منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - الشاعر والكاتب المغربي التجاني بولعوالي في حوار مفتوح مع الأقلاميين
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-01-2007, 03:23 PM   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
التجاني بولعوالي
أقلامي
 
إحصائية العضو






التجاني بولعوالي غير متصل


افتراضي الجواب عن سؤالي الشاعر المهندس عادل عبد القادر

الجواب عن سؤالي الشاعر المهندس عادل عبد القادر

س- أود أن أسألك عن تأثير الثقافة الغربية فى الشاعر العربى عامة و تأثيرها عليك خاصة ؟

ج- في الحقيقة، أن كل شاعر أو كاتب أو مثقف أو مفكر، معرض لمختلف المؤثرات الواقعية والنفسية والفكرية والعقيدية والأيديولوجية، قد تظهر في النصوص بشكل بارز ولافت، أو بشكل خفي، وهذه المؤثرات يتعامل معها إما بوعي منه أو بلا وعي، حيث ثمة من المبدعين من يتعمد في كتابته أن يقتبس من التراث أو الغرب أو غير ذلك من المصادر، فيحقق في شعره ما تطلق عليه المدارس الأسلوبية المعاصرة آلية التناص، وثمة من الشعراء من يتجنب الوقوع في الاقتباس من الغير، ويوجه نصوصه وجهة خاصة تجانب التأثر بما هو خارجي، ومع ذلك فعندما يتناول الناقد الثاقب تلك النصوص، يستخرج منها ما لا يخطر على بال كاتبها، الذي لعله بلا وعي منه تسربت مؤثرات أجنبية إلى شعره.

وفيما يتعلق بمسألة تأثير الثقافة الغربية في الشاعر العربي عامة، فهذا أمر تطرق إليه النقاد بالدرس والتفسير، فأثبتوا تأثيرات الشعر الغربي، الفرنسي والإنجليزي والإسباني وغير ذلك، على الشاعر العربي الحديث، كشعراء المهجر وبدر شاكر السياب وصلاح عبد الصبور والبياتي وأمل دنقل وأدونيس ومحمود درويش وغيرهم كثير، فهؤلاء لا يمكن فهم قسم كبير من أشعارهم إلا بقراءتها على ضوء الأشعار الأصلية التي تأثروا بها، كأشعار بودلير وإليوت ولوركا وهلم جرا.

أما فيما يتصل بتجربتي الشعرية، فإنه ليس ثمة تأثير مباشر للثقافة الغربية علي، لإنني حديث عهد بالهجرة (منذ صيف 1999)، ثم إن أغلب أشعاري كتبتها عندما كنت في الوطن، وحتى القلة القليلة منها التي كتبت في المهجر، حاولت أن أوجهها وجهة تراثية، أستمد مضامينها وقوالبها من شتى المكونات الإسلامية، الثقافية منها والنصية. لعله يمكن الحديث عن تأثير غربي معين على مستوى منهجية تناول الأمور وتفسيرها، حيث تسنى لي الاطلاع على مختلف النظريات الغربية الحديثة، في حقول التربية والفكر والإعلام وغير ذلك.

س- وأريد أن تدلى بشهادتك عن شعر النثر.

ج- لقد سبق لي وأن أدليت بشهادتي حول قصيدة النثر، في ملف بعنوان الشعر العربي المعاصر .....دعوه للحوار، كان قد طرحه عبر هذا المنبرالصديق الأستاذ عيسى عدوي، فقلت فيها:
بادئ ذي بدء، أود أن أشكر الأستاذ المبدع عيسى عدوي الذي تفضل بفتح باب هذا النقاش المهم حول مختلف قضايا الشعر وشؤونه، وأكتفي في ورقتي بالتعرض إلى جانب من الجدل الدائر حول موزون الشعر ومنثوره، متسائلين حول نوعية العلاقة التي توفق بين هذين القطبين اللذين يتشكل منهما الشعر العربي، هل هي علاقة تنافر أم علاقة تضافر أم غير ذلك؟

في الحقيقة، قبل الشروع في تناولنا لهذه القضية التي تبدو غاية في الأهمية، لابد من طرح المساءلة التالية؛ هل قصيدة الوزن هي الإرهاص النوعي الذي ارتكزت عليه قصيدة النثر في تكونها ومن ثم في استفحالها، أم أن ما شاهدته الكتابة الشعرية من تغير، شكل حافزا بفعله ظهر هذا النوع المستحدث، أم العكس، أي أن نشوء ما يطلق عليه بقصيدة النثر لا يتعلق بالتحول العام الذي حصل في المنظومة الشعرية بقدرما يخضع لمؤثرات خارجية أملاها الظرف أو راهن الشعرية؟

من خلال هذا، نلمس أن الأمور تنزع منزعا إشكاليا، فلا يمكن تفكيك عراها إلا بشق الأنفس، وذلك بضبط الاستفهام حتى لا يتشعب سواء من حيث ماهية التسمية ومدى ثابتيتها أو تحولها، أو من حيث نوعية العلاقة الكائنة بين قصيدة الوزن وقصيدة النثر، فهذا الاصطلاح الأخير - الذي اضطررنا إليه - يبقى مرتجا، رغم أنه إنجاز أدبي ناجح.. لأننا نوفق فيه بين متناقضين، فالقصيدة فيما نعهده تحيل على مبنى شعري معين (عدد من الأبيات تنتهي بالقوافي) مما يحدث نوعا من اللاتناسق حين تأويل ذلك، فوجود عبارة (قصيدة نثرية) – على تعبير جان كوهن – التي أصبحت شائعة الاستعمال، يسلب كلمة قصيدة في الواقع ذلك التجديد التام الوضوح الذي كان لها، فنجد أنفسنا أمام فهمين؛ أحدهما يذهب إلى اعتبار هذه الكتابة نتاجا حتميا أو شرعيا لقصيدة الوزن، هذا لدى من سبق لهم أن احتكوا بما هو وزني أو تقليدي وخبروه، بل وأبدعوا فيه لأنهم استفادوا من هذا المكون، فطوروه إلى احتمال آخر.. وعلينا أن ندرك ما أدركه أدونيس الذي أكد على قصيدة النثر لا بوصفها تحل محل قصيدة الوزن، ولا بوصفها أكثر تقدما منها، وإنما بوصفها إمكانا آخر للتعبير شعريا، وبوصفها إغناء للشعرية العربية، وإضافة إلى أساليب التعبير.

أما أصحاب الفهم الآخر، فلم يطلعوا على تراثنا الشعري بقدرما مروا عليه مرور الكرام، واتجهوا مباشرة إلى النثر، ولم يسلكوا هذا الدرس إلا احتماء، واختصارا للمسافة... وكان من الأفضل - فيما أرى – لو طوعوا هذه الكتابة إلى أشكال أخرى كالأقصوصة أو الخاطرة أو المقالة الذاتية... وإلا حكموا على ما يكتبون بالموت والانقراض، وهؤلاء هم الذين يخلقون الجدل ويشعلون ذبالاته، ويجعلون من قصيدتي الوزن والنثر متضادين، رغم أنهما تتكاثفان لإغناء الأدب في عمومه، فالصراع فيما نعتقد لا يكون بين شعر ونثر، وإنما ينشب بين نثر ونثر أو بين قصيدة في المرأة وأخرى في الثورة...