منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - اقتباسات
الموضوع: اقتباسات
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-12-2015, 02:41 PM   رقم المشاركة : 146
معلومات العضو
محمد حمزة
أقلامي
 
الصورة الرمزية محمد حمزة
 

 

 
إحصائية العضو







محمد حمزة غير متصل


افتراضي رد: اقتباسات

"ومعنى الفطرة أن يتوهّم –أي: يتخيل- الإنسان نفسه حصل في الدنيا دفعة وهو بالغ عاقل لكنه لم يسمع رأياً ولم يعتقد مذهباً ولم يعاشر أمة ولم يعرف سياسة، لكنه شاهد المحسوسات وأخذ منها الخيالات، ثم يعرض على ذهنه شيئاً ويتشكك فيه فإن أمكنه الشك فالفطرة لا تشهد به وإن لم يمكنه الشك فهو ما توجبه الفطرة.
وليس كل ما توجبه فطرة الإنسان بصادق بل كثير منها كاذب، إنما الصادق فطرة القوة التي تسمى عقلاً وأما فطرة الذهن بالجملة فربما كان كاذباً وإنما يكون هذا الكذب في الأمور التي ليست بمحسوسة بالذات..... فإن العقل لما كان يبتدئ من مقدمات يساعده عليها الوهم ولا يناقض في شيء منها ولا ينازع ثم إذا انتهى إلى نتائج مضادة لمقتضى فطرة الوهم أخذ الوهم حينئذ في الامتناع عن تسليم الحق اللازم فيعلم أن هذه الفطرة فاسدة وأن السبب فيه أن هذه جبلة قوة لا تتصور شيئاً إلا على نحو المحسوس، وهذا مثل مساعدة الوهم العقل في جميع المقدمات التي أنتجت أن من الموجودات ما ليس له وضع ولا هو في مكان ثم امتناعه عن التصديق بوجود هذا الشيء ففطرة الوهم في المحسوسات وفي الخواص التي لها من جهة ما هي محسوسة صادقة يتبعها العقل بل هو آلة للعقل في المحسوسات وأما فطرتها في الأمور التي ليست بمحسوسة لتصرفها إلى وجود محسوس فهي فطرة كاذبة.
وأما الذائعات فهي مقدمات وآراء مشهورة محمودة أوجب التصديق بها إما شهادة الكل مثل أن العدل جميل، وإما شهادة الأكثر، وإما شهادة العلماء، أو شهادة أكثرهم، أو الأفاضل منهم، فيما لا يخالف فيه الجمهور، وليست الذائعات من جهة ما هي هي بما يقع التصديق بها في الفطرة فإن ما كان من الذائعات ليس بأوليّ عقلي ولا وهمي فإنها غير فطرية ولكنها متقررة عند الأنفس لأن العادة تستمر عليها منذ الصبا وفي الموضوعات الاتفاقية وربما دعا إليها محبة التسالم والإصلاح المضطر إليهما الإنسان أو شيء من الأخلاق الإنسانية مثل الحياء والاستئناس أو سنن قديمة بقيت ولم تنسخ أو الاستقراء الكثير أو كون القول في نفسه ذا شرط دقيق بين أن يكون حقاً صرفاً أو باطلاً صرفاً فلا يفطن لذلك الشرط ويؤخذ على الإطلاق."


-ابن سينا-






 
رد مع اقتباس