الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الحوار الفكري العام

منتدى الحوار الفكري العام الثقافة ديوان الأقلاميين..فلنتحاور هنا حول المعرفة..ولنفد المنتدى بكل ما هو جديد ومنوع.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-09-2010, 11:16 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
هشام النجار
أقلامي
 
الصورة الرمزية هشام النجار
 

 

 
إحصائية العضو







هشام النجار غير متصل


افتراضي الفيلسوفة هيباتيا .. حديث فى التسامح

"هيباتيا" تستحق كل هذا الجدل وأكثر.. ليس فقط لثراء شخصيتها ومركزها العلمي المرموق ومكانتها التي جعلتها في تلك الحقبة تتصدر المشهد الفكري وتتقلد منصب التدريس في الجامعة القديمة بالإسكندرية.. لتكون نقطة جاذبية ومصدر الهام قطاع واسع من المثقفين وطالبي العلم وأصحاب الرأي والفكر في ذلك الوقت.
إنما أيضا ً لأن حياتها القصيرة – قتلت وهى في الأربعين من عمرها – مثلت شهادة بقيت حية إلى اليوم على إدانة محاربة الفكر والرأي بالعنف والسلاح والدماء والتهجير والطرد والإقصاء .
هناك دروس كثيرة نتعلمها جميعا ً – على اختلاف عقائدنا وأفكارنا – من حياة هذه الفيلسوفة.
ومن الأحداث التي جرت في عصرها ، وكل مبدع يستطيع استخلاص المزيد من الدروس على طريقته حسب طريقة فهمه للشخصية والحدث وحسب مضمون الرسائل التي يريد إرسالها في أكثر من اتجاه لواقعه الذي يعيش فيه.
ذلك الواقع أجبره بتداعياته وصراعاته الدموية على اللجوء إلى (هيباتيا ) واستدعاء ما حدث لها من مآس وآلام قبل قرون طويلة .
من المثير حقا ً ألا يمر وقت طويل حتى يطل علينا عمل فني جديد يتناول تلك الشخصية المثيرة للجدل.. وهو الفيلم الأسباني (أجورا) ، بعد أن تناولها الأديب والباحث الأكاديمي الدكتور يوسف زيدان في رائعته (عزازيل) .
وكلاهما (الفيلم والرواية ) أثارا نفس الجدل وثارت ضدهما نفس الجهات وحاربتهما نفس الأقلام.
وعلى الجهة الأخرى لاقا نفس الاحتفاء والترحيب والرواج في أوساط المثقفين المهتمين بقضية العنف الديني والمدافعين عن حرية الفكر والإبداع والتعبير.
والممتع في المسألة هو ملاحظة تلك الاختلافات ونقاط التباين في طريقة تناول الفيلم الأسباني والرواية المصرية لحدث واحد وشخصية واحدة وحقبة زمنية واحدة .
قد نناقش هذه النقطة المهمة في مقال آخر عند تحليلنا لفيلم ( أجورا ) الذي يستحق منا التأمل والدراسة.. فهو يناقش كثيراً من القضايا الحساسة والمهمة على المستوى الكوني والحضاري والإنساني ، ويعيد الاعتبار بقوة للمرأة الموهوبة وخطورة حرق إبداعاتها وطمس معالم موهبتها وإقصائها عن ساحة العطاء الفكري والعلمي لمجرد أنها أنثى وامرأة.
كما أنه يركز على النقطة الأهم وهى علاقة المقدس بالعقل ومكان العقل وسط صراع الأفكار والعقائد.
وأيضا قضية تأويل النصوص المقدسة وتوجيهها لتحقيق مصالح سياسية أو للتأثير في الجماهير والعوام، ثم قضية الدين والعلم، وما هو موقف الدين عموما من الفلاسفة والمتكلمين؟
لكن الآن – قبل ذلك كله - نحاول إلقاء الضوء على تلك الشخصية التي أثارت كل هذا الجدل قديما ً وحديثا ً.. وأظن أن الجدل حولها لن ينتهي.
وأننا لن نصل إلى وضع حد لهذا الجدل ما دمنا مصرين على الهروب من تاريخ تلك المرأة أو إنكاره والهروب من تحمل المسئولية الأدبية لما حدث لها .
وما دمنا مصرين على محاربة وإقصاء أى عمل فني يحاول فهم جوانب ذلك التاريخ واستخلاص الحكمة منه وتسليط الضوء على الزوايا الغامضة فيه ، لصالح بعض المكاسب الطائفية المتوهمة .
إرهاصات مقتل (هيباتيا)
حادثة الاغتيال البشعة التي شهدتها شوارع مدينة الإسكندرية لهذه الفيلسوفة في بداية القرن الخامس الميلادي.. لم تأت من فراغ ولم تكن منبتة الصلة بما سبقها من أحداث.. بل كانت منسجمة تماماً مع سياق الشحن الفكري وروح العداء المسيحي المتصاعد ضد الفلاسفة والمشتغلين بالفلك والرياضيات والمشغولين بأعمال العقل لفهم ما يحدث على الأرض.. ولرصد علاقة الإنسان بالكون.
بل لا نبالغ إذا قلنا: روح العداء المسيحي المتصاعد ضد الثقافة اليونانية والمصرية بصفة عامة.
هيباتيا هي الوريث الشرعي لممثلي الثقافة اليونانية القديمة وفلاسفتها وعلمائها ومفكريها (هوميروس، هزيودس ، أورفيوس، آراتس، أوريبيدس، صوفوكلس ، ثوقوديدوس، فيثاغورس ، ديوجانس، أبيتور ، أنباذقلس، سقراط، أفلاطون) .
وكان قد حل التشنيع والتهييج والتحريض ضد هؤلاء من قبل رموز الكنيسة محل الجدال والحوار العقلاني المبنى على الاحترام المتبادل .
يرصد جورج طرابيشى في كتابه (مصائر الفلسفة بين المسيحية والإسلام) ظواهر هذا العداء وشواهد هذه الكراهية التي بلغت ذروتها مع انتشار المسيحية في القرن الثالث.. حيث غدت صفة (اليونانية) نفسها مرذولة سواء أطلقت على الفلسفة أم على الحضارة والثقافة إجمالاً.. فقد باتت مرادفة للوثنية .
وفى الوقت الذي نقرأ تشنيع القديس ثيوفيلوس على الفلاسفة الإغريق واتهامهم بأحط وأقذر الأخلاق.. نقرأ هجاء القديس غريغوريوس النزيانزى ( 330-390) لمدينة أثينا نفسها بوصفها عاصمة (الفلسفة الوثنية) .
وحذر القديس هيبوليتس - من قبل - من الفلسفة ووصفها بمصدر الهرطقات كافة.. وقال بأن الفلاسفة يستقون مذاهبهم من " حكمة اليونان المسمومة " .
وحث كتاب " تعليم الرسل " - وهو الكتاب الأساسي للعقيدة المسيحية الذي كان متداولا ً على نطاق واسع في نهاية القرن الثالث الميلادي – المؤمنين على الامتناع عن قراءة كتب الوثنيين " الشيطانية " لأن الإنجيل وحده ينبغي أن يقدم الغذاء للحياة العقلية للمسيحي .
وفى الجهة المقابلة قابل مثقفو العالم الوثني المسيحية في أول الأمر بتعال وصمت ازدرائي بوصفها " ديانة بربرية سخيفة ، موجهة إلى أناس بلا ثقافة ، ومن صفوفهم تجند أتباعها " .
كتاب ( الرد على المسيحيين ) الذي وضعه فرفوريوس الصوري – أحد مشاهير الأفلاطونيين والذي آلت إليه زعامة المدرسة الأفلاطونية في النصف الثاني من القرن الثالث - هو أهم ما ألف في ذلك الوقت ضد المسيحية .
أعطى فرفوريوس كتابه شكل أهجية شاملة.. فند فيها الأناجيل إصحاحا إصحاحا ً.. متهما ً مؤلفي الأناجيل الأربعة بأنهم " مخترعو – لا مؤرخو – الأشياء التي يرونها عن يسوع " .
وقد أجرى فرفوريوس إحصاءا ً شاملا ً لتناقضات الأناجيل فيما بينها.. وشمل بنقده العهد القديم كما العهد الجديد.. وندد بالإحالات التي لا يقبلها العقل من قصص الكتاب المقدس.
وانتهى إلى دمغ الديانة الجديدة برمتها بأنها تقوم على " إيمان لا عقلاني " وتشكل " مشروعا بربريا يتهدد الحضارة في ماهيتها بالذات " ( راجع : جورج طرابيشى – مصائر الفلسفة بين المسيحية والإسلام ) .
هيباتيا.. مركز الدائرة
لم ترفض هيباتيا (الدين) لكنها كانت تبحث عن حرية الإنسان وحقه في اعتناق ما يشاء من أفكار.. وكانت تعلم تلامذتها أدب الاختلاف والتكامل الإنساني .
وفى فيلم (أجورا) في مشهد جمعها مع تلامذتها بقاعة الدرس تعنف اثنين منهما - أحدهما اعتنق المسيحية – أوشكا على التعارك بسبب جدل فكرى نشب بينهما .. ذكرتهما بما قاله اقليدس : " ساوى شيئان شيئا ثالثا ، فالثلاثة متساوون " وهما الاثنان مكافئان لها إذا فثلاثتهم متساوون .
وفى نهاية حديثها أخبرتهم بأن القتال من عادة الرعاع والعبيد.. وبأن هناك أشياء – رغم الخلاف الفكري والعقائدي – تجمع بينهم أكثر من التي تسبب الفرقة.. وبأنه مهما كان الذي يحدث في الشارع فالجميع في قاعة درسها إخوة .
هيباتيا رفضت استخدام العنف وحاولت منع جموع الوثنيين من الخروج بالأسلحة للانتقام لآلهتهم التي يعبث بها المسيحيون في الساحة.. التي تحولت من ميدان للحوار والجدال الفكري الراقي ومنارة للأدب والثقافة إلى ساحة مذابح وسفك دماء وقتل يومي تحكمها مجموعات من المهووسين والمتطرفين .
وأعتقت رقبة عبدها المسيحي " دافوس " وحاولت التستر عليه وإنقاذه من مصير كان ينتظر كل مسيحي يعلن عن مسيحيته في ذلك الوقت .
كانت هيباتيا شبه وحيدة وهى تدافع عن الحرية في مدينة اكتظت شوارعها بالتعصب الأعمى ورفض الآخر والرغبة في الانفراد بالزمان والمكان .
هيباتيا كانت مؤمنة بأن الساحة تتسع للجميع بشرط أن يحكمهم قانون الدائرة الذي يحكم الأفلاك في السماء ويضمن عدم سقوطها .
الدائرة لابد لها من مركز محايد تجاه نقاطها التي تبتعد عنه بمسافات متساوية .
المركز لم يعد محايدا ً.. ونقاط الدائرة لم تعد على مسافات متساوية .
والإسكندرية لم تعد تسع دائرتها لغير المسيحية.. فقد أقصت باقي العناصر (الوثنيين واليهود) عنها .
وفى حين انحاز مركز الدائرة ( الإمبراطور – الوالي ) لطائفة دون أخرى ، وفى حين خالفت كل الطوائف قانون الدائرة.. فلجأ الوثنيون واليهود إلى منطق العنف والدم ، ورد المسيحيون بعنف أشد ودموية أبشع .
شوهت المدينة وخسرت تنوعها الحضاري وسر جاذبيتها وحيويتها ومصدر ألقها.. وسقطت بعد أن انفرط عقد الدائرة.
وظلت هيباتيا وحدها مبهورة بذلك الانسجام التام بين النجوم والكواكب في دائرة السماء ومهمومة بتحقيقه على الأرض .
بقيت هيباتيا وحدها تتحدى هذا الواقع المشوه بعد أن توافق الجميع بمنطق الغلبة على صبغ المدينة كلها بفكر أوحد وعقيدة وحيدة.. وفضلت أن تموت على أن تقبل التحالف مع الدولة والكنيسة لتكريس هذا الواقع وتثبيته .
وكان دمها الذي أريق في شوارع الإسكندرية وجسدها الذي تناثر أشلاء على أرصفتها دليل إدانة ليس فقط للمهووسين والرعاع والمتعصبين في القرن الرابع الميلادي.. بل لكل متعصب – الأمس واليوم - يريد العيش وحده على هذه الأرض وأن تكلف ذلك حياة الآخرين ووجودهم .
هيباتيا في عين مؤرخ مسيحي
سقراط هو مؤرخ مسيحي عاصر الفيلسوفة هيباتيا وأرخ لحياتها ونهايتها المأساوية في كتابه (تاريخ الأدب الكنسي) .. يقول سقراط :
" هيباتيا عالمة من علماء الإسكندرية وهى بنت الفيلسوف ثيون.. فهي من الصفوة نشأة وثقافة.. وقد استثمرت مواهبها الخارقة في الاستزادة من العلم فأحرزت في العلوم سبقا فاقت به كل فلاسفة عصرها .
وقد توج هذا السبق بشرف آخر: أنها كانت رئيسة جامعة الإسكندرية.. وقد شغلت هذا المنصب الجليل عن جدارة حتى اجتذبت شهرتها عدداً لا يحصى من طلاب الحياة العقلية الرفيعة من مصر وخارج مصر.. يحتشدون في جموع غفيرة لسماعها.
وبحكم منصبها كانت على صلة بكثير من الرجال.. ولكن لم ينل ذلك في شئ من طهرها وعفتها.. فظلت فوق الريبة والشك من أصدقائها وأعدائها على سواء .
وكانت أخلاقها الزكية الطاهرة مثار الإعجاب حتى من أعدائها.. وقد امتد فيض ذكائها وحكمتها إلى دور القضاء.. فكان قضاة الإسكندرية يهرعون إليها ، يستشيرونها في كل ما يستعصى عليهم من مسائل.. وترد هي عليهم متى شاءت وتقابل كبارهم دون أية صعوبة.. إذ كانت موضع إكبارهم وإجلالهم .
ولكن هذا السمو الفكري والخلقي كان سبب هلاكها ؛ إذ كانت وثنية وعلى صلة بحاكم المدينة ، فكان المسيحيون يحقدون عليها ويرونها العقبة الكأداء في سبيل انتشار المسيحية .
وكان أسقف المدينة ( سيريل ) يضيق ذرعا بسلطانها ونفوذها.. وكثيرا ً ما كان هذا الأسقف يلجأ إلى كثير من أعمال العنف والبطش في سبيل استتباب المسيحية.. مما كان موضع نقد لاذع من المسيحيين أنفسهم .
وقد شجع مسلك هذا الأسقف جماعة من المتعصبين الحمقى من المسيحيين على ارتكاب الجريمة الشنعاء.. فاجتمعوا بقيادة من يسمى (بطرس) – بطرس القارئ - وارتقبوا خروج هيباتيا لإلقاء درسها بجامعة الإسكندرية.. فاختطفوها وحملوها إلى كنيسة الإسكندرية.. وهناك أطلقوا العنان لجموع تعصبهم الوحشي.. غير عابئين بما هي عليه من ضعف أنثوي ومالها من جمال بارع ، فجردوها من ثيابها وقتلوها رميا بقطع من الخزف.
ولم يرو ظمأهم القتل.. فمزقوا جسمها أرباً وأحرقوها، وكان ذلك في شهر مارس عام 415 ميلادية " .
يقول المؤرخ سقراط في تعقيبه على حادث قتل هيباتيا البشع :
" مثل هذه الجريمة الوحشية لم تجلل بالعار الأسقف سيريل وحده.. بل كنيسة الإسكندرية كلها.. إذ لا شئ أبعد من روح المسيحية من القتل وسفك الدماء " (راجع : الدكتور محمد غنيمى هلال – دراسات أدبية مقارنة) .






 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 07:39 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط