العقل والجسد .. قراءة فلسفية( منقول )
________________________________________
تعالوا معي قليلاً, تعالوا معي بعقولكم, واتركوا أجسامكم حيث أنتم. لأنني بكل بساطة لا أحتاجها. لأن هذه الأجساد تعتبر ثقلاً على الحكومات والدول, همها الوحيد إشباع رغباتها الشهوانية, تأكل الكثير من المحاصيل الزراعية ولا تزرع أرضاً, تستهلك الكثير من المنتجات ولا تصنع منتجاً واحداً, تلك الألسن لا عمل لها سوى الكلام, تفصح به عن طلبات القلوب المنهكة من كثرة اللهث وراء اللاممكن, وهذه الأيدي التي ما إن لامست شيئاً إلا أصابه الشلل, ولا ننسى الأرجل التي تمشي على طريق الإرهاب, فروج لا تشبع, وحواس ميتة, إنها أجساد صاغرة, تباً لها من أجساد. تعالوا معي لنحرر عقولنا من قيود الجسد الواهن, الذي لا حول له ولا قوة أمام عبودية القرن الجديد, أفكارنا وخواطرنا وكلماتنا تدور في حلقة مفرغة, عناصر هذا الفراغ وطن وحرية وحقوق, كأن الوطن أب حنون يعطي ولا يأخذ, يعيش دوما في شبابه, كأنه لا يشيخ أبداً, ليس له حقوق تؤدى من قبل مواطنيه. دعونا نرجع بالذاكرة إلى زمن ليس بالبعيد, وبالتحديد إلى البلد الفتي القوي "اليابان". هذا البلد من أكبر البلدان الوثنية, لا يؤمن بالخالق سبحانه وتعالى, وقد ورد إلي أن بعض العائلات عندهم تؤله أجدادها, وتنصب لهم التماثيل, التي يصرفون لها العبادة, كان اليابان قبل الحرب العالمية بلداً يضم شعوباً همجية, نصيبهم من العلم والمعرفة يساوي صفراً أملحاً, ثقافتهم تقتصر على الحروب القبلية, والقتل, والدفاع عن النفس, وبعض من الطب والسحر. إلى أن جاء التحول العظيم في تاريخ اليابان, من قاع الوادي إلى قمة الجبل, ومن ظلمات الجهل إلى شعاع المعرفة والتقدم. واليوم فإن العالم أجمع يشهد المركز العالي الذي تتميز به اليابان على الصعيد الدولي. من أين لهم هذا؟ الجواب: أنهم عندما وجدوا أن النظر إلى الوراء لا يجدي, قرر صناع القرار وأصحاب الرأي النظر في المستقبل, ومواكبة العصر الحديث, عصر الصناعة والحاسب الآلي, عصر المحركات, ويكفي من ذلك قصة أول محرك ياباني خالص التصنيع في اليابان. شاهدنا من هذه القصة أن المسلمين كانوا أسبق من اليابان وغيرها من الدول في إمساك مفاتيح العلم والمعرفة, وأنهم سلكوا مسلكاً طويلاً وخاضوا في غماره الشيء الكثير. كل ذلك في زمن كان فيه العقل مقدماً على الجسد, في زمن كان التفكير والبحث العلمي على أشده. في زمن كانت فيه الأجيال تنظر إلى الحياة بعين مبصرة تبحث عن أسرار الكون وأسرار الجسد. بعيدة كل البعد عن الشهوة والرغبة. بعد كل ما سبق خارت قواهم, وثبطت عزيمتهم, لأسباب عديدة منها, تكالب الأعداء عليهم داخلياً وخارجياً, فضربوا رأس الأفعى ضربة ليست بالقاضية, ولكنها أصابتها بغيبوبة وسبات عميق, لم تفق منه إلا بعد قرون على مرأى من الأمم المجاورة, منهم فرح فخور ومنهم متعاطف غيور, فاقت هذه الأفعى بجسم هزيل, خلاياه ضعيفة, وربما تكون الأغلبية منها ميتة دماغياً, عادت إليها الحياة وبدأت تصارع الأفاعي الأخرى لتنال شرف البقاء بين الأقوياء, إلا أنها لم تستطع ذلك, فآثرت الالتفاف حول نفسها, ريثما تعود إليها عافيتها وقوتها, وأثناء هذه العملية الحيوية بدأت خلايا الأجهزة الحية للأفعى في طلب الهواء والماء والغذاء ونيل قسط من الراحة والتصارع فيما بينها, تماماً كما نفعل اليوم. أعتقد أن المشكلة ليست في رأس الأفعى ممِثلاً حكام المسلمين, بل في كل الخلايا والأنسجة التي تمثل الشعوب النائمة ...
منقول .... منقول ...