مشاهدة النسخة كاملة : آمنت بالحسين


الدكتور نجم السراجي
19-01-2008, 11:53 PM
قصيدة لشاعر العراق والعرب محمد مهدي الجواهري





آمنت بالحسين





فِدَاءً لمثواكَ من مَضــجَعِ تَنَـوَّرَ بالأبلَـجِ الأروَعِ


بأعبقَ من نَفحاتِ الجِنـانِ رُوحَاً ومن مِسكِها أَضـوَعِ


وَرَعيَاً ليومِكَ يومِ "الطُّفوف" وسَقيَاً لأرضِكَ مِن مَصـرَعِ


وحُزناً عليكَ بِحَبسِ النفوس على نَهجِكَ النَّيِّـرِ المَهيَـعِ


وصَونَاً لمجدِكَ مِن أَن يُذَال بما أنتَ تأبـاهُ مِن مُبـدَعِ


فيا أيُّها الوِترُ في الخالدِينَ فَـذَّاً ، إلى الآنَ لم يُشفَـعِ


ويا عِظَةَ الطامحينَ العِظامِ للاهينَ عن غَـدِهِم قُنَّـعِ


تعاليتَ من مُفزِعٍ للحُتوفِ وبُـورِكَ قبـرُكَ من مَفـزَعِ


تلوذُ الدُّهورُ فَمِن سُجَّدٍ على جانبيـه ومـن رُكَّـعِ


شَمَمتُ ثَرَاكَ فَهَبَّ النَّسِيمُ نَسِيـمُ الكَرَامَـةِ مِن بَلقَـعِ


وعَفَّرتُ خَدِّي بحيثُ استراحَ خَـدٌّ تَفَرَّى ولم يَضـرَعِ


وحيثُ سنابِكُ خيلِ الطُّغَاةِ جالت عليـهِ ولم يَخشَـعِ


وَخِلتُ وقد طارتِ الذكرياتُ بِروحي إلى عَالَـمٍ أرفَـعِ


وطُفتُ بقبرِكَ طَوفَ الخَيَالِ بصومعـةِ المُلهَـمِ المُبـدِعِ


كأنَّ يَدَاً مِن وَرَاءِ الضَّرِيحِ حمراءَ " مَبتُـورَةَ الإصبَـعِ"


تَمُدُّ إلى عَالَـمٍ بالخُنُـوعِ وَالضَّيـمِ ذي شَرَقٍ مُتـرَعِ


تَخَبَّطَ في غابـةٍ أطبَقَـت على مُذئِبٍ منـه أو مُسبِـعِ


لِتُبدِلَ منهُ جَدِيـبَ الضَّمِيرِ بآخَـرَ مُعشَوشِـبٍ مُمـرِعِ


وتدفعَ هذي النفوسَ الصغارَ خوفـاً إلى حَـرَمٍ أَمنَـعِ


تعاليتَ من صاعِقٍ يلتظي فَإن تَـدجُ داجِيَـةٌ يَلمَـعِ


تأرّمُ حِقداً على الصاعقاتِ لم تُنءِ ضَيـراً ولم تَنفَـعِ


ولم تَبذُرِ الحَبَّ إثرَ الهشيمِ وقـد حَرَّقَتـهُ ولم تَـزرَعِ


ولم تُخلِ أبراجَها في السماء ولم تأتِ أرضـاً ولم تُدقِـعِ


ولم تَقطَعِ الشَّرَّ من جِذمِـهِ وغِـلَّ الضمائـرِ لم تَنـزعِ


ولم تَصدِمِ الناسَ فيما هُـمُ عليهِ مِنَ الخُلُـقِ الأوضَـعِ


تعاليتَ من "فَلَـكٍ" قُطـرُهُ يَدُورُ على المِحـوَرِ الأوسَـعِ


فيابنَ البتـولِ وحَسبِي بِهَا ضَمَاناً على كُلِّ ما أَدَّعِـي


ويابنَ التي لم يَضَع مِثلُها كمِثلِكِ حَمـلاً ولم تُرضِـعِ


ويابنَ البَطِيـنِ بلا بِطنَـةٍ ويابنَ الفتى الحاسـرِ الأنـزَعِ


ويا غُصنَ "هاشِـمَ" لم يَنفَتِح بأزهَـرَ منـكَ ولم يُفـرِعِ


ويا واصِلاً من نشيدِ الخُلود خِتَـامَ القصيـدةِ بالمَطلَـعِ


يَسِيرُ الوَرَى بركابِ الزمانِ مِن مُستَقِيـمٍ ومن أظلَـعِ


وأنتَ تُسَيِّرُ رَكبَ الخلـودِ مـا تَستَجِـدُّ لـهُ يَتبَـعِ


تَمَثَّلتُ يومَكَ في خاطـرِي ورَدَّدتُ صوتَكَ في مَسمَعِـي


وَمَحَّصتُ أمرَكَ لم أرتَهِـب بِنَقلِ " الرُّوَاةِ " ولم أُُخـدَعِ


وقُلتُ: لعـلَّ دَوِيَّ السنين بأصـداءِ حادثِـكَ المُفجِـعِ


وَمَا رَتَّلَ المُخلِصُونَ الدُّعَاةُ من " مُرسِلِينَ " ومن "سُجَّـعِ"


ومِن "ناثراتٍ" عليكَ المساءَ والصُّبحَ بالشَّعـرِ والأدمُـعِ


لعلَّ السياسةَ فيما جَنَـت على لاصِـقٍ بِكَ أو مُدَّعِـي


وتشريدَهَا كُلَّ مَن يَدَّلِي بِحَبلٍ لأهلِيـكَ أو مَقطَـعِ


لعلَّ لِذاكَ و"كَونِ" الشَّجِيّ وَلُوعَاً بكُـلِّ شَـجٍ مُولـعِ


يداً في اصطباغِ حديثِ الحُسَين بلونٍ أُُرِيـدَ لَـهُ مُمتِـعِ


وكانت وَلَمّا تَزَل بَـــرزَةً يدُ الواثِـقِ المُلجَأ الألمعـي


صَناعَاً متى ما تُرِد خُطَّةً وكيفَ ومهما تُـرِد تَصنَـعِ


ولما أَزَحتُ طِلاءَ القُرُونِ وسِترَ الخِدَاعِ عَنِ المخـدَعِ


أريدُ "الحقيقةَ" في ذاتِهَـا بغيرِ الطبيعـةِ لم تُطبَـعِ


وجَدتُكَ في صورةٍ لـم أُرَع بِأَعظَـمَ منهـا ولا أروَعِ


وماذا! أأروَعُ مِن أن يَكُون لَحمُكَ وَقفَاً على المِبضَـعِ


وأن تَتَّقِي - دونَ ما تَرتَئـِي- ضميرَكَ بالأُسَّـلِ الشُّـرَّعِ


وأن تُطعِمَ الموتَ خيرَ البنينَ مِنَ "الأَكهَلِيـنَ" إلى الرُّضَّـعِ


وخيرَ بني "الأمِّ" مِن هاشِمٍ وخيرَ بني " الأب " مِن تُبَّـعِ


وخيرَ الصِّحابِ بخيرِ الصُّدُورِ كَانُـوا وِقَـاءَكُ ، والأذرَعِ


وقَدَّستُ ذِكراكَ لم انتحِـل ثِيَـابَ التُّقَـاةِ ولم أَدَّعِ


تَقَحَّمتَ صَدرِي ورَيبُ الشُّكُوكِ يِضِـجُّ بِجُدرَانِـهِ الأَربَـعِ


وَرَانَ سَحَابٌ صَفِيقُ الحِجَاب عَلَيَّ مِنَ القَلَـقِ المُفـزِعِ


وَهَبَّت رِياحٌ من الطَّيِّبَـاتِ و" الطَّيِّبِيـنَ " ولم يُقشَـعِ


إذا ما تَزَحزَحَ عَن مَوضِعٍ تَأَبَّى وعـادَ إلى مَوضِـعِ


وجَازَ بِيَ الشَّـكُّ فيما مَعَ " الجدودِ " إلى الشَّكِّ فيما معي


إلى أن أَقَمتُ عَلَيهِ الدَّلِيـلَ مِن " مبدأٍ " بِدَمٍ مُشبَـعِ


فأسلَمَ طَوعَا ً إليكَ القِيَـادَ وَأَعطَاكَ إذعَانَـةَ المُهطِـعِ


فَنَوَّرتَ ما اظلَمَّ مِن فِكرَتِي وقَوَّمتَ ما اعوَجَّ من أضلُعِـي


وآمَنتُ إيمانَ مَن لا يَـرَى سِوَى العَقل في الشَّكِّ مِن مَرجَعِ


بأنَّ (الإباءَ) ووحيَ السَّمَاءِ وفَيضَ النُّبُوَّةِ ، مِـن مَنبَـعِ


تَجَمَّعُ في (جوهرٍ) خالِصٍ تَنَزَّهَ عن ( عَرَضِ ) المَطمَـعِ


------------------------------


* ألقاها الشاعر محمد مهدي الجواهري في الحفل الذي أقيم في كربلاء يوم 26 تشرين الثاني 1947، لذكرى استشهاد الحسين .


* نُشرت في جريدة " الرأي العام " العدد 229 في 30 تشرين الثاني 1947 .


· كُتب خمسة عشر بيتاً منها بالذهب على الباب الرئيس الذي يؤدي إلى الرواق الحسيني




الدكتور نجم السراجي


النمسا 2008

محسن العويسي
20-01-2008, 01:31 PM
شكرا دكتور نجم السراجي لإعادتك نشر قصيدة شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري في رثائه للإمام الحسين في ذكرى استشهاده.
إن هذه القصيدة إنسانية الأبعاد لما تحمل من معانٍ للحرية والثورة بوجه طغاة كل العصور
فالإمام الحسين علم البشرية أن تموت حيةً لا أن تحيا ميتةً

الدكتور نجم السراجي
21-01-2008, 04:31 AM
شكرا دكتور نجم السراجي لإعادتك نشر قصيدة شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري في رثائه للإمام الحسين في ذكرى استشهاده.
إن هذه القصيدة إنسانية الأبعاد لما تحمل من معانٍ للحرية والثورة بوجه طغاة كل العصور
فالإمام الحسين علم البشرية أن تموت حيةً لا أن تحيا ميتةً

نعم اخي الكريم
الحسين هو رمز التحرر في العالم
شكرا لك سيدي الفاضل شكرا لحسك وصوتك النبيل
شكرا لكل الاقلام الحرة
شكرا للصوت الانساني الثائر ضد كل الطغاة

تحياتي
الدكتور نجم السراجي
النمسا 2008

فالح الشلاه
18-07-2009, 03:48 PM
الدكتور الفاضل نجم السراجي تحيه طيبه / رائعة الجواهري قرأتها من قبل وانا شاب وحفضت اغلب ابياتها في وقته ولكنني اعيد قراءتها اليوم ولكن بنضوج اكبر ، وكل من يطمح ليكون حرا يردد امام ابو الثوار فداء لمثواك من مضجع ، انها راية وبيرقا للثا ئرين ،اكرر لك شكري وتقديري