الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديــات الأدبيــة > منتدى القصة القصيرة

منتدى القصة القصيرة أحداث صاخبة ومفاجآت متعددة في كل مادة تفرد جناحيها في فضاء هذا المنتدى..فهيا لنحلق معا..

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-07-2010, 02:44 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نورالدين شكردة
أقلامي
 
الصورة الرمزية نورالدين شكردة
 

 

 
إحصائية العضو







نورالدين شكردة غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى نورالدين شكردة إرسال رسالة عبر Yahoo إلى نورالدين شكردة

Icon10 هذا الجرثوم حسبته معلما...

هذا الجرثوم حسبته معلما
ـنورالدين شكردة ـ


كلما هممت بفتح نقاش معه حول أوضاع تعليمنا و شغيلته إلا و اتخذ جلسته المـعهودة ، و امتدت أصابع يده الأربعة لعلبة سجـائري وولاعـتي ، و نـادى علـى الـنادل بكأس من عصـير المحامي على حسابي بالطبع ... كان يتنحنح و يغير من وضعية جلوسه قبل أن يدخل معي في متاهات حواراته المنطقية و كان يقول : أي مردودية تنتظر من معلم تلقى تكوينا قصير الأمد ، عـديم الفاعليـة ، و استفاد من مرتب زهيد لا يسمن و لا يغني من جوع ... ثم تعرض لتعيين عشوائي أو بالأحرى لنفي اختياري داخل حدود وطنه ... كنت أجيبه و أحاول أن أقنعه بأننا في عصـر بطالة المجـازين و الدكاتــرة و حملة الشـهادات ، و أن تعييننا في أي جهة أو قرية من مغربنا الكبير ، إنما هو تحميل لمسؤولية وطنية ، و تكليف بواجب إنساني تربوي ، و أضيف بان العمل في ظل الكرامة و الاستقلالية و الحرية ... بين أفراد تتوحد معهم في الدين ، و الجنسية ... و تختلف عنهم في أمور هامشية ، كاللهجة و العادات ... لهو أمر محمود ، أفضله على هجرة وطني ، و العيش غريبا بين قطعان الخنازير . وداليات العنب ، و صفوف الأطـباق المتـسخة ...و كنت أكرر على مسامعه دائما أن الغربة داخل حـدود وطنـي ، ليـست باغتـراب ، بقـدر ما هي سـياحة و اقتراب من مناظر مغربنا الخلاب..
كان يتهكم من وطنيتي و حسن نيتي ، و يبتلع عصير المحامي في جرعة واحدة ، ثم يبدأ في اجترار حواراته التيئيسية المألوفة مع دخان سجائري ...
وكانت لقاءاتي تتكرر مع هذا الإنسان مرة في الأسبوع ، إذ أنني كلما ارتدت مقهاي الدائمة ، خـلال عطـلة نهـاية الأسبـوع إلا ووجـدته ينـتظرني ببـذلته الـسوداء المنكمـشة ، و ربطة عنقه الحـمراء ، و قميصه الأصفر المتآكل ، و شعـره الأشيـب المـنفوش ... كان دائـم الارتـكان في أقصى زوايا المقـهى ، و كلما رآني أشار علي بيده اليمنى التي تفتقر لقاء بعد لقاء لأصبع من أصابعها ، و أشار على النادل بيسراه طالبا عصير المحامي
و هذا اليوم بالذات قررت أن أكسر روتين عطلة نهاية الأسبوع . و أن أوفر تلك الدريهمات التي يبتزها من مرتبي ... توجهت نحو نفس المقهى ، و رأيت نفس الشخص ،ونفس العينين الحمراوين، و نفس البذلة ، و القميص و الرباط ... كما ميزت يدا يمنى دون أصابع تشير إلي بالاقتراب،ويدا يسرى تشير على النادل بالعصير المعتاد ..
حاولت أن أبحث لي عن مكان آخر بين طاولات المقهى ، و قسرا شدني لون رباط عنقه من جديد ، فوجدت نفسي مدفوعا دون إرادتي نحو طاولة جلوسه ...ربما بدافع الفضول لمعرفة سر هذا الإنسان الذي تتآكل أعضاؤه أسبوعا بعد آخر ... أو ربما بدافع الشفقة على حالته التي تزداد سوءا و اختزالا ... أخذت لي مكانا مقابلا له،وهالني أن لاحظت انفه المبتور وأذنه اليسرى الوحيدة ، سألته باغتراب :
- عــلال ماذا حل بك ؟و بأي مرض مصاب أنت ؟
- أجابني بصوت واهن . و فم خال من الأسنان و لسان مهترئ:
- الجيلالي أتوسل إليك ...أنقذني قبل أن أتلاشى !
- تتلاشى ! كيف بالله عليك ؟
- لقد تهت في دوامة التعليم منذ ثلاثين سنة ، و استهلكت من قواي و طاقاتي ما استهلكت ، و الآن أصبحت استهلك من ذاتي و أعيش بمخزون و احتياط أعضائي ... أصابتني حالته بالوجوم و الخوف ، و تأملت في رعب مصير مستقبلي التعليمي و الصحي ، لم اعد أقوى على الإنصات لكلامه المأساوي الممزوج بدموع الألم و الندم على اقتحامه ميدان المتاعب و العلل و الأمراض… تأملني باكيا واستجداني كي أترك هذا السلك الذي آل به إلى هذه النهاية المؤلمة، ولم يكن لينسى ارتشاف عصيره المفضل و تدخين سجائري الرخيصة ...
أدنى يده اليمنى من نظارتي و تحدث بصوت مرتعد ، أرأيت ماذا فعل الطباشير بأصابعي ! ...ألم تر يوما أصابعا تنجرف و تتفتت ؟ ثم تحسس موضع أنفه بسبابته يسراه و قال : انظر ماذا أصاب أنفي وعيني بفعل الغبار ، و أذني هل رأيت ماذا ألم بها ، لقد انفجرت نعم انفجرت بفعل صراخ و ضجيج الأطفال ...
لم أعد أميز سوى اهتزاز شفتيه و هو لا يزال يتابع حديثه الدرامي وأنا اتحسس أنفي وأذني برعب كبير ...
صدمتني حالته و صدقت كلامه ... كيف لا أصدقه و هو المعلم المحترف صاحب الخبرة و الأقدمية و السوابق في الميدان ...
اختمرت الفكرة و قررت من دون تردد الاستقالة من هذه المهنة كما أزمعت ركوب أمواج المتوسطي حارقا عند خالتي بإيطاليا ...
الواقع أنـنـي رغـم ما عـايـنته من ضغوطات نفسية و معاناة صحية و لحظات تذمر قصوى ... لم يخطر ببالي أن أصادف يوما مثل هذا النموذج الهش من المعلمين ... لكن الحقيقة تقال : رعي الخنازير و جني العنب و غسل الأطباق و مسح واجهات السيارات أهون من الموت البطيء
أخبرت الإنسان بقراري فابتسم بتهالك لكلامي و ارتكز بيده اليسرى و راحة يده اليمنى على طاولة جلوسنا و ابتسامته تتسع و تتسع لتتحول إلى ضحكة مجلجلة فقهقهة مرعبة ، اعتدل فجأة ، و انسحب مهرولا و هو يصرخ : الضحية الثاني و العشرون ، الضحية الثاني و العشرون و للمرة الأولى أراه واقفا وأطالع نصفه السفلي ... عاريا متجردا من كل ملابسه السفلية ... و لأول مرة أكتشف أن هذا الإنسان أحمق مجذوم ... بل جرثوم مجروب ينخر جهاز تعليمنا ليصيب رجالاته بالتكاسل و التماطل و تصنع الأمراض و توهم العلل ...






 
رد مع اقتباس
قديم 18-07-2010, 03:43 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
نزار ب. الزين
أقلامي
 
الصورة الرمزية نزار ب. الزين
 

 

 
إحصائية العضو







نزار ب. الزين غير متصل


افتراضي رد: هذا الجرثوم حسبته معلما...

الأخ المبدع نور الدين
نص متقن الصنعة لغة و فنا
ألقى الضوء على أنموذج من تنابل الوظائف العامة
فنفذ إلى أعماق أعماقه
طفيلي يائس ميئس ، خائر العزيمة و مثبط للعزائم
أخي الكريم
أجدت و ابدعت
نزار






 
رد مع اقتباس
قديم 18-08-2010, 05:33 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
نورالدين شكردة
أقلامي
 
الصورة الرمزية نورالدين شكردة
 

 

 
إحصائية العضو







نورالدين شكردة غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى نورالدين شكردة إرسال رسالة عبر Yahoo إلى نورالدين شكردة

افتراضي رد: هذا الجرثوم حسبته معلما...

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نزار ب. الزين مشاهدة المشاركة
الأخ المبدع نور الدين

نص متقن الصنعة لغة و فنا
ألقى الضوء على أنموذج من تنابل الوظائف العامة
فنفذ إلى أعماق أعماقه
طفيلي يائس ميئس ، خائر العزيمة و مثبط للعزائم
أخي الكريم
أجدت و ابدعت

نزار
العزيز نزارشرف عظيم ان تنال نصوصي المتواضعة إعجاب قاص وروائي ومبدع مقتدر من طينتك سيدي...
شكرا على جميل القراءة وكرم التعقيب
لا عدمنا كرمكم
رمضانكم مبارك كريم






 
رد مع اقتباس
قديم 21-08-2010, 03:34 AM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
عبدالكريم قاسم
أقلامي
 
الصورة الرمزية عبدالكريم قاسم
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالكريم قاسم متصل الآن


افتراضي رد: هذا الجرثوم حسبته معلما...

العزيز نور الدين شكردة
امتعني ما قرأت واحزنني ايضا ذاك المعلم الذي افنى حياته في التعليم
واصبح جسدا متهالكا قد هدته هذه المهنة وسرقت عزائمه ليبدو كما صورت
لا غريب في هذه المهنة ان تجد من هم في مثل هذا الواقع
المهنة بحد ذاتها رسالة سامية ولكن المنغصات فيها كثيرة
قد كانت مهنة الانبياء اما اليوم فلا كرامة كما كانت لمن يمتهنها
هذا ليس الا كلام قد يجر الى الاراء
اما النص وطريقة السرد فمن اروع ما قرأت
لقد استطعت ان تشد ابصارنا الى نصوصك العذبة وكتاباتك الرائعة
لك التحية والتقدير ايها القاص الرائع







 
رد مع اقتباس
قديم 25-09-2010, 08:22 AM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
نورالدين شكردة
أقلامي
 
الصورة الرمزية نورالدين شكردة
 

 

 
إحصائية العضو







نورالدين شكردة غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى نورالدين شكردة إرسال رسالة عبر Yahoo إلى نورالدين شكردة

افتراضي رد: هذا الجرثوم حسبته معلما...

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالكريم قاسم مشاهدة المشاركة
العزيز نور الدين شكردة
امتعني ما قرأت واحزنني ايضا ذاك المعلم الذي افنى حياته في التعليم
واصبح جسدا متهالكا قد هدته هذه المهنة وسرقت عزائمه ليبدو كما صورت
لا غريب في هذه المهنة ان تجد من هم في مثل هذا الواقع
المهنة بحد ذاتها رسالة سامية ولكن المنغصات فيها كثيرة
قد كانت مهنة الانبياء اما اليوم فلا كرامة كما كانت لمن يمتهنها
هذا ليس الا كلام قد يجر الى الاراء
اما النص وطريقة السرد فمن اروع ما قرأت
لقد استطعت ان تشد ابصارنا الى نصوصك العذبة وكتاباتك الرائعة
لك التحية والتقدير ايها القاص الرائع
ولك المنى والتقدير والشكر على مروراتك الرائعة على الدوام
والتي ترغمني على العودة إلى نصوصي مجددا
الأستاذ عبد الكريم قاسم بارك الله في أريحية وكرمك الادبي المعطاء
ولا عدمنا تشجيعاتكم وتوجيهاتكم النيرة
حياكم الله






 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 06:16 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط