الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > منتديات اللغة العربية والآداب الإنسانية > منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي

منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي هنا توضع الإبداعات الأدبية تحت المجهر لاستكناه جمالياته وتسليط الضوء على جودة الأدوات الفنية المستخدمة.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-08-2016, 04:31 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عبدالرحيم التدلاوي
طاقم الإشراف
 
الصورة الرمزية عبدالرحيم التدلاوي
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالرحيم التدلاوي متصل الآن


افتراضي نقد الواقع، قراءة في مجموعة "مدارات الجنون وقصص أخرى" لحسن لشهب.




صدرت للكاتب المغربي حسن لشهب
مجموعة قصصية بعنوان: "مدارات الجنون وقصص أخرى"، وذلك عن مطبعة بنلفقيه بالرشيدية (فبراير 2015)، في 12 قصة قصيرة و 72 صفحة من القطع الصغير؛ تصميم الغلاف من إنجاز إدريس علوي.
يقدم القاص نماذج بشرية وحالات نفسية ووجودية وتأملات فكرية مسرودة بنوع من الاسترسال التلقائي الذي ينمعن خلفية ثقافية وفكرية تنتصر للحياة وللقيم الإنسانية الرفيعة...
حسن لشهب روائي وقاص وأستاذ للفلسفة بالرشيدية وعضو فرع اتحاد كتاب المغرب بالرشيدية. صدر له:
ـ "صخب الأيام"، رواية، 2005.
ـ "المرفأ الآخر"، رواية، 2009.

***

أنا مجنون؛ إذن، أنا موجود.
هكذا قال السارد، في نص "روعة الجنون" ص 30، مؤكدا أن العالم حين يكون أكثر جنونا، فإن جنون المبدع أكثر تعقلا، ولابد من معانقة الجنون الإبداعي لقراءته وتحليله بهدف تغييره، حتى يصير أكثر إنسانية، وقابلا لاحتضان الناس بحب.

يبدو أن المبدع ينوع ضمائر السرد، بانتقاله من ضمير المتكلم المفرد: "في الانتظار..." ص 56، والجمع: "وجع البين والفراق" ص 41، إلى ضمير الغائب: "وماذا بعد !!" ص 63، فضمير المخاطب: "الذبابة" ص 52. والحق أن هذا التنويع ما هو إلا تنويع لزوايا النظر إلى الذات في علاقتها بالعالم الداخلي والخارجي؛ تنويع يجعلنا نطلع على معاناة الشخصية الأساس، بفعل عوامل كثيرة وبخاصة صدامها بالواقع المرير والمحبط.
ومن خلال متابعتنا للنصوص سندرك تورط السارد الأساس في الأحداث ومشاركته شخصياته معاناتها، وانحيازه للفئة المستضعفة، وسعيه إلى اقتسام ما يعتمل في نفسه مع الآخرين؛ ولنا في نص "روعة الجنون" ص 24، المثال الأسطع، فالسارد وهو يتحدث عن شخصيته، يرسم ما تكابده في صمت، لم يكن، في حقيقة الأمر، يتحدث إلا عن نفسه، وبتغيير طفيف للضمير، سنجد أنفسنا أمام ذات مسكونة بالإبداع، ضاجة بالرغبة في توصيل كتاباتها/ معاناتها لأكبر شريحة من الناس، تنقل إليها ما تحس به لتتخفف، ولا يهمها إن نعتها الناس بالجنون، فالصفة معبرة عن الإبداع؛ والجنون والإبداع صنوان، لا يمكن عزل أحدهما عن الآخر، يقول: في صمته تحلق الرغبة الدافقة كالسيل لتشكيل قلقه الغامض وصياغة سخطه على العالم{...} يغلي صدره لحد الاختناق؟ ما السبيل لنقل ذلك إلى الآخرين؟ ! أيا كان المخاطب. ص 24. نجد في هذا المقتبس مجموعة من العلامات الدالة على الشخصية المبدعة، منها: الصمت، الرغبة، التواصل، المخاطب، والأكيد أنها صفات ترتبط بذات محمومة، ممتلئة بالعالم، تريد أن تشاطر الآخرين مكابداتها. إنها ذات تريد أن تحقق التواصل، ومتعطشة له: ليكن واحدا من المارة، سيتعلق بذراعه بكل توسل ولهفة ليقول كل شيء، بلا خوف ولا وجل !!! الصفحة نفسها. وهو في رغبته لن يهتم بتلك الأحكام التي سيطلقها الغير عنه، مادام أنه سيجد في الكلام / التواصل سبيلا لتحقيق الممكن... ص 25، وحين ننتقل إلى المقتبس التالي: يزداد لهب النار اشتعالا، ترتفع حرارة الجسم .. وكأنه موجود من أجل الاحتراق !! سيتأكد لنا أننا أمام مبدع متشوق لتحقيق التغيير بواسطة التواصل مع القراء، فمفردات: النار، والاشتعال، والاحتراق، تفيد الفراشة والشمعة، ونحن نعرف أن الكتاب يشبهون الشمعة التي تحترق من أجل إضاءة العالم، وتبديد ظلمته. ثم تأتي مقاطع أخرى تؤكد ألفاظها الصفة، من مثل: العزلة، والوحدة، والاختلاف، وعبر المقارنة بينه وبين الآخرين؛ فإذا كان مهموما، فهم لا مبالون، ومن هنا جدوى سعيه إلى نقل الجمرة التي يحترق بها لوحده إلى الآخرين ليشعر بالراحة والانتعاش، لأنه، بذلك، يكون قد قام بدوره التنويري. والنص يبدأ بتوتر مرتفع، وينتهي بانخفاضه إلى حدود الصفر؛ مما يعني أنه بفعل التواصل من خلال رسائل الهاتف القصيرة، قد حقق هدفه، وتمكن من تبليغ رسالته.
لا شك في أن المبدع قد اتخذ استراتيجية تنويع الضمائر بغاية جعل القارئ ينظر إلى الشخصية الأساس، في تنوعها، من زوايا مختلفة، وكأنه يريد بذلك إبرازها بقوة بجعلها ثلاثية الأبعاد، ملموسة وحية.
إن ما يجمع بين تلك الشخصيات، ويجعلها في قالب واحد، يحدد معالم تشابهها، كونها تعيش في مكان واحد، هو الغرفة، كحيز ألفة، تصرف من خلالها أعطابها ومآسيها، ومعاناتها، حيث تتكشف لنا، مع سيرورة الأحداث وتطورها، دواخلها وأثر الواقع المر فيها. كما أن الغرفة يمكن عدها منصة التفكير في العالم، تنظر إليه من خلال وعيها، تشرحه، وتحلله، بغاية فهمه، إن المجموعة، بناء على هذا، تدخل في إطار الإبداع النقدي، الذي لا يهادن، ولا يستسلم.

لقد اعتمد في بناء المجموعة على عنصرين مهمين، وهما:
1_ الاسترجاع، بتنشيط الذاكرة لغاية استحضار الماضي في الوقت الراهن.
2_ المقابلة بين لحظتين زمنيتين بغاية خلق مقارنة تكون لصالح الماضي على حساب الحاضر.
وقد تم الانطلاق في العمليتين من بؤرة مكانية هي في الغالب، غرفة المنزل، كمساحة جغرافية تتميز بالدفء والأمان، في مقابل الخارج الذي يمكن عده عدوا يهدد سلامة الإنسان، وحياته. كما أنها منصة عمليات تهدف إلى التفكير في واقعها المر، تحليلا وتشريحا بهدف فهمه كخطوة أولى...
تجدر الإشارة ونحن بصدد الحديث عن منصة الانطلاق في بناء النص، إلى عنصر مهم يتجلى في تلك المنطقة الملتبسة حيث حضور الما بين، كمنطقة عبور باتجاهين؛ وهي ملتبسة لكون الرؤية والرؤيا غير واضحتي المعالم، إنها منطقة التأرجح، والتردد والقلق.
ترتبط أغلبية نصوص المجموعة بمبدأ الاسترجاع، لكون اللحظة الراهنة مليئة بالوجع، فالذات لا تشعر بارتياح لا نفسي ولا جسدي، إذ أن ما تعيشه لا يمنحها الاطمئنان، ولا يغذي طموحاتها، فالواقع المر لا يمكنه إلا اغتصاب تلك الطموحات، ويهدد الحياة بالمحو. من هنا، أي انطلاقها من غرفتها كمنصة مكانية تعتمد عليها في إعادة تشكيل أبعاد حياتها بغاية الفهم والتفسير، ولربما تحقيق التغيير، فهذا الأخير لا يمكنه التحقق من دون فهم، والوعي أداة فعالة لتحقيق هذا الجانب.
والظاهر أن السارد يسعى إلى جعل المتلقي عنصرا مهما في إنجاز المهمة التوعوية، فهو باطلاعه على حياة الشخصية سيطرح سؤال السبب، وسيقوم بإعادة بناء النص، وترتيب الأحداث لبلوغ ما يريد، ومن ثم التوصل إلى وعي أبعاد هزيمة الشخصية، ومن هذه النقطة سيفهم واقعه كخطوة أولية وأساسية لتحقيق التغيير.
فالسارد في نص "خمسون طابقا" ص 5، يخبرنا أن شخصيته المحورية قد اعتادت الانزواء في غرفتها مركزة نظرها في الفراغ؛ وهي بهذا الفعل، تقوم باسترجاع تفاصيل حياتها في لحظتي الماضي والحاضر، وبمتابعة سيرورة الأحداث وصيرورتها، ندرك أسباب هذا الانزواء؛ إنه الفشل في العثور على عمل، مع ما يجره ذلك من اعتصام واحتجاج، تكون أجوبته العصا، أي العنف، حيث سيركز السارد على هذا البعد لإظهار سبب اختيار الشخصية الهروب إلى غرفتها الضيقة كنوع من الاحتماء من صهد الواقع، وأثره المر.
قد يبدو أن نص "نظرة ما !!" ص 46 منفلتا من إسار مكان الغرفة، ومن المقابلة بين اللحظتين الزمنيتين: الماضي والحاضر، والحق أن مثل هذا الاستنتاج فيه الكثير من التسرع وعدم التمعن، فلو ألقينا نظرة على البداية سندرك أن الأحداث تقع غير بعيد عن المنزل، تقع في الطريق الرابط بينه وبين العمل، وبالنسبة للمقابلة، فيمكن استخلاصها من التعارض الموجود بين السارد والمتسول، لكنه تعارض ليس حادا، لكونهما معا يعيشان واقعا يهدر الكرامة، ويقتل النبل في النفس، وقد سعى السارد إلى المحافظة على هذه القيمة رغم كل الصعوبات. فقد رام إلى إظهار مأساة الإنسان عبر تسليط الضوء على وضع الرجل الغامض حيث : تبدو الأشياء فاقدة الحياة. ص 46
فلم بدت بتلك الصفة؟ واضح أن الرجل محرج من سلوكه، لكنه مضطر إلى مد يده طلبا للمساعدة، رغم ما في ذلك من بؤس. ومن علامات فقر الرجل ذبول عينيه، ومن خلال قوله الصريح: عذرا يا سيدي، أنا محرج، أنا عاجز عن تلبية حاجيات أبنائي، من خضر وماء وكهرباء...ص 47، لقد أظهر من خلال قوله معاناته اليومية، وبالتالي، فهو مجبر على مد يده طلبا للمساعدة حتى لا يغرق، وهو يدرك أن في السؤل مذلة وإهدار لماء الوجه، لكنها الحاجة. فكيف يمكن، في مثل هذا الوضع، أن يبدو الأشياء جميلة؟ والسارد إذ يضع ما بحوزته من نقود في يد السائل، يشعر: بالإهانة التي تحرك أصابعه الخشنة المرتعدة، وبشعوره العميق بالدونية وبكونه عالة على الآخرين، على أجانب مثلي أنا...ص 48
إن السارد في قوله السابق يتضامن مع الرجل في محنته، ويشعر بما يشعر به، ومن هنا عدم قدرته على التخلي عنه، إنه مبدأ التضامن الذي يؤمن به، ثم إن مجموع الكلمات السابقة ترسم بقوة وضعية الرجل الجسدية والنفسية، مكنت المتلقي من إدراك حالة وضعه المزري، والتعاطف معه؛ وبالتالي السخط على هذا الواقع الذي يجبر الناس على التقهقر في سلم الإنسانية. ص 48. مع الإشارة إلى أن المشهد يتكرر يوميا.
وتكمن المقابلة بين الواقع والمأمول، بين الحاضر البئيس، والمستقبل الذي يراد له أن يكون مشرقا، وأكثر إنسانية؛ وهو ما يبرزه المقطع التالي: كنت أرى في عينيه نظرة تقهقر في سلم الإنسانية ومن يتوق إلى الحياة بيأس نظرة مازال فيها خيط حياة وتوق للعودة والانبثاق من هوة سحيقة. ص 48، تظهر المقابلة بين التقهقر والعودة إلى الحياة، بين التردي والارتقاء، بين الموت والانبعاث. وفي إرادة الحياة طاقة للتغلب على إرادة الإخضاع والتحكم. فضلا عن أن العنصر الذي يمنح المقابلة قوتها غير ظاهر، لكنه قابل للاستحضار، إنه الغني، والمنتمي للطبقة المسيطرة، أي تلك الطبقة التي تمتلك كل شيء، مقابل الطبقة المعدمة.
وحين يخضع السارد واقع الرجل للتأمل، يخرج بنتيجة أن الحالة يمكن أن يعيشها كل واحد منا، فنحن جميعا، في ظل الرأسمالية المتوحشة، قابلون للسقوط في الفقر.
إدراك الواقع لا يمكن أن يبنى إلا على ممارسة. وليس للممارسة من حقيقة خارج قانون الرغبة.
المجتمع المبني على قوانين لا عقلانية، ولا مبررة، هو الذي يحملنا على طاعة ما لا يطاع. وهو ما يجعل وجود شياطين إنسانية ... أمرا أساسيا في الوجود. لأنهم يهددون استقراره القائم على العبودية المقنعة وعلى الخضوع.

في النهاية:
مجموعة "مدارات الجنون وقصص أخرى" من الأعمال التي نهلت من الواقع باعتماد التجربة الشخصية كمنطلق أو من خلال المخزون المعرفي، أو ما أنصتت له الذات المبدعة، ثم نفثت فيه من خيالها الخلاق لتمنحنا قصصا ممتعة، تحرض على القراءة بقصد فهم الواقع المر، وتفهم هشاشة الشخصيات بفعل عوامل شتى: اقتصادية واجتماعية وسياسية، وسعت بحسب قدراتها إلى مواجهته في أفق بناء عالم أكثر رحابة






التوقيع

حسن_العلوي سابقا

 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:22 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط