إيران تبادر بالاستفزاز في الخليج العربي...

[زياد هواش]

إيران تبادر بالاستفزاز في الخليج العربي...

في المياه الإقليمية لدولة الامارات العربية المتحدة قبالة مرفأ الفجيرة تعرضت أربع سفن بينها ناقلتان سعوديتان لعمليات تخريب يوم الأحد 12/5/2019 أحدهما كانت تتجه الى ميناء رأس التنورة النفطي لتحميل نفط باتجاه عملاء أرامكو في أمريكا ووزير الطاقة السعودي يعتبره تهديدا لحرية الملاحة وأمن الامدادات النفطية

كما هو متوقع بادر الحرس الثوري الإيراني الى الاعتداء في مياه الخليج العربي على ناقلات نفط سعودية بحثا عن تحدي كبير واستفزاز عالمي وضربة عسكرية يعتقد انها ستكون محدودة يقابلها رد محدود ثم تفاوض امريكي إيراني برعاية أوروبية تحرره من حصار العقوبات الامريكية القاتلة اقتصاديا وسياسيا

الساعات القليلة القادمة ستحمل ردا أمريكيا سياسيا وإعلاميا يتضمن الخطوط العريضة لمشهد الخليج وإيران في هذا الصيف الحارق
هل سنعود الى فترة 1984- 1988 حين هاجمت إيران والعراق الموانئ النفطية لكل منهما في الخليج وضربتا وأغرقتا 250 ناقلة نفط عملاقة في خضم حرب الثمان سنوات بينهما !

في العام 1986 بدأت إيران باستهداف ناقلات النفط الكويتية بسبب دعمها للعراق فطلبت الكويت حماية أمريكية لمرافقة سفنها وحصلت بالفعل عليها
وفي أيار من العام 1987 غرقت الفرقاطة الامريكية "ستارك" بصاروخ عراقي في ظروف غامضة قادت الى ما صار يعرف بـ "حرب الناقلات" في ذروة الحرب العراقية الإيرانية

"حرب الناقلات" من أكثر الحروب غموضا في التاريخ العسكري الأمريكي وفق مؤرخيه الرسميين وهي لذلك من أكثرها خداعا بالضرورة
وهي الحرب الامريكية الإيرانية الأولى 1987_1988 بدأت بغرق واحدة من أضخم ناقلات النفط الامريكية "إس إس بريدجستون" بلغم بحري إيراني وانتهت بإسقاط طائرة مدنية إيرانية

بين الحادثتين خاضت القوات البحرية الامريكية أكبر معركة منذ الحرب العالمية الثانية ضد الزوارق الإيرانية دون ان يتم الإعلان عنها رسميا حتى لا تكون أمريكا والكونغرس ملزمة بإعلان الحرب على إيران باعترافها باستهداف الإيرانيين لسفنها الحربية ولقد أجبرت أمريكا إيران على قبول وقف إطلاق النار

المؤرخ الرسمي الأمريكي يؤكد هزيمة القوات الإيرانية على الأرض ثم هزيمتها في البحر بعد نقل المعركة الى مياه الخليج وجاء التهديد العراقي الحاسم باستخدام السلاح الكيماوي ضد المدن الإيرانية ومنها طهران لتكون هيروشميا جديدة ليجبر الحرس الثوري على قبول وقف إطلاق نار بلا قيد او شرط

حرب الناقلات والحرب البحرية بين إيران والعراق شملت نوعين من الصراع البحري المُعقّد
العراق الذي يريد منع إيران من تصدير نفطها
الوجود البحري الغربي بقيادة أمريكا في الخليج الذي كان يهدف إلى ضمان حرية مرور الناقلات إلى الكويت وتوفير الأمن العام لسفن الشحن من وإلى دول الخليج المحايدة

نقتبس:

إن تاريخ حرب الناقلات من 1980 إلى 1984 مختلف، ويقدم مثالا ًمثيراً للاهتمام على كيفية ظهور جانب ثانوي في الصراع، في العالم الثالث، من شأنه أن يغير فجأة تأثيره الاستراتيجي ومعناه بالنسبة إلى الغرب".

بعد عام 1985، أصبحت (حرب الناقلات) مدمجة بشكل كبير في الهيكل العام للصراع في الخليج، بحيث أصبح من المستحيل فصل القتال البحري عن الأنماط العامة في القتال.

من المهم التأكيد على أن معظم الدروس المستقاة من هذا الجانب من الحرب كانت دروساً في التصعيد وإدارة الصراع، وليست دروساً في التكتيكات والتكنولوجيا فحسب. قدمت بدايات حرب الناقلات بعض الأفكار المهمة في عملية التصعيد التي ساعدت في تشكيل القتال البحري.

"الحرب الأميركية الأولى مع إيران ساعدت في جعل إيران دولة أكثر تطرفاً وتشددا. واحتمال نشوب حرب ثانية قد يفعل الشيء نفسه. وبالتالي، قد تثبت الحرب الأخرى مع إيران لوقف برنامجها النووي في النهاية أنها المحفز الذي يدفع إيران للحصول على ترسانة أسلحة نووية خطيرة".

انتهى الاقتباس

هذه المرة لن تكون حرب الناقلات معقدة بل مدمجة بالحرب الامريكية البحرية المتدحرجة على إيران
انها حرب واحدة ولا وجود للعراق كطرف عسكري ثالث فيها او الكويت كطرف مدني نفطي ثالث الا إذا طلبت السعودية هذه المرة الحماية الامريكية لناقلاتها وهو أمر متوقع بقوة ولن يتأخر الإعلان عنه

بعد الثورة الإيراني فُرضت الحرب على إيران وعلى العراق معا بالفعل ولكنها سرعان ما وجد (الحرس الثوري المذهبي) فيها فرصة ذهبية للتخلص من الجيش النظامي والقوى الثورية الوطنية والقومية بالزج بها في حرب انتحارية وعبثية ليطبق هو بهدوء على مفاصل السلطة السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية ولا يزال

هذه المرة إيران الحرس الثوري المذهبي هي من تسعى الى الحرب والخامنئي يمثل فيها الديكتاتورية الشيعية الفاسدة بعكس الخميني الذي كان يمثل بالفعل فقراء الأمة الإيرانية
وهذه الحرب لن تساعد الحرس الثوري على فرض سلطته واكتساب شرعيته كما حدث بعد انتهاء الحرب الأولى بالرغم من عواقبها الوخيمة

"الدرس الأساسي للحرب في الثمانينيات هو أنه من السهل بدء صراع مع إيران ومن الصعب للغاية وضع حد له"
هذه الدرس الأمريكي لم يعد صحيحا في الاستعداد للحرب الثانية ولن يكون للرد المتوقع في لبنان أو أي مكان اخر أي أثر يذكر ولن يتجمع الشعب الإيراني خلف الخامنئي وقد لا يتراجع الحرس الثوري بسهولة ولكن سيهزم بسهولة

قد يكون الشعب الإيراني كارها لأمريكا اليوم ولكنه يتألم من سطوة وفساد الحرس الثوري ومن مذهبيته اضعاف مضاعفة ولم يعد جيل الشباب الإيراني ثوريا بل صار يبحث عن شخصيته وحضوره في بلاد تحكمها أولغارشية دينية عكس تاريخية ومستبدة وغير قادرة على الانفتاح او التغيير ولا مصلحة لها به

بعد أربعين عاما من الثورة الإسلامية لم يبقى منها أي أثر إيجابي ولم تعد قادرة على حشد الناس حتى تحت عنوان الحرب الامريكية الإسرائيلية العربية على إيران
12/5/2019 أعلنت إيران بصمت الحرب على أمريكا وعلى الخليج العربي من خلال قيام عناصر عربية تابعة لها بأعمال تخريبية ضد ناقلات نفط سعودية

متى ستعلن أمريكا الحرب على إيران !
وكيف سيكون الرد الأمريكي !
ساعات ثم أسابيع قليلة ويتضح المشهد الذي سيرسم صورة الإقليم لقرن قادم.
13/5/2019

صافيتا/زياد هواش

..