كانت نظرة القدماء لتفسير القرآن منذ البداية فيها شيء من التشدد، حتى أن منهم من حرم التفسير بالرأي حتى ولو جاء برأي له وجاهته. لذلك التزموا في البداية بمنهج التفسير المأثور. ثم مع الوقت أخذ التفسير بالرأي مكانه بين كتب المفسرين، وتوسعت الدائرة حتى تعددت المناهج التفسيرية لتشمل:
- تفسير القرآن بالقرآن، ومن علمائه المبرزين الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (1905-1974م) في كتابه أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن.
- تفسير القرآن بالمأثور، ، وتفسير محمد بن جرير الطبري (839-923م) من أوائل نماذجه.
- التفسير اللساني والبلاغي، وهو من أهم المناهج لأنه يعنى باللفظة القرآنية وعلاقتها بالسياق وبغيرها من المتشابهات، كما يتضمن استشهادات من اللسان العربي شعراً ونثراً مما يساعد على فهم مدلول الآية. ولابد من الإشارة هنا للعالم الجليل عبد القاهر الجرجاني (1009-1078م) وكتابيه: "دلائل الإعجاز" و "أسرار البلاغة"، ويبرز من المحدثين العلامة الدكتور فاضل السامرائي (ولد في عام 1933م).
- التفسير الإشاري، وهو منهج انفرد به الصوفية، وإن لك يجد قبولاً من كثير من الهيئات العلمية.
- التفسير العقلي أو الاجتهادي، وقد كتب فيه أصحاب المناهج العقلية كالمعتزلة، أو المذهبية كالإمامية.
- التفسير بالرأي، وقد اختُلِف حوله بين الرفض والجواز.
- التفسير العلمي المستفيد من العلوم الطبيعية والتجريبية في فهم المراد من آيات القرآن الكريم، وقد تأخر ظهور هذا المنهج، ومن رواده الشيخ طنطاوي الجوهري (1870-1940م) وجهده مشكور، وإن تجاوز العصر كثيراً من اجتهاداته. وقد انبرى للبحث في هذا المنهج المبشر كثيرون من المتخصصين في شتى العلوم حتى أقيمت للإعجاز العلمي مجامع تقدم فيها الدراسات حول الكتاب والسنة.
على ان الموقف من كل منهج من مناهج التفسير ووجه بالرفض أو التحريم، مثلما قوبل بالقبول والإشادة حسب المتلقي وثقافته وميوله الفكرية او العقدية. أما المنهج الأمثل - وفق ما نرى- هو ما يمكن تسميته بـ "المنهج الشامل" وهو المستفيد من كل هذه المناهج، بحيث نخرج بتفسير متكامل يغطي كل جوانب المعنى للآية محل التفسير. وهو منهج لا يمكن أن يتصدى له باحث واحد، بل يحتاج لجملة من المتخصصين، كل في مجاله: الفقيه والأصولي والبلاغي والأنثروبولوجي والطبيب والمؤرخ والجيولوجي والباحث في الإعجاز الرقمي أو العددي، وهكذا ...
أما عن الأدوات التي يحتاج إليها المفسر، فمنها:
- أولها وأهمها: علم اللسان العربي، وما يلحقه من نحو وصرف.
- ثانيها: علوم البلاغة من معاني وبيان وبديع.
- ثالثها: علوم القرآن، مثل: ظروف نزول الآيات، أو ما يسمى بأسباب النزول.
- رابعها: أصول الفقه.
- خامسها: التاريخ.
- سادسها الإلمام بكليات علوم العصر.
- سابعاً: القراءة الموسعة لكتب التفسير المنوعة.
وهذه الأدوات تساعد على تكوين فكر يتعامل مع الآيات بوعي وإدراك، غير أن ما يفضلها هو "الموهبة" يهبها الله لمن يتقيه سبحانه وتعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾ البقرة 282.