[عبد الهادي السايح]

لابن درّاج القسطلي في وصف فراق أهله وابنه الصغير:

ولمّا تدانتْ للوداعِ وقد هفا = بصبريَ منها أنّةٌ وزفيرُ
تناشدُني عهدَ المودّةِ والهوى = وفي المهدِ مبغومُ النداءِ صغيرُ
عييٌّ بمرجوعِ الخطابِ ولفظُه = بموقعِ أهواءِ النفوس خبيرُ
تبوّأ ممنوعَ القلوبِ و مُهّدَتْ = له أذرعٌ محفوفةٌ ونُحورُ
عصَيتُ شفيعَ النفسِ فيه وقادني = رَواحٌ بتـدآبِ السُّرى وبكورُ
وطارَ جناحُ البينِ بي وهفَتْ بها = جوانحُ من ذعر الفراق تطيرُ
لئن ودّعت مني غيوراً فإنني = على عزمتي من شجوها لغَيورُ
ولو شهدتني والهواجرُ تلتظي = عليَّ ورقراقُ السرابِ يمورُ
وللموتِ في عين الجبانِ تلوّنٌ = وللذعر في سمع الجريء صفيرُ
لقدْ أيقنتْ أن المنى طوعُ همّتي = وأني بعطفِ العامرِيِّ جديرُ

ومنها في وصف مجلس المنصور بن أبي عامر وهي من أجمل ما قيل في هذا الشأن

ولمّا توافَوا للسلامِ ورُفِّعتْ= عن الشمس في أفْق السماءِ ستورُ
وقد قامَ من زُرقِ الأسنّةِ دونها = صفوفٌ ومن بيضِ السيوفِ سطورُ
رأوا طاعةَ الرحمن كيفَ اعتزازُها = وآياتِ صُنْعِ الله كيف تُنيرُ
فجاؤوا عِجالاً والقلوبُ خوافِقٌ = وولّوا بِطاءً والنواظرُ صورُ

...
ابن دراج القسطلي 347 - 421 هـ / 958 - 1030 م
أبو عمر أحمد بن محمد بن العاصي بن درّاج، من قسطلة في غرب الأندلس
شاعر المنصور بن أبي عامر وكاتب الإنشاء في إدارته، من أسمق الشعراء قامة وأجزلهم عبارة
في عذوبة ورقة،
قال عنه ابن بسام، كان أبو عمر وقته لسان الجزيرة شاعرا وأولا
وقال الثعالبي إنه كان بالأندلس كالمتنبي بالشام،