منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - الحوار: مبادئه، أهدافه،غاياته
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-02-2009, 04:24 AM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
د. احمد حسونة
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. احمد حسونة غير متصل


افتراضي مشاركة: الحوار: مبادئه، أهدافه،غاياته

من آداب الجدل في الاسلام


الجدل هو التحاور كما في قوله تعالى ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ فسمى الله الجدل تحاورا وحده : إدلاء كل من المختلفين بحجته أو بما يظن أنه حجة. والغرض منه نصرة رأيه أو مذهبه وإبطال حجة خصمه ونقله الى ما يراه صوابا او حقا.

والجدل منه المطلوب شرعا لتحقيق الحق وإبطال الباطل ودليله قوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾وقوله:﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾.

ثم ان الرسول جادل مشركي مكه ونصارى نجران ويهود المدينه . وحامل الدعوه يدعو الى الخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويصارع الافكار المضلله وحيثما تعين الجدل اسلوبا لواجب من هذه الاعمال صار الجدل واجبا من باب ملا يتم الواجب الا به فهو واجب .


ومن الجدل ما هو مذموم شرعا يُجَادِلُ فيكون كفرا كالجدل في الله واياته: ﴿وَهُمْ يجادلونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾(الرعد).﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾(غافر).﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾(غافر)

والذي يكفر هو المنكر لا المثبت لأن النكر يجادل ليدحض الحق والمثبت يجادل لإحقاق الحق وإزهاق الباطل .﴿وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ﴾(غافر). ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾(الزخرف) والجدال في القران لإثبات انه غير معجز ام انه ليس من عند الله كفر ايضا . اخرج احمد عن ابي هريره مرفوعا((جدال في القران كفر)) قال ابن مفلح إسناده جيد وصححه احمد شاكر. وقد يكون الجدل مكروها كالجدل بالحق بعد ظهوره ﴿يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ ﴾(غافر).

والجدل اما ان يكون بحجه اي دليل أو شبهة دليل،اما الجدل بدونهما فهو جدل وتخليط وقد عرفت الشبهة بأنها( ما تخّيل به المذهب في صورة الحقيقة وليس كذلك)

وهذا تعريف ابن عقيل ، وعرف ابن حزم الشغب بإنه (تمويه بحجة باطله بقضية او قضايا فاسده تقود الى الباطل وهي السفسطة). قال ابن عقيلومن احب سلوك طريقة أهل العلم فإنما يتكلم على حجة أو شبهة فأما الشغب فإنما هو تخليط اهل الجدل ) ويمكن القول إن الشغب هو الجدل بدون دليل او شبهة دليل.

ومما وصى به علماء المسلمين في قوانين الجدل وآدابه بتصرف مع بعض الزيادات:

* ان يقدم تقوى الله ويقصد التقرب إليه ويبتغي مرضاته بامتثال امره.

* ان ينوي إحقاق الحق وإبطال الباطل دون المغالبه او القهر والظفر بالخصم. قال الشافعي ما كلمت احدا قط إلا ولم أبال بيّن الله الحق على لساني أو لسانه) وقال ابن عقيلكل جدل لم يكن الغرض فيه نصرة الحق فإنه وبال على صاحبه)

* أن لا يقصد المباهاة وطلب الجاه والتكسب والمماراه والرياء)

* ان ينوي النصيحه لله ولدينه ولخصمه لأن الدين النصيحة.

* أن يبتدئ بحمد الله والثناء عليه والسلام على رسوله .

*أن يرغب الى الله في التوفيق لما يرضيه.

* ان تكون طريقته في الجدل صالحه وهيئته ومنظره صالحا فعن ابن عباس ان رسول الله قال: (( ان الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة)) رواه احمد وابو داود وقال ابن حجر في الفتح أسناده حسن . وعن ابن مسعود موقوفا قال: (( اعلموا ان حسن الهدي في آخر الزمان خير من بعض العمل)) قال ابن حجر في الفتح سنده صحيح. والهدي هو الطريقه والسمنت هو المنظر والهيئه والاقتصاد هو الاعتدال.

* الإجمال في الخطاب بحيث يكون كلامه يسيرا جامعا بليغا فالاكثار من الكلام يورث الملل فوق انه مظنة السقط والخلل والخطأ.

* ان يتفق مع خصمه على اصل يرجعان اليه وهو مع الكافر لا يكون الا عقليا اما مع المسلم فالاصل اما العقل واما النقل فالعقل هو المرجع في العقليات واما في الشرعيات فالنقل هو الاصل لقوله تعالى :﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾(النساء)اي الكتاب والسنه.

* الكافر لا يجادل في فروع الشريعة لأنه لا يؤمن باصلها فلا يجادل ولا يناظر في الزواج من اربع ولا في شهادة الامرأه ولا في الجزية ولا في المواريث ولا في تحريم الخمر ولا غيرها. ويقتصر معه في التحاور على اصول الدين التي ادلتها عقلية لأن الغرض من الجدل هو نقله من الباطل الى الحق ومن الضلال الى الهدى ولا يكون ذلك الا بنقله من الكفر الى الايمان . كما لا يناظر نصراني ببطلان البوذيه او اليهوديه بل ان الكلام معه في هذا او اشباهه لا يعتبر جدلا فالنصراني ليس بوذيا ولا يهوديا حتى تنقله منهما الى الحق وانما يكون الكلام معه في عقيدته الباطله لنقله منها الى الاسلام ولذلك لا يقال نتحاور فيما اتفقنا عليه ونترك ما اختلفنا فيه لأننا مأمورون بجدالهم والجدل لا يكون الا فيما اختلفنا فيه اما لو اتفق النصراني والرأسمالي مع المسلم على البوذيه او الاشتراكيه او الشيوعية مستقبحه عقلا وتكلما حولها فان هذا الكلام لا يسمى تحاورا ولا جدلا وهو لا يبرئ ذمة المسلم من وجوب محاورته وجداله حتى ينقله الى الاسلام وكذلك لا يقال نتحاور مع الكفار فيما اتفقنا عليه ونذر ما اختلفنا فيه الى يوم القيامة فيحكم الله ما يشاء عندئذ ويفصل بيننا لا يقال هذا بمعنى انه يغني عن جدالهم لأننا مأمورون بجدالهم فيما اختلفنا فيه وان لم نفعل نكن مقصرين . نعم ان الحكم لله في الدنيا والاخرة لكن لا يجوز ان نخلط بين ما هو من فعل الله سبحانه وبين ما كلفنا به فهذه حجة المقصر بل شغب المقصر الذي لادليل عنده ولا شبهة.

* ان لا يرفع صوته الا بالقدر الذي يلزم لإسماع من عنده وان لا يصيح في وجه خصمه . حكي ان رجلا من بني هاشم اسمه عبد الصمد تكلم عند المأمون فرفع صوته فقال المأمون:لا ترفع صوتك يا عبد الصمد إن الصواب في الاسدّلا الأشدّ والخطيب في الفقه والمتفقه.

* ان لا يستحقر خصمه ويستصغر من شأنه.

* ان يصبر على شغب الخصم ويحلم عنه ويغفر زلته الا ان يكون سفيها فيترفع عن جداله ومشاغبته .

* ان يتجنب الحده والضجر . قال ابن سيرين : الحدة كنية الجهل . يعني في الجدل. واما ما رواه الطبراني عن ابن عباس ان رسول الله قال: (( تعتري الحده خيار امتي)) ففيه سلام بن مسلم الطويل وهو متروك. وما رواه الطبراني عن علي بن ابي طالب قال: قال رسول الله ( خيار امتي احداؤهم الذين اذا غضبوا رجعوا)) ففيه نعيم بن سالم بن قنبر وهو كذاب.

* إذا جادل من هو اعلم منه فلا يقول : أخطأت أو كلامك غلط وإنما يقول : أرأيت لو قال قائل أو اعترض معترض فقال او ان يعترض بصيغة المسترشد كأن يقول اليس الصواب ان يقال كذا.

* ان يتأمل ما يأتي به الخصم ويفهمه ليتمكن من الرد وان لا يعجل بالكلام قبل ان ينهي خصمه كلامه . عن ابي وهب قال : سمعت ملكا يقول: لا خير في جواب قبل فهم. وليس من الادب ان يقطع كلام خصمه. اما اذا كان خصمه مماريا لجوجا ثرثارا متشدقا فالاصل ان لا يناظره اذا كان يعلم ذلك منه واذا اكتشفه اثناء المناظره نصحه فإن لم يرعو قطع مكالمته.

* ان يقبل بوجهه على خصمه وان لايلتفت الى الحاضرين استخفافا بحق مناظره سواء خالفوه ام وافقوه فإن فعل الخصم ذلك نصحه فإن لم يقلع قطع المناظره .

* ان لا يناظر متعنتا معجبا برأيه فإن المعجب لا يقبل من احد قولا.

* ان لا يناظر في مجالس الخوف كالمناظرة على القنوات الفضائيه والمجالس العامه الا ان يكون مطمئنا لدينه لا يخشى بالله لومة لائم مستعدا لتحمل تبعة ما يقول من سجن او حتى قتل او في مجلس امير او صاحب سلطان يخشى منه على نفسه فإن لم يكن وطن نفسه على ان يكون مع حمزة والا فالسكوت اولى لأنه حينئذ يزري بالدين والعلم. وهنا يذكر موقف احمد ومالك من القدماء وموقف الذين ناظروا القذافي عندما انكر السنه من المعاصرين.

* ان لا يناظر من يبغضه سواء أكان البغض منه ام من خصمه.

* ان لا يتقصد الارتفاع على خصمه في المجلس.

* ان لا يتوسع في الكلام خاصه في امور معروفه عند الخصم بل يقصد بعبارة مختصره غير مخله بالمقصود الى نكتة الحكم اي موضوع المناظرة.

* ان لا يناظر من يستخف بالعلم واهله او بحضرة سفهاء يستخفون بالمناظرة والمتناظرين. قال مالك: ذل وإهانة للعلم إذا تكلم الرجل بالعلم عند من لا يطيعه.
* ان لا يأنف من قبول الحق اذا ظهر على لسان خصمه فإن الرجوع الى الحق خير من التمادي في الباطل وحتى يكون من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه.

* ان لا يغالط الجواب وذلك بأن يجيب بجواب غير مطابق للسؤال مثل:
السائل : هل السعودية دوله اسلامية؟
المجيب: القضاء فيها اسلامي.
فهذه مغالطه وكان الواجب ان يقول نعم اولا او لاادري فاي جواب من هذه الثلاثه مطابق.

* ان لا يجحد الضرورة فيكون مكابرا وذلك كمن يجحد عداوة الكفار للمسلمين .

* ان لا يقول قولا مجملا ثم ينقضه بعد ذلك بالتفصيل كأن يقول في اول كلامه امريكا عدوه للاسلام والمسلمين ثم بعد ذلك يقول ان امريكا تساعد الفلسطينيين في اقامة دولتهم وتقرير مصيرهم لأنها تحب العداله والحريه ، او يقول امريكا جائت الى العراق لتحريره من ظلم الديكتاتورية.

.






 
رد مع اقتباس