منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - يوميات مدخن :(سلسلة)..!
عرض مشاركة واحدة
قديم 13-05-2006, 12:16 AM   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
عمر الغريب
أقلامي
 
إحصائية العضو






عمر الغريب غير متصل


افتراضي يوميات مدخن -4


4- توعية بلا وعي !


في هذا الوقت من العام تنشط حملات ما يسمى ب "التوعية ضد أضرار التدخين" ! حيث يقوم كل من هب و دب بإلقاء المنشورات على المارة و سائقي السيارات المدخنين منهم و غير المدخنين و كأننا عدنا إلى عهد الإستعمار و توزيع المنشورات السياسية , رغم أن المنشورات السياسية كانت توزع في السر و لمن يعنيهم الأمر فقط . و لا تقتصر الحملة على توزيع المنشورات الفاخرة الطباعة فحسب , بل إن حمى التوعية تصيب التلفاز حيث ينهال على المشاهد سيل من البرامج الوثائقية عن أضرار التدخين , و لقاءات لا أول لها و لا آخر مع أطباء و خبراء جميعهم يجمعون على أن التدخين هو آفة العصر و مصيبة المصائب .

فجأة تتحول السجارة إلى وحش مخيف تُستنفر من أجل القضاء عليه كل السبل و الإمكانات المتاحة و الغير متاحة . مما يجعلني و زملائي المدخنين هدفا ً لحملات النصح و الإرشاد , بل و نظرات العطف و الشفقة أحيانا ً , باعتبارنا الضحايا المباشرين لهذا الوحش المخيف .

و ليس كم النصائح و المنشورات و نظرات الشفقة هي ما يغضبني انا و الزملاء و لا برامج التوعية التي لها فعل المُخدر على المشاهد , و لكنه النفاق الحكومي و الشعبي و الذي يظهر جليا ً في هذا الوقت من العام هو ما يولد لدينا شعورا ً بالغضب و الاشمئزاز أكثر من أي شيء آخر . فالحكومة هي آخر من يحق له أن يتحدث عن توعية من أي نوع بأضرار التدخين. أليست هي من يدعم صناعة التبغ بل و تستورد من الخارج لسد العجز و لإرضاء جميع الأذواق ؟ و ماذا عن الضرائب الفلكية التي تدفعها شركات الدخان للحكومة و التي تساهم في إنعاش الإقتصاد الوطني و يستفيد منها كل المواطنين شاؤا ذلك أم أبوا ؟

ما أنا – و بقية الزملاء – متأكدون منه هو أن هذه الحملات أصبحت بلا جدوى . فلم نسمع أن مدخنا ً واحدا ً ترك النادي بسبب تلك الحملات , بل على العكس تماما ً , فبسبب حالة الضجيج و الملل المصاحبين لتلك الحملات يضطر الكثير منا لتدخين عدد اكبر من السجائر كنوع من الهروب من اجواء الحملة و حتى تنزاح الغمة , أقصد الحملة .

ثم لماذا لا يكون هناك حملة ل(القضاء على الفساد الإداري و البيروقراطية) ؟ ,أو حملة ل(إحياء الأخلاق و الأداب العامة ) ؟ , أو حملة ل (التوعية بأضرار الإنترنت و ألعاب الفيديو)؟ , أو حملة ل (التوعية بأضرار التقليد الأعمى لكل موجة تأتي إلينا من جهة الغرب)؟

و كل تلك الأفات أخطر بكثير من التدخين . ألغريب أن حملات التوعية بأضرار التدخين تأخذ في الغرب شكلا ً مختلفا ً تماما ً عن نظيراتها عندنا . فحملاتهم فعالة و موضوعية و تتضمن إصدار قوانين جديدة و جريئة بحظر التدخين , تارة في وسائل المواصلات و تارة في الدوائر الحكومية و تارة في المطاعم و المقاهي ! تخيلوا معي لو أن قرارا ً صدر عندنا بحظر التدخين في المقاهي , ما الذي سيحدث ؟ ثورة عارمة لا يعلم مداها إلا الخالق . و لأن حكوماتنا الرشيدة لا تحب كلمة (ثورة) أو (مظاهرة) فهي تكتفي بدعم تلك الحملات العقيمة و السخيفة في آن معا ً من باب مواكبة العصر و لكن دون مواكبة , و محاربة التدخين و لكن دون إعلان حرب حقيقية .

قد يسأل سائل : "و ما سر غضبي من الحملات العقيمة – على حد قولي - ؟ هل أرغب في حملات كتلك التي في الدول المتقدمة و انا المدخن؟ "

ألجواب هو , نعم , أتمنى زوال الحملات العقيمة و استبدالها بحملات أكثر جدية و مدعومة بقرارات جريئة ! لا تستغربوا , فهذا شعور العقلاء من زملاء نادي التدخين و كما يقولون: ( إذا عُرف السبب بطل العجب) .

و السبب هو أن الحملات الجادة تضع نهاية للجدل و تأتي بحلول ترضي جميع الأطراف و تحفظ للجميع حقوقهم المادية و المعنوية بشكل خاص . أما حملات الفرقعة الإعلامية و مهرجانات المناشير و برامج النوم المبكر فلا عمل لها إلا تشويه صورة المدخنين و إظهارهم و كأنهم من سكان العالم السفلي و وصفهم بما ليس فيهم من صفات العجز و ضعف الإرادة و عدم المبالاة بسلامة الآخرين . مع أن الكثير من قادة الشعوب الذين تركوا بصمات لا تمحى على وجه التاريخ كانوا مدخنين , ك(تشرشل) و (كاسترو) و (السادات) و غيرهم كثير , و جميعهم كانوا من أصحاب الإرادات القوية و قادوا شعوبهم في أحلك الأزمات .في المعسكر المقابل نجد (هتلر) و (بوش) و (ريا و سكينة) و جميعهم كانوا من "أسوياء البشر" الذين لا يدخنون !!






 
رد مع اقتباس