منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - الشاعر والكاتب المغربي التجاني بولعوالي في حوار مفتوح مع الأقلاميين
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-01-2007, 11:15 PM   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
التجاني بولعوالي
أقلامي
 
إحصائية العضو






التجاني بولعوالي غير متصل


افتراضي الجواب عن أسئلة الشاعر والفنان السوري يوسف شغري

الجواب عن أسئلة الشاعر والفنان السوري يوسف شغري

س- أود أن أسألك عن الشعر الهولندي , بما أنك مقيم في هولندا, و لاشك أنك تجيد لغة هذا البلد و اطلعت على آدابها وشعرها. ما قيمة الشعر الهولندي مقارنة مع الشعر الأوروبي عموما، والانجليزي والفرنسي خصوصاً؟

ج- رغم أن الحديث اليومي للناس لا يدع ولو مجالا ضيقا لما هو أدبي أو فكري، لاسيما وأن حياة الإنسان في هولندا محاصرة بالالتزامات والمواعيد والأشغال، إلى درجة الشعور بأنك في عالم لا متسع فيه لما هو ثقافي، في عالم يؤمن بالمادة والضرائب والأرباح، يستحق أن ننعت ثقافته بثقافة (المايونيس) أو (الماركوتينغ)، لأنها مبنية، من جهة، على السرعة، ومن جهة أخرى على الربح! رغم ذلك فإنه من اللاإنصاف أن نعمم هذا الحكم القيمي، لأن ثمة نخبة هولندية رهنت نفسها لخدمة الأدب والشعر، فأصبح للشعر حيزا مرموقا في الثقافة الهولندية، ولو أن الإقبال عليه يبدو محدودا، ومن العادات الجميلة المعروفة لدى الهولنديين أن الغالبية منهم تقرض الشعر مرة واحدة في السنة، وذلك في 5 ديسمبر من كل عام، الذي يواكب عيد القديس نيكولاس، حيث تتبادل فيه الناس الهدايا مصحوبة بمقطوعات شعرية مقفاة، تصف مناسبة الهدية أو الذي تهدى إليه بأسلوب مرح وفكاهي.

وأما فيما يخص مقارنة الشعر الهولندي بالشعر الأوروبي أو الغربي عامة، فإنه يوازيه في قيمته الدلالية والجمالية، بل وأحيانا يضاهيه، إلا أن عدم معرفتنا بهذا الشعر، يرجع أولا إلى عدم انتشار ثقافة الدولة الهولندية في البلدان العربية، ومن ثم عدم احتكاكنا بها، وثانيا إلى تأخر هجرة المثقفين العرب والمسلمين إلى هولندا، في المقابل انتشرت الآداب الأخرى، كالفرنسي والإنجليزي، في العالم الإسلامي والعربي، كما أن أدمغتنا هاجرت مبكرا إلى فرنسا وإنجلترا وأمريكا... مما سوف يمكننا من معرفة شاملة حول آداب وثقافات تلك الأقطار.


س- هل لك أن تجري مقارنة بين الشعر الهولندي والشعر العربي؟

ج- لكل من هذين الشعرين خصوصياته الذاتية، التي تميزه عن الآخر، ولعل ثمة بعض التشابهات بين الشعر العربي والهولندي خاصة أو الغربي عامة، تتجلى في تشاركهما في تناول بعض التيمات كالطبيعة والمرآة وغيرهما، واعتمادهما على الأوزان والقافية، حيث ثمة بعض الأشكال الشعرية المعروفة في الأدب الهولندي وهي: الليميريك ( (Limeriek، الرونديل(rondeel) ، الليد (lied) والسونات (sonnet). وقد سبق للمستشرق الهولندي المعروف ولميت وأن أثنى على الشعر العربي، في معرض حديثه عن أبي العلاء المعري، حيث قال: "أنظر ما أروع العرب، وما أعظم عبقريتهم".

س- من هم أهم الشعراء الهولنديين عبر تاريخ هولندا؟

ج- أود في هذا الموضع أن أقتبس هذا النص الجامع المانع، لأهم محطات تاريخ الشعر الهولندي، من مقالة للأستاذ صلاح حسين، حول الشاعرة الهولندية الشابة فان أمستل، وهو كالآتي:
"الشعر في هولندا جزء من تقاليد البلاد وطقوسها: إذ يعود تاريخ أول قصيدة مشهورة في اللغة الهولندية الى القرن الحادي عشر، وقد كتبها راهب. في القرن الثالث عشر كانت هناك حركة سرية تشبه التصوف الإسلامي وتحرّم الزواج، تعاهد أتباعها على التخلي عن الموبقات وقد كتبت خلالها قصائد كثيرة تمجد أعمال الزهد وتتبع درب المسيح. في القرون الوسطى ظهر في بلاد رامبرانت شعر يمجد الحب الأفلاطوني ويصور العلاقات بين امرأة ذات مقام عال ورجل من الطبقة العامة، وكانت هناك أيضاً كتابات شعرية كثيرة عن مريم العذراء وعن تاريخ هولندا، مثل قصيدة "وليموس" التي لم تزل تعدّ كنشيد وطني لهولندا. أما في القرن السابع عشر فتمحورت الموضوعات التي عالجها الشعر حول قصص الكتاب المقدس، مستلهمةً في شكل خاص المآسي الكلاسيكية اليونانية والرومانية. أعظم شاعر عاش في تلك الفترة يوست فان دن فوندل. وفي القرن الثامن عشر كان الظهور الأول للمرأة كشاعرة في هولندا. أما في القرن التاسع عشر فقد أخذت الأغراض الشعرية تتنوع وبدأت تظهر الاهتمامات بالذات والفرد وعلاقته داخل الأسرة والمجتمع، كما الاهتمام بالطبيعة التي أصبحت موضوعا يحتل حيزا كبيرا في الشعر الهولندي. بعد هذه الفترة وبالتحديد ابتداء من 1880 بدأت الفترة الرومانسية والكتابة المفتوحة وراحت الكلاسيكية تتراجع. في النصف الأول من القرن العشرين تحطم أول المحرّمات وأصبح الحديث عن موضوعات "التابوت"، على غرار الجنسية المثلية مثلا، امرا عاديا مثل انتقاد الحكومة والمجتمع. لكن الحقيقية لم تندلع الثورة إلا بعد الحرب العالمية الثانية، إذ تحول الجنس مذّاك تيمة شعرية أثيرة للشعراء الذين استطاعوا ان يتخلصوا من القافية ومن الكثير من التقاليد الشعرية القديمة، وأصبحوا يكتبون بحرية كاملة".


س- من هم أهم الشعراء الهولنديين اليوم؟

ج- خيرت كمراي، بيرتوس آفييس، سيمون فينكن أووخ، رين فروخيندباي، جين بيير رافي وغيرهم كثير. حيث اطلعت على لائحة بأهم أسماء الشعراء الهولنديين المعروفين، فوجدت أنها تحتوي على أكثر من 400 إسم، اقتصرت على ذكر الأسماء السابقة.

س- ماهي قيمة الشعر في الأوساط الثقافية الهولندية اليوم؟

ج- حقيقة الأمر، إن ثمة حدثا ثقافيا هاما أصبح يشكل تقليدا في الشعر الهولندي المعاصر، حيث استحدث لقب (شاعر الوطن) منذ عام 2000، الذي يمنح لأفضل شاعر، يظل متربعا طوال خمس سنوات على عرش الشعر الهولندي، عن طريق انتخابات نزيهة، يتقدم لها العديد من الشعراء، فيتم انتخاب واحد منهم عبر الحاسوب، ويعتبر خيرت كمراي أول شاعر نال هذا اللقب سنة 2000، لكنه سوف ينسحب بعد أربع سنوات من نيله اللقب، ليحل محله، وبشكل مؤقت، شاعر آخر هو سيمون فينكن أووخ، لينتخب عام 2005 درك فان ويسن شاعرا للوطن.

لم أسق هذا الكلام إلا لأثبت بأنه رغم اكتساح ثقافة العولمة للواقع الهولندي، وعزوف الجمهور عن التعاطي للأشكال الثقافية التقليدية، فإن ثمة احتفاء نوعيا من لدن الأوساط الرسمية بالشعر، وما استحداث لقب شاعر الوطن إلا شاهد حي على ذلك.

وفي آخر المطاف أود أن أختتم هذه الورقة المقتضبة عن الشعر الهولندي، بهذين المقطعين الشعريين القصيرين، لكل من الشاعر هانس أندروس، و درك فان ويسن:



* البحث عن كلمة لنا أصبح صعبا
كل الكلمات القديمه ما عادت تنفع


* يحيا في (خرونينغن) شاعر
يدرك بيقين الآن
أنه سيوارى التراب
ويشيعه الناس بالدموع
ثم بعدئذ؛ يُنسى