الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديــات الأدبيــة > منتدى القصة القصيرة > قسم الرواية

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-09-2015, 03:57 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سلطان خويطر
أقلامي
 
إحصائية العضو







سلطان خويطر غير متصل


جديد أزهار القصة ومزهرية الرواية - الجزء الثالث عشر


الجزء الثالث عشر،،،

حيث يولد البقر ثمت لؤلؤ، لا علاقة بما سأقوله لك بشيء من الحكمة، وحسابياً أن إستطعت الربط بين متغيرين مختلفين عن بعضهما البعض باختلاف جذري لكانت الرياضيات المادة الأنسب لنقلنا إلى واقع لا يخامرنا الشك حول مصداقيته رغم زيفه الفاضح ولسهلت علينا التلفظ بحرية وتبادل العبارات النابئة وتلقي الشتائم القذرة بحيز كبير من الرضي والقبول.

تعال الآن لنستنبط الحقيقة من فرضية أن لؤلؤة واحدة تساوي عشر بقرات وبسطنا المسألة بعد أن تخلصنا من المتغيرات.


هل أصبح بمقدورك أن تفهم لماذا الواحد يساوي عشرة؟.

هل تشعر بالإمتنان لهذه الحقيقة يا غنام! أن فعلت، فهذا بالتحديد ما تفعله سوق المخدرات المليئة بهذا النمط المتداعي بين مصداقية المال وزيف الوهم.

نحن تجار ضالعين نحترم هذه التقاليد ونقدس هذا الحضيض وكما للذئب مساحة تمتد لألفي ميل كحدود لموطنه، لدينا أيضاً رقعة نسبية نظير تلك الرؤية المستذئبة.

ما يجعلها أكثر رومانسية أنها تبني مملكتها على كم الأحلام الضائعة وتمد سيطرتها كل ما حضت بحلم مفقود.

فغالباً ما تضيع الأحلام في الطرقات البائسة كما يضيع البشر وصدقني أن صعوبة البحث عن حلم مفقود وإيجاده أشبه بالبحث عن مخلوقات فضائية وإيجادها.

عنوة أتساع البحث تفوق بمراحل مقدرتنا على إيجاد ما نتطلع له على إننا لا نملك أكثر من أحلامنا للوصول لتلك الأهداف وهنا تنقلب حياتنا رأساً على عقب وندور حول ضعفنا تائهين تتخبطنا الحياة.

ما نقوم به أننا وبطريقة سحرية نعثر على هذه الأحلام ونعيدها لإصحابها وكلما أبقينا أحلامهم في نطاق سيطرتهم كلما تعلقوا بنا وبمملكتنا.

أسمع يا غنام! لن يكون عليك أن تخجل من أحلامك بعد اليوم فنحن غالباً قد علقنا في نطاق سيطرة الذئب وسيعيد لنا أحلامنا المفقودة كهدايا في أعياد ميلادنا القادمة.


كل ما عليك الآن أن تصطاد حلم بجمال هذه...... الليلة!.

كان الفتى يتوسد المعطف الشتوي فيما كانت النار أمامه تتراقص على آخر شراراتها مطلقة الدخان في إتجاه السماء السرمدية حيث تتوارى الأبخرة في رواق الفضاء المديد فيما التمس ضوؤها مرقداً مهيباً على وجنتي الغلام الناعستين.

نظر سعود إلى النجوم الفارعة في سطعة الشِفافّ حين لمعت النجوم كقبل الأمهات المبعثرة على خدود الخدج.

رمقها بانبهار سطوتها الفيزكية الشظية من أحلامه الوردية.

وكما هو الحال تلذذ خياله الجامح بمداعبة أصيلها الراسي على ضفة الشوق الناعسة.

تذكر يوم عزفت غزلان لحن الوجود على كوكب نائي يبعد الآف الأميال الضوئية عن كوكب الأرض.


نبس حنين انتمائه للفضاء عن زفرة الحسرة الملبدة على سكون الليل.
آه...! ما أجمل المريخ..! كوكبي!.

أنبرى على الأرض وحين ألتصق ظهره بها رأى جمال الكون جاثماً فوق صدره وراح يأمل أن يهبط طائر البلبل الشجي من جنته السماوية العلية كما فعل سيدنا آدم حين هبط من السماء.
وتساءل....!

الهبوط لا يعني السقوط هناك فرق كبير بينهما فإذا كان السقوط يعني الفلول من مكان مرتفع إلى آخر أقل مرتبة، فأن الهبوط هو في نفس السياق باختلاف طفيف لكنه جوهري إلا وهو أن هناك آلية للهبوط لا تتوفر عند السقوط..

راح يبتسم في وجه النجوم وحاك لها سؤال مفتول من لوعة المعاناة! هل هبط آدم مع الأرض إلى هذا المدار الحي في مجرتنا درب التبانة كما نسميها.

أخذ في التأمل ربما لا توجد حياة أخرى خارج هذا المدار الذي تشغله الأرض فلم يكتشف الإنسان حتى هذه اللحظة أي دليل على وجود مخلوقات في الفضاء من حولنا.


راح يحلم أن تتحقق أمنية حبيبته غزلان.!

توجع في مكانه وهو يرنوا إلى لقاء الماضي يوم انفجرت الحجارة والطين عن مبسم الحياة.

يومها غرد الحديد حياً متشبهاً بالبلابل .

شرع في إغفاءته الحالمة وراح يحلم أن البشرية قد تطورت إلى حد كبير بعد أن اكتشفت سر الشمس العمودية فوق بذرة الحياة وتحولت هذه البذرة إلى طاقة عملاقة.
سر من أسرار الخلود المسبورة في فلك السموات أعادت صياغة الماضي.

نهضت من قبور الفراعنة القدماء اللذين فشلوا في العثور عليها قبل ملايين السنين.

وها هي أخيراً تم اكتشافها في الوقت المناسب أو لعلها ظهرت حين أحتاج العالم إليها ملبية دعوة نيفرتيتي أميرة النيل الجميل.

كان كوكب الأرض قد تضرر بسبب التلوث والحروب وباتت الكرة الأرضية تأن تحت وطأة الإهمال والضياع لكن البشرية وجدت منقذا لها في بذرة الحياة المتعامدة مع الشمس.

تم تسخير طاقتها الهائلة للقيام بعمل غير مجرى التاريخ للأبد لم يكن التفكير بهذه العملية متاحاً قبل وجود بذرة الحياة.

بيد أن فكرة استبدال كوكب الأرض بكوكب المريخ كان ضرباً من الخيال حيث تعزى القوانين للا شيء يذكر البتة.

وبما أن القوانين وضعت لتحقيق عامل السيطرة أضحت بلا طائل من تعزيزها بوجود الفوضى الخلاقة التي بدورها ساهمت في تضخم القوانين وانكماش السيطرة.

وفي ضوء تلك المعطيات الخلاقة كما شاع قامت البشرية المتحضرة بأروع عمل لها على الأطلاق حين شقت مدار حلزوني هائل من الطاقة المتجددة تنطلق مباشرة من بذرة الحياة التي تمتص كثافة كوكب المريخ وتحيلها إلى مسحة من غبار متجانس.

وفي لمح البصر يسهل نقل كوكب بهذا الحجم من مداره في الفضاء ووضعه في المدار الحالي للأرض.


خطط أن يتم إخراج الأرض عن مدارها وتركها في مدار قريب من الكوكب الجديد.

وحين ينتهي الأمر يتسنى للبشر نقل كل احتياجاتهم وحيواناتهم التي أخرجوها من الأرض إلى المريخ أو كوكب الأرض الجديد.

وبذلك تحال الأرض إلى المعاش أو التقاعد!.

تماماً حين تتعطل طائرة قديمة يتم استبدالها بطائرة أخرى جديدة الفكرة الأساسية تمركزت أين سينتظر الناس حتى يتم جلب طائرة أخرى أشد قوة تساعدهم على إكمال رحلتهم.

كان القمر أقرب الأجرام السماوية وأكثرهم جاذبية للاستلقاء على سطحه في رحلة أشبه بعطلة استجمام صيفية كونه أقرب الكواكب إلى الأرض ولم يكن يوماً حديث عهد بثقة البشر.

لكن السؤال الذي لم يجرأ احد منهم على التلميح به أو طرحه.

ماذا لو لم تعمل الطائرة الجديدة أو الكوكب الجديد ما هو المصير؟

كانت التجارب التي أجريت تدعوا لتفاؤل.


الآن كوكب الأرض بات أقرب إلى نهايته من أي وقت آخر ولم تعد الخيارات متاحة، الأمر كارثي ولا يحتاج إلى هدر المزيد من الوقت في التنظير والتحليل.

الإنسان كائن فضائي يبحث عن كائن فضائي آخر، هذا ما آلت إليه الأمور.

حين بدأت عملية الاستبدال وأقترب كوكب المريخ رويداً رويداً من المدار الذي قدر للأرض أن تشغله.

كانت البشرية تراقب العملية وتديرها من مقرها المؤقت فوق سطح القمر وهي تأمل أن ينبض قلب كوكب المريخ في جسد مدار الأرض.

نجحت عملية الاستبدال وشيئا فشيئا بدأ كوكب المريخ بالتعافي وبدأت أرضه الصماء في استقبال أول قطرات من المطر الندى وبدأت أزهاره تتفتح بينما صدح في أركانه أول سرب مغرد من طيور (الفيزور)! الخجولة.

وهناك تشكل في الأفق غمامة بنفسجية يلثمها قوس من ألوان قزح وفيما نقوم بإرسال حيواناتنا إلى كوكبنا الجديد ونبدأ بالتجهيز للعودة إلى موطننا والسعادة وأمل الفوز بكوكب وافر بالحياة تسمو على مباسمنا.

وإذا بكوكب الأرض يتركنا لفرحتنا وينزلق في الفضاء مشطور الفؤاد ويتسارع في السقوط و تحول إلى كتلة من نار تحترق في رحاب السماوات.

أختفي أمام أنظارنا في مشهد أبكي كل من شاهده وسيظل في ذاكرتنا إلى الأبد، شعورنا بالآسي حينها لا يوازيه سوى خسارتنا لآخر زوجين للفيلة لم يسعفنا الوقت لنقلهم .

أجبرتنا الظروف المتسارعة على إبقائهم فوق الأرض وبسبب صعوبة ملائمة القمر لطريقة عيشهم تم تركهم لحين الانتهاء من عملية الاستبدال .

استأثر بهم كوكبنا الخائن في غفلة منا وفضل الاحتفاظ بهما كتذكارين إلى الأبد.

حلم سعود بشخصه مدرس للطلبة الصغار حين يكون التغيير قد أحتوى معظم الثقافات حينها سيبدأ بشرح هيئة الفيل وعلى سبيل المثال سيبدأ بقوله قدر في الماضي التليد أن يعيش بيننا على الأرض كائن ضخم يمتلك أربع قوائم ضخمة وخرطوم طويل في مقدمة رأسه بمثابة يد لهذا الحيوان الذي كان يتغذى على النباتات والأعشاب وكان يمتلك نابان من العاج يبلغ طولها عند الفيلة البالغة متر ونصف بمثابة حربتين يستخدمها للدفاع عن نفسه والذود بهما عن صغاره ومملكته كما أن له أذنين كبيرتين لكن الشيء العجيب أن هذا الكائن الضخم له عينين صغيرتين مقارنة بحجمه لقد بدأت قصته في التلاشي حين بدأ فنان ما في استخدام نابيه العاجيتين وقام بنحتهما وتشكيلهما إلى مجسمات رائعة ، أجمل من أن يمتلكها فيل عجوز، إذ صادف سهولة وروعة نحت العاج وتشكيله وهو ما يطمع البشر في امتلاكه الا وهي هاجس الغلبة العامرة في قوة الامتلاك والتميز.

وحين شرع كأستاذ بتقديم درس مختصر عن حيوان منقرض كالفيل، أنحسر تأفف الطلبة الصغار قبل أن يستجمع أحدهم قواه موجههاً سؤاله التالي.

هل يعقل بحيوان بهذه الضخامة أن يمتلك عينين صغيرتين؟ ما هذا الهراء لا أقوى على تصديق ما تقول رغم تقديري لإسهابك في الشرح وهذا لا يقلل من براعتك يا استاذي على اني لا اصدق شيئاً مما تقول!.

كيف بإمكانك حينها أيها المدرس أن تأتي ببراهن لتجعل الطفل يصدق ما تقول ؟
وكيف ستعالج هذا التكذيب السافر لمعلوماتك؟ وقد سبق لك بالفعل أن رأيت آخر زوج من الفيلة تحترق على كوكب الأرض المنبوذ في لمح البصر دون أن تستطيع فعل شيء يذكر.

هم سعود في سريرته أن يعاقب الطالب عندها أشارت إليه أحدى الطالبات وكانت هادئة أكثر من كل الطلاب المتواجدين في الفصل راحت تشير بإصبعها لمنحها الأذن بالحديث وكان سعود يتجاهل إشارتها وكانت أنفاسه تضيق شؤماً.

أخذت الطالبة في تحريك يدها في إشارة تشد الإنتباه حاول سعود أن لا يمنحها فرصة للحديث حافظ على هدوءه وتعمد أن لا تقع عيناه على عينيها الصغيرتين الشبيهتان بعيني غزلان الزرقاويتان فمفعول السحر بهما لا يكاد ينقطع .

تراود إلى ذهنه القصور عن فهمها أرداها أن تصمت أستشف من هدؤها طوال فترة الدرس أنها الفتاة الوحيدة التي تجلس في الفصل مع الشبان الأكبر سناً وكأنها غير مكترثة لهذا الانشقاق المعلن على الجنس والنوع من يبالي حينها ولكن ما بالها تصر عند نهاية الدرس على المشاركة؟.

أعرف سؤالها ولن أسمح لها بمفاجأتي ليس الآن بالتأكيد ستسألني السؤال التالي، وكان يحق لها لو أبدى لها الحزم أن تصمت وتبادر إلى ذهنه أن الصمت نزف عميق لفتاة تستقبل إشراقة عمرها بسؤال ملولب كمذنب عابر ربما يحتاج إلى 76 عاماً ليحظى بفرصة مماثلة وكان يتوهم صدق كلامه المحصور على ذاته (كيف نجي الذئب من ما لحق بالحيوانات الأخرى التي انقرضت؟ لماذا لم ينقرض الذئب؟).

هذا هو سؤالها الدائر في خلدها بالتأكيد قال لنفسه.

وحين أستعد لمجاراتها في سياق التنبؤ المصرور بإحكام في سريرتها الساحرة سمح لها بالحديث لتلقي المفاجأة!.

تلعثمت الفتاة ونبست كان على أن لا أثق بك من البداية! صمتت لبرهة لتمنح ذهنه الصفاء قبل أن تقول : كوكبك يا سعود ملئ بالحجارة التي تشبه القلوب!!

أنتفض المدرس داخل الفصل وراح ينظر إلى الطالبة بإمعان فيما بدأت جبهتها تذوب على المنضدة أمامها كشمعة ميلاد لقيصر سجين الظلام.

