منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - قراءة في آيات الحج من سورة البقرة
عرض مشاركة واحدة
قديم 18-06-2022, 12:41 PM   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءة في آيات الحج من سورة البقرة

(وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِۚ فَإِنۡ أُحۡصِرۡتُمۡ فَمَا ٱسۡتَيۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡيِۖ وَلَا تَحۡلِقُواْ رُءُوسَكُمۡ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡيُ مَحِلَّهُۥۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ بِهِۦٓ أَذٗى مِّن رَّأۡسِهِۦ فَفِدۡيَةٞ مِّن صِيَامٍأَوۡ صَدَقَةٍ أَوۡ نُسُكٖۚ فَإِذَآ أَمِنتُمۡ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلۡعُمۡرَةِ إِلَى ٱلۡحَجِّ فَمَا ٱسۡتَيۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡيِۚ فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ ثَلَٰثَةِ أَيَّامٖ فِي ٱلۡحَجِّ وَسَبۡعَةٍ إِذَا رَجَعۡتُمۡۗ تِلۡكَ عَشَرَةٞ كَامِلَةٞۗ ذَٰلِكَ لِمَنلَّمۡ يَكُنۡ أَهۡلُهُۥ حَاضِرِي ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ ١٩٦)








(وَلَا تَحۡلِقُواْ رُءُوسَكُمۡ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡيُ مَحِلَّهُۥۚ):

معطوف على قوله: (وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِۚ) وليس معطوفا على قوله:(فَإِنۡ أُحۡصِرۡتُمۡ فَمَا ٱسۡتَيۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡيِۖ)؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عام الحديبية لما حصرهم كفار قريش عن الدخول إلى الحرم، حلقوا وذبحوا هديهم خارج الحرم. أما في حال الأمن والوصول إلى الحرم فلا يجوز الحلق (حَتَّىٰ يَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡيُ مَحِلَّهُۥۚ)، ويفرغ الناسك من أفعال الحج والعمرة، إن كان قارناً، أو من فعل أحدهما إن كان مفرداً أو متمتعاً.
(مَحِلَّهُۥۚ): المحل هو الموضع الذي يحل فيه ذبحه، فالمحل في حصر العدو عند مالك والشافعي: موضع الحصر، وعند أبي حنيفة محل الهدي في الإحصار: الحرم.

من المخاطب بقوله: (وَلَا تَحۡلِقُواْ رُءُوسَكُمۡ)؟:

