي أن يزيف أى واقعة مهما كانت بساطتها لأنها ستنكشف آجلا أم عاجلا ويكون الحل الوحيد أمامه عدم نشر المذكرات ولن يعنى هذا غياب الحقيقة للأبد لأن الوثائق ستخرج إلى النور بمضي مدة الحجب ولهذا وجدنا الوثائق الغربية تفصح عن أسرار بالغة الخطورة تمس علاقات دول حليفة .. وبالرغم من ذلك لم تستطع الحكومات منع نشرها رغم كارثيتها على العلاقات بين الدول الحليفة مثل واقعة تدخل المخابرات البريطانية بأوامر مباشرة من وينستون تشرشل رئيس وزارء الحرب فى الحرب العالمية الثانية لكى تخدع اليابانيين بتسريب معلومات مضللة عن نية الأسطول الأمريكى فى مهاجمة الجزر اليابانية , وهو ما يخالف الواقع قطعا فما كان من اليابان إلا أن قامت بضرب الأسطول الأمريكى فى بيرل هابر فى أكبر كارثة شهدها الجيش الأمريكى فى تاريخه مما أدرى بروزفلت لحسم التردد واختيار قرار الحرب والدخول الفعلى إلى جانب الحلفاء وهو ما كان يسعى إليه البريطانيون من البداية لإقناع الأمريكان به وفشلوا حتى نفذ جهاز المخابرات تلك العملية بينما فى العالم العربي والإسلامي لا توجد وثائق فى الأصل لأى وقائع سرية جرت فى تاريخ المنطقة ـ وما أكثرها ـ وكان السبيل الكاشف الوحيد الذى تمكن الباحثون عن طريقه من كشف تلك الأحداث هو الوثائق الأجنبية التى تم الإفراج عنها وهذا بالطبع فى مجال الحوادث التى جرت ببطولة الطرفين .. مثال ذلك الدور العربي المناوئ فى حرب فلسطين و فضيحة إيران كونترا وبعض أسرار حرب النكسة وأكتوبر 1973 فيما يخص بعض الممارسات العربية وأيضا حقيقة منظمة الفرانكفونية وأسرار ووقائع حرب الخليج الأولى والثانية .. ومؤخرا مذكرات أحد القادة العسكريين الأمريكيين التى أفصحت عن دور عدد من الرؤساء العرب فى الإلحاح على إعدام صدام حسين بعد إحتلال العراق عام 2003 م أما الأحداث التى كانت قاصرة على السياسة العربية وحدها فلا تزال مغيبة فى أكثرها فيما عدا تلك الوقائع المحدودة التى أفصح عنها شهودها بأدلة مقبولة وخرجت بغرض الإنتقام بين أطرافها وهى نادرة فى الغالب .. فيما عدا ذلك فلا زال العالم العربي يتخبط حيرة فى صدد عشرات الحقائق الغائبة عن وقائع تاريخية لا زالت تمثل ألغازا تفوق فى غموضها لغز مثلث برمودا .. ومن أمثال تلك الغوامض قضية الأسلحة الفاسدة بالجيش المصري فى حرب 1948 م وتفاصيل تلك الحرب كلها و أسرار الإنقلابات فى سوريا .. و دور المنظمات الفلسطينية فى خدمة بعض أغراض السياسة العربية بأسلوب الإغتيال والإرهاب وغيرها وظروف الإتفاقيات السرية التى تمت الجانبين العربي والإسرائيلي عبر أربعين عاما وما ينطبق على المذكرات ينطبق على كتب التاريخ فى العالم الغربي والعالم العربي .. فالفارق شاسع بالطبع فما يتم كتابته فى الغرب يكتسب قيمته من جهد الباحث فى التنقيب فلا يضع تحليلا لواقعة تاريخية ما لم يورد الواقعة ذاتها منسوبة لوثيقة مرقمة ومحفوظة فى جهات رسمية وحكومية أو شهادات من معاصريها وإلا يتم رفض الكتاب وما يحتويه أما فى العالم العربي فالباحثون بذلوا قصاري جهدهم فى التنقيب ولم يمكنهم حسم العديد من الروايات المختلفة للواقعة الواحدة ولم يسعفهم إلا الوثائق الغربية التى عالجت الجانب السياسي العربي فى بعض فتراته وبالعودة إلى واقع الحال يتبين لنا تناقض الأحداث التى وردت فى مذكرات السلطان عبد الحميد وبين الواقع الفعلى حيث تولى السلطان عبد الحميد الخلافة عام 1876 م وقبل أن يمضي عام واحد بدأت خطوط الإتصالات بينه وبين البريطانيين من جهة وبينه وبين قادة الصهيونية مباشرة من جهة أخرى وكان شرطه الذى أكد عليه ـ كما هى عادة قادة عالمنا ـ السرية الكاملة فى تلك الإتصالات وعدم البوح بها أو التعرض لها إعلاميا وفى نفس الوقت الذى يمضي فيه المتآمرون فى خطتهم يكون الخطاب الإعلامى للسلطان فى الجانب الآخر تماما وهى سياسة إعلامية كان للسلطان عبد الحميد السبق فيها حيث انتهجها بعده سائر الرؤساء والأمراء والملوك العرب فيما يخص السياسة الخارجية فالخطاب الجماهيري شيئ .. وما خلف الستار والواقع الفعلى شيئ آخر تماما وقد ظهرت أبرز وجوه هذا الأسلوب فى عدد كبير من الأمثلة كان آخرها ما تم كشفه عن خلفيات مفاوضات أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية ممثلة فى عرفات وأبو مازن وبين إسرائيل ممثلة فى اسحق رابين وشيمون بيريز برعاية النرويج والولايات المتحدة .. حيث اتفق الطرفان على فترة سماح تعقب الإتفاقية يكون فيها للفلسطينيين الحق فى انتهاج خطاب إعلامي هجومى على إسرائيل يختلف إختلافا تاما بطبيعة الحال عن واقع ما أسسته الإتفاقيات وهذا للحفاظ على ماء الوجه أمام الشعوب التى فوجئت بموقف قادة منظمة التحرير وهو ينقلب من النقيض إلى النقيض فى شهور معدودة وفوجئوا أيضا بأنها أقرت ما ظلت خمسين عاما تعتبره خيانة للقضية وللأمة العربية مثل الإعتراف بوجود الدولة اليهودية وحقها والإعتراف بقرار مجلس الأمن 242 الذى أقسم عرفات سابقا أنه سيقطع يده قبل أن يوقع عليه كما تم إسقاط الدستور الفلسطينى بأكمله وتغييره نظرا لاحتوائه على عبارات إنكار حق إسرائيل فى الوجود والمناداة بالجهاد المتصل .. وكان مبعث الإنكار الشعبي هو السؤال المنطقي عن جدوى الممانعة فى التفاوض طيلة خمسة وعشرين عاما منذ رفض الفلسطينيين للدخول طرفا فى إتفاقية كامب ديفيد مع الرئيس السادات وقبولهم بنفس الشروط عام 1995 م فضلا على أن المقابل كان فى أيام السادات أكبر بكثير مما وعد الإسرائيليون به ولم ينفذوا منه بندا واحدا وبالفعل ظهر عرفات نافيا أن تكون الإتفاقيات معناها أن العداء قد انتهى وأن النضال قد توقف , وما إلى ذلك من كلمات الإستهلاك المحلى فى نفس الوقت الذى قام فيه شيمون بيريز بلفت نظر الرئيس الأمريكى بيل كلينتون إلى أن عرفات تجاوز الإتفاق فى فترة الحياد الإعلامى وتعدى الخط الأحمر فى خطابه لشعبه وأن هذا يدفع الحكومة الإسرائيلية للحرج الشديد أمام الكنيست الذى يجد فى نصوص الإتفاقية أشياء ويجد نقيضها فى خطاب عرفات ! غاية القول أن هذا الأسلوب الذى يرجع فضله للسلطان عبد الحميد , هو الأسلوب الذى يحكم السياسة العربية منذ خمسينيات القرن الماضي بالذات فى الإتصالات السرية بين العرب وإسرائيل حيث جرت العادة على قبول إسرائيل وتفهمها لمسلك القادة العرب فى شأن الخطاب العدائي المناقض لإتفاقيات الداخل بينهم وفى نفس الوقت الذى يؤكد فيه السلطان عبد الحميد بمذكراته أنه تصدى للخطط الصهيونية تكشف الوثائق الغربية ما تم الإتفاق عليه وواكبه التنفيذ الفعلى فور إعتلاء السلطان عبد الحميد لعرش السلطنة ففي عام 1977 م وعلى إثر اتفاق السلطان مع البريطانيين تم فتح باب الهجرة على أوسع أبوابه أمام اليهود ليصبح عدد اليهود فى فلسطين وحدها أربعة وعشرين ألفا بعد أن كان قبل عام واحد فقط هو عام توليه السلطنة أقل من ثمانية آلاف يهودى وأيضا وعلى خلفية نفس الإتفاق فى نفس العام ظهرت أولى المستعمرات اليهودية على الإطلاق وهو الأمر الذى لم يجرؤ سلطان عثمانى قبل عبد الحميد أن يعطى الإذن به حيث قام المليونير البريطانى البارون روتشيلد بتمويل صفقة إنشاء أولى مستعمرات اليهود وهى مستعمرة ( بتاح كفاه ) على مساحة رهيبة بلغت 2275 فدانا وفى نفس الوقت أيضا حصلت بريطانيا على إذن السلطان بالسماح لقواتها بالنزول فى قبرص لمراقبة ما يجرى فى سواحل الشام خوفا من أى تطورات أو مصادمات وسمح لها السلطان بذلك كما أن بريطانيا حصلت من السلطان العثمانى عبد الحميد الثانى على منشور بمرسوم سلطانى صدر عام 1882 م يعلن فيه السلطان عصيان أحمد عرابي باشا ويطالب الشعب المصري بنبذه لمخالفته أوامر خديو مصر توفيق باشا .. وعلى إثر هذا المرسوم قامت بريطانيا بالتدخل العسكري متذرعة بنجدة رعاياها ونجدة الخديو الشرعي للبلاد وقامت بإحتلال مصر فى ضربة جاءت فى توقيتها المثالى حتى يبتعد المصريون تماما عن أى شعور بالأحداث الجارية على قدم وساق بفلسطين بعد إنشغالهم بقضية بلادهم التى تطورت من قضية الخلاص من ديكتاتورية الخديو إلى قضية الإستقلال أما أخطر ما تم بخصوص المشروع الصهيونى فى عهد السلطان عبد الحميد هو حصول أسرة روتشيلد وشركائها من بيوت المال اليهودية على إذن السلطان بتنظيم الهجرات الجماعية مصاحبة لإنشاء المستعمرات الكافية لهم على أرض فلسطين فتم إنشاء المستعمرات اليهودية على نوعين .. الأول .. نوع عملاق تتراوح مساحة المستعمرة الواحدة منها بين 250 فدانا إلى 4000 فدان ويبلغ عدد هذه المستعمرات 20 مستعمرة بلغت مساحتها الإجمالية 24000 فدان .. وتعد أصغر مستعمرة منها هى مستعمرة ( بن شيمن ) على مساحة 250 فدانا وأكبرها مستعمرة ( روش بينا ) وبلغت مساحتها 3800 فدان تقريبا الثانى .. وهى مستعمرات صغري تتراوح مساحتها بين 50 و200 فدانا ويبلغ عددها العشرات ثم تزايدت الأمور تورطا عندما قام الساسة البريطانيون وغيرهم من المنتمين للمشروع الصهيونى بطرق أبواب السلطنة بطلبات أخرى وتنازلات أشد وكان من هؤلاء الساسة والمفكرين ( موزس هيس ) صاحب كتاب روما والقدس .. وأيضا ليو ينسكر صاحب كتاب التحرر الذاتى ثم ( توماس كلارك ) صاحب كتاب الهند وفلسطين .. وكان أخطرهم( إدراود لودفيج ميدفورد ) الذى دعا السياسة البريطانية للضغط أكثر على السلطان العثمانى ليقوم بتهجير السكان المحمديين ( هكذا سماهم فى مشروعه ) إلى الأراضي الواسعة الخالية فى شمال العراق ليتم إفساح المجال أكثر أمام المستوطنات التى تتسع كل يوم وأمام دفعات المهاجرين التى تتدفق بالآلاف تنفيذا للمشروع وعندما بلغ الحلم كيانه الفعلى على أرض الواقع بدأت الإتصالات المباشرة بين السلطان عبد الحميد الثانى وبين تيودور هيرتزل قائد الحركة الصهيونية الظاهر ونرى فى يومياته التى سجلها كيف سارت المفاوضات بينه وبين السلطان وحاشيته وعلى رأسهم جاويد بيك .. حيث ذكر تيودور هيرتزل فى مذكراته بتاريخ 15 يونيو 1896 ما نصه ( سوف نقدم للسلطان 20 مليون جنيه إسترلينى منها مليونان ثمنا لفلسطين كلها وثمانية عشر مليونا لمساعدة السلطنة فى التخلص من الديون الأوربية ) ثم يذكر فى يومياته بعد تلك الفترة بشهرين ما توصل إليه من نتيجة لعرضه فيقول ( التقيت اليوم مع جاويد بيك بن الصدر الأعظم خليل رفعت باشا ورتبت الأمور معه ! .. جاويد بيك مستعد لتفهم مشروعنا لكنه قلق بخصوص الأماكن المقدسة التى يجب أن تظل تحت الإدارة التركية حال قيام الدولة اليهودية .. ثم سألنى جاويد بيك عن شكل العلاقة بين الدولة اليهودية وبين دولة الخلافة فأخبرته أننا لا نفكر فى الإستقلال ولكننا نطمح فى نوع من العلاقة مع دولة الخلافة كتلك التى بين مصر وبينها ) ويغادر هيرتزل إسطنبول بعد عدة شهور بعد أن أتم الإتفاق فيقول فى يومياته ( أبلغونى أن السلطان أخذ علما بمشروعى لكنه يعارض فكرة بيع فلسطين لليهود وفهمت أنه يريد عقد الإتفاق بصيغة مناسبة لإنقاذ ماء الوجه ! .. فبعثت برسالة قلت فيها أن جماعتنا تعرض على جلالته قرضا بعشرين مليون جنيه إسترلينى وفى نظير ذلك يسمح السلطان لليهود بالمميزات التالية • يصدر جلالته دعوة كريمة لليهود بأن يعودوا إلى أرض آبائهم ! والدعوة من السلطان ستكون لها قوة القانون • يمنح اليهود الإستقلال الذاتى المعروف فى القانون الدولى ! • تجرى فى إسطنبول مفاوضات حول الشكل الذى تحقق به حماية السلطان لفلسطين اليهودية وبعد هذا العرض نعود لسؤالين هامين .. إن كان السلطان عبد الحميد حارب المشروع الصهيونى فكيف تم ما يلي أولا : زيادة عدد اليهود فى فلسطين من ثمانية آلاف قبل توليه السلطة إلى أربعة وعشرين ألفا بعد توليه السلطة ؟! ثانيا : حصول اليهود بمراسيم سلطانية رسمية موقعة من الصدر الأعظم بمساحات هائلة من الأراضي لانشاء مستعمرات فاق بعضها فى مساحته بعض القري فى المنطقة ؟! وكيف سمح السلطان بذلك ووافق عليه وهو يعلم نوايا المشروع الصهيونى ؟! بالغ التقدير
|
|||||
|
|