منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - رواية "عشر صلوات للجسد " للكاتبة العراقية وفاء عبد الرزاق بقلم : فوزي الديماسي / تون
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-05-2020, 06:43 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
فوزي الديماسي
أقلامي
 
إحصائية العضو







فوزي الديماسي غير متصل


افتراضي رواية "عشر صلوات للجسد " للكاتبة العراقية وفاء عبد الرزاق بقلم : فوزي الديماسي / تون

رواية "عشر صلوات للجسد " للكاتبة العراقية وفاء عبد الرزاق
بقلم : فوزي الديماسي / تونس
" الأدب مأساة أو لا يكون " على حد تعبير الكاتب التونسي سيدي محمود المسعدي ، إنّه مأساة الإنسان المتأرجح بين الألوهية والإنسان ، وهو لغة الوجدان للوجدان ، يخاطب الغيريّة مخاطبة الذات لذاتها ، كرجع صدى فعله بين جنبي الإنسانية في اطلاقيتها وتأثيره . إنّه سفر في قيم الجمال والحياة ، وفوق الحدود وإكراهاتها تحرّكه وحركته ، وأبعد من الواقع الغارق في ذئبويته وتفعيته وشبقه تدفّقه ، وفوق تعدّد الألسن والأعراق والأديان والألوان بنيانه .
إنّه - الأدب - فعل يحكي الصباح ، ويحاكيه ، ورحلة في مناكب بياض السجايا ونقاء الطوايا ، إنّه دين الإنسان يبشّر بالإنسان ، وفعل كونيّ بامتياز ، يكتب أناجيل الوجود وأناشيده المقدّسة بحرف منبثق من ألم الإنسانية وأملها ، ذلك هو فعل الكاتبة في رواية وفاء عبد الرزاق ، نصّ / صيحة في وجه الإنسانية .
يشرع السّرد نوافذه على حوار داخليّ ، ويفتح أبوابه على حديث النفس لنفسها ، حيث يهمس الراوي لنفسه في نفسه بأحاديث حميمية موغلة في الوجع والكبرياء الأنثويّ . حديث كحفيف أوراق العمر صوت نجواه في ثنايا السرد . يتردد صداه في قعيان ذات مكلومة على أبواب ليل بهيم .
إنّها النجوى وقد ضمّت بجناحيها كلّ شيء ، وحلّت في كلّ شيء ، وتلبّست بكلّ شيء. وكأنّه حديث " إنانا " الثانية / أزاهير لأخيّتها القديمة الناسلة من الأساطير القديمة في شريعة البلد وشرائعه ، والمقيمة في الوجدان إقامة أنثوية باذخة .
نصّ يتعشّق " إنانا " الأساطير القديمة ، وبتغزّل بها ، ويحكي عنها ، ويحاكيها على لسان الرواي في سرّه وجهره أمام مراياه في خلوته ، حيث يقيم صلوات " التفرّد الأنثويّ " كصلوات النرجسيّ في محراب وجهه في زمن احترفت كلابه السوداء نهش الطريق ونضارة الجسد بذكورية نهمة .
حديث يسائل فيه االرواي بصوت أنثوي صارخ في صمته بطركية ( شهريار/ الرجل ) الفاحشة المتوحشة ، ويحاكم تلميحا تلرة ، وتصريحا أطوار ذكورية جارحة لكبرياء حوّاء على امتداد التاريخ والأمصار .
نصّ يتوسّل بالرمز ( أنانا ) ، ويلوذ به ، ويصنع به ، ومن خلاله لحظات نصره في حرب تأصيل الكيان .
لغته شفيفة شعرية في أغلب المواضع ، كسجع الكهّان ، وأناشيد الرّهبان ، تحمل فيها " أزاهير " ، أو ( شهرزاد الرواية ) أوزار الكون الأنثوي وخيباته ، وتطرّز ثنايا حكاياتها من أوجاعها وأوجاع الأخريات بحزين الأقوال والذكريات والأحوال . نصّ للشعر أقرب في صفائه وحساسيته المتدفّقة في كثير من منعطفاته ، ولسان يراوح مكانه بيت تقريرية فجّة وشعرية خالصة ، مؤمنا في تصريف الكلام ونحته بمقولة " لكل مقام مقال " وكذا هي اللغة في النصّ متلوّنة متعدّدة استعارية تارة عادية أخرى .
رواية وفاء عبد الرزاق "عشر صلوات للجسد " هي حكايات حواء العصر ، متعدّدة ، متنوعة ، ومن حضارات مخنلفة عريقة ،(بريطانية ، عراقية ، هندية ، باكستانية ، ايرانية ، صومالية ،أمريكية ، رومانية ...) تنحدر ...حكايات مختلفة في المكان ، موحدة في الجرح الأنثوي النازف في راهن الزمان ( أزاهير / بربارة /هينار/ مهيرة /دلكش / خضرة ... ) تعدّدت الأسماء ، والهمّ واحد ، وتنوّعت الحضارات والسؤال عينه يحلّق في فضاءات ما تخفي صدورهن من أوجاع وأشجان .
نصّ على طريقة الاعتراف الكنسي كتب ورصفت عباراته ، وعلى مذهب حكايات ألف ليلة وليلة قدّ وتنوعت عباراته ، وأطلق فيه العنان لأصوات نسوية متعدّدة لتحدثنا عن هزائم الأنوثة في غابات ذكورية متنمّرة ، تتعاطى مع الأنثى الفردوس / الأنثى المأدبة على حد تعبير الدكتور محمد لطفي اليوسفي بطرق تبخس الأنثى كيانها ، وكينونتها ككائن / عقل ، كائن / مشاعر ، كائن / كيان قائم بذاته ، هكذا حدثنا الرواي على ألسنة المعترفات ، وغاب صوته العليّ واختفى في بنية النصّ لتعلو أصوات النسوة على إختلاف ألوانهم وألسنتهم بصادق القول في حديث / حوار يكشف السرائر ويسبر الأغوار بعيدا عن حديث الترميز والتورية والتقيّة والتوسّل بالتخفّي لمهادنة الممنوع / المسكوت عنه في أعراف المجتمعات وتقاليدهم ونصوصهم المقدسة ( السياسة / الدين / الجنس ) . فكشف النص كل العورات ، وهدم كل أسوار الزيف ، ليخرج من بين الكلمات سؤالا / معولا يحفر في كلّ شيء ، في التراث ، وفي الراهن ، بطريقة كونية تتعاطى مع الإنسانية الحارقة في اطلاقيتها بأسئلة حفرية الهوى ، لتسقط كثيرا من الأقنعة غن وجوه ذكورية لاذت زورا وبهتانا بمفاهيم الدين والحداثة والتطور ، وركبت شرعية النصوص المقدسة ومشروعيتها ، كحال ذاك الصندوق العجيب الغريب والمشرع على التراثات العالمية وأجاع المرأة في العالمين ، شأنه في ذلك شأن المرأة " الآن وهنا " يحفظ بين أخشابه حكايات ضاربة في القدم والشجن والضيم الأنثوي على مرّ الأزمان والأقوام .
هو نصّ شهادة ، ووجع صامت ، يتقوقع على آلامه كما المكان في الرواية ( غرفة / مطبخ / مطعم ) مكان مغلق ، يوحي بالانفتاح أحيانا ( النهر / الحديقة ) ولكن ضباب الأمكنة ينفخ في الروح السردية سوداوية تتلبس بالنص فتقدح فيه انغلاقه وانغلاقيته ، نصّ يفترش صلواته / اعترافاته / رؤاه في محراب الجسد / الأنثى ليسبّح في ملكوت الجسد الأنثى ، الأنثى الموجودة / المنشودة ، والمحكومة بشرائع ذكورية في عالمي ما تحت القمر وما فوقه ، وفي عالمي الشهادة والغيب معا ... هي رواية / صرخة في وجه الذكر اللاّهث في حلقات اللذة والشبق والفحولة






 
رد مع اقتباس