منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - الشاعرة والفنانة التشكيلية فاكية صباحي في حوار مفتوح مع الأقلاميين
عرض مشاركة واحدة
قديم 21-01-2012, 09:40 PM   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
فاكية صباحي
إدارة المنتديات الأدبية
 
الصورة الرمزية فاكية صباحي
 

 

 
إحصائية العضو







فاكية صباحي غير متصل


افتراضي رد: الشاعرة والفنانة التشكيلية فاكية صباحي في حوار مفتوح مع الأقلاميين

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة راحيل الأيسر مشاهدة المشاركة
يقول ( بول فاليري ) الشعر عيد من أعياد العقل _ فإذا كانت الآلهة _ على حد قولهم ، والإلهام كما يوافق قولنا - تهب الشاعر البيت الأول من القصيدة
فإن على الشاعر أن يؤلف بعد ذلك ، بقية الأبيات التي ينبغي أن تضاهي في بهائها شقيقها النازل من السماء _ فعمل الشاعر يتمثل في استكمال عمل الإلهام السماوي
وإتمام إبداعه .. ) .

الخيط الأول أو ذاك الشعاع الأشبه ببداية النور الذي ينبثق من عتمة ما ، هو ( الإلهام ) يرنو إلى الشاعر بنظرة ليستدرجه ويعصف بكيانه وهدوء فكره ، يشعل فيه شهوة ممارسة اللغة ومغازلة مكامن السحر والفتنة فيها ..

كيف يأتيك هذا الإلهام ، وأنت الجاحدة بإستقلاليتك عن ما يؤلم غيرك ، و المسكونة بأوجاع كل من حولك ، وعندك أمومة تتملكك حد الفداحة ثم هذا الغنى الإنساني الباذخ فيك لا بد أنها عوامل كفيلة أن يجعل الالهام فيك متشعب الدروب والمسالك .. لذا نراك بهذا السرف من المشاعر الراقية وهذا التنوع في تشكيل اللغة شعرا ، نثرا ، رواية .. حدثينا عن هذا الجانب فيك وكل ما يتصل به ؟






لحظة الإلهام ياراحيل هي لحظة جميلة ومحلقة بأفق نوراني
ولا يستطيع الأديب أن يحدد ملامحها أو يرسم تفاصيلها لأنها
كلمع السنى تلوح بالذهن ليتقد وينزوي بعيدا عن الضوضاء
حتى يرسم ملامح مولوده الجديد فهي اللحظة التي يترنح
بها الإنسان على حد الاحتراق إن كان يكتب بصدق ..

والشعر تحديدا هو عيد من أعياد العقل كما قال ( بول فاليري )
يهب فيه الله سبحانه وتعالى لعبده - الذي خصه بتلك الموهبة -
ومضة متوهجة قد تكون بيتا أو بيتين أو أكثر ..وعليه أن
يحمل القلم في تلك اللحظة ،ويطارد تلك الشرارة ليكمل ملامح مولوده
بذات العاطفة ..فإن ترك لحظة الإلهام تلك تفر منه وعاد فيما بعد ليكمل
نصه أكيد ستتغير العاطفة ليشعرالمتلقي بفتوريتخلل بعض الأبيات التي
كتبت بعد لحظة الالهام ..

أما عني ياراحيل فلا أبالغ أبدا وأذكر لك طقوسا غريبة ..
هي لحظة وعي محضة موشحة بغيمات الخيال
تلوح بذهني كلما أوجعني شيء ما وكتم أنفاسي

وكثيرا ما كنت أتركها تفر مني دون مطاردتها إذا لم يتوفر لدي الوقت ،
أو الهدوء غير أن هذا الإلهام الذي وهبني الله تعالى إياه ليس شحيحا
أبدا ..فهو يحلق فوق رأسي بمعظم الأوقات كغمامات من ظلال تسكن الروح
وتظلل خطاها إذا ما احترقت بأنات الآخرين ..
لأنني بالفعل مسكونة بأوجاع الناس ولا أطل عليهم من الشرفات..
بل أعيش معهم أفراحهم وأحزانهم وأخلدها بذات الوجع الذي أخلد
به أحزاني وأفراحي بعيدا عن الزيف والتنميق لأتحدث بلسانهم
ولا يعرفون من أكون ..
عندما سكنت هذا الحي منذ أكثر من عشر سنوات كان الجيران يترددون
على بيتي ويعرفون فاكية الإنسانة جيدا وما عرفوا
فاكية الشاعرة إلا منذ بضع سنوات ..فالكل يعرف خبز بيتي
ويميز طعمه ..حتى الأطفال بشارعنا العتيق يعرفون مذاق
أشيائي الخاصة ولا يتردد أي طفل وهو يطرق بابي ويطلب
ما يريد ليس لأن أشيائي متميزة عن أشياء الآخرين.. لا أبدا ..
وإنما لأن ما تعطيه يدي للآخرين مضمخ بعرق محب صادق
فبين كل نبضة ونبضة بقلبي هناك نبضة أخرى لكل الناس
قد لا أتنفس الهواء نقيا إن لم تهب نسائمها بداخلي..
وأمومتي ليست مقصورة على أبنائي فحسب بل أشعرني أم
الجميع وعندما أذهب للمدرسة لأسأل عن أطفالي أتفقد كل
أبناء الحي ..وأجدهم خلفي وأمامي وما أسعدني بهم ..
وعندما أرى طفلا يبكي بالشارع لا يمكن أن أمر عليه دون
أن أتوقف ..وهذا هو قلب الشاعر ..قد تذيبه أبسط الأشياء التي
قد لا يلتفت لها غيره ..
فالشاعر لا أتخيله قد يقطف وردة ولا يحزنه ذبولها بين يديه

منذ حوالي ست سنوات كنت أمام باب المدرسة لأسال
عن أبنائي فوجدت سيدة تبكي بالشارع قلت لها ما بك..؟

قالت لي أمي مريضة جدا

قلت لها : ولماذا لا تذهبين إليها ..؟
قالت هي بمدينة أخرى وكنت الآن أحدثها بالهاتف العمومي
ولا تتخيلي وقع هذا الحوار البسيط على قلبي
مرت الأيام وصارت هذه السيدة صديقتي كلما التقيتها تحدثني
بكثير من الأشياء.. ما سألتني يوما من أكون ..
وما سألتها أنا أيضا. ومنذ أيام قليلة التقينا على باب المستشفى ..
تحدثنا كثيرا ثم قالت لي ما اسمك ..؟
قلت لها إنسانة

فالحياة دربها طويل عزيزتي راحيل ومذاقها مرير ولا يجعل مرها
حلوا إلا بسمة صادقة تستقيم بين وجهين أشرقا معا
في لحظة إنسانية محضة
أسعدني طيب سؤالك وهو يناوش أعماق الروح لتذرو بعض وريقات الذكريات