أحس بنبضات قلبه تتجمد وبدأ قلبه يتحور إلى حقف فارغ من الحياة حينها أنتفض سعود مرعوباً.
أفاق ليجد نفسه يتوسد الأرض أمام غنام المستلقي أمامه وكانت النار قد خبت والصبح قد تفتح عن شقشقة زائفة صنعتها الرياح تيمماً بالعصافير.

أخذ سعود وغنام يخرجون علب الطعام والخبز المخبئ في معطف الشتاء لتناول إفطارهم فيما كان غنام يشير إلى إمكانية أن يكون الذئب قد وجد كهفاً داخل أحد شقوق الجبال التي تحيط بالحد الغربي المتاخم لوادي الصفراء.

تنبأ الغلام إلى إمكانية وجود الذئب بالقرب من بئرين قد جف ماؤهما منذ زمن بعيد ولهما دلالة واضحة بالمنطقة وهما بئر السفيه وبئر الروحاء ومنطقة عازلة للماء المتدفق من أعالي سلسلة الجبال خلف خيف الخزامي وهي منطقة نائية كانت محطة قديمة لاستراحة الحجاج أثناء سفرهم إلى مكة المكرمة.

أشار غنام إلى تمتع المواقع التي أخبر بها سعود بالعزلة وأن بها العديد من الكهوف المناسبة لذئب بهذه الضخامة.

وبينما هم يتناولون طعامهم أنبرت عن وجه الأرض حدبة عوصاء عن شمالهم تجمدت يد غنام باللقمة أمام فمه الفاغر واتسعت حدقتيه عن أخرهما وهو يرى الذئب الضخم ذو العين الواحدة يسير بخطوات ثابتة في طريقه ليباغتهم فيما ألهبت أشعة الشمس صوت زمجرة أنفاسه البغيضة المتخللة لأنيابه المغناطيسية التي تجذب الأنفاس بجملة أحلامها الشاردة.

أخذ صاحب الصولجان يكزح على جنبيه في إتجاه بندقية الصيد الصدأة وعينيه معلقة تراقب حدبة الذئب تنمو في أرض متعرجة التضاريس حتى أكتمل نموها وانكشحت عن عدوه اللدود وجها لوجه هذه المرة.

جاء ملبياً دعوة أنشودة المكتبة في زمن السلم والزير وعش الدبابير (يا عجايب يا عجيب كيف النقري صاد الذيب والله تغريدوا عجيب جاني من عند الحبيب).

بالكاد إستطاعت روحه التقلب على قشعريرة تيار جاذبية المباغتة وشيئا فشيئاً أمسك بالبندقة ويعلم الله أنها ارتعدت بين يديه كما فعلت حبيبته غزلان يوم أحتضنها لأول مرة نائفةً بغبار البارود معطرة ضفائره حين لا مناص سوى مبتغاه، تأكد من جاهزيتها وطوع فوهتها إلى رأس الذئب مباشرة.

حين أحس الذئب بالكارثة التي أوشكت أن تلم به وبكلمة مرق كالسهم ليخطف الصبي المتسمر في مكانه.
صاحب صرخة غنام في الوادي صوت البندقية وكان صوتها مدوياً .

لامست الرصاصة فروة الوحش الجائع ومرت بالقرب من أذنه وأحرقت بعض جسده وتطاير على أثرها في الهواء جزأ من فروته الذهبية حينها فقد الذئب شيئاً من توازنه وأخطاء الغلام المستسلم لنهم الخوف.

نجح الذئب في خطف معطف الشتاء وراح يركض به كالريح مخترقاً الوادي الفسيح.

صاح سعود بالغلام هيا أركض بسرعة وبينما هم يركضون أشار غنام لوجود تلة قريبة من الوادي بإمكانهم الاحتماء بطينها وأشجارها التي تحيط بها ومراقبة الوضع من هناك.

في الجانب الآخر سمع الجنود ومبعوث الملك صوت انطلاق الرصاصة، وكان الضابط عمر على يقين أن الصوت صادر من بندقية الصيد العتيقة التي فر بها الملعون.

كان من المفترض أن يكون السجين في طريقه الآن لينفذ به حكم الإعدام الصادر بحقه، عقب صلاة الظهر من هذا اليوم الجمعة في ساحة خصصت للموت أمام الحرم الشريف، ,ومن عجائب الصدف أن ينتهي به الحال يطلب القصاص هو أيضاً إنتقاماً لوجعه.

ها هو الصباح أنتصف مكملاً ساعاته الأُوول عن يوم جديد يوم فاخر بالحرية لمجرم عويص وجد نفسه حراً طليقاً بفضل ذئب عديم الشفقة.

أنطلق الضابط عمر بسيارة النقل وكان يضغط على دواسة البنزين كمن يريد سحقها تحت وطأة حذائه الامع.
سارت السيارة بسرعة جنونية في إتجاه الصوت الصادر وكان الجنود الجالسين في صندوق العربة يتطايرون في الهواء وهم متشبثون بزغب الخيمة خشية السقوط وراحوا يأملون رغم المجازفة بأنفسهم أن يقبضوا على السجين الهارب.

عل و عسى هاتف السجن يمتص ريقه ويصمت فقد آثار هروبه يقظة الآلة في داخله وأقامها من سباتها وراحت تصدر رنينها المزعج كل دقيقة بل كل ثانية على الدوام.

هناك غضب عارم عندما تغتصب حقوق الحكومات واذرعها قادرة على المجيئ بهذه الحقوق من خلال موظفيها الشرفاء وغيرهم لكن حقوق المواطن عليها التريث وعدم التسرع والصبر .

الهاتف المنسي عاد إلى عمله الدؤوب مستلهماً من الذئب الطليق مثالاً للكر والفر.

استدار سعود برفقة الغلام كما فعل شارل ديغول يوم نجى بمناورته الخالدة حين كان ما يزال قائداً لكتيبة مدرعات ميدانية شاركت حينها في الدفاع عن أرض فرنسا الحرة.
نجح بالفرار من فخ الحرب الخاطفة التي أمتاز بها جيش الرايخ الثالث تحت قيادة أدولف هتلر الذي وضع جزء كبير من جيشة كمهرج صاخب على أعتاب خط ماجينو.

وحين قدر للوهم الثبات شامخاً في ظل كبريائه المزيف... أبتسم الحظ !.

ولعله بات حلىّ بالحكمة القول: أن الدول التي تهزم تتطهر من الذنوب.

استطاعا الوصول إلى هدفهم وحين صعدوا فوق قمة التلة شاهدوا من مكانهم أحد الرعاة وهو يسير في إتجاه الوادي وكان برفقته قطيع من الماشية.

أنه برهان....! صاح غنام صديقي برهان! أنه من قرية مجاورة لقريتنا يجب أن أنبهه لوجود الذئب.. المسكين لا يعرف ما حصل! ، أخذ بطى أحدى شفتيه على الأخرى وراح ينفخ الهواء بينهما محدثاً صفيراً حاداً.

شاهد غنام الذئب وهو يعاود الظهور بنفس التكتيك الهجومي الذي فتكهم به قبل قليل..... وأشار بأصبعه.

هناك ! هل تراه الآن!، وأنسل محاولاً الركض لينبه صديقه بتربص الذئب إلا أن سعود تمكن من الإمساك به في اللحظة الحاسمة.

فات الأوان بالفعل.! ، كان الذئب قد فصل رأس برهان عن جسده بضربة موجعة والتف معاوداً الكرة على قطيع الأغنام وجندل أحد الخراف حمله بين فكية وراح يهرول به في إتجاه الغرب قاطعاً سهل الوادي المنحدر إلى الجهة المقابلة.

أخذ غنام يقاوم قبضة سعود...... أتركني!..... آه يا مصيبتي صديقي برهان!

أنظر!.... قال سعود للصبي وأشار إلى سيارة الشرطة التي كانت تخترق عباب الجفراء كالرمح وأضاف ... جاءت المساعدة لقد أتت الشرطة بكامل عتادها وجنودها سيقتلون الذئب أمام أنظارنا وينتقمون لنا ولصديقك كل ما نستطيع فعله الآن هو مراقبتهم من هنا إلى حين الانتهاء من الأمر حينها أعدك أن أقوم بتسليم نفسي للشرطة وينتهي الأمر عند هدا الحد.

وصل الجنود الى الموقع وأخذوا في تطويق المنطقة سرعان ما قام الضابط عمر بقراءة ما جرى ثم أمر الجنود أن يحملوا جثة الغلام وكان سعود وغنام يراقبون تحركاتهم خلسة من تلك التلة المحاطة بالشجر والطين.

حمل الجنود جثة الراعي برهان ووضعوها في صندوق العربة الخلفية.

كانت أثار الذئب ودلائل جريمته لا تحتاج إلى إسهاب في البحث لمعرفة سبب اهراق الدماء بفعل تلك المخالب المثنية بغريزة البقاء.

أشار أحد الجنود للضابط عمر!

وكان من الواضح أنه وجد شيئاً استرعي إهتمام الضابط!.


ها هو يهرول إليه وبعد محادثة قصيرة عاد الضابط إلى عربة الجيب وقام بإخراج آلة تقريب الصورة المنظار (الدربيل) وضعها على عينيه وراح سعود من مكانه يأمل ان يتمكن الضابط من رؤية الذئب من جهة الغرب وهو يهرول حاملاً ضحيته بمحاذاة الوادي.

أمتقع وجه سعود العابس على زجاج المنظار المحدب فيما كان الضابط عمر يحدق تماماً في وجهه من بعيد بفضل عدسة(الدربيل) المقعرة وسرعان ما انكمشت تجاعيد وجهيهما بصورة عكسية لكل منهما على زجاج المنظار.

أخذ الضابط عمر يشير لجنوده في إتجاه التلة (هناك انه هناك)!.

أعتصر سعود يد الغلام بقوة أضلاعه التي انقبضت على جوفه كمداً وحثه على الركض مجدداً.

وهنا حين يختالك رمق الشك تتوقف بصريتك عن العمل لثواني كمن أسرف في الشرب، عندها انتزع غنام يده من يد صاحب الصولجان في ذهول وصرخ.



ويحي....! منك أيها السجين..!


لقد تقلبت على اسطورة الذئب ، من أنت؟ وماذا فعلت في حياتك حتى بلغت هذه الأهمية؟.
لن أذهب معك الى أي مكان حتى تخبرني بكل شيء من أنت بالتحديد يا سعود؟ وماذا فعلت حتى أفسدت حياتك إلى هذا الحد؟

أنظر لقد اختاروا القبض عليك بينما تركوا الذئب ينجوا دون ما انتباه.

لم يستهل الغضب على وجه سعود من قبل كما هو هذه المرة.

لا يحق لك أن تسألني عن من أكون وماذا فعلت لا أحد يحق له ذلك هل تسمعني؟.
غنام : لن أرافقك بعد اليوم! أبحث لك عن راعي ساذج يوافق أن يعمل كدليل ليخرجك من هذا الجحيم.
استسلم سعود لرغبة الصبي استدار في طريقه لا بئس سأتركك الآن لقد تحملت الكثير وأنا ممتن لكل ما فعلته من أجلي، وحين هم بالمغادرة .

جبان ....!

صرخ غنام بهذه الكلمة التي حنطت صاحب الصولجان وسمرته في مكانه لبرهة
أهرب أيها الجبان!.

أنت عديم الفائدة، ولا أدرى كيف قدر لفتاة كغزلان أن تهيم برجل جبان مثلك!.

لقد وثقت بك، ويبدو أن الضابط عمر على صواب!

أنك أشد خطراً من هذا الذئب الهائم على وجه الارض بلا بصيرة! بلا قلب!
حاول سعود اأن يضم الفتي بين ذراعيه ليواسي مشاعره إلا أن غنام تحاشي حرارة العناق بحشمة حينها أحس سعود بخيبة أمل.

أتفهم شعورك ..! لقد أخطأت في حياتي، سبق وقلت لك أن الفوالين تنقصهم الفطنة.

غنام : هل تحب غزلان! لقد ضحت بحياتها من أجلك!

سعود : ها أنت قد قلتها بنفسك! ومع ذلك نعم.. أنا مغرم بها لقد عرفتها منذ طفولتي هي حب حياتي يا غنام! وتستطيع القول أنها قصة عمري لولها لما كنت أمامك الآن ولما قدر لنا أن نتشارك هذا اليوم الفاصل في حياة كل منا.

غنام : وهل ما زلت عازماً على الإنتقام لها من الذئب.

سعود : بكل تأكيد.

عاد السرور إلى وجه غنام وألمح قائلاً: أعرف طريقاً مختصرة ستخلصك من رجال الشرطة.

سعود : إذاً ماذا تنتظر! دلني عليها يا غنام.... أرجوك!.

غنام : عدني أولاً أنك لن تتركني حتى ننتهي من قتل الذئب!

سعود : لقد وعدتك من قبل يا غنام أتذكر!

غنام : كم هو صعب إخراج الحقيقة من رجل يعتبرها بعض جسده يا سعود! ولا حيلة لي سوى إنتزاعها منك بالمقايضة...فقط عدني مرة ثانية.

سعود : كن رحيماً فبقدر ما أجد نفسي مجبراً على وعدك مرة أخرى أفترض صعوبة سلخ جلد إنسان حي على يد غلام ريع التجربة يا بني.

غنام : عدني أن تخبرني لماذا تريد الشرطة إعدامك؟ مالذي فعلته؟ وما هي قصة غزلان؟ وكيف انتهي بك الأمر إلى هذا الحال؟.

سعود : أنه يوم حظك .

غنام: وحظك أيضاَ.

سعود: أقسم لو أني أسبرت في قريرة نفسي باحثاً عن سجية تمنحني السعادة لهذا اليوم لما وجدت أجمل من قول الحقيقة لصبي مكافح مثلك يا بني، والآن... هيا لننطلق لا وقت لدينا لنضيعه .

كان غنام يعرف قناة قريبة منهم بنيت تحت الأرض شقها الأتراك لبلوغ المياه الفائضة حين ذاك من بئر الروحاء في الطرف الآخر من وادي الصفراء قديماً أبان الحكم العثماني الشقوف بالحجر على حساب الطين الذي أُغرم به سكان المنطقة.

كانت بوابة القناة السرية لصيقة لخزانة الحطب أسفل موقد إشعال النار للقلعة البائدة ويصعب معرفة مدخلها خلف جمة الكوة الحاضنة للنفق القذر لمن لم يسبق له الدخول إليها، شقت كمهرب سرى أيضاً في حال سقوط القلعة في أيدي الأعداء حيث تنتهي إلى الطرف الغربي من الوادي عند سلم متدرج داخل البئر سابق الذكر كسرداب في باطن الأرض.

اندثرت القلعة وولى زمنها ولم يتبقى منها سوى هيكل أقعدته عوامل التعرية والإهمال.

سبق أن أختبر غنام طريق القناة التي تنتهي إلى البئر في الطرف الآخر من الوادي من قبل وأخفي عن سعود جزأ مهم عن هذا الممر تركه كمفاجأة لصاحب الصولجان مثابة اختبار حقيقي لمدى صدقه في البرور بقسمه.

يتبع......
كل من يقوم بالتعليق سأرسل له رسالة بالأجزاء المتبقية من الرواية أن شاء الله،،،


تحياتي

سلطان خويطر






 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 03:52 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط