قصيدة من روائع الأخ العزيز الأستاذ هلال الفارع نقلا عن منتديات واتا ..
ما أدهشني أكثر من القصيدة هو صورة هذا الشهيد الذي يعلو محياه الابتسام فرحا بما لاقى عند ربه ..
لِمَـنِ ابْتَسَمْـتَ؟ أَبَادَلَتْـكَ هِيَـامَـا حُورِيَّـةٌ، أَمْ طَارَحَـتْـكَ غَـرَامَـا؟
أَمْ حَوْلَـكَ الْوِلْـدَانُ فَـوْقَ أَكُفِّهِـمْ ذَهَبٌ يُجَلِّي فـي الْكُـؤُوسِ مُدَامَـا؟
أَمْ جَـاءَكَ الْمَلَكَـانِ فـي أَيْدِيهِمَـا نَهْـرُ الْخُلُـودِ، وَجَنَّـةٌ تَتَـرَامَـى؟
لِمَنِ ابْتَسَمْتَ؟ لَكَ ابْتِسَامَـةُ عاشِـقٍ شَدَهَ الْعَـذَارَى فـي هَـوَاهُ، وَنَامَـا
أَلأَجْلِ أُنْثَـى اسْتَـلَّ ثَغْـرُكَ سِحْـرَهُ وَأَمَاطَ عَنْ تِلْـكَ الشُّمُـوسِ لِثَامَـا؟
ألأَجْلِ أُنْثَـى؟ رُبَّ أُنْثَـى لَـمْ تَـزَلْ تَبْكِـي هَـوَاكَ، وَتَلْعَـنُ الْحُكَّـامَـا
مَنْ أَنْتَ؟ لا أَدْرِي، ولَكِـنْ مُهْجَتِـي انْفَطَـرَتْ عَليْـكَ، وَعَبَّـتِ الآلامَـا
خُذْنِـي إِلَيْـكَ لِلَحْـظَـةٍ، فَلَعَلَّـنِـي أَرْنُو إلـى مَـا طِبْـتَ فيـهِ مُقَامَـا
خُذْنِي، فَهذَا الْعَـارُ يُحْرِجُنِـي هُنَـا وَأَنـا أُمَالِـي الـدُّونَ والأَقْـزَامَـا
يَا سَيِّدِي، يا تَاجَ رَأَسِي، كَيْـفَ لِـي- مِنْ بَعْدِ إِذْنِكَ - أَنْ أُجِـلَّ نِظَامَـا
وَجَمِيعُهُـمْ، تَبَّـتْ أَيَادِيهِـمْ، وَتَبُّـوا اسْتَمْـرَؤُوا بِهَوَانِنَـا الْحَاخَـامَـا?!
يا قَلْبَ أُمِّـكَ! كَيْـفَ هَـدَّأَ رَوْعَـهُ صَبْـرٌ، وَرَقَّـقَ بَـعْـدَكَ الأَيَّـامَـا
والذَّارِفَاتُ عَلَى الْمَفَـارِقِ لَـمْ تَـزَلْ تَسْقِـي عُيُـونَ الْعَابِرِيـنَ حِمَامَـا؟
قُلْ لي: لِمَنْ تِلْـكَ ابْتِسَامَتُـكَ الَّتِـي حَرَمَـتْ عُيُـونَ الأُمَّهَـاتِ مَنَامَـا
واسْتَوْطَنَتْ غُصَصَ الْقُلُوبِ، وَأَوْدَعَتْ فِيهَا على وَجَـعِ الْفِـرَاقِ سِهَامَـا؟
يـا أَيُّهَـا الْبَـدْرُ الْمُفَـارِقُ لَيْلَـنَـا خَلَّفْتَـنَـا بِظَـلامِـنَـا أَيْـتَـامَـا
نَأَوِي إِلَـى مِصْـرٍ، فَتُوصِـدُ بَابَهَـا فَنَعُـودُ نَطْـرُقُ فَارِسًـا وَشَـآمَـا
وَنَمُـرُّ فـي ذُلِّ الْمَلاييـنِ الَّـتِـي وَرِمَـتْ عَوَاصِمُهَـا أَذًى وَحَرَامَـا
مِنْ أَيْنَ تَأْتِـي نُصْـرَةٌ، وَجَمِيعُهُـمْ بَاتُوا عَلَـى بَـابِ الْهَـوَانِ قِيَامَـا؟
اِهْـزَأْ بِنَـا يـا سَيِّـدِي، فَلَعَلَّـنَـا نَصْحُو فَنَفْهَـمُ صَمْتَنَـا اسْتِسْلامَـا
نُمْسِـي وَنُصْبِـحُ والأَسَـى يَقْتَاتُنَـا لَكِنَّنَـا عَــنْ بُؤْسِـنَـا نَتَعَـامَـى
أَلِفَتْ خُضُوعَ النَّفْسِ فيـهِ نُفُوسُنَـا وَتَسَاقَطَـتْ بَيْـنَ النُّفُـوسِ حُطَامَـا
يا سَيِّـدَ الشُّهَـدَاءِ حُزْنِـي جَـارِفٌ وَيَكَادُ يُمْطِـرُ فـي الْعُيُـونِ ظَلاَمَـا
كَيْفَ ارْتَحَلْتَ، وفي يَدَيْـكَ رَجَاؤُنـا وَلِمَـنْ تَرَكْـتَ وَرَاءَكَ الأَحْـلامَـا؟
حَاوَلْـتُ أَنْ أَبْكِيـكَ، لَكِـنْ خَانَنِـي دَمْـعٌ تَدَثَّـرَ بالْجُـفُـونِ وَصَـامَـا
"اللهُ أَكْبَرُ" فَوْقَ صَـدْرِكَ أَسْفَـرَتْ فاجْتَـثَّـتِ الأَصْـنَـامَ والأَزْلامَــا
وَبِنُورِهَـا سَـرَتِ ابْتِسَامَتُـكَ الَّتِـي سَبَتِ الْحُـرُوفَ، وَحَشَّـتِ الأَقْلامَـا
مَـا زالَ بَحْـرِي لِلقَصِيـدِ يَشُدُّنِـي وَيُحِيلُ في رِئَتِـي الشَّهِيـقَ كَلامَـا
وَأَنا أُحَـدِّقُ فيـكَ، لا شِعْـرٌ يَفِـي هَـذَا الْمَـلاكَ، وَيُوقِـظُ الإِلْهَـامَـا
حَاوَلْتُ جَهْدِي أَنْ أُعانِـقَ حَسْرَتِـي وَأَسُلَّ مِنْ وَجَـعِ الْحُـرُوفِ نَدَامَـى
وَأُمَشِّـطَ الآفَـاقَ عَـلَّ قَصِيـدَتِـي تُؤْوي إِلَيْكَ مَـعَ الْحُـرُوفِ حَمَامَـا
لَكِنَّنِـي أَهْرَقْـتُ حِبْـرَ حُشَاشَتِـي دُونَ الْقَرِيضِ، ومَـا بَلَغْـتُ فِطَامَـا
هَيْهَاتَ يَرْقَى فـي سَمَائِـكَ شاعِـرٌ سِحْـرُ الشَّهَـادَةِ يَلْقَـفُ النَّظَّامَـا!!
__________________