محله الخطاب لجميع الأمة محصر ومخلي . ومن العلماء من يراها للمحصرين خاصة، أي: لا تتحللوا من الإحرام حتى يُنْحَرَ الهدي.
واختلف العلماء في المحصر: هل له أن يحلق أو يحل بشيء من الحل قبل أن ينحر ما استيسر من الهدي؟ قال مالك: لا يجوز لأحد أن يأخذ من شعره حتى ينحر هديه،
وقال أبو حنيفة وأصحابه: إذا حل المحصر قبل أن ينحر هديه فعليه دم، ويعود حرماً كما كان حتى ينحر هديه، وإن أصاب صيداً قبل أن ينحر الهدي فعليه الجزاء، وسواء في ذلك الموسر والمعسر لا يحل أبداً حتى ينحر أو ينحر عنه.
وقال الشافعي في المحصر إذا أعسر بالهدي: فيه قولان: لا يحل أبداً إلا بهدي، والقول الآخر: أنه مأمور أن يأتي بما قدر عليه، فإن لم يقدر على شيء كان عليه أن يأتي به إذا قدر عليه.
واختلفوا إذا نحر المحصر هديه هل له أن يحلق أو لا؟ فقالت طائفة: ليس عليه أن يحلق رأسه؛ لأنه قد ذهب عنه النسك، واحتجوا بأنه لما سقط عنه بالإحصار جميع المناسك كالطواف والسعي - وذلك مما يحل به المحرم من إحرامه - سقط عنه سائر ما يحل به المحرم من أجل أنه محصر. وممن احتج بهذا وقال به أبو حنيفة ومحمد بن الحسن قالا: ليس على المحصر تقصير ولا حلاق. وقال أبو يوسف:يحلق المقصر، فإن لم يحلق فلا شيء عليه. وقد حُكى عن أبي يوسف أن عليه الحلاق، والتقصير لا بد له منه. واختلف قول الشافعي في هذه المسألة على قولين: أحدهما أن الحلاق للمحصر من النسك، وهو قول مالك، والآخر ليس من النسك كما قال أبو حنيفة.
والحلق في الحج والعمرة أفضل من التقصير، وهو مقتضى قوله: (وَلَا تَحۡلِقُواْ رُءُوسَكُمۡ)، ولم يقل تقصروا. واتفق أهل العلم على أن التقصير يُجزيء عن الرجال، إلا شيء ذكر عن الحسن أنه كان يوجب الحلق في أول حجة يحجها الإنسان.
واتفقوا كذلك على أن النساء لم تدخل في الحلق، وأن سنتهن التقصير. بل رأت جماعة أن حلقها رأسها من المثلة. واختلفوا في قدر ما تقصر من رأسها، فكان الشافعي وأحمد وإسحاق يقولون: تقصر من كل قرن مثل الأنملة. وقال عطاء: قدر ثلاث أصابع مقبوضة، وقال قتادة: تقصر الثلث أو الربع، وفرقت حفصة بنت سيرين بين المرأة التي قعدت فتأخذ الربع، وفي الشابة أشارت بأنملتها تأخذ وتقلل، وقال مالك: تأخذ من جميع قرون رأسها، وما أخذت من ذلك فهو يكفيها، ولا يجزي عنده أن تأخذ من بعض القرون وتبقي بعضاً، وقال ابن المنذر: يجزي ما وقع عليه اسم تقصير ، وأحوط أن تأخذ من جميع القرون قدر أنملة.
ولا يجوز لأحد أن يحلق رأسه حتى ينحر هديه، وذلك أن سنة الذبح قبل الحلاق، فمن خالف هذا فقدم الحلاق قبل النحر، فعليه الهدي عند أبي حنيفة، ولا شيء عليه في المشهور من المذاهب الأخرى.




(فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ ثَلَٰثَةِ أَيَّامٖ فِي ٱلۡحَجِّ وَسَبۡعَةٍ إِذَا رَجَعۡتُمۡۗ):

(فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ): أي: فمن لم يجد الهدي، إما لعدم المال، أو لعدم الحيوان، صام ثلاثة أيام في الحج، أي: في أيام الحج، وهي من عند شروعه في الإحرام إلى يوم النحر. وقيل: يصوم قبل يوم التروية يوماً، ويوم التروية، ويوم عرفة. وقيل:ما بين أن يحرم بالحج إلى يوم عرفة، وقيل: يصومهنّ من أوّل عشر ذي الحجة، وقيل: ما دام بمكة. وقيل: إنه يجوز أن يصوم الثلاث قبل أن يحرم. وقد جوز بعض أهل العلم صيام أيام التشريق لمن لم يجد الهدي، ومنعه آخرون.
وفي رفع: (فَصِيَامُ) ثلاثة أوجه:
1) أن تكونَ مبتدأً والخبرُ محذوفٌ، أي: فعليه صيامٌ.
2) أنْ تكونَ خبرَ مبتدأ محذوف أي: فالواجبُ عليه صيامٌ.
3) أن يكونَ فاعلَ فعلٍ مقدَّر أي: فَيجِبُ عليه صيامٌ.
وقريء: {فصيامَ} نصباً، على تقديرِ: فَلْيَصُمْ، وأُضيف المصدرُ إلى ظَرْفِهِ معنىً، وهو في اللفظِ مفعولٌ به على السَّعِةِ.
و (فِي ٱلۡحَجِّ): متعلقٌ بـ "صيام"، وقَدَّر بعضُهم مضافاً أي: في وقتِ الحَجِّ. ومنهم مَنْ قَدَّر مضافين، أي: وقتَ أفعالِ الحَجِّ، ومنهم مَنْ قَدَّره ظَرفَ مكانٍ أي: مكانَ الحج. قوله: (وَسَبۡعَةٍ): الجمهورُ على جَرِّ "سبعة" عطفاً على ثلاثة.
وقريء: {وَسَبۡعَةً} بالنصب، عطفاً على محلَّ (ثَلَٰثَةِ) أو أن ينتصبَ بفعلٍ محذوفٍ تقديرُه: فَلْيَصُومُوا.
وقوله: (إِذَا رَجَعۡتُمۡۗ): منصوبٌ بـ "صيام" أيضاً، وهي هنا لِمَحْضِ الظرفِ، وليس فيها معنى الشرط.
وفي قوله: (رَجَعْتُمْ):
- التفاتٌ فإنَّ قبلَه خطاب للمفرد الغائب، ولو سيق هذا على نظم الأولِ لقيل: "إذا رجع" بضميرِ الغَيْبَةِ.
- وحمل على المعنى؛ إذ فلأنه أتى بـ "من" المفرد لفظاً، وحمله على معنى الجمع، فقال: (رَجَعْتُمْ)، ولو راعى اللفظَ لأفردَ، فقال: "رَجَعَ".
وقوله: (فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ ثَلَٰثَةِ أَيَّامٖ ...) يعنى أنَّ المتمتع إذا لم يجد الهَدْيَ، فعليه أنْ يصُومَ، وهل الهدي أفضلُ أم الصِّيَامُ؟ فيه وجهان:
- الظَّاهِرُ أنَّ المبدل أفْضَلُ من البدل.
- لا فرق، فهما سواء في الكمال والثَّوابِ؛ إذ ذكر الكمال في الصيام، فقال: (تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ).

أيام صيام من لم يجد هدياً:

قالوا:
- الثلاثةُ الأيام في الحج آخرها يوم عرفة؛
- حُكي عن أبي حنيفة: يصومها في إحرامه بالعُمْرة، لأنه أحد إحرامي التمتع؛ فجاز صوم الأيام فيه كإحرامه بالحج. وقال أبو حنيفة أيضاً وأصحابه: يصوم قبل يوم التّروِيَة يوماً، ويومَ التروية ويوم عرفة.
- وقال مالك بن أنس: له أن يصومها منذ يُحرِم بالحج إلى يوم النحر؛ لأن الله تعالى قال: (فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجِّ) فإذا صامها في العمرة فقد أتاه قبل وقته فلم يجزه.
- وقال الشافعيّ وأحمد بن حنبل: يصومهن ما بين أن يُهِلّ بالحج إلى يوم عرفة؛ وروي هذا عن مالك، وهو مقتضى قوله في مُوَطَّئه؛ ليكون يوم عرفة مفطراً؛ فذلك أتبع للسُّنة، وأقوى على العبادة.
- وعن أحمد أيضاً: جائز أن يصوم الثلاثة قبل أن يُحرم.
- وقال الثوريّ والأوزاعيّ: يصومهنّ من أوّل أيام العشر؛ وبه قال عطاء.
- وقال عُروة: يصومها ما دام بمكة في أيام مِنًى؛ وقاله أيضاً مالك وجماعة من أهل المدينة.

ما المراد بالرجوع هنا؟:

المراد بالرجوع هنا: الرجوع إلى الأوطان. قال أحمد وإسحاق: يجزيه الصوم في الطريق، ولا يتضيق عليه الوجوب إلا إذا وصل وطنه، وبه قال الشافعي وقتادة والربيع ومجاهد وعطاء وعكرمة والحسن وغيرهم. وقال مالك: إذا رجع من مِنىً، فلا بأس أن يصوم. والأوّل أرجح.






 
رد مع اقتباس