منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - ضوء سريع على قصيدة * هان الوداع *
عرض مشاركة واحدة
قديم 29-10-2019, 06:05 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
منجية مرابط
أقلامي
 
الصورة الرمزية منجية مرابط
 

 

 
إحصائية العضو







منجية مرابط غير متصل


افتراضي ضوء سريع على قصيدة * هان الوداع *

هان الوداع
للشاعرة /ثناء حاج صالح
إلى أشيائي الصابرة المنتظرة
في حلب ..
لقد طال انتظارك
وها أنا ...أخذلك
"هان الوداع"
.
.
.
1
غير النوافذِ ما تخطّاني أحدْ
نحو الأبدْ
إلاّ الذي قد مدَّ أعناقَ الثواني من مكاني للبلدْ
2
طَلَبي عليه تحسَّرَتْ
عيدانُ ريحان الحقولِ فلا تردّي طلبي
قمرٌ تَشَقَّقَ دونه في فلْقتينْ
كي يطْمَئنَّ مُغادِرٌ مع دمعتينْ
-" مُدّي خراباتِ البيوتِ لناظرٍ مُحْتَسِبِ
حتى أراجعَ نظرتين إلى المدى
بنوافذي في حَلَبِ "
3
هانَ الوداعُ وكلُّ شيءٍ هانا
لن تُبدليني بالمنازل خيمةً
يا غربةً
لم تبْقِ لي في المنزلين مكانا
4
لن تبدليني شرفةً بنوافذٍ
غسل البكاء زجاجها في مدمعي
وأنا التي هان الوداع عليَّ لم أحمل معي
إلا نوافذَ غُصّةٍ أغلقتُها في أضلعي
دون الجهاتِ الأربعِ
5
لن تبدليني بالوسائد صخرةً
ألقي عليها رقبتي
وأنا التي يا غربتي
مزّقتُها
مُرّي عليَّ وخبّريني يا التي
أنا كنتُها ..
كيف انتهيتِ وبعدُ يومي ما انتهى ؟
6
آهٍ عليكِ وكل آهٍ مِقْصَلةْ
أبكي عليكِ وكم بكيتُ ولم أحُلَّ المشكلةْ
هل كان آخر غُصَّةٍ أودعتنيها منزلي؟
أم أن غصّات المنازل في حياتي سلسلةْ؟
7
أخطأتُ إني كلما أخطأتُ أستبق البكاءَ لكي ترى
أسفي يواريني الثرى
والآن لا دمعي تجاوبَ كي تَحُنَّ ولا جرى
لم تكسري لي خاطري يا غربةٌ
قد كان قبلَكِ خاطري منكسِرا
****
القراءة بقلم منجية مرابط*
أشيد بالتوظيف البارع في هذه القصيدة الرائعة ، لرمزية النوافذ المعنوية منها
والمادّية في تجاذباتها وتشابكاتها مع الذات، كيف خدمت عمق الصور الشعرية
في سيرورتها الانفعالية في الباطن والظاهر، لحظة تجسيد مخاض الوداع
الذي لم يمنح له البطش فرصة التلويح.

أقرأ هنا عتبا شديدا من الذات في جلدها لذاتها، لمغادرتها الأرض التي صنعت بذرتها،
حين طالتها يد الاجبار عن ترك أثاث القلب والروح والطفولة في مرابعها،
لتخرج الذات عارية من الانتماء حيث يتلقفها ثوب الاغتراب.

"لن تبدليني شرفةً بنوافذٍ
غسل البكاء زجاجها في مدمعي
وأنا التي هان الوداع عليَّ لم أحمل معي
إلا نوافذَ غُصّةٍ أغلقتُها في أضلعي
دون الجهاتِ الأربعِ"


تجزم الشاعرة هنا أن الغربة لن تغيرها شرفة على اتساعها وبذخ الرؤيا فيها،
بالنوافذ التي غسلت زجاجها بمدامعها، الزجاج الذي أدمنت غسله بحنينها وشوقها إليه،
لتستعيد بصرها ببصره.
أهو غبار الحرب الذي حجب زجاج الوطن على أن يراها!
أم هو ضباب عتبه عنها حين تركته ورحلت،
أم هي نوافذ الغربة التي ترفض أن تفتح نوافذها عن وطن لا تعترف به !

أعجبتني كثيراً الصورة الشعرية هنا إلى حد الدهشة ، غسل زجاج النوافذ
بالدمع وأراه كما رأيت في طرحه يفتح أفاقاً عظيمة للقراءة فيه.
في خاصية انفتاحها على رحابة المدى الأمليّ البعيد، وفي المقابل انغلاقها
داخل النفس كغصة تجعل الذات كأنّما تصّعد في السماء، مردّه انعدام الرؤيا في الوطن،
وهي الكاسرة لخاطر الشاعرة، قبل أن يلتقيا الكسرانِ في داخلها.
شاعرتي الكبيرة وصديقتي، جئت فقط لأضع على جبين قلمك وقلبك قبلتين.






التوقيع

أتعبتني العصافير المنهمرة من عيني،كلّما حلمت بالقمح،تقتسم حلمي بمناقيرها وتغني الحلم وليمة الفقراء!

 
رد مع اقتباس