منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - عوائق البحث عن وظيفة
عرض مشاركة واحدة
قديم 31-12-2017, 03:51 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
لبنى احمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







لبنى احمد غير متصل


افتراضي عوائق البحث عن وظيفة


بقلم يحيى عمر

تُعَدُّ البطالة واحدةً من أكبر المشكلات التي تواجه الشباب والحكومات العربية، خاصة بعد تفاقم الأزمة في السنوات العشر الأخيرة، ولما لها من توابع خطيرة ولاسيما في منطقة أحداثها متقلبة مثل المنطقة العربية على المستويات كافة؛ السياسية والاجتماعية، وحتى إن اختلفت ظروف وخصوصية كل دولة عن الأخرى، يبقى الشباب هم اللبنة الأساسية للتنمية وتحقيق النمو الاقتصادي الذي تطمح إليه الدول، وإهدار هذه الطاقات والكفاءات الشابة يؤثر تأثيراً سلبياً على تحقيق هذه الأهداف.


تتمثل تداعيات البطالة في مشكلات نفسية للشاب الباحث عن وظيفة، بسبب اصطدامه بالواقع بعد تخرُّجه بعد أن كان يطمح في الحصول على وظيفة سريعاً، تمكّنه من بناء مستقبله، وتحقّق له الأمان المادي والمعنوي؛ وإذ به يجد نفسه واقفاً أمام عوائق كبيرة تصيبه بالإحباط واليأس، وهو ما قد يؤدي في بعض الأحيان إلى انزلاق الشباب إلى دعوات العنف والإرهاب والذي عانى منه العالم العربي طويلاً.
بين التعليم.. والعمل
إنّ إيجاد وظيفة مناسبة يحمي كثيراً من الشباب من هذه المخاطر، ويحمي الدولة من الاضطرار إلى التعامل مع هذه المشكلات، والالتفات إلى التنمية وبناء المجتمع، وحتى نكون مُنْصِفين؛ هناك عوائق عديدة عند البحث عن وظيفة في العالم العربي، من أشهرها: الزيادة السكانية الضخمة التي تعاني منها بعض المجتمعات العربية، والتي أدّت إلى تزايد عدد المتخرجين من الجامعات والمعاهد التعليمية في حين أن المعروض من الوظائف قليلٌ، وغير قادر على استيعاب كل هذه الأعداد، كما أن السوق العربية غير قادرة على استغلال كلّ التخصصات التعليمية، فيحدث فجوة كبيرة بين التخصّصات التي درَسها الطلاب وبين المطلوب فعلياً في السوق.
والدراسة في بعض الجامعات والمعاهد التعليمية نفسها غير مُؤَهِّلَة للطلاب ليكونوا موظفين أكفياء، عددٌ كبير من الدول العربية لا تزال تعاني من مشكلات جمَّة في قضية التعليم، إمّا لأنّ طرق التدريس قديمة وغير مؤثرة في حياة الطلاب، أو لأن المناهج غير مواكبة للتطور الحادث في العالم كله، وكذلك بعض الطرق التعليمية بالية وقديمة، وليست متابعة للتطور التكنولوجي الذي أصبح المحرِّك الرئيس لعمليات التنمية، فيتخرج الطالب أياً كان تخصُّصه الدراسي، وهو لا يزال يحتاج لتدريب واكتساب مهارات تمكِّنه من تحمُّل مسؤوليات الوظيفة بشكل عام ووظيفته الخاصة نفسها، وهو ما يَستثقله أصحاب الأعمال في ظلّ الأزمات الاقتصادية الحادَّة؛ لذا تقتصر رغبتهم على تعيين أصحاب الكفاءات والخبرات، وتجاهل حديثي التخرج منعدمي الخبرة والكفاءة، حتى وإن امتلكوا الموهبة اللازمة.
أزمات سياسية واقتصادية
كما أنَّ الأزمات السياسية الأخيرة في البلدان العربية التي شهدت تغيرات سياسية كبيرة نتيجة لثورات الربيع العربي والحروب التي تبعتها، وما ترتب عليها من مشكلات؛ أدَّت في بعض صورها إلى انهيار الاقتصاد والبنية التحتية في بلدانها، وترتّب على ذلك ارتفاع نِسَب البطالة التي كانت أحد أسباب هذه الثورات من الأساس، وكذلك نزوح عددٍ كبير من الشباب من هذه البلدان إلى البلاد المجاورة، وهذا ما أدَّى إلى تضخُّم في الأعداد التي تبحث عن وظائف في مقابل أن المعروض منها قليل.
ومن أهمّ العوائق التي تواجه الشباب أثناء البحث عن وظيفة هي المرض العضال الذي يعاني منه العالم العربي حتى يبدو كأنه خُلِقَ فيه وسيموت بنهاية العالم: الفساد والرشوة والواسطة؛ فعدد كبير من الشباب الذين يحصلون على وظائف بعد التخرج يصلون إليها عن طريق الواسطة والرشوة، وليس بناءً على كفاءة أو مهارة تُؤَهِّله للعمل، وبِغَضِّ النظر عن مدى خطورة تولّي أُنَاس غير أكفياء لوظائف قد تؤدِّي في النهاية لكوارث؛ فإنّ الواسطة والفساد والرشوة تتسبب في تضخّم مشكلة البطالة؛ من حيث عدم تكافؤ الفرص وتقديمها متساوية للجميع، وهذا ما يؤدي إلى حدوث ظلم اجتماعي ونفسي كبير يضطر الشباب لمواجهته دون ذنب.
وقد يكون للسياسات الاقتصادية التي تتبعها الدول أثرٌ سلبي على إيجاد الشباب لوظائف مناسبة من ناحية إقامة المشروعات الاقتصادية الكبرى التي تُوفِّر فُرَص عمل جيدة، وإجبار أصحاب الشركات والأعمال على دعم الكفاءات الشابّة، ودمجها في سوق العمل؛ ما يترتب عليه استفادة لجميع الأطراف.
كما أن البيروقراطية والروتين الصارم في بعض الدول قد يكون أحد معوقات البحث عن عمل، أو بالأحرى إقامة عمل خاص؛ بعدما اتجه عددٌ لا بأس به من الشباب العربي لإقامة مشروعات صغيرة خاصة بهم، والتخلي عن فكرة الوظائف التقليدية، والتي يصعب الحصول عليها، ولكنهم واجهوا مشكلات من نوع آخر تتمثل في ضعف التمويل، ووجود شروط قاسية تضعها البنوك لتمويل المشروعات الصغيرة، وكذلك أحجم رجال الأعمال عن دعمهم؛ خوفاً من المخاطرة بخسارة مبالغ كبيرة، وفي حال وجد الشباب تمويلاً مناسباً، تظهر مشكلات جديدة مثل الضرائب التي غالباً ما تكون مرتفعة.
تفكير الشباب جزء من المشكلة والحل
ولا يقع كامل العبء على الدول؛ فجزءٌ من المشكلة والحلّ يقع على الشاب أيضاً؛ فالفكر السائد بين الشباب العربي هو الحصول على وظيفة مناسبة مادياً واجتماعياً في إحدى الشركات الكبرى تُحقِّق طموحاته، وتُرضِي كبرياءه، وهو ما يجعله ينتظر سنوات طويلة في انتظار شيء قد يأتي، وقد لا يأتي في حين يتجاهل فُرَصاً كثيرة ومِهَناً متعددة أمام ناظريه في انتظار حلمه الكبير، وهذا واحد من أسوأ القرارات التي قد يتخذها الإنسان في حياته، فلا ينبغي له ترك عصفور في اليد في انتظار العشرة أعلى الشجرة، بل عليه استغلال الفرصة التي أمامه حتى وإن كانت غير مُرْضِيَة في الوقت الحالي على أن يستمر في بحثه عن وظيفة أحلامه في الوقت نفسه؛ الفكرة كلها تقوم على ألا يضيع المزيد من الوقت.
كما أن التنافسية الشديدة التي أصبحت تحكم العالم بما فيها المنطقة العربية أجبرت أصحاب الأعمال على البحث عن الكفاءات الوظيفية، وأصحاب المواهب النادرة؛ فالكل يبحث عن النجاح الساحق والثروة الهائلة بمعنى إيجاد موظفين يعملون بسرعة وكفاءة ولا يكلفون الشركة أعباء مالية متمثلة في تدريبهم، وإعادة تأهيلهم، يكفي الراتب والامتيازات التي تعطيها الشركة لهؤلاء الموظفين، وعلى الرغم من أنَّ هذه الطرق في الإدارة قاسية بعض الشيء؛ إلّا أنّ عالم الأعمال هو ما يصنع القوانين والنُّظُم، وما على الأشخاص إلّا التنفيذ.
كذلك لا يريد صاحب العمل موظفاً متمرداً أو ضعيفاً، بل عليه أن يكون قادراً على تحمُّل الضغط، ولديه القوة للتخلّي عن جزءٍ من مجده الشخصي في مقابل العمل على تحقيق أهداف الشركة مع زملائه، وطبعاً الامتثال لأوامر مرؤوسيه.
وفي المقابل هناك كثير من الشباب حديثي التخرج لا يدركون ما ينتظرهم بعد انتهاء الدراسة الجامعية، لذلك يهمل عددٌ كبير منهم التدريب وتطوير المهارات، بدايةً من كيفية كتابة سيرة ذاتية ناجحة، واتباع الطرق الحديثة، واستراتيجيات البحث عن وظائف، وحتى تخطِّي المقابلة الشخصية، والحصول على الوظيفة المناسبة.
لتحميل المقال بصيغة Pdf يرجى الضغط هنا






 
رد مع اقتباس