الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديـات الثقافيـة > منتدى العلوم الإنسانية والصحة > مكتبة أقلام

مكتبة أقلام قسم وليد يهتم بنقاشات الكتب وأخبار المؤلفين والأصدرات ودور النشر

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 1 تصويتات, المعدل 5.00. انواع عرض الموضوع
قديم 08-03-2018, 07:40 PM   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
حاتم ناصر الشرباتي
أقلامي
 
الصورة الرمزية حاتم ناصر الشرباتي
 

 

 
إحصائية العضو







حاتم ناصر الشرباتي غير متصل


جديد 47 - 52

لماذا بشارات وليست ارهاصات

لم يخطر ببالي أن أعطي هذا الموضوع الأهمية البالغة حتى كانت جلسة خاصة بدأ فيها أحد الإخوان بالتكلم عن واقع الارهاصات والبشائر، وفي نقاش الموضوع كان هناك اختلاف يسير في بحث الأمر بيننا، مما حداني لإعادة النظر في واقع الأمرين، فعمدت أفكر وأفكر وأفكر حتى هداني الله للوصول لما كتبته بعد اقران البحث بواقع ما جرى في حرب الخليج الثانية ( حرب اصحاب الفيل على أرض السواد ) من مفارقات غريبة ومستهجنة ، ومن تصرفات كادت توصل أصحابها إلى الخروج من الملة، وذلك لعدم ادراك واقع كل منهمكا وللخلط الشنيع بينهم مما أوصلهم لإنزال أحاديث البشائر على وقائع ما يجري ، مما أوصلهم لدرجة العيش بأحلام اليقظه وأحلام المنام، حتى تبين لهم الواقع المرير ، الذي لو أحسنوا التفكير لتوقعوا حدوث ما حدث. كل هذا ألجئني لكتابة ما كتبت.
رُهِصَ الحائط : دُعِمْ ، والإرهاص: الإثبات. الرَّهص: تأسيس البنيان
بداية إنّ موضوع " الارهاصات والبشائر " لم يكن من المواضيع المطروحة للبحث والنقاش سابقاً، بل كان الأمر متروك على علاته بلا أي محاولة للتفريق بينهما، إلا أن كان يوم في لقاء خير ضم مجموعة من الاخوان، وكان الأمر موضع نقاشنا سوية، فاختلفنا على مسألة التفريق بينهما من عدمه، مما حدى بأحد الحاضرين - وكلهم أخوة أعزاء - للتضجر مما وصل اليه البحث واصفاً ذلك بأنه جدل، ومفهوم كلمة جدل هو أنه بحث لا يمكن أن يأدّي لنتائج ، ولقناعتي الأكيدة أنّ القول بأنه بحث جدلي أي بحث عقيم لا يؤدي إلى نتائج، قول غير صحيح ومرفوض مستهجن، وأني أرى فيه خِلافَ ذلك، فأرى فيه نقاشاً هادفاً لا بد منه لضمان حُسن العمل، وللحيلولة دون تأخر النصر والانتكاس، فقد تعمقت بالتفكير بالأمر بجدية الباحث الحريص، حيث توصلت لنتيجة قوامها التأكيد على إنَّ من لوازم الاعتقاد وصحة التحليل السياسي وسلامة القرار: إقران الأمَل بقاعدة ربط الأسباب بمسبباتها، والأمل إذا زاد عن حده أو كان في غير موضعه انقلب إلى ضده، فلزم أن نعود إلى دراسة وإعادة نظر في واقع الإرهاصات والبشائر، وعليه أرى من الضرورة التفريق بين الإرهاصات والبشائر، من منطلق تعريفيهما وواقع كل منهما، إذ أن الإرهاصات تعني الدعائم، والبشائر هي الأدلة وما يستأنس به. ومفهوم ذلك أن الأولى تؤثر تأثيراً مباشراً على العمل ودعمه ونجاحه، والثانية نفسية لا تؤثر تأثيراً مباشراً على العمل.
