الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الحوار الفكري العام

منتدى الحوار الفكري العام الثقافة ديوان الأقلاميين..فلنتحاور هنا حول المعرفة..ولنفد المنتدى بكل ما هو جديد ومنوع.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-06-2006, 03:54 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
د.أيمن الجندي
أقلامي
 
إحصائية العضو






د.أيمن الجندي غير متصل


افتراضي اقرءوا بطوط

في سن العشرين كنت قد وصلت للحكمة ..في صمت وتصميم فتشت مكتبة البيت بدقة وحملت كل الكتب النقدية الثقيلة الدم ..ومضيت بها إلى بائع المجلات عم ( أحمد ) وهو رجل طاعن في السن له لحية بيضاء وقورة وعينان متعبتان رأتا كل شيء ولم يعد يدهشهما شيء ..
عم أحمد هذا كان أهم شخصية في حياتي في تلك المرحلة والسبب بسيط : كان المستودع لكل الكتب الأدبية المترجمة من دار الهلال وكان مخزون سلسلة كتابي الأنيقة التي أبدعها حلمي مراد في الخمسينات ..والاهم بما لا يقاس أنه كان وزارة التموين الخاصة بمجلات ميكي القديمة الفاتنة .
كنت معروفا بالنسبة له كما كنت معروفا لكل من يتصل عمله بالأدب من فرط نهمي للقراءة .. ولم يكن ممكنا لغير مكتبة عملاقة أن تستوعب ألتهامي للكتب..أذكر أني كنت مشتركا في دار الكتب وكنت استعير كتابا في الصباح وآخر في المساء حتى أن أمين المكتبة – ذات مرة - صفق لي على طريقة المعلمين ونواب مجلس شعب ( التصفيق بالكفين بالوضع الرأسي وليس الأفقي) وبصوت مدو راح يهتف في القاعة وأنا أدلف من باب المكتبة خجولا مرتبكا : حلاوتـــــــــــــــــــــك .
وكان ذلك لأنه وجدني أعود لأستعير كتابا آخر بعد ثلاث ساعات من استعارة الكتاب الأول.
.............................
أعود للحكاية ..ها أنا ذا شاب في العشرين أشقر الشعر مشوش الهندام أحمل حقيبة سفر مملوءة بكتب جدية صارمة توطئة لاستبدالها بمجلات ميكي ..وحدجني عم أحمد بعينيه المتعبتين النافذتين ..وخيل إلى أنه وزنني بسرعة ..ثم أومأ بلحيته الوقورة البيضاء علامة الرضا فهرعت إلى الركن النفيس أنتقي منه ما أشاء وقد خيل إلي أن قلبي سيقف من فرط الانفعال لإدراكي بالمتعة المقبلة المؤكدة.
حينما فعلت هذا – دون ذرة تردد – لم أكن فتى عبيطا لا يعرف قيمة الأشياء ..على العكس كنت وقتها قد انتهيت تقريبا من فترة التكوين التي أحيا على خيراتها حتى الآن ..وبدون استقصاء كنت قد حفظت ديوان الشابي وكل روايات يوسف السباعي ..ثم التهمت نحو تسعين كتابا للعقاد بتركيز تام وفهم عميق ..ثم عرفت عالم سيد قطب ومحمد قطب البديع ..ثم قرأت روائع الأدب الروسي والانجليزي والفرنسي المترجمين..
لذلك فإنني حينما بدلت كل الكتب الغليظة بمجلات مبكي كنت قد اخترت طريقي بالفعل ولم أندم – حتى هذه اللحظة – على لحظة الاختيار لأنني استطعت في سن مبكرة فرز اختياراتي وتوكيدها : هناك كتب تستحق التعب والتركيز لأنها تنير دربي وتفعمني يقينا ( الكتب الفكرية كالعقاد وسيد قطب ) وهناك كتب للمتعة مثل الروايات والمقالات ( وهذه لن أسمح لأحد أن يعذبني في محاولة فهمها واستساغتها بدعوى أنه عبقري أو أن المثقف يجب أن تكون له رطانته ) ..
وكنت قد وصلت ليقين إن الفن الجيد يمتعني لكنه – أبدا - لن ينير دربي ولن يغير مجرى حياتي .. بالعكس سيطرح تساؤلات ولن يجيب عنها وذلك هو قدر الفنان الذي يكابد معضلات الكون الكبرى ..على العكس هو أحوج الناس لمن ينير دروبهم المعتمة بالتساؤلات ..نجيب محفوظ – في ظني - لم يكن ليكتب كلمة واحدة لو كان يملك من اليقين ما يمتلكه أي فلاح أمي بسيط .
إنهم - الفنانون - معذبون ولذلك فهم يصرخون ويكتبون ..إن من تحترق ثيابه لا يمكث ساكنا وإنما يصرخ ويحاول أن يحدث أكبر قدر ممكن من الجلبة محاولا لفت انتباه الآخرين لعذابه .
الفنان الجيد هو رجل يكابد ألغاز الحياة ..يلمس المعضلات الكبرى في الحياة والموت والإيمان لذلك لا تتوقع منه أبدا أن يأخذ بيدك ..وما أدعاء الحكمة إلا نوعا من التظاهر بالشجاعة من قبل صبي هش التكوين أمام قوة أكبر منه وأعظم ..لذلك ينفخ صدره ويشب على أصابع قدميه ولكنه مع اللكمة الأولى ينهار ..كذلك انهيار الفنانين المحزن تحت قبضة الغموض الكوني الأليم.
لذلك كان رأيي قاطعا ولم يزل : من يكتب فنا فعليه أن يمتعني ما دام غير قادر على منحي اليقين وإلا فعليه ألا يغضب إذا لم أقرأه ..هذا هو رأيي باختصار.
...........................................
ونعود لبطوط الفاتن ..الشخصية البديعة التي ابتدعها والت ديزني من صميم الحياة.
إنه شخصية رمادية بامتياز لا يوجد فيها ملمح واحد مفتعل..ليس قويا ولا حكيما ولا ذكيا ولا بارعا ..مجرد بطة تحب الحياة..
لا يوجد لبطوط عمل محدد فقد مارس كل المهن تقريبا وفشل فيهم كلهم ..مرة هو فنان اوبرالي ذائع الصيت ينتهي به الأمر إلى كارثة ..ومرةعمل قبطانا بحريا متبخترا وسرعان ما ينتهي به الحال لمسح بلاط السفينة نفسها بعد تسببه في كارثة ما من كوارثه التي لا تنتهي ..وبعد البداية المفعمة بالكبرياء المضحك تكون النهاية دائما متدلي الكتفين من فرط الإحباط ..أحيانا يصبح بطوط طبيبا بارعا للنباتات يهرع إليه عمدة المدينة لينقذ الشجرة التاريخية التي زرعها مؤسس المدينة البطة الكبيرة وطبعا تنتهي القصة بفشله الذريع وهروبه من المدينة الساحرة ..مدينة البط ذات الحدائق الخلفية والبيوت الصغيرة بأسقفها الخشبية المنحدرة ..
لا يمكن إحصاء عدد المرات التي هرب فيها بطوط من المدينة إلى القطب الشمالي فرارا من مطاردة المتضررين من رعونته وسوء تصرفه ..ودائما يتورط بسببه أبناء أخيه الذين يقيمون معه (سوسو ولولو وتوتو ) ..هؤلاء الأطفال المساكين الذين بح صوتهم محاولين الحد من انفعاله دون جدوى . في عالم ديزني الأطفال دائما على حق ..هم يحملون كتاب الكشافة الذي يفسر كل الغاز الطبيعة بدءا من لغة الطيور وانتهاء بالكنز المدفون في الهرم الأكبر ..وعلى الدوام يحاولون إنقاذ عمهم الأحمق الجميل من اندفاعاته المهلكه فهم أحكم وأعقل بما لا يقاس من عمهم المسكين .
.............................
علاقته بزيزي مضحكة ومحزنة فهو يحبها بجنون رغم استغلالها الدائم في قضاء كل احتياجاتها وتحقيق نزواتها بالضبط مثلما تصنع النساء في العالم الحقيقي .. في عالم والت ديزني الجميل لا توجد أبدا علاقة زواج ولذلك فهي خطبة أبدية بين بطوط وخطيبته المستبدة زيزي التي تجمع كل سحر وقسوة النساء ..والتي لا يوجد عندها معنى للرجل غير استغلاله ..مطلوب منه أن يدهن بيتها وأن يغسل سيارتها وأن يذهب معها للحفلات الموسيقية وأن يجعلها تقابل نجمها المفضل الذي يزور مدينة البط رغم غيرة بطوط الرهيبة التي تصبغ وجهه بالأحمر الغضوب ..ولكنه لا يملك غير الإذعان بلا عتاب ..وكيف يفعل وهو يحبها ؟
.....................................
( وأعاتبك ليه ؟ وأنا بحبك ) ..هكذا غناها محمد قنديل بصوته الحنون الذائب في رائعته ( 3 سلامات ) وهكذا أيضا كان قدر بطوط المسكين في العالم الجميل المتخيل ..عالم ديزني.
...............
تستغل زيزي أيضا غيرته من محظوظ منافسه في نيل الحظوة ...وهو يغار منه بجنون دون أن يكرهه ..والحق أنه يصعب علينا ألا نشعر بالغيظ من محظوظ الذي يحصل على كل شيء بفضل حظه العجيب دون أن تنحدر منه قطرة عرق واحدة ..هو كسول جدا ولماذا يتعب نفسه والكون نفسه صديقه؟ ..حتى الرياح تحمل له التذاكر الفائزة في اليانصيب ..لذلك يمكن فهم مشاعر بطوط الذي يبذل أفضل ما لديه ويفشل دائما أمام تلك البطة الكسولة المحظوظة.
.......................
علاقة بطوط بعمه الثري جدا عم دهب بسيطة جدا هي الأخرى.. وبرغم أن الآلات الحاسبة تنفجر دائما عند محاولة إحصاء البلايين التي يملكها فهو بخيل جدا ..ولذلك فهو دائما ما يبخس بطوط المسكين أجره ويجبره على العمل الذي هو أشبه إلى السخرة بأتفه الأجور..وعبثا ما يحاول المسكين الفرار من قبضة العم البخيل القاسي ..
لكنك برغم هذا البخل – وربما بسببه - لا تملك إلا حب عم دهب ..لأنه عجوز مضحك في بخله .. وعلاقته بالمال علاقة رومانسية جدا فهو يحب الذهب كما لم يحب قيس ليلي ولا روميو جوليت ..وهو – طبعا - يعتبرنا حمقى لأننا ننفق المال الجميل على التفاهات ( مثل الأيس كريم ) ونغفل عن رومانسية المال وعن تلك المتعة الصباحية – التي لا يتنازل عنها أبدا- بالاستحمام في خزائن الذهب ..تستطيع طبعا أن تتوقع بسهولة أنه لم يأكل عشاء مشبعا إلا في ضيافة غيره ...
ثروة عم دهب بدأت بقرش الحظ الذي ظفر به حينما كان شابا فقيرا مكافحا يعمل بالأجر لدى الآخرين ..وهو يؤمن دائما أن فقده لقرش الحظ يعني إفلاسه فورا..لذلك فهو يعيش في هم دائم من فقدان هذا القرش الثمين أو خطفه من قبل الساحرة الشريرة ( سونيا ) التي تحاول بكل وسيلة سرقته لكي تصهره على قمة جبل سيزوف للحصول على قوة سحرية مهولة بطريقة تعرفها هي وغرابها الأسود الذي تصب عليه نقمتها كلما فشلت في سرقة القرش الثمين التي تقع تبعات استعادته دائما على بطوط وأبناء أخيه المساكين.
.........................
بطوط لا يكره أبدا حتى جاره المزعج الذي تدور بينهما معارك طاحنة ومقالب فظيعة مهلكة ..وبرغم سرعة انفعاله وغضبه اللا محدود فسرعان ما يثوب لطبيعته المسامحة الطيبة ..ولكن متى ؟ بعد أن يكون أبناء أخيه هم الضحية ..ولكن مهما حدث فهم يحبون عمهم طيب القلب الذي يرعاهم ولا يقبلون عنه بديلا.
..................
يصعب كتابة كل تفاصيل عالم بطوط بصورة كاملة في مقال واحد لأن بطوط شخصية واقعية من صميم الحياة وتلك هي سر جاذبيته الآسرة .. في الحقيقة لن يطول بك الوقت لتكتشف أن بطوط هو أنت ..
أنت بكل أحلامك ..
أنت بكل هزائمك ..
أنت بكل ضعفك ونزواتك ...
............................
لذلك فنصيحتي هذه المرة محددة جدا : اقرءوا بطوط .






 
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2006, 04:30 AM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
معاذ رياض
أقلامي
 
الصورة الرمزية معاذ رياض
 

 

 
إحصائية العضو







معاذ رياض غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى معاذ رياض إرسال رسالة عبر Yahoo إلى معاذ رياض

افتراضي

هذا العنوان يذكرني برواية د. أحمد خالد توفيق "أقتلوا بطوط" !







 
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2006, 02:04 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
د.أيمن الجندي
أقلامي
 
إحصائية العضو






د.أيمن الجندي غير متصل


افتراضي

دكتور أحمد صديقي ..وكلانا نشترك في حب تلك الشخصية الفاتنة







 
رد مع اقتباس
قديم 07-06-2006, 04:17 PM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
معاذ رياض
أقلامي
 
الصورة الرمزية معاذ رياض
 

 

 
إحصائية العضو







معاذ رياض غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى معاذ رياض إرسال رسالة عبر Yahoo إلى معاذ رياض

افتراضي

حضرتك "محظوظ" بصداقة د. أحمد ، لماذا لا توجه له دعوة للاشتراك في المنتدى معنا كي نستفيد من مقالاته وكتاباته المتميزة ؟







 
رد مع اقتباس
قديم 07-06-2006, 05:26 PM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
فاطمة الجزائرية
أقلامي
 
الصورة الرمزية فاطمة الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو







فاطمة الجزائرية غير متصل


افتراضي

.............السلام عليكم , نشكرك اخي أيمن لأنك ذكرتنا بفترة هامة في حياتنا , حين كنا نهرع لسماع مسلسل الرسوم المتحركة " البطبوط" ..............وقد كنت أرحل معه كلما تغيرت شخصيته لمدة دقائق ثم أفيق فأجد نفسي شخصية أخرى ...........واستمر الحلم إلى أن أصبحت شابة فتخيلت نفسي يومها سندرلا ثم بياض الثلججججج.............اما الآن و أنا أقرأ مقالك وجدت نفسي أسير على خطى بطبوط دون وعي , فكما قلت هو نحن ونحن هو.................ولكن اخبرني الا تستطيع إعارتي كتابا من كتبك ؟ فعلمت أنك قد احتفظت بواحد ..............فإني أريد المراجعة حتى لا أنسى................فاطمة.







التوقيع

ملأى السنابل تنحني بتواضع*****و الفارغات رؤوسهن شوامخ

 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:29 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط