هوامش على دفتر المجزرة
http://www.egyig.com/Public/articles.../360997190.jpgبقلم/ هشام النجار
يبدو أن الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل لم يطلع على أدبيات الجماعة الإسلامية.. وأهمها بالطبع كتب المراجعات الفقهية والفكرية التي كتبها قادة ورموز الجماعة.. ولم يتعلم أهم درس من دروس مبادرة وقف العنف.. وهو الإسراع لحقن الدماء قبل أن تسيل في أرض المعركة.. وهذا المعنى يُفهم حتى من مصطلح "المبادرة". فالمبادرة كلمة تطلق على القرار الذي يصدر "بدري".. وللأسف تدخل الشيخ حازم جاء متأخراً جداً وباهتاً جداً.. وكان أهم شيء في حديثه هو تبرئة نفسه. "من عوائد العرب الخروج من ربقة الحكم وعدم الانقياد في السياسة.. فهم متنافسون في الرئاسة.... وقل أن يسلم أحد منهم الأمر لغيره ولو كان أباه أو أخاه" ( ابن خلدون ) . سمعت كثيراً من الخطب الحماسية الملتهبة جداً لبعض المشايخ في مؤامرات الترويج لمرشحي الرئاسة الإسلاميين.. لا ننكر الآمال الكبيرة والطموحات العظيمة.. لكن هناك بالفعل مزايدات خطيرة وكلام يذكرنا بعبد الناصر الذي كان يهدد إسرائيل بقذفها في البحر. فالشيخ صفوت حجازي يقول في أحد مؤتمرات المرشح الإخواني محمد مرسى: "سنقيم الخلافة الإسلامية وعاصمتها القدس".. وبالطبع سيكون الدكتور مرسى هو الخليفة! تساءلت عن إنقاذ المصريين وتحرير مصر أولاً من خطر البلطجية أولاً ومنالحكم العسكري؟!! وتذكرت مقولة للكاتب فهمي هويدى الذي ذكر في أحد مقالاته القديمة بالأهرام أن إنقاذ البوسنة مقدم على فريضة الحج ! ولما سئل الشيخ القرضاوي عن ذلك وافقه في رأيه.. لأن فريضة الحج تحتمل التأخير وهو واجب على التراخي عند بعض الأئمة.. أما إنقاذ البوسنة من هلاك القتل والجوع والبرد والإبادة.. فهي فريضة فورية ناجزة لا تحتمل ولا تقبل التأخير ولا تحتمل التراخي. المجلس العسكري هو الآخر سارع في تبرئة ساحته وقال أحد أعضائه البارزين وهو اللواء "العصار": "أيدينا نظيفة من دماء المصريين" .. مؤكداً أنهم لا يطمعون في البقاء في السلطة.. ولا ينوون المكوث بها.. وسيلمونها بمجرد انتخاب رئيس مدني.. والمثل يقول "أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب".. ويبدو أن المجلس العسكري ينتهج نهج جحا في مسرحية تسليم السلطة هذه. فحسب الطرفة المروية تعهد جحا أن يعلم حمار السلطان اللغة الانجليزية خلال 20 عاماً.. وكان منطقه يعتمد على استخدام نظرية الاحتمالات.. فبعد عشرين عاماً سيحدث غالباً واحد من ثلاثة احتمالات على الأقل.. أن يموت السلطان.. أو يموت الحمار.. أو يموت جحا نفسه. والمجلس العسكري ينتهج نفس النهج الجُحوى تقريباً ويعتمد على نظرية الاحتمالات.. فمع إطالة الفترة الانتقالية.. إما أن ينسى الشعب وييأس.. وإما أن يسلم الشعب بأحقية وأفضلية الجيش في حكمه.. وإما أن يموت مبارك فيصبح الجيش ساعتها في حل من تفاهماته معه . في "مذكرات ثقافة تحتضر" نقل غالى شكري قول أحد المصريين غداة هزيمة يونيو 67م قال: "إذا عارضت هذا النظام أشعر بأني خائن.. وإذا أيدته أشعر بأني خائن.. فماذا أفعل؟.. هل انتحر ؟".. هذا السؤال أوجهه بصفة شخصية للمجلس العسكري الحاكم.. فأنا بالفعل محتار.. أشعر بتأييده أنى خائن وبمعارضته أنى خائن ، "شير عليا يا مشير".. ماذا تفعل لو كنت مكاني؟ كثيرون يتوقعون تكرار سيناريو 54م ؟!! .. ولكن ماذا عن سيناريو 67م ؟!! ماذا تفسر لجوء فريق من الإسلاميين للاعتصام أمام مقر وزارة الدفاع.. بقدر ما لهذا المكان من رمزية.. وهم يعلمون جيداً تداعيات هذا الموقف الخطير.. ورغم أن السلطة قاب قوسين أو أدنى منهم وهم على وشك إحراز انتصار سلمى تاريخي غير مسبوق في النزاع المعقد على السلطة؟ أفسر ذلك بأن مصر التي تمنيناها وانتظرناها طويلاً ربما تكون قد وصلت أخيراً بعد طول صبر إلى المحطة الأخيرة.. لكننا للأسف الشديد ذهبنا لاستقبالها على الرصيف الخطأ. بعد إحالة أبو الفتوح وموسى ومرسى للنيابة لتجاوزات الدعاية.. يبدو أن المنافسة في النهاية ستكون محصورة بين "أحمد شفيق وأحمد شفيق".. آمل أن تكون لدينا حكمة الاختيار الصائب. ما هي انجازات الإسلاميين في مجلس الشعب ؟!! خذ عندك: رفعوا الآذان وجملوا أنوفهم وقالوا عبارة.. " بما لا يخالف شرع الله ".. وصفقوا لمصطفى بكري.. وفشلوا في إقالة فايزة أبو النجا.. وكانوا يخرجون هواتفهم لإخبار أهل الدايرة أنهم في الكادر عندما تسلط الكاميرات عليهم. لا تيئسوا يا إخواني.. أظن أن هناك إمكانية في التغيير والتقدم للأمام على الأقل خلال النصف قرن القادم .. هذا للمتفائلين. كم نائب برلماني إسلامي تميز خلال المائة يوم الماضية من عمر البرلمان؟!! قليل جداً.. المتميزون والحاضرون والمؤثرون يعدون على أصابع اليد الواحدة.. هذا ذاته هو ما قاله سقراط الحكيم الفيلسوف اليوناني وهو يتمشى بالسوق فلا يجد الكثير مما له قيمة وأهمية فيقول: كم هي كثيرة الحاجيات التي لست بحاجة إليها. ولا أبلغ من قول رسول الإنسانية صلى الله عليه وسلم : "الناس كابل مائة.. لا تكاد تجد فيها راحلة " . أبلغ إشارات النبي صلى الله عليه وسلم التي أحب أن أهديها اليوم للإخوان المسلمين: "الثلث.. والثلث كثير" . راشد الغنوشي عندما عاد إلى تونس صرح قائلاً " لا أحلم بأي منصب في أي مستوى والإسلام ليس ملكاً لحركة النهضة".. أرجو أن يتعلم " المرشد " من "راشد" . في الثمانينات من القرن الماضي كتب الأستاذ المحترم الراحل محمد جلال كشك رحمه الله سلسلة مقالات عن " التفسير النفطي للتاريخ".. وبعدما تابعنا في تطورات الوقائع والأحداث بعد الثورة ومدى تأثير البلطجية في مسار الأحداث منذ موقعة الجمل إلى موقعة العباسية.. فإن لأحدهم أن يكتب اليوم عن "التفسير البلطجي للتاريخ ". حكمة من رحم الأحداث.. قال الشاعر الحكيم: وإذا قطعت الرأس من حياته لا تنس أذناباً بكل بلادي الجمعة الموافق 13-6-1433هـ 4-5-2012 |
رد: هوامش على دفتر المجزرة
مقال رائع ... يحث القارىء على التفكير بما يدور الان على الساحة المصرية والساحة العربية
والنهج الجحوي متبع في سائر البلاد العربية لكن في سؤال وارجو الاجابة عليه في بداية ثورة مصر ... الاخوان لم تكن غايتهم السلطة فماذا جرى يا هل ترى؟؟ لك جزيل الشكر سيد هشام |
رد: هوامش على دفتر المجزرة
الأخت حنين بارك الله فيك وشكراً على المتابعة والتعليق .. أما تحول الاخوان فهذا اللغز يمكن فك طلاسمه بقراءة تاريخ الاخوان فهناك هاجس اخوانى تاريخى بعدم المشاركة مع أحد والرغبة الدائمة فى الاقصاء منذ اليوم الأول قال جمال عبد الناصر لرموز الاخوان نشرك معنا بقية الفصائل فى الثورة حتى نستطيع انجاحها بأقصى سرعة وبشكل يضمن نجاحها اذ أن الاخوان بمفردهم لا يستطيعون وعددهم داخل الجيش قليل برفض الاخوان وأرادوها اسلامية خالصة فقال عبد الناصر اذن دعونى ولا تحدثوا عنى .. هذا هاجس تاريخى لدى الاخوان ومن عايشهم واقترب منهم من بقية الفصائل الاسلامية - وأنا بالطبع أحكى عن تجربة ممتدة لأننى تعاملت معهم كثيراً - يجد فيهم هذا الداء ، وهذا سبب كثيراً من المصائب والكوارث لهم وللوطن ، ولكن أكثر الناس لا يتذكرون ولا يتعظون وانا لله وانا اليه راجعون ......... شكراً حنين
|
الساعة الآن 12:34 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط