لا حبا ولا كرها...

[زياد هواش]

لا حبا ولا كرها...

صلاح جمال خاشقجي وشقيقه عبد الله تحدثا الى c n n
حديثا إنسانيا في المقام الأول وخاليا من أي استثمار سياسي او أي تحريض وكان الحديث عن موضوع الجثمان ودفنه مؤثرا للغاية وهو كذلك بالفعل ولكن الاتراك حولوا الموضوع الى تحريض سياسي بقصد نشر الفوضى عبر خطيبة افتراضية وتحقيق غير قانوني.

بدأت تركيا وقطر، بعد حملة استمرت 30 يوما من التحريض على ولي العهد محمد بن سلمان واتهامه بشكل مباشر بعملية اغتيال جمال خاشقجي، بحملة تحريض موازية ضد المحققين السعوديين والنائب العام السعودي باعتبارهم يحاولون طمس معالم اغتيال سبق واعترفت به الدولة السعودية ونشرت اسماء المتهمين...!

لا يمكن قبول القول بان جمال خاشقجي لم يكن مؤيدا للإخوان المسلمين ولعله ليس منتسبا لهم تنظيميا، ولكنه يدور في فلكهم وكل من حاوره على تويتر في الأشهر الأخير لاحظ دفاعه عنهم وخصوصا إصراره على ترك صناديق الاقتراع تحسم دستوريتهم وشرعيتهم لقد كان في هذه النقطة تحديدا "مواربا"...

قبل ان يقوم بحظري على تويتر كان سؤالي له:
كيف يمكن لصناديق الاقتراع ان تعطي شرعية لتنظيم الاخوان المسلمين وهم ليسوا تنظيما ديمقراطيا بل ديكتاتوريا يرى في الديمقراطية فرصته للوصول الى السلطة لتحقيق حلمه الديكتاتوري وليس لتثبيت ثقافة الديمقراطية والحرية والهوية الوطنية...!

جمال خاشقجي كان معارضا لولي العهد محمد بن سلمان يعبر من داخل المملكة عن آراء تيار من داخل البيت الملكي يعتبر ان ولي العهد اغتصب السلطة من أبناء عمومته...!
وعندما اعتقل محمد بن سلمان رؤوس ذلك التيار علانية علم الرجل انه لم يعد آمنا داخل المملكة التي سمحت له بالمغادرة بدون تردد.

في واشنطن تكشفت ابعاد جديدة من شخصية جمال خاشقجي باعتباره معارضا سعوديا/ناصحا، كان يراهن على تيار ملكي يرى في الاخوان المسلمين حليفا لهم داخل المملكة وفي المنطقة والاقليم وعندما سقط هذا التيار بالضربة القاضية لولي العهد ومعه رؤوس/دعاة ذلك التيار العثماني سقط القناع الأيديولوجي.

في إسطنبول أعلن جمال خاشقجي عن هويته السياسية بوصفه أحد منظري جماعة الاخوان المسلمين وأعلن أيضا عن هويته الوطنية المزدوجة مواطن سعودي من أصول تركية ويرى في تركيا الاخوانية الأردوغانية نموذجا إسلامويا ناجحا للمنطقة العربية وخصوصا للسعودية التي يحكمها برأيه ولي عهد "ديكتاتور"...!

انا لست متأكدا من أن الاستخبارات السعودية هي من قتلت جمال خاشقجي بالفعل واعتبر بشكل شخصي ان الاعتراف السعودي بذلك كان وسيبقى خطيئة وطنية كبرى وأن إدارة المملكة لهذه المشهدية الاخوانية الفوضوية شديدة الخطورة لا تزال ضعيفة ومترددة وتعطي للعدو التركي هامش مناورة استراتيجي ومؤذي.

جمال خاشقجي قال إنه عندما تكون مصر بخير تكون المنطقة العربية والسعودية ضمنا بخير وهذا التوصيف صحيح دائما.
ولكنه يقصد مصر الاخوانية وليس الديمقراطية ومصر العثمانية وليس العربية.
القوميون العرب يعتبرون معركتهم مع إسرائيل وجودية لأنها "دولة دينية" وليس لأنها يهودية وكذلك إيران وتركيا.

انا لست مؤيدا للنظام الملكي العربي ولا الجمهوري ولا بأي شكل كان، ولست معارضا لهما او ناصحا او ناقدا حتى.
انا كقومي عربي اعارض الدولة الدينية التي تدعوا الى (عنصرية دين وتفوقه سياسيا) واعتباره هوية وطنية ذات امتياز.
لسنا دعاة فصل السياسة عن الدين بل منع السياسيين من استغلال الدين.

أن تحكم في الأرض وفق ضوابط الشريعة الإسلامية او اليهودية هذا أمر منطقي للغاية ولا خلاف عليه او فيه بل في تطبيقه وتنفيذه.
أما أن تحكم في الأرض الناس بوصفك الشريعة الإسلامية أو اليهودية نفسها وتتمتع بقداستها وعصمتها وسماويتها وتوحيدها، وكفرد/ديكتاتور، هي هنا الكارثة والطامة الكبرى.

من يريد في هذا الإقليم الفوضوي أن يكون خليفة للمسلمين او ملكا من ملوك بني إسرائيل، لا بأس عليك...
ولكنك لا تستطيع ان تتجاوز في الإسلام الخلفاء الراشدين ولا في اليهودية ملوك بني إسرائيل، لا حسبا ولا نسبا ولا عدلا ولا تسامحا ولا إنسانية ولا ايمان ولا تقوى.
يجب ان تتمالك نفسك قليلا.

قال جمال خاشقجي بوضوح: محمد بن سلمان أنقذ السعودية من موت بطيء...
ثم قال لاحقا أنه يحكم لوحده المملكة ومصيرها مرتبط به وحده...!
غير الرجل علانية رأيه السياسي وشكك بولي العهد واصلاحاته وسياساته الداخلية والعربية والدولية وقدم تركيا_أردوغان نموذجا لما يجب ان تكون عليه السعودية...!

هل هذا التوصيف لتبرير قتله...!
بالتأكيد لا، هذا التوصيف لشرح تغير حاد في موقفه بوصفه رجل سياسة محترف وليس رجل اعلام، وبوصفه معارض حقيقي وليس ناصح، وبوصفه إسلاموي نخبوي وليس وسطي او معتدل، وبوصفه له علاقات أيديولوجية بالإقليم وليس مجرد سعودي وطني له رأي سياسي او مشروع سياسي محلي.

ان تكون قوميا عربيا يعني ان تعتبر السعودية والخليج خطرا يوازي خطر إسرائيل، هذا المنطق فيه جدل عميق اليوم وغدا.
ان تكون قوميا عربيا يعني ان تعتبر (الاخوان المسلمين ومتفرعاتهم) خطرا يوازي خطر إسرائيل اليوم وغدا.
شان "قطري محلي" علاقة كل شعب عربي بنظامه السياسي وليس شأن "قومي عربي".

محمد بن سلمان لا يحتاجنا ولا هو حتى شايفنا من أصله، ولا نحن نحتاج الرجل، ولكننا نرى صراعا وجوديا يخوضه مع الاخوان المسلمين، في المنطقة والاقليم ويؤلمهم، ونرى إصلاحات في مجال حقوق المرأة وواجباتها تشكل خطوة إنسانية خلاقة لا يمكن لأحد من بعده ان يتراجع عنها، هذا مشهد عربي ايجابي.

قد يكون ويجب ان يكون محمد بن سلمان ديكتاتورا...
ولكنه مهما فعل ولو حكم لخمسين عاما قادمة لن يستطيع ان يتفوق على أصغر ديكتاتور قومي عربي افتراضي من دائرة العام 1970 في أي مجال من المجالات.
6/11/2018

صافيتا/زياد هواش

..

[شام سامي]

نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله