أردوغان آخر السلاطين...
تركيا تعيش عقدها الأخير وتموت في مئويتها الأولى.
راهن أردوغان على الفوضى الأمريكية الخلاقة ليصبح سلطانا، ولكنه دفع ثمن ذلك وجود السلطنة وبقاء تركيا دولة موحدة.
صممت امريكا جغرافية تركيا بعد نهاية الحرب الكونية الاولى لتمنع وصول الروس الشيوعيين الى المياه الدافئة تماما كما فعلت اوروبا مع القياصرة الروس من خلالها دعمها لسلطنة ميته سريريا...
عادت الحياة للسلطنة النائمة تحت غطاء العلمانية مع التحضير لإطلاق مشروع الفوضى الخلاقة الامريكي، أو الصدام المذهبي الاسلامي الحتمي في المنطقة العربية والاقليم...
تم تضخيم المشهد التركي في كل الاتجاهات بسبب الهوية الإسلامية المذهبية التاريخية والحاضنة الطبيعية لها (تنظيم الاخوان المسلمين التركماني) المنتشر في المنطقة العربية والاقليم...
انتفت مع انهيار الاتحاد السوفييتي الحاجة لـ "جغرافية تركيا الموحدة" وبقيت في غرفة العناية المشددة الامريكية اقتصاديا واجتماعيا/عرقيا لضمان تمكن الرأسمالية من روسيا الاتحادية واحكام سيطرتها عليها وقد تم الامر بالفعل...
مع انتقال الفوضى الخلاقة من المرحلة العربية التمهيدية الى المرحلة الإقليمية الاستراتيجية، ستدخل تركيا حتما "دائرة التفكك الطبيعي" لكيان مصطنع قوميا وعاجز تماما اقتصاديا وفاشل اطلسيا وملتبس إسلاميا تاريخيا، تلك هي تركيا من الداخل، ولا تشبه إيران في شيء...!
لم تُرد او لم تستطع أمريكا العودة الى إيران من بوابة العراق لأسباب تحتاج الى مقدمات مختلفة، ستعود من بوابة تركيا، التي ستعيد روسيا الرأسمالية والحليف الرئيسي والوحيد لأمريكا ترتيبها وفق الرؤية الروسية_الامريكية لدورها الإقليمي والعالمي في القرن 21...
الحدث الاقتصادي العالمي للقرن 21 لم يعد على ضفتي الأطلسي بل في آسيا أو في حوض (بحر العرب والبحر الأحمر والبحر الأسود وبحر قزوين) وصولا الى البحر الأصفر كنتيجة طبيعية لهيمنة البحار اقتصاديا على البرّ...
هذا يعني أن "وول ستريت/نيويورك" سينتقل مركز عملياته الى "وول ستريت/موسكو" أو بطرسبرغ على الاغلب، وتركيا ستدفع الثمن الجغرافي وإيران ستدفع الثمن الاقتصادي وقد بدأت في بحر قزوين وستنتهي في بحر العرب مرورا بالخليج العربي، هذه ليست لعبة اقتصادية انها حتمية حركة التاريخ الاقتصادية...
الصراع الحقيقي في سوريا لتحطيم تركيا وليس العكس، فسوريا ليست هدفا قائما بذاته، والصراع الحقيقي ليس في اليمن أو عليها، بل في إيران، واليمن مجرد خنجر في الخاصرة، والمعادلة بسيطة: مرور آمن في بحر العرب تنازلات مؤلمة في بحر قزوين، من ضمن عدة معادلات تُعلن تباعا...
تركيا أكبر من فقاعة وأصغر من بالون.
22/8/2018
صافيتا/زياد هواش
..