نفط العرب هل هو نعمة أم نقمة

[عبدالسلام حمزة]

بعد قرن تقريبا ً على اكتشاف أول بئر عربي في مصر سنة - 1911 - وبعد نصف قرن

على دخول نفط العرب ميدان الإنتاج العالمي والتجارة العالمية لم يستطع هذا النفط أن ينقل

العرب من حالة التخلف والعجزوالفقر والجهل إلى رحاب التقدم الحقيقي , والقوة , والغنى,

والعلم , إذ ما زال العرب خداما ً للنفط ولم يصبح النفط في خدمة العرب .

وإلى ذلك لقد جر النفط على العرب الويلات , إذ اصبحت بلادهم محط اطماع القوى

العظمى , تتنافس للهمينة على ثرواتهم النفطية وهم غافلون عنها , كانوا ومازالوا يرضون

من الغنيمة بالفتات .

وبعد استعادة جزء من الثروة وارتفاع الأسعار في السبعينات , تكدست أموال رحلت إلى

مصارف الغرب الذي استثمرها .

لذلك قال احد الباحثين منذ سنة - 1974 - :

إن السيادة العربية على الثروة البترولية لا تكتمل إلا بتحقيق السيادة المالية , وتنبأ بأن ما

حققناه في ميدان تحرير البترول ( بعد التأميم وقيام أوبك واشتراك النفط في حرب - 1973

سوف نخسره على الصعيد المالي إذا تركنا اموال البترول خارج السيادة العربية .

فقد أصبحت اموال البترول فعلا ً في عهدة الأجنبي , ولا يملك العرب حرية التصرف فيها .

فكأن آبار البترول ما تزال عمليا ً في أيدي الدول الصناعية , والخطوة الأولى في هذا السبيل

هي فك الإرتباط مع الاسواق المالية الدولية لضرورة تحرير الطاقات العربية , لا أن ندولر

مالنا فنبقى تابعين للدولار , وهذا يحتم على الحكومات العربية أن تنفذ ما اتفقت عليه منذ

نصف قرن وهو انشاء سوق عربية مشتركة ووحدة اقتصادية ونقد واحد , إن الاستمرار

في سياسة إيداع اموال النفط باعتبارها فائضة في مصارف الغرب يستنزف تلك الأموال

لأنها تفقد سنويا ً قسما ً من قيمتها نظرا ً للتضخم العالمي ,ونظرا ً لتخفيض قمية الدولا ر

بشكل دوري ليستطيع الاقتصاد الاميركي منافسة أوربا واليابان والصين وغيرها . .

لقد استطاع الغرب أن يحول النفط من ثروة يملكها العرب في باطن الأرض إلى اموال فائضة

مودعة في مصارفه !

وهذه الأموال المدولرة غير قابلة للتحويل إلى الذهب تبعا ً للسياسة الأميركية !

إن السيادة الحقيقية للعرب على أموالهم تكون في زيادة طاقة استيعاب العائدات البترولية

داخل الاقطار العربية والعالم الثالث , وذلك عن طريق إقامة مشاريع استثمار انتاجية داخل

الاقطار العربية , ويكون ذلك بتحويل الأموال العربية إلى رأسمال تقني كما فعلت أوربا أبان

نهضتها الصناعية , فلقد كانت المصارف على دراية بإحتياجات الصناعة ولديها دوائر

هندسية تقنية تقوم بدراسة المشاريع المقدمة والتي يمكن تمويلها .

وللحديث بقية إن شاء الله ...............

[عبدالسلام حمزة]

يُطلق على البترول تسمية الذهب الأسود , ويمكن مقارنته بالذهب الإسباني , لقد بنت

اسبانيا امبراطورية كبرى وهيمنت على أمريكا الوسطى وامريكا الجنوبية وجَنت كنوزا ً

جعلتها أغنى بلاد الغرب .

لكنها كدست الذهب المعدني وجمدته في القصور والخزائن ولم تستعمله في تنمية اقتصادها

بينما كانت دول اوربا والولايا ت المتحدة تتقدم ببطئ ولكن بثبات , في حين بقي الشعب

الاسباني متخلفا ً نسبيا ً وعرف الحروب الأهلية والدكتاتورية .

هكذا الحال مع ذهبنا الاسود , فإذا ما استمرت الدول النفطية في تكديس أموال النفط في

مصارف الغرب ولم تستعمل هذه الأموال في تحديث الدولة والمجتمع عبر المشاريع العلمية

والإجتماعية والاقتصادية القادرة على المنافسة , وبأفق ٍ عربي وليس بأفق ٍ محلي قطري ,

فإننا سوف نقع في حروب أهلية وأقليمية وطائفية .

نظم أستبدادية تستفيد من الفتات المُعطى لها تاركة عامة الشعب في جهل وفقر وتخلف

ويأس .لذا يجب العمل لتكامل الإقتصاد والمجتمع , والعلم والتطور , الثقافة والتقنية , النخبة

والشعب والخلاص من إنفصام الشخصية الفردية والجماعية التي دفعتنا أليها أموال

النفط ...........

وللحديث بقية ان شاء الله ..........

المهندس عبدالسلام حمزة

[عبدالسلام حمزة]

زادت أموال النفط التبعية التكنولوجية للغرب وذلك باستخدام هذه الأموال لاستيراد

التجهيزات التكنولوجية العليا بدل استخدامها لتحسين وتطوير المرافق الصناعية

والزراعية والتعليمية والخدماتية وهذا الاستيراد أدى إلى مزيد من التبعية للدول

الصناعية .

وهذه التبعية تزداد سنة بعد سنة بينما القدرات الصناعية العربية تتلاشى وتندثر

باندثار الحِرفيات التي كانت شائعة في الوطن العربي كا الزراعة والصناعات

التقليدية , فالتكنولوجية ليست سلعة , إنما هي خبرة تتراكم مع الزمن ومع الإختراع

والإبداع وطالما أن العرب يعتمدون على الدول الصناعية ولا يخوضون التجربة ولا

يشاركون في الإختراع والإبداع , سيستمرون في تخلفهم وتبعيتهم للغرب المتقدم .

لذلك قلنا إن أموال النفط ساهمت حتى الآن في ازدياد التبعية والتخلف , ولاننكر

تحسن الوضع المعيشي

لمواطني هذه البلاد ولكنه تحسن مقنن ومدروس لإهداف السيطرة والتحكم فيه ,

لذلك بقيت النتيجة استيراد التقنية وتحديث التخلف .

كذلك زادت أموال النفط في عرج الإقتصاد العربي فسار على ساقين عرجاويين :

زراعة متدهورة وتصنيع مبتور .و مما يزيد الطين بلّة أن هذا النفط لم يساعد على

وضع سياسة علمية معلنة وأهداف تعمل على تحقيقها

في المدى المنظور , لذلك فالعرب يعيشون مفارقة غريبة : الغنى والضعف .

لقد أصبح العرب بعد الثروة النفطية بلا أمن عذائي , وبلا أمن عسكري ,

يستوردون التقنية ويحدثون التخلف , مكشوفين حيال الطامعين بأرضهم وثراواتهم ,

لا يستطيعون ردع المعتدي بل كأنهم نعاج استسلمت للذئاب تسير خلفها طواعية ً

ليفترسها .

هذه قناعاتي من خلال دراساتي ونظري وتجوال فكري في ماضينا ومستقبلنا .

المهندس عبدالسلام حمزة

[نايف ذوابه]

أهلا بك أخي العزيز المهندس عبد السلام حمزة ..

مشاركة مميزة وموضوع فائق الأهمية ونظرة واعية وتحليل مستنير

فعلا العرب يعيشون مفارقة غربية أغنياء ولكنهم ضعفاء مستعمرون تابعون لأن هذا الغنى كالحمل الكاذب سرعان ما يكشف عن فقر وعن هيمنة أخطر للقوى الأجنبية على ثرواتنا وسيادتنا ..

كما قال كسينجر للأسف عن النفط: إنهم يرقدون عليه ولكن لا يملكونه .. كالدجاجة التي ترقد على البيض ..!!

نأمل أن تساهم في تقدم منتدياتنا ورفعتها وتفعيل الوعي فيها ..

جزاك الله خيرا

[عبدالسلام حمزة]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نايف ذوابه

كما قال كسينجر للأسف عن النفط: إنهم يرقدون عليه ولكن لا

يملكونه .. كالدجاجة التي ترقد على البيض ..!!

نأمل أن تساهم في تقدم منتدياتنا ورفعتها وتفعيل الوعي فيها ..

جزاك الله خيرا

وأنت كذلك أخي الفاضل نايف ذوابه : جزاك الله خيرا ً


لو علمت بقول كيسنجر لجعلته عنوانا ً للمقالة , أشكرك على الإضافة المميزة


استاذ نايف , بالغ النشوة والسعادة يحسها الكاتب والمفكر والفنان عندما يجد من يقرأ فكره


او لوحته أو مقالته كما قُصد بها ورمت إليه


وأنت ما شاء الله عليك قارئ ممتاز , ووجودك يغري بالإستمرار في هذا المكان الذي


شدني إليه إسمه وها أنا أرى مضمونه من خلالك

لك كل الشكر على المتابعة والتعليق

[سلمى رشيد]

تحية طيبة أستاذي الكريم عبد السلام
وأهلا بك بيننا وبفكرك الواعي

النفط من المواضيع والقضايا الهامة في حاضر أمتنا وللأسف ليس لكونه فاعلا في تطورها وتنميتها ،، ولكن لأنه أصبح عاملا للسيطرة والهيمنة عليها من قبل الدول الطامعة وعلى رأسها أمريكا ومن ثم خضوعها لها ولتحكمها في اقتصادها وسياستها

لن أتحدث عما كان يمكن للنفط أن يشكل من ثقل وقوة وفرض مواقف من قبل الدول العربية فهذا أمر مفروغ منه ،، ولكن للأسف تحكم طبقة معينة في خيرات أرض هي ملك الشعب وصرفها في غير طرقها الصحيحة أدى إلى الوضع الكارثي الذي نحن فيه الآن

حياك الله وجزيل تقديري

[عبدالسلام حمزة]

الأستاذة سلمى رشيد

مرورك شرف لي , ومن الواضح أني سأستطيب الإقامة معكم

ردودكم الأولية أسعدتني جدا ً , ربما كطائر وجد رفّه ُ

وأتمنى أن استفاد من علمكم وخبرتكم أنت ِ والسادة الأفاضل ممن يكتبون وينتمون لهذا

المنبر , وربي يجعله لخير نسعى له ؛ وواقع أفضل نرجوا الله أن يكتبه

لكي الشكر والتقدير استاذة سلمى