وما دام الأمر كذلك فإنّ هذا يعني أن على حملة الدّعوة العمل الجاد لإيجاد الإرهاصات التي لا يتحقق حُسن العمل إلا بالعمل على إيجادها، ولا يتحقق الهدف إلا بالعمل الجاد لإيجادها. في حين أن البشائر يُستأنس بها فقط وقد تتحقق، وممكن أن لا تتحقق، وغالبها وليس جميعها ـ أي البشائر ـ أتى في ظلال أحاديث تتناول الإخبار عن علم الغيب، وأحاديث علم الغيب لم يحدد منطوقها لها زمناً محدداً. أو أتت من خلال استنتاجات سياسية قد تتغير معطياتها أو نتائجها. وكمثال على الأمر للتوضيح وإزالة أي التباس في الأمر، فوعد الله تعالى بالتمكين واستبدال خوف المسلمين بالأمن هو بشارة من الله ، وبشارة الله واجبة التحقق، وإن مجرد الشك بها مرفوض واثمه كبير لأنها تدخل في باب العقائد، أي انها ةتتعلق بتصديق جازم وليس بأمر أو عمل، وهذا هو واقع البشائر أنها محصورة في الاعتقاد والتصديق، وأنها مرتبطة بجو ايماني نفسي، من نتائج هذا الجو الايماني أن تطمئن اليه الأنفس، وأن يرتاح إليه القلب، وأن يسيطر على المسلم الأمل المفضي للتحريك وأن تدفع تلك المشاعر الانسان للتفكر بما يمليه عليه الأمل في الله من أعمال.
أما الارهاصات، فتصينفها الشرعي لا يكون في باب العقيدة ، بل في باب الأفعال، وما يوجبه أمر الأفعال من قيود، فالارهاصات قد أخذت واقع دخولها في الأحكام الخمسة التي تقرر نوع ووزن العمل، فوعد الله تناول التمكين، وتناول تبديل الخوف أمناً، وتناول الاستخلاف في الأرض، وباختصار شديد فالآية استهدفت البشرى بقيام دولة الخلافة الراشدة، التي تحقق التمكين من حمل الدعوة الاسلامية للعالم أجمع، بعد أن تم الاستخلاف بقيام الدولة والحكم، مما يكون من نتنائج تحقق الأمرين سوية ولا بد : حصول الأمن والاستقرار والرفاهية للمسلمين والناس عامة.
الا أن الله قد اشترط لتحقق البشرى، العمل السياسي الموصل لذلك، والذي لايكون إلا بمبدأ الاسلام، ومبدأ الاسلام هم فكرة واضحة مبلورة لا بد من تحققها ، وطريقة واضحة محددة المعالم ومرسومة من المشرع، واجب التقيد بها وعدم الخروج عليها قيد أنملة، وذلك يحتم استعمال أسايب ووسائل في أطار الطريقة ومن ضمنها لضمان سرعة وحتمية الوصول للهدف، مما يستتلزم دعمها بدعائم مناسبة تضاف للوسائل والأسليب لتسندهم وتدعمهم وتزيد من سرعة تحققهم وتأمن التغلب على المعوقات التي وضعت لتعيق الوصول، ولتشتتيت الجهود.
وبالرغم من كل البشائر ـ سواء البشائر النقلية أو البشائر الحسابية ـ فإن لم تستوف الشروط المطلوبة في العاملين وعملهم وإعدادهم فلن يتحقق الهدف بالرغم من كل البشائر، والبشارات.ودليل ذلك مفهوم آية:
﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يُشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون .﴾
ومفهوم المخالفة للآية أن الوعد ليس لغير الذين أمنوا وعملوا الصالحات حقيقة، فأتى وصف الجماعة الموعودة شرطاً لازماً لتحقق الوعد، فلا يكون الاستخلاف والتمكين وتبديل الخوف بالأمن إلا لمن يستحقه، والاستحقاق مشروط صراحة في سياق الآية بأنهم " يعبدونني لا يُشركون بي شيئا " ومنطوبق النص القرآني موحٍ بمفهوم، وهو أن شرط التحقق رجال عابدون، والعبادة الحقة تستوجب سلامة الاعتقاد وتنزهه، مما يوجب حسن العمل، وحسن العمل مرتبط بمفهوم آية:
﴿ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون.﴾
كما أنه يجب أن تقرن دراسة الإرهاصات والبشائر بدراسة " العقبات والموانع " ونتبحر في دراستها، ونواصل إعادة النظر في عملنا وفي تركيبية تكتلنا، وفي أفكارنا المطروحة وتنقيتهم من الشوائب لاتصالهم المباشر لا بل تحكمهم في الإرهاصات والبشائر، ونحول بين المعوقات والموانع وبين تأثيرهم السلبي على العمل، وأن يُقرن البحث بالمعوقات والموانع بالبحث في الإرهاصات والبشائر، والعمل على الحيلولة بين الأولى وبين أن تؤثر على عملنا، بنفس القدر الذي نبحثه في إيجاد الإرهاصات والإستأناس بالبشائر، مما يعني ضرورة الربط الشديد والتزاوج الغير قابل لإنفصام العُرى بين الحالات تلك مجتمعة ومنفرده: نأخذ البشائر لإطمنان النفس وراحتها ولتهذيب النفسية، ونلتمس من الا رهاصات ما يدعم عملنا ويسنده، ونبحث في العقبات والموانع لنحول بينها وبين الانتكاس والتقهقر والخذلان.
وتزاوج وتلاحم كهذا كان ضرورياً ولازماً حتمياً لسلامة العمل وحسن أداءه، مما يوجب التفريق بين المفاهيم لكي تكون الدقة المتناهية في صرف المنطوق لمفهموه الصحيح، والبشائ ر لم تكن محصورة فيما علم الغيب الآتي مستقبلاً ، وإن كان الغالب الأعم منها أنّ البشرى والبشارات هي اعلم بغيب لم يحصل، ومع هذا فقد استعمل العرب في لغتهم مفهوم البشارة والبشائر في عمل أتى في الحاضر، وبألفاظ الفعل الماضي، وللمثال لنأخذ قول الشاعر:
ثمَّ أبشرتُ إذا رأيت شواماً وبيوتاً مبثوثة وجلالا
ولما فتح صلاح الدين حلب في صفر سنة 579 هـ مدحه محي الدين بن الزكي قاضي دمشق بقصيدة جاء فيها:
وفتحكم حلباً بالسيف في صفر مبشر بفتوح القدس في رجب
وقد أتت البشرى في حدث حصل في القرآن الكريم من سورة يوسف :
﴿وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يعملون.﴾
وفي قوله تعالى في سورة النحل:
﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ. يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ وفي الحالتين أطلق لفظ البشرى على حدث تم في زمن مضى، فحادثة الاسراء والمعراج هي في حد ذاتها بُشرى بُشر بها صلى الله عليه وسلم في وقت فقد فيه الأمل في النصرة من البشر، فأتت الحادثة لتبشره أن من أسرى بك لقادر على نصرك ولا بد متمثلة في قوله ﴿لنريه من آياتنا ﴾في سورة الاسراء:
﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.﴾
وفي ذلك يقول الشيخ الشعراوي: ( ثم قال العلة ( ﴿لنرية من آياتنا ﴾) ثمّ بعد ذلك قال العلة الدامغة لكل هذا، لماذا نريه من آياتنا ؟ ( ﴿أنّه هو السميع البصير﴾) سميع لماذا؟ وبصير بماذا؟ كان من الممكن أن يقول أنّ الله على كل شئ بصير، أن الله وهاب، أن الله كذا، أمّا أن يأتي بأنه ( هو السميع البصير) فهذا ليلدك على العلة الحقيقية التي استوجبت أن يسري الله سبحانه وتعالى برسوله صلى الله عليه وسلم وقد رأى الله ما تعرض له من الجفاء ومن الاستهزاء ومن السخرية ومن الاهانة، كلّ ذلم بنرأى ومسمع من الله ، فحين رأى الله ذلك وسمع ، أراد أن يريه الآيات ، فأسرى به.)
لذا فما أراه أنّ حادث ( الاسراء والمعراج ) لا يمكن أن تكون من الارهاصات ما دامت ليست من أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي أقرب ما تكون من البشائر لأنها من الله تعالى ، ولأنها أتت لتقوي الأمل بالله، والله تعالى أعلم.
﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(21) وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (22) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (24) وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (27)﴾ صدق الله العظيم.






 
رد مع اقتباس
قديم 30-03-2018, 01:01 PM   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
حاتم ناصر الشرباتي
أقلامي
 
الصورة الرمزية حاتم ناصر الشرباتي
 

 

 
إحصائية العضو







حاتم ناصر الشرباتي غير متصل


افتراضي رد: مع كتاب الإرهاصات والبشائر والمعوقات 51 - 57

الفشل والتبريرات الواهية

أنه من المفهوم بداهة أن الأمة الحية تسعى في طريقها للنهضة للعمل على إيجاد الإرهاصات التي تساعد وتدعم وتسهل الوصول للهدف، وتستبشر بالبشائر، وتعمل جاهدة على تحطيم العقبات التي تعيق الوصول للهدف، أو تمنع تحققه.أي تربط وتوازن بين الأسباب والمسببات، وقد كان هذا هو حال الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته والخلفاء من بعده، وكان هذا حال كل الرسل والأنبياء، وكذلك كل الحركات التي عملت على تغيير أوضاع مجتمعاتهم.

في السيرة النبوية الشريفة كان كل عمل الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة منصب على العمل لإيجاد الإرهاصات الداعمة للعمل، من عمله لتثقيف المسلمين، إلى العمل لإيجاد الوعي العام والعملية الصهرية، إلى الاتصال بوفود العرب في موسم الحاج لتحقق النصرة، وذهابه إلى الطائف لدعوة ثقيف ومحاولة الحصول على نصرتهم، كل ذلك كان من وسائل وأساليب الوصول للهدف، وايفادة مصعب بن عمير إلى يثرب كذلك.... وتلقى البشائر وأذاعها بين المسلمين، منها فتح القسطنطينية وروما والقدس، ومنها بشائر زوال كيان فارس، ومنها آيات النصر والفتح.وعمل على تحطيم كل العوائق والعثرات التي تحول بينه وبين الوصول للهدف. إلا أنه لم يكن من طريقته أبداً الاعتماد على الآمال والأوهام والأحلام، لا بل قد حارب ذلك وحال بين أتباعه وبين ألأخذ بها، رابطاً بين الأسباب ومسبباتها.

في حرب الخليج الثانية ( غزو العراق ) كانت مشاعر المسلمين ملتهبة، وكان الأمل يعصف بهم أن يخسف الله الجيش الصليبي المستهدف المسلمين ومقدراتهم وأعراضهم.منهم من توجه لله تعالى تائباً مستغفراً مستعيناً بالصبر والصلاة، رابطاً الأسباب بمسبباتها، متلبساً بالعمل الجاد لعودة صادقة للمسلمين لأوامر الله ودعوته، مستبشراً ببشائر النصر التي وعد الله ورسوله، ملتمساً التقيد بالحكم الشرعي في كل تصرفاته، نادماً مستنجداً وضارعاً لله آملاً نصراً من عنده، وما ذلك على الله بعزيز إن شاء، وهؤلاء هم الفرقة الناجية الذين أنعم الله عليهم بالسداد والتوفيق.
ومنهم فربق استسلم للأحلام والأماني، ومنهم من عقد الجلسات الطويلة مع الجان لأخذ البشرى منهم أن الله سيرسل على الجيش الغازي سخطا من السماء يأخذ أولهم وأخرهم، ومنهم من استعان بالمنجمين والكهان والعراف وكتب التنبؤات.وكان أكثرهم قد ذهب بعيدا في تناول أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم المحتوية على البشائر مثل أحاديث: الرايات السود والعمائم السود، وأحاديث إهلاك الجيش الغازي للكعبة، وأحاديث المسيح المنتظر قدومه والمهدي المنتظر...... ومنهم من تناول سورة " الفيل " وحاول تطويعها لتتوافق مع المناسبة....... وحاولوا تطويع تلك الأحاديث والآيات الشريفة بما يتفق مع المناسبة، وطفقوا يقلبون كتب الأحاديث صحاحها وضعافها والكتب القديمة ذات الصفحات الصفراء علهم يجدون بها البشائر التي يفسرونها على هواهم وحسب أوهامهم، وقسم التجأ للإسرائيليات وتنبؤات التوراة وكتب الكفار مثل " تنبؤات فوستر أداموز".
وكان أتفههم قسم ادعى المعرفة والعلم وعلم الجبر والحساب فاستنجد بالأرقام والرقم 19 بالذات لاستلهام البشائر منه بإعماله في عمليات حسابيه ساذجة على آيات القرآن الكريم ليصل من خلال ذلك إلى ما افترضه من نتائج مُسْبَقة. ويحضرني في هذا المقام قول الشاعر:

وما هو إلا كفارغ بندقٍ خلِيٌ من المعنى ولكن يُفرْقِعُ

كل هؤلاء وأولئك لم يأخذوا الأسباب بمسبباتها، ولم يتنبهوا إلى ضرورة تحقق شرط الصلاح فيمن يمن الله عليهم بالنصر، مما ورد صراحة في آيات القرآن الكريم، فخالفوا طريقة الإسلام في التفكير والعمل، وضلوا السبيل وأضلوا عباد الله ممن انبهر بمعلوماتهم وظنهم رسلاً وملائكة مبشرين، لذا فعندما وضعت الحرب أوزارها بهت وصعق هؤلاء وأولئك وظهر غباؤهم، ولم يبقى إلا إرسالهم للمصحات النفسية، وقسم قلب يديه مطلقاً الآهات والزفرات والسباب واللعنات والكلمات الجوفاء التي ربما قادته للكفر أو كاد، والسبب في ذلك أنهم أعموا أنفسهم عن الالتزام بطريقة الإسلام الوحيدة في التفكير والعمل، وأطلقوا لأوهامهم وأحلامهم وأرقامهم الحسابية العنان.

ومن لم يربط الأسباب بمسبباتها في عمله ، ولم ينتبه إلى ضرورة تحقق شرط الصلاح في العامل، فالنتيجة المنتظرة لعمله هي الفشل الذريع، وفي هذه الحالة يبدأ الفصل الجديد من فصول مسرحية الفشل، فيبررها بتبريرات واهية لكي يغطي على الناس فشله، وفي حالات لكي يخدع نفسه هو بتلك التبريرات، وربما بحث عن كبش فداء لكي يسلط عليه جام الغضب ، ولكي يلقي عليه وزر الهزيمة والفشل الذريع، وفي هذه الحالة قد يكون ختام المسرحية نصر مأزر موهوم، يصفق له الواهمون التائهون الحالمون.
في حرب حزيران 1967 ظن حاكم مصر ( جمال عبد الناصر ) أنّه يأدي فصلاً من فصول مسرحيات حي باب الشعرية التي ضحك بها على ذقون العامة من الناس خلال عقود من الزمن، فحسب المعركة نزهة يسسخن أواراها النابحون مثل أحمد سعيد والمغنون من مثل فهد بلان وعبد الحليم حافظ ، وتزين براقصات يرقصن على وقع الطبول – وكثير من هن في رعيته – فأعلن اغلاق الممرات المائية والموانئ دون الإعداد الفعلي للمعركة ، ودون التأهب للحرب، بالرجال والأعتده، فكان ما كان من انهزام قواته وقوات دول أخرى أمام العدو، وظهر العوار والفشل في الساعات الأولى من المعركة، فلم يعط للنتائج التبريرات الحقيقية للهزيمة، وهي دخول معركة بلا اعداد حربي صحيح، وأنّ إعداد المعركة كان بمظاهرة كشف جيوشه وصواريخه - التي لم تستعمل في المعركة – على شاشات التلفاز وأمام وسائل الإعلام وكاميرات الجواسيس، وأن الاستعداد الحقيقي للمعركة لم يكن موجوداً، فبحث عن كبش فداء يبرر به فشله الذريع فكان زميل كفاحه ورفيق عبد الحكيم عامر والممثلة برلنتي عبد الحميد ، بزعم أنّهم كانوا عملاء اليهود ولم تعد الجيوش، وعندما هدد عبد الحكيم عامر بكشف المستور فكان لا بد من انهاء المسرحية بقتله وادعاء انتحاره.
وتتكرر المسرحية بلاعبون جدد وبواقع مسرحية جديدة، فطاغية العراق( صدام حسين ) وقد حكم أرض السواد بالحديد والنار، وبرجال المخابرات وجهابذة التعذيب ، وبالحبس والتشريد وقطع الاعناق وبعدها قطع الأرزاق، فأقام الجدار العازل بينه وبين رعيته، كيف لا وقد نصب نفسه كجلاد للظهور وقاطع للرقاب، ومقطع للأوصال، وصاحب كل الشرور الكيماوية يضرب بها شعبه، فأصبح العدو الحقيقي لأمته، فتاه وضاع وحسب أن حزبه حاميه وناصره، وظن أن الجنرالات وأصحاب النياشين العسكرية ما أقاربه سسيحموه، وما أن وصلت طلائع الجيوش الصليبية على أبواب عاصمة الرشيد ؛تى وضعت الحرب أوزارها ، ورمى الجنود أسلحتهم ، وكانت بغداد كقطعة حلوى سائغة للآكلين، أسلمها حزبه وأبناء عمومته وجنرالاته للكافرين، فوقف أمام مسجد العباس ليعلم المصلين أنّ الخونة قد باعوه وخذلوه، ولم يعط للهزيمة السبب الصحيح.
وأمثال تلك المسرحيات التي تمثل الهزيمة المحتوية علىالفشل الذريع وتبريراتها الواهية تتكرر كل يوم وفي الأقوام المختلفة، تتكرر في الحياة السياسية ، وتتكرر في الحياة العملية ، وتتكرر داخل البيوت، وأكثر ما تبرز في الانتخابات بأنواعها، وفي كلها لا بد من تبريرات واهية للفشل، والمشكلة الكبرى في أنّها تبريرات تعتمد على الكذب أو سوء الظن أو الحسابات الخاطئة أو التقدير الخاطئ للمواقف ، وربما تبريرات يصدق عليها أنّها تأخذ وصف كتعلق الغريق بين الأمواج في البحر المحيط بقشّة، ونادراً ما تكون التبريرات صادقة.
المرأة التي تضع قدر الطعام على الموقد لينضج، وتذهب للتلفاز تفتحة على فيلم درامي وتنسجم معه، ولا تفطن لأنّ طعام أطفالها قد أصبح فحمة سوداء ، فتبرر ذلك أنّ بالموقد خللاً أدى لاشتعال النار وحرق الطعام، والتاجر لا يخطط كي يشتري وكيف يبيع فيخسر وتفشل تجارته فيبررها بخطأ عاملوه وموظفوه.
وفي العمليات الانتخابية مهما كان نوعها – من بلدية أو نقابية أو حزبية أو نيابية أو عائلية – لا بدّ أن يكون هناك فائز وخاسر، ولا بد أن يكون هناك نصر وهزيمة، ولا بد أن يكون هناك اعادة مراجعة حسابات، لكي يكون ذلك مرشداً لتفادي الأخطاء في الجولات والمعارك والانتخابات القادمة، خاصة لدى الأحزاب والحركات السياسية المتناطحة على الوصول للمناصب والفوز بها، ونادراً ما يُرى أنّ التقييمات الحقيقية قد أُعملت في النتائج، فترى من التبريرات – خاصة في الكتل الإنتخابية – أن يكون التبرير أنّ الشريك في القائمة قد خان شريكنه ورفيقة – مع أنّه قد أقسم الأيمان الغلاظ على المصحف أن لا يخون – وترى أنّ الحزب المعارض قد زعم أن الحزب الحاكم قد لجأ للتزوير، وفي أحيان يصدبق التبرير، وفي أحيان أخرى تكون التبريرات واهية وتنبأ بعجز وعدم أهلية. إنّ أمثال هذه الحالات هي بالواقع مرض خطير يحتاج لعلاج، وجرثومة شر يجب أن تقتلع وتصتأصل، وعلة مقيتة في النفوس يجب أن تعالج النفوس العلولة بالتقوى والعقيدة وحسن الاعتقاد والبراءة من الأحقاد والظنون الخبيثة.
والأصل فيمن فشل في مهمة أن يقوم بإعادة نظر في عمله يستقرأ فيه مواطن الخطأ والصواب، وايجابيات العمل من سلبياته، لتكون نتيجة إعادة النظر موجهاً ومرشداً ودليلاً لإتقان أعمال بعدها من مثل سد فراغات وتصحيح أخطاء واستحضار منسيات، معللا الأمور بوقائعها، مسترشداً بنتائج ذلك ومتعالماً منه.
أمّا أصحاب التبريرات الواهية، فقد أتت تبريراتهم بدون إعاد ة نظر، وأتت لستر العوار، وتبرير الأخطاء ، والضحك على الذقون، فسيدة البيت وقد احترق طعامها لإنشغاله عنه بأمور أخرى أنستها طعامها أتت بالتبريرات ربما لكي لا يعنفها زوجها وربما لئلا يطلقها، وطالب المدرسة الراسب في الامتحان المعلل رسوبه أنّ المعلم وجه السؤال من خارج المنهاج، فكان الأولى به وقد كان الوحيد الفاشل دون زملائه أن يعترف أنّ الفشل كان النتيجة الحتمية لعدم المذاكرة والتحصيل، والقائد المهزوم في المعركة كان يجب أن يدرك أنّ الهزيمة كانت لعدم الاستعداد الحقيقي للمعركة.
أمّا في الانتخابات وتزوير النتائج ممن بيدهم الأمر والمتنفذون فذلك أصبح من العادات المستقبحة والغير مستهجنة عند الحكام في العالم الاسلامي وغيره ورغم ذلك فليس كلّ الانتخابات يجري فيها التزوير،وليس كلّ الانتخابات يجري فيها التجاوزات والمخالفات، وفي الانتخابات التي تسير بانضباط تام وبلا أيّ تلاعب أو تزوير ، وهنا تأتي التبريرات الواهية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، والهزيمة أتت فيها لعدة أمور، منها قوة بيان الخصم وحججه وقوة تأثيره على الرأي العام لدى الجمهور، وفي الغالب يكون المهزوم المتعلل بالتبرات الواهية وغير الحقيقة والبعيدة عن الصدق، يكون واقع هذا أنّه غير أهل لإنتخابه أصلاً وقد وتم استبعاده من قبل الناخبين لأنّه غير أهل لتولي المسؤلية، ولأنه لا يصلح للعمل، أو لأنّه فاسد منحرف، أو لأنه مدعي مكابر، ومثل هذه العينة من الناس يجب أن يقلعوا عن أحلامهم، ويصلحوا ما فسد من أمرهم ، ليكونوا أهلاً بالفوز بثقة الناس. ومما يؤسف له أنّ الأصل يختلف عن واقع الحال، وواقع الحال أنّ كلّ من يفشل أو يُهزم لعلة فيه في الغالب يلجأ للتبريرات الواهية في الغالب، يضحك فيها على نفسه قبل محاولة ضحكه على الناس، أو ملتمساً ضحية وكبش فداء ليغطي عواره إن كان من المترأسين، فتقوى الله إن نُزعت من النفوس ينقلب المرأ إلى شيطان رجيم، ممكن أن يضحي فيها عن صاحبته وأخيه وكل من يأويه، ولا يُستغرب أن يكون ذلك مستشرياً عند غير تقاة المسلمين، والمستغرب أن يوجد هذا الانحراف السلوكي فيمن يُظن فيهم التقوى والصلاح، ومن برز فيهم هذا منهم فلنكوي رأسه بالنار، ونعزله عن التقاة والصالحين، فالبلاء كان في الدين قبل الخلق والسلوك، لأنّ ما يقررهما هو الفكر المحمول والنفسيات المصاحبة له.
والحقيقة إنّها سنة الله في الخلق: أن يكون هناك لاعبون ولاعبون، وأن يكون هناك من يَرْمي ومن يُرْمى، مقاتل مقابل مقاتل، مصارع يتحدى مصارع، ملاكم يُبارز ملاكم ، لاعب يتحدى خصمه، سياسي يناور سياسي، صحفي يسابق آخر، حزب يتحامل على حزب، تنافس خصمين وتنافس غريمين وتنافس صديقين، كلٌ يريد أن يعلو، وفي المقابل لا بُدّ أن يكون من يسقط، كلّ يخطط لينجح وبالمقابل لا بُدّ أن يكون هناك مهزوم، هذه سنة الحياة، وتلك مقتضيات اللعبة، لاعبون يبرزون وآخرون يُحجبون، نصر مقابله هزيمه، من سرته النتائج ساءت غريمة، ومن سائته النتيجة سرّت غريمه، لقد خلق الله الأشياء وخلق أضدادها، الايجابي يقابله السلبي، الأبيض يقابله الأسود، اللمتزمت يخالفه المتساهل، المؤمن يعاديه الكافر، أبليس يمقته المؤمنون، أمتحانات تقام، وانتخابات تُعقد، والتنافس شريعة المتنافسين، منه تنافس شريف، ومنه نزال خسيس، وكلاهما تنافس، وكلاهما نزال، وفرق بين نزال ونزال، يعين كلّ منهم واقع الحال، ويتحكم في أبعادها نتيجة المآل، وفي الغالب الأعم أن الفائز يفرح بفوزه، والمهزوم يُغَمُّ بفشله، فإن كان المهزوم تقياً نقياً يقبل النتائج ويتخذها مجال لدراسة الأسباب والمسببات لتلافيها في نزال لاحق، ولإذا كان المهزوم فاقد التقوى والنخوة والرجولة فيرفض ما كان ويلتمس الأعذار الواهية، ويعتمد الميكافيلية مذهباً للنيل من غريمه، أو يلتمس كبش فداء يصب عليه جام غضبه وسخطه وشتائمه ورذائله. إنّ هذا الحال غير مستغرب في الانسان ، فتلك هي طبيعة البشر، وتلك هي نقائصهم. ويستغرب أشد الاستغراب أن يتحلى بتلك النفسية الشريره من يتصدر الاصلاح والتغيير، فيُحظر عليهم النزول لذاك الدرك من الفساد وسوء الأحوال، فيتقبلوا النتائج ويتأكدوا أنّ العيب فيهم بصورة أو أخرى، من ذلك عده الأهلية للمنصب المبتغعى، ومن ذلك التقصير البين في اقناع الناخب بصلاحه، ومن ذلك قوة بيان خصمه مما أقنع الناخب بأحقيته، فليثبت أهليته بعدم الشكوى، ولايقلع عن البكاء والعويل ولطم الخدود وشق الجيوب، وليكن لسان حاله :
فاعصف فإني صخرة يا زمان.
وإلا فحق لنا أن نقول له:
إبْكِ مِثْلَ النِّساء مُلْكاّ مُضاعاً لَمْ تُحافِظ عَلَيْهِ مِثْلَ الرِجالِ
( سَبَّحَ لِلّه ما في السّماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم 0 يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولونَ ما لا تَفْعَلونَ 0 كَبُرَ مقتاً عند الله أنْ تَقولوا ما لا تَفعَلونَ0 )







 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:51